الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ أنْ يُشَبِّهَ امْرَأتهُ أوْ عُضْوًا مِنْهَا، بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيهِ عَلَى التَّأبِيدِ، أوْ بِهَا أوْ بِعُضْوٍ مِنْهَا، فَيَقُولَ: أنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي. أوْ: كَيَدِ أخْتِي. أوْ: كَوَجْهِ حَمَاتِي. أوْ: ظَهْرُكِ. أوْ: يَدُكِ عَلَيَّ كَظَهْر أمِّي. أوْ: كَيَدِ أخْتِي. أوْ: خَالتِي. مِنْ نَسَبٍ أوْ رَضَاعٍ.
ــ
صلى الله عليه وسلم السَّعَةَ وحُسْنَ الرَّأي، وقد أمَرَ لي بصَدَقَتِكُم.
3717 - مسألة: (والظِّهارُ أن يُشَبِّهَ امْرأتَه أو عُضْوًا منها، بظَهْرِ مَن تَحرُمُ عليه على التَّأبِيدِ، أو بها أو بعُضْوٍ منها، فيَقُولَ: أنْتِ علَيَّ كظَهْرِ أمِّي. أو: كَيَدِ أخْتِي. أو: كوَجْهِ حَمَاتِي. أو)
يَقُولَ: (ظَهْرُكِ. أو: يَدُكِ عَلَيَّ كظهْرِ أمِّي. أو: كيَدِ أخْتِي. أو: خالتي. مِن نَسَبٍ أو رَضاعٍ) فمتى شَبَّه امْرَأتَه بظَهْرِ مَن تَحْرُمُ عليه على التَّأبِيدِ، فقال: أنت عَلَيَّ كظَهْرِ أمِّي [أو أختي. فهو مظاهِرٌ، وهُنَّ على ثلاثةِ أضْرُبٍ؛ أحدُها، أن يقولَ: أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي](1). فَهذَا ظِهارٌ
(1) سقط من: تش، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إجْماعًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العلمِ على أنَّ تَصْرِيحَ الظِّهارِ أن يقولَ: أنتِ عَلَيَّ كظَهْرِ أمِّي. وفي حديثِ خُوَيلَةَ امرأةِ أوْسِ بنِ الصامت، أنه قال لها: أنتِ عَلَيَّ كظهرِ أمي. فذَكَرَ ذلك لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَه بالكفَّارَةِ. الضَّرْبُ الثَّانِي، أن يُشَبِّهَها بظَهْرِ مَن تَحْرُمُ عليه مِن ذَوي رَحِمِه، كجَدَّتِه وعَمَّتِه وخالتِه واخْتِه. فهذا ظِهار في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم الحسَنُ، وعَطاءٌ، وجابرُ بنُ زيدٍ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، والثوْرِيُّ، والأوْزَاعِي، ومالك، وإسحاقُ، وأبو عُبَيدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرّأي. وهو جَدِيدُ قَوْلَي الشافعيِّ. وقال في القَدِيمِ: لا يكونُ الظهارُ إلَّا بَامٍّ [أو جَدَّةٍ](1)؛ لأنَّها أم أيضًا؛ لأنَّ اللفْظَ الذي وَرَدَ به القُرآنُ مُخْتَصٌّ بالأمِّ، فإذا عدَلَ عنه، لم يتَعَلَّقْ به ما أوْجَبَه الله تعالى فيه. ولَنا، أنَّهُن مُحَرماتٌ بالقَرابَةِ، فأشْبَهْنَ الأمَّ. وأمَّا الآيَةُ فقد قال فيها:{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} . وهذا مَوْجُود في مَسْألتِنا، فجَرَى مَجْراه وتَعْليقُ الحُكمِ بالأمِّ لا يَمْنَعُ الحُكْمَ في غيرِها إذا كانت مِثْلَها. الثالِثُ، أن يُشَبِّهَها بظَهْرِ مَن تَحْرُمُ عليه على التأبِيدِ سِوى الأقارِبِ، كالأمَّهَاتِ المُرْضِعاتِ، والأخَواتِ مِن الرَّضاعَةِ، وحلائلِ الآباءِ والأبناءِ، وأمهاتِ النِّساءِ، والرَّبائبِ اللاتِي
(1) في تش: «واحدة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
دَخَلَ بأمِّهِنَّ، فهو ظِهار أيضًا. والخِلافُ فيها كالتي قَبْلَها. ووَجْهُ المذْهَبَينِ ما تَقَدَّمَ، ويَزِيدُ في الأمَّهاتِ المُرْضِعاتِ (1) دُخُولُها في عُمُومِ الأمَّهاتِ، وسائِرُهُنَّ في مَعْناها، فيَثْبُتُ فيهنَّ حُكْمُها.
فصل: فإن قال: أنتِ عندي. أو: مِني. أو: مَعِي كظَهْرِ أمِّي. كان ظِهارًا بمَنْزِلَةِ «عَلَيَّ» ؛ لأنَّ هذه الألْفاظَ في مَعْناه. وإن قال: جُمْلتكِ. أو: بَدَنُك (2). أو: جسْمُكِ. أو: ذَاتُكِ (3). أو: كُلُّكِ (4) عَلَي كظَهْرِ أمِّي. كان ظِهارًا؛ لأَنَّه أشار إليها، فهو كقولِه: أنتِ. وإن قال: أنتِ كظَهْرِ أمِّي. كان ظِهارًا؛ لأنه أتَى بما يَقتَضِي تَحْرِيمَها عليه، فانْصَرفَ الحكمُ إليه، كما لو قال: أنتِ طالق. وقال بعضُ الشافِعِيَّةِ: ليس بظِهارٍ؛ لأنَّه أليس فيه ما يَدُلُّ على أنَّ ذلك في حَقِّه. وليس بصَحِيحٍ؛ فإنَّها إذا كانت كظَهْرِ أمِّه، فظَهْرُ أمِّه مُحَرَّمٌ عليه. وأمَّا إذا شَبَّهَ عُضْوًا مِن امْرأتِه بظَهْرِ أمِّه أو عُضْو (5) مِن أعْضائِها، فهو مُظاهِرٌ، فلو قال: فَرْجُكِ -أو- ظهْرُكِ -أو- رأسُكِ -أو- جلْدُكِ كظَهْرِ أمِّي -أو- بَدنِها -أو- رَأسِها -أو- يَدِها. فهو مُظاهِرٌ. وبهذا قال مالكٍ. وهو
(1) بعده في م: «في» .
(2)
في الأصل: «يديك» .
(3)
في الأصل: «آذانك» .
(4)
في م: «ذلك» .
(5)
في تش، م:«عضوا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَصُّ الشافعيِّ. وعن أحمدَ رِواية أخْرَى، أنَّه ليس بمُظاهِر حتى يُشَبِّهَ جُمْلَةَ امْرأتِه؛ لأنَّه لو حَلَفَ باللهِ لا يَمسُّ عُضْوًا منها، لا يَسْرِي إلى غيرِه، فكذلك المُظاهَرَةُ (1)، ولأنَّ هذا ليس بمَنْصُوص عليه، ولا هو في مَعنى المَنْصُوصٍ؛ لأن تَشْبِيهَه بِجُمْلَتِها تَشْبِية بمَحَلِّ الاستِمْتاعِ بما يتَأكَّدُ تَحْريمُه، وفيه تحْريمٌ لجُمْلَتِها، فيكونُ آكَدَ. وقال أبو حنيفةَ: إن شَبَّهَها بما يَحْرُمُ النَّظَرُ إليه مِن إلَّا، كالفَرْجِ والفَخِذِ ونحوهما، فهو مُظاهِرٌ، وإن لم يحْرُمِ النَّظَرُ إليه، كالرأسِ والوَجْهِ، لم يكُنْ مُظاهِرًا؛ لأنَّه شَبَّهَها بعُضْوٍ [لا يَحْرُمُ النَّظَرُ إليه، فلم يَكُنْ مُظاهِرًا، كما لو شَبَّهها بعُضْو زوجةٍ له أخْرَى. ووَجْهُ الأولى، أنَّه شَبَّهَها بعُضْوٍ](2) مِن أمِّه، فكان مُظاهِرًا، كما لو شَبهها بظَهْرِها، وفارَقَ الزَّوْجَةَ؛ فإنه لو شَبَّهَها بظَهْرِها لم يكُنْ مُظاهِرًا، والنظَرُ إن لم يَحْرُمْ، فإن التَّلَذُّذَ يَحْرُمُ، وهو المُسْتَفادُ بعَقْدِ النِّكاحِ.
فصل: فإن قال: كشَعَرِ أمِّي، أو: سنِّها، أو: ظُفُرِ ها. أو شَبَّهَ شيئًا مِن ذلك مِن امْرأتِه بأمِّه، أو بعُضْوٍ مِن أعْضمائِها، لم يكُنْ مُظاهِرًا؛ لأنَّها ليستْ مِن أعْضاءِ الأمِّ الثابِتَةِ، ولا يقَعُ الطَّلاقُ بإضافَتِه إليها، فكذلك الظِّهارُ. وكذلك إن قال: برُوحِ أمِّي. فإنَّ الرُّوحَ لا تُوصَفُ بالتَّحْريمِ، ولا هي مَحَل للاسْتِمْتاعِ. وكذلك الرِّيقُ، والعَرَقُ، والدَّمُ. فإن قال:
(1) في الأصل، تش:«المظاهر» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَجْهِي مِن وَجْهِكِ حرامٌ. فليس بظِهارٍ. نَصَّ عليه أحمدُ، وقال: هذا شيءٌ يقولُه النَّاسُ، ليس بشيءٍ. وذلك لأن هذا يُسْتَعْمَلُ كثيرًا في غيرِ الظِّهارِ، ولا يُؤَدِّي مَعْنَى الظِّهارِ، فلم يكُنْ ظِهارًا، كما لو قال: لا أكَلِّمُكِ.
فصل: فإن قال: أنا مُظاهِر. أو: عَلَى الظِّهارُ. أو: عليَّ الحَرامُ. أو: الحرامُ لِي لازِمٌ. ولا [نِيَّةَ له](1)، لم يَلْزَمْه شيءٌ؛ لأنَّه ليس بصَريحٍ في الظِّهار، [ولا نوَى به الظِّهارَ](2). وإن نَوَى به الظِّهارَ، أو اقْتَرنَت به قَرِينَة تدُلُّ على إرادَةِ الظِّهارِ، مثلَ أنْ يُعَلِّقَه على شَرْطٍ، مثِلَ أن يقولَ: علَيَّ الحرامُ إن كَلَّمْتُكِ. احْتَمَلَ أن يكونَ ظِهارًا؛ لأنَّه أحَدُ نوْعَيْ تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ، فصَحَّ بالكِنايَةِ مع النِّيَّةِ (3)، كالطَّلاقِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَثْبُتَ الظِّهارُ به؛ لأنَّ الشَّرْعَ إنَّما وَرَدَ به بصَرِيحِ لَفْظِه، وهذا ليس بصَريحٍ فيه، ولأنَّه يَمِينٌ مُوجِبَةٌ للكَفَّارَةِ، فلم يَثْبُتْ حُكْمُه بغيرِ الصَّريحِ، كاليَمِينِ باللهِ تعالى.
فصل: يُكْرَهُ أن يُسَمِّيَ الرجلُ امْرأتَه بمَن تَحْرُمُ عليه، كأمّه، وأخْتِه، وبِنْتِه؛ لِمَا روَى أبو داودَ (4)، بإسْنادِه عن أبي تَمِيمَةَ (5)
(1) في الأصل: «سماه»
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «البينة» .
(4)
في: باب في الرجل يقول لامرأته: يا أختي، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 512. وانظر ضعيف سنن أبي داود 219، 220.
(5)
في النسخ: «تميم» . والمثبت من سنن أبي داود.