الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ مَتَى قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ، أوْ يُطَلِّقُ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا يَلْزَمُهُ.
ــ
للضَّرَرِ (1) عندَ إمْكانِه، ولا يَحْصُلُ بقَوْلِه: فِئْتُ إليكِ. شيءٌ مِن هذا. فأمَّا العاجِزُ بجَبٍّ (2) أو شَلَلٍ، ففَيئَتُه أنَّ يقولَ: لو قَدَرْتُ لجامَعْتُها. لأنَّ ذلك يُزِيلُ ما حَصَلَ بإيلائِه. والإِحْرامُ كالمَرضِ في ظاهِرِ قولِ الخِرَقِيِّ. وكذلك على قِياسِه الاعْتِكافُ المَنْذُورُ والظِّهارُ.
3703 - مسألةْ: ومتى قَدَرَ على الفَيئَةِ، وهي الجِماعُ، طُولِبَ به؛ لأنَّه تأخَّرَ للعُذْرِ، فإذا زال العُذْرُ طُولِبَ به، كالدَّينِ الحال، فإن لم يَفْعَلْ أُمِرَ بالطَّلاقِ. وهذا قولُ كُلِّ مَن يقولُ: يُوقَفُ المُولِي. لأنَّ اللهَ تعالى قال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}
(3). فإذا امْتَنَعَ مِن أداءِ الواجِبِ عليه، فقد امْتَنَعَ مِن الإِمْساكِ بالمَعْرُوفِ، فيُؤْمَرُ بالتَّسْريحِ بالإِحْسانِ. فإن كان قد فاءَ بلِسانِه في حالِ العُذْرِ ثم قَدَرَ على الوَطْءِ، أُمِرَ به، فإن فَعَلَ، وإلَّا أُمِرَ بالطَّلاقِ. وهذا قولُ الشافعيِّ. وقال
(1) في الأصل، م:«الضرر» .
(2)
في م: «لجب» .
(3)
سورة البقرة 229.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو بَكْر: إذا فاءَ بلسانِه، لم يُطالبْ بالفَيئَةِ مَرَّةً أُخْرَى، وخَرَجَ مِن الإِيلاءِ. وهو قَوْلُ الحسَنِ، وعِكْرِمَةَ، والأوْزاعِيِّ؛ لأنَّه فاءَ مَرَّةً، فخَرَجَ مِنِ الإِيلاءِ، ولم تَلْزَمْه فَيئَةٌ ثانِيَةٌ، كما لو فاء بالوَطْءِ. وقال أبو حنيفةَ: تُسْتَأنَفُ له مُدَّةُ الإِيلاءِ؛ لأنَّه وَفَّاها حَقَّها بما أمْكَنَه مِن الفَيئَةِ، فلا يُطالبُ إلَّا بعدَ اسْتِئْنافِ مُدَّةِ الإِيلاءِ، كما لو طَلَّقَها. ولَنا، أنَّه أخَّرَ حَقَّها لعَجْزِه عنه، فإذا قَدَرَ عليه، لَزِمَه أنَّ يوفِّيَها إيَّاه، كالدَّينِ على المُعْسِرِ إذا قَدَرَ عليه. وما ذَكَرَه فليس بحَقِّها، ولا يَزُولُ الضَّرَرُ عنها، وإنَّما وَعَدَها بالوَفاءِ، فلَزِمَها الصَّبْرُ عليه وإنْظارُه كالغَرِيمِ المُعْسِرِ.
فصل: وليس على مَن فاء بلِسانِه كَفَّارَة، ولا حِنْثٌ؛ لأنَّه لم يَفْعَل المَحْلُوف عليه، وإنَّما وَعَدَ بفِعْلِه، فهو كمَن عليه دَينٌ حَلَفَ أنَّ لا يُوَفِّيَه، ثم أعْسَرَ به، فقال: متى قَدَرْتُ وَفيتُه.