الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْوَطْءَ في الدُّبُرِ، أوْ دُونَ الْفَرْجِ، صَارَ مُولِيًا. وَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ في الْفَرْجِ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ غَيرَهُ، كَلَفْظِهِ الصَّرِيحِ، وَقَوْلِهِ: لَا أدْخَلْتُ ذَكَرِي في فَرْجِكِ. وَلِلْبِكْرِ خَاصَّةً: لَا افْتَضَضْتُكِ. لَمْ يُدَيَّنْ فِيهِ.
ــ
يُمْكِنُه (1) الوَطْءُ الواجِبُ عليه مِن غيرِ حِنْثٍ. وإن قال: أرَدْتُ وَطْأً لا يَبْلُغُ الْتِقاءَ الخِتَانَين. فهو مُولٍ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه الوَطْءُ الواجِبُ عليه في الفَيئَةِ بغيرِ حِنْثٍ، وكذلك (إن أراد به الوَطْءَ في الدُّبُرِ، أو دُونَ الفَرْجِ) فكذلك. وإن لم يكُنْ له نِيَّةٌ، فليس بمُولٍ؛ لأنَّه مُحْتَمِلٌ، فلا يتَعَيَّنُ ما يكونُ به مُولِيًا. وإن قال: واللهِ لا جامعتُكِ جِماعَ سَوءٍ. لم يكُنْ مُوليًا بحالٍ؛ لأنَّه لم يَحْلِفْ على تَرْكِ الوَطْءِ، إنَّما حَلَفَ على تَرْكِ صِفَتِه المَكْروهةِ.
3676 - مسألة: (وإذا حَلَفَ على تَرْكِ الوَطْءِ بلَفْظٍ لا يَحْتَمِلُ غيرَه، كلَفْظِهِ الصَّرِيحِ، وقَوْلِه: لا أدْخَلْتُ ذَكَرِي في فَرْجِكِ. وللبِكْرِ خَاصَّةً: لا افْتَضَضْتُكِ
(2). لم يُدَيَّنْ فيه) وجملَتُه، أنَّ الألْفاظَ التي يكونُ بها مُولِيًا تَنْقِسمُ ثلاثةَ أقْسامٍ؛ أجدُها، ما هو صَرِيحٌ في الحُكْمِ والباطِنِ
(1) في تش: «بمنزلة» .
(2)
في الأصل: «اقتضتك» . بالقاف، واقتضاض البكر وافتضاضها بمعنى، وهو إزالة بكارتها بالذكر.
وَإِنْ قَال: وَالله لا وَطِئْتُكِ وَلَا جَامَعْتُكِ. أوْ: لَا بَاضَعْتُكِ. أَوْ: لَا بَاشَرْتُكِ. أوْ: لَا بَاعَلْتُكِ. أوْ: لَا قَرِبْتُكِ. أَوْ: لَا مَسَسْتُكِ. أَوْ: لَا أَتَيتُكِ. أَوْ: لَا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ. فَهُو صَرِيحٌ في الْحُكْمِ،
ــ
جميعًا، كقولِه: واللهِ لا أنِيكُكِ، ولا أُدْخِلُ. أو: أُغَيِّبُ -أو- أُولِجُ ذَكَرِي في فَرْجِكِ. و: لا افْتَضَضْتُكِ. للبِكْرِ خاصَّةً. فهذه صَرِيحَةٌ لا يُدَيَّنُ فيها؛ لأنَّها لا تَحْتَمِلُ غيرَ الإِيلاءِ. القِسمُ الثَّاني، صَرِيحٌ في الحُكْمِ، ويُدَيَّنُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى، وهي عشَرةُ ألْفاظٍ:(لا وَطِئْتُكِ. و: لا جامَعْتُكِ. و: لا باضَعْتُكِ. و: لا باعَلْتُكِ. و: لا باشَرْتُكِ. و: لا قَرِبْتُكِ) و: لا أصَبْتُكِ. و (لا أتَيتُكِ. و: لا مَسَسْتُكِ. و: لا اغْتَسَلْتُ مِنْكِ. فهذه صَرِيحَةٌ في الحُكْمِ) لأنَّها تُسْتَعْمَلُ في العُرْفِ في الوَطْءِ. وقد وَرَدَ القُرْآنُ ببَعْضِها فقال سبحانه: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} (1). وقال: {وَلَا
(1) سورة البقرة 222.
وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ اللهِ تَعَالى. وَسَائِرُ الأَلْفَاظِ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهَا إلا بِالنِّيَّةِ.
ــ
تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (1). وقال: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (2). وأمَّا الجِماعُ والوَطْءُ، مهما أشْهَرُ الألْفاظِ في الاسْتِعْمالِ، فلو قال: أرَدْتُ بالوَطْءِ الوَطْءَ بالقَدَمِ، وبالجِماعِ اجْتِماعَ الأجْسامِ، وبالإِصابَةِ الإِصابَةَ باليَدِ (دُيِّنَ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى) ولم يُقْبَلْ في الحُكْمِ؛ لأنَّه خِلافُ الظَّاهِرِ والعُرْفِ. وقد اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافعيِّ فيما عدا الوَطْءَ والجِماعَ مِن هذه الألْفاظِ، فقال في مَوْضِعٍ: ليس بصَرِيحٍ في الحُكْمِ؛ لأنَّه حَقِيقَةٌ في غَيرِ الجِماعِ. وقال في: لا
(1) سورة البقرة 187.
(2)
سورة البقرة 237، وسورة الأحزاب 49.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
باضَعْتُكِ: ليس بصَريحٍ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ مِن (1) الْتِقاءِ البَضْعَتَينِ، البَضْعَةُ مِن البَدَنِ بالبَضْعَةِ منه؛ فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي» (2). ولَنا، أنَّه مُسْتَعْمَلٌ في الوَطْءِ عُرْفًا، وقد وَرَدَ بِبعْضِه القُرْآنُ والسُّنَّةُ، فكان صَرِيحًا، كلَفْظِ الوَطْءِ والجِماعِ، وكَوْنُه حقِيقَةً في غيرِ الجِماعِ يَبْطُلُ (3) بلَفْظِ الوَطْءِ والجِماعِ، وكذلك قوْلُه: فارَقْتُكِ. و: سَرَّحْتُكِ. في ألْفاظِ الطَّلاقِ، فإنَّهم قالُوا: هي صَرِيحَةٌ في ألْفاظِ الطَّلاقِ. مع كَوْنِها حَقِيقَةً في غيرِه. وأمَّا (4) قوْلُه: باضَعْتُكِ. فهو مُشْتَقٌّ مِنَ البُضْعِ، ولا يُسْتَعْمَلُ هذا اللَّفْظُ في غيرِ الوَطْءِ، فهو أوْلَى
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنقبة فاطمة، وباب ذكر أصهار النَّبِي، وباب مناقب فاطمة عليها السلام، من كتاب فضائل الصَّحَابَة. وفي: باب ذب الرَّجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف، من كتاب النكاح. صحيح البُخَارِيّ 5/ 26، 28، 36، 7/ 47. ومسلم، في: باب فضائل فاطمة بنت النَّبِي صلى الله عليه وسلم، من كتاب فضائل الصحابة. صحيح مسلم 4/ 1902، 1903. وأبو داود، في: باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 478. والتِّرمذي، في: باب فضل فاطمة بنت محمَّد صلى الله عليه وسلم، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذي 13/ 246، 247. وابن ماجه، في: باب المغيرة، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 643، 644. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 5، 326.
(3)
في النسخ: «لا يبطل» . والمثبت كما في المغني 11/ 28.
(4)
في الأصل: «لنا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن يكونَ صَرِيحًا مِن سائِرِ الألْفاظِ؛ لأنَّها تُسْتَعْمَلُ في غيرِه. وبه قال أبو حنيفةَ. القِسْمُ الثَّالِثُ، ما لا يكونُ مُولِيًا فيها إلَّا بالنِّيَّةِ، وهو ما عدا هذه الألْفاظَ، ممَّا يَحْتَمِلُ الجِماعَ، كقولِه: واللهِ لا يَجْمَعُ رَأْسِي ورَأْسَكِ شيءٌ. لا ساقَفَ رَأْسِي رَأْسَكِ. لأسُوأَنَّكِ. لأغِيظَنَّكِ. لتَطُولَنَّ غَيبَتِي عنْكِ. لا مَسَّ جِلْدِى جِلْدَكِ. لا قَرَبْتُ فِراشَكِ. لا آوَيتُ معكِ. لا نِمْتُ عندَكِ. فهذه إن أَرادَ بها الجِماعَ، واعْتَرَفَ بذلك، كان مُولِيًا، وإلَّا فلا؛ لأنَّ هذه الألْفاظَ ليستْ ظاهرةً في الجِماعِ، كظُهُورِ (1) التي قبْلَها، ولم يَرِدِ النَّصُّ باسْتِعْمالِها (2) فيه، إلَّا أنَّ هذه الألْفاظَ مُنْقَسِمَةٌ إلى ما يَفْتَقِرُ إلى نِيَّةِ الجِماعِ والمُدَّةِ معًا، وهي قوْلُه: لأسُوأَنَّكِ. أو: لأغِيظَنَّكِ. أو: لَتَطُولَنَّ غَيبَتِي عنكِ. فلا يكونُ مُولِيًا حتَّى يَنْويَ تَرْكَ الجِماعِ في مُدَّةٍ تَزِيدُ على أرْبَعَةِ أشْهُرٍ؛ لأنّ غَيظَها يُوجَدُ بتَرْكِ الجِماعِ فيما دُونَ ذلك، وسائِرُ الألْفاظِ يكونُ مُولِيًا بنِيَّةِ الجِماعِ فقط. فإن قال: واللهِ لا أدْخَلْتُ جميعَ ذَكَرِي في فَرْجِكِ. لم يَكُنْ مُولِيًا؛ لأنَّ الوَطْءَ الذي تَحْصُلُ به الفَيئَةُ يَحْصُلُ بدونِ إيلاجِ جميعِ الذَّكَرِ. فإنْ قال: واللهِ لا
(1) بعده في الأصل: «غيرما» .
(2)
في م: «في استعمالهما» .