الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال: لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ لَيسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي. فَهُوَ وَلَدُهُ في الْحُكْمِ، وَلَا لِعَانَ بَينَهُمَا.
ــ
3805 - مسألة: (وَإِنْ قَال: لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ لَيسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي. فَهُوَ وَلَدُهُ في الْحُكْمِ)
ولا حَدَّ عليه لها؛ لأنَّ هذا ليس بقَذْفٍ بظاهِرِه؛ لاحْتِمالِ أن رِيدَ أنَّه مِن زَوجٍ آخَرَ، أو مِن وَطْءِ شُبْهَةٍ، أو غيرِ ذلك، ولكنَّه يُسْألُ، فإن قال: زَنتْ، فوَلَدَتْ هذا مِن الزِّنَى. فهذا قَذْفٌ يَثْبُتُ به اللِّعانُ. وإن قال: أرَدْتُ أنَّه لا يُشْبِهُنِي خَلْقًا ولا خُلُقًا. فقالتْ: بل أرَدْتَ قَذْفِي. فالقولُ قولُه؛ لأنَّه أعْلَمُ بمُرادِه، لاسِيَّمْا وقد صَرَّحَ بقَوْلِه: لم تَزْنِ. فإن قال: وُطِئْتِ بِشبْهَةٍ، والوَلَدُ مِن الوَاطِئَ. فلا حَدَّ عليه أيضًا؛ لأنَّه لم يَقْذِفْها، ولا قَذَفَ واطِئَها. وإن قال: أُكْرِهْتِ على الزِّنَى. فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّه لم يَقذِفها، ولا لِعان في هذه المَواضِعِ؛ لعَدَمِ القذفِ الَّذي هو مِن شَرْطِ اللِّعانِ، ويَلْحَقُه نَسَبُ الولَدِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذكَر القاضي أنَّه إذا قال: أُكْرِهْتِ. روايةً أُخْرَى، أن له اللِّعانَ؛ لأنَّه مُحْتاجٌ إلى نَفْي الوَلَدِ، بخِلافِ ما إذا قال: وُطِئْتِ بشُبْهَةٍ. فإنَّه يُمْكِنُه نَفْيُ الوَلَدِ بعَرْضِه على القافَةِ، فيُسْتَغْنَى (1) بذلك عن اللِّعانِ، فلا يُشْرَعُ، كما لا يُشْرَعُ لِعانُ أمَتِه لمَّا أمْكَنَ نَفْيُ وَلَدِ ها بدَعْوَى الاسْتِبْراءِ. وهذا مذهَبُ الشافعيِّ. ولَنا، أنَّ اللِّعانَ إنَّما وَرَدَ به الشَّرْع بعدَ القَذْفِ بقوْلِه تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ} الآية. ولمَّا لَاعَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينَ هِلالِ بنِ أُمَيَّةَ وامْرأتِه (2) وبينَ عُوَيمِرٍ العَجْلانِيِّ وامْرأتِه (3) إنَّما كان بعدَ قَذْفِه إيَّاها، ولا يَثْبُتُ الحُكْمُ إلا (4) في مِثْلِه، ولأنَّ نَفْيَ اللِّعانِ إنَّما يَنْتَفِي به الوَلَدُ بعدَ تَمامِه منهما، ولا يتَحَقَّقُ اللِّعانُ مِن المرْأةِ ههُنا. فأمَّا إن قال: وَطِئَكِ فلانٌ بشُبْهَةٍ، وأنتِ تَعْلَمِينَ الحال. فقد قَذَفَها، وله لِعانُها، ونَفْيُ نَسَبِ ولدِها. وقال القاضي: ليس له نَفْيُه باللِّعانِ. وكذلك قال أصْحابُ الشافِعِيِّ؛ لأنَّه يُمْكِنُه نَفْيُ نَسَبِه بعَرْضِه على القافَةِ، فأشْبَهَ ما لو قال: واشْتَبَهَ عليكِ أيضًا. ولَنا،
(1) في الأصل: «فيستعين» .
(2)
تقدم تخريجه في 16/ 338، ويعدل سنن أبي داود إلى 1/ 522، 523، وعارضة الأحوذي إلى 12/ 45، 46. وانظر صفحة 370.
(3)
تقدم تخريجه في 22/ 179.
(4)
سقط من: الأصل، تش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه رامٍ لزَوْجَتِه، فيَدْخُلُ في عُمومِ قولِه تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية. ولأنَّه رامٍ لزَوْجَتِه بالزِّنى، فمَلَكَ لِعانَها ونَفْىَ ولَدِها، كما لو قال: زَنَى بكِ فلانٌ. وما ذَكرُوه لا يَصِحُّ؛ فإنَّه قد لا يُوجَدُ قافَةٌ، وقد لا يعْترِفُ الرجلُ بما نُسِبَ إليه، أو يَغِيبُ، أو يَموتُ، فلا يَنْتَفِي الولَدُ. وإن قال: ما وَلَدْتِه، وإنَّمْا الْتَقَطْتِهِ، أو اسْتَعَرْتِه. فقالت: بل هو وَلَدِي منك. لم يُقْبَلْ قولُ المرْأةِ إلا بِبَيِّنةٍ. وهذا قولُ الشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْي؛ لأنَّ الولادَةَ يُمْكِنُ إقامةُ البَيِّنَةِ عليها، والأصْلُ عدَمُها، فلم تُقْبَلْ دَعْواها مِن غيرِ بَيِّنةٍ، كالدِّينِ. قال القاضي: وكذلك لا تُقْبَلُ دَعْواها في الولادةِ، فيما إذا عَلَّقَ طَلَاقَها بها، ولا دَعْوَى الأمةِ لها لتَصِيرَ بها (1) أمَّ وَلَدٍ، ويُقْبَلُ قَوْلُها فيه لِتَنْقَضِيَ عِدَّتُها بها. فعلى هذا، لا يَلْحَقُه الوَلَدُ إلَّا أن تقِيمَ بَيِّنَةً؛ وهى امْرأةٌ مَرْضِيَّة، تَشْهَدُ بولادَتِها له (1)، فإذا ثَبَتَتْ ولادَتُها، لحِقَهُ نسَبُه؛ لأنَّه وُلِدَ على فِراشِه، والوَلَدُ للفِراشِ. وذَكَر القاضي في موضع آخَرَ أنَّ القولَ قولُ المرأَةِ؛ لِقولِ اللهِ تعالى:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنْ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (2).
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سورة البقرة 228.