الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ طَهُرَتْ مِنَ الْحَيضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمَّا تَغْتَسِلْ، فَهَلْ لَهُ رَجْعَتُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
البَطْنِ، فتَبْقَى العِدَّةُ مُسْتَمِرَّةً إلى حينِ وَضْعِ باقِي الحَمْلِ، فتَبْقَى الرَّجْعَةُ ببَقائِها. ولأنَّ العِدَّةَ لو انْقَضَتْ بوَضْعِ بعضِ الحَمْلِ، لحَلَّ لها التَّزْويجُ وهي حامِلٌ مِن زَوْجٍ آخَرَ، ولا قَائِلَ به. قال شيخُنا (1): وأظُنُّ أنَّ قَتادَةَ ناظَرَ عِكْرِمَةَ في هذا، فقال عِكْرِمَةُ: تَنْقَضِي عِدَّتُها بوَضْعِ أحَدِ الوَلَدَينِ. فقال له قَتادَةُ: أيَحِلُّ لها أن تَتَزَوَّجَ؟ قال: لا. قال: خُصِمَ (2) العَبْدُ. ولو خَرَجَ بَعْضُ الوَلَدِ، فارْتَجَعَها قبلَ أن تَضَعَ باقِيَه صَحَّ؛ لأنَّها لم تَضَعْ جَمِيعَ حَمْلِها، فصارَتْ كمَن وَلَدَتْ أحَدَ الوَلَدَين.
3654 - مسألة: (وإن طَهُرَتْ مِن الحَيضَةِ الثَّالِثَةِ ولم تَغْتَسِلْ، فهل له رَجْعَتُها؟ على رِوايَتَين)
وجملةُ ذلك، أنَّه إذا انْقَطَعَ حَيضُ المرْأةِ المُعْتَدَّةِ في المرَّةِ الثَّالثَةِ، ولمَّا تَغْتَسِلْ، فهلْ تَنْقَضِي عِدَّتُها بِطُهْرِها؟ فيه
(1) في: المغني 10/ 555.
(2)
خصم: أي غُلِب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رِوايَتانِ، ذكَرَهُما ابنُ حامدٍ؛ إحْداهُما، لا تَنْقَضِي حتَّى تَغْتَسِلَ، ولزَوْجِها رَجْعَتُها في ذلك. وهذا ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، فإنَّه قال في العِدَدِ: فإذا اغْتَسَلَتْ مِن الحَيضَةِ الثَّالثَةِ أُبِيحتْ للأزْواجِ. وبه قال كثيرٌ مِن أَصْحابِنا. رُوِيَ ذلك عن عمرَ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والثَّوْرِيِّ، وأبي عُبَيدٍ. ورُوِيَ نحوُه عن أبي بكر الصِّدِّيقِ، وأبي مُوسى، وعُبادَةَ، وأبي الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنهم. ورُوِيَ عن شَرِيكٍ، لَه الرَّجْعَةُ وإنْ فَرَّطَتْ في الغُسْلِ عِشْرينَ سَنَةً؛ لأنَّه قَوْلُ مَن سَمَّينا مِن الصَّحابَةِ، ولم يُعْرَفْ لهم مُخالِفٌ في عَصْرِهم، فكان إجْماعًا، ولأنَّ أكْثَرَ أحْكامِ الحَيضِ لا تَزُولُ إلَّا بالغُسْلِ، فكذلك هذا. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّ العِدَّةَ تَنْقَضِي بمُجَرَّدِ الطهْرِ قبلَ الغُسْل. وهو قَوْلُ طَاوُسٍ، وسعيدِ بنِ جُبَيرٍ، والأوْزَاعِيِّ. واخْتارَه أبو الخَطَّابِ؛ لقَوْلِ الله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (1). والقُرْءُ: الحَيضُ. وقد زَالتْ، فيَزُولُ التَّرَبُّصُ. وفيما رُويَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«وقُرْءُ الأمَةِ حَيضَتانِ» (2). وقال: «دَعِي الصَّلاةَ أَيَّامَ أقْرَائِكِ» (3). أي أيَّامَ حَيضِكِ. ولأنَّ انْقِضاءَ العِدةِ تَتَعلَّقُ به بَينُونتها مِن
(1) سورة البقرة 228.
(2)
انظر ما تقدم تخريجه في 22/ 308، 309.
(3)
بهذا اللفظ أخرجه الدارقطني، في: سننه 1/ 212. وانظر ما تقدم في 1/ 401. وانظر نصب الراية 1/ 201 ، 202.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّوْجِ، وحِلُّها مِن غيرِه، فلم يَتَعَلَّقْ بفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ مِن جِهَةِ المرْأةِ بغَيرِ تَعْليقِ الزَّوْجِ، كالطَّلاقِ وسائِرِ العِدَدِ، ولأنَّها لو تَرَكَتِ الغُسْلَ اخْتِيارًا أو لجُنُونٍ أو نحْوه، لم تَحِلَّ؛ فإمَّا أن يُقال بقَوْلِ شَرِيكٍ: إنَّها تَبْقَى مُعْتَدَّةً ولو بَقِيَتْ عِشْرِينَ سَنَة. وذلك خِلافُ قَوْلِ الله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} . فإنَّ عِدَّتَها تَصِيرُ أكْثَرَ مِن مِائَتَيْ قُرْءٍ. أو يُقالُ: تَنْقَضِي العِدَّةُ قبلَ الغُسْلِ. [فيكونُ رجوعًا عن قولِهم، ويُحْمَلُ قولُ الصحابةِ في قولِهم: حتَّى تَغْتَسِلَ. أي حتَّى يَلْزَمَها الغُسْلُ](1). واللهُ أعلمُ.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا تَزَوُّجَتِ الرَّجْعِيَّةُ في عِدَّتِها، وحَملَتْ مِن الزَّوْجِ الثَّانِي، انْقَطَعَتْ عِدَّةُ الأوَّلِ بوَطْءِ الثَّانِي. وهل يَمْلِكُ الزَّوْجُ رَجْعَتَها في مُدَّةِ الحَمْلِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ؛ أوَّلُهما، أنَّ له رَجْعَتَها؛ لأنَّها ما (1) لم تَقْضِ عِدَّتَه، فحُكْمُ نِكاحِه باقٍ (2)، يَلْحَقُها طَلاقُه وظِهارُه، وإنَّما انْقَطَعَتْ عِدَّتُه لعارِضٍ، فهو كما لو وُطِئَتْ في صُلْبِ نِكاحِه، فإنَّها تَحْرُمُ عليه، وتَبْقَى سائِرُ أحْكامِ الزَّوْجِيَّةِ، ولأنَّه يَمْلِكُ ارْتِجاعَها إذا عادَت إلى عِدَّتِه، فَمَلَكَه قبلَ ذلك، كما لو ارْتَفَعَ حَيضُها في أثْناءِ عِدَّتِها، والوَجْهُ الثَّانِي، ليس له رَجْعَتُها؛ لأنَّها ليست في عِدَّتِه. فإذا وَضَعَتِ الحَمْلَ، انْقَضَتْ عِدَّةُ الثَّانِي، وبَنَتْ على ما مَضَى مِن عِدَّةِ الأوَّلِ، وله ارْتِجاعُها حِينَئذٍ، وَجْهًا واحدًا، ولو كانتْ في نِفاسِها؛ لأنَّها بعدَ الوَضْعِ تَعُودُ
(1) زيادة من: الأصل.
(2)
بعده في م: «بأن» .