الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالصَّغِيرُ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: إِذَا صَلَّى.
ــ
عِتْقُه بسَبَبٍ آخَرَ، فأجْزَأ عِتْقُه، كوَلَدِ الرّشدَةِ (1). فأمَّا الأحادِيثُ الوارِدَةُ في ذَمِّه، فاخْتَلَفَ أهلُ العلمِ في تَفْسيرِها؛ فقال الطَّحاويُّ (2): وَلَدُ الزِّنى هو المُلازِمُ للزِّنَى، كما يقالُ: ابنُ السَّبِيلِ المُلازِمُ لها، ووَلَدُ اللَّيلِ الذي لا يَهابُ السَّيرَ فيه. وقال الخَطابِي (3)، عن بعْضِ أهلِ العلمِ، قال: هو شَرُّ (4) الثَّلاثَةِ أصْلًا وعُنْصُرًا ونَسَبًا؛ لأنَّه خُلِقَ مِن ماءِ الزِّنى، وهو خَبِيثٌ. وأنْكَرَ قَوْمٌ هذا التَّفْسِيرَ، وقالُوا: ليس عليه مِن وزْرِ والِدَيه شيءٌ، قال اللهُ تعالى:(وَلَا تَزِرُ وَازِرَة وزْرَ أُخْرَى)(5). وقد جاء في بعْضِ الأحاديثِ: «هُوَ شَرُّ الثَّلَاثَةِ إذَا عَمِلَ عَمَلَهُمْ» (6). فإن صَحَّ ذلك، انْدَفَعَ الإشْكالُ. وفي الجُملَةِ، هذا يَرْجِعُ إلى أحْكامِ الآخِرَةِ، أمَّا أحْكامُ الدُّنْيا فهو كغَيرِه في صِحَّةِ إمامَتِه، وبَيعِه، وعِتْقِه، وقَبُولِ شَهادَتِه، فكذلك في إجْزاءِ عِتْقِه عن الكفَّارَةِ؛ لأنَّه مِن أحْكامِ الدُّنْيا.
3763 - مسألة: (و)
يُجْزِيء (الصَّغِيرُ) وقال الخِرَقِيُّ: لا
(1) في تش: «الرشيدة» . والرشدة، بفتح الراء وكسرها.
(2)
في: مشكل الآثار 1/ 394.
(3)
في: معالم السنن 4/ 80.
(4)
سقط من: م.
(5)
سورة الأنعام 164، سورة الإسراء 15، سورة فاطر 18.
(6)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 6/ 109.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُجْزِئُ حتى يُصَلِّيَ ويَصُومَ. قال القاضي: لا يجوزُ إعْتاقُ مَن له دُونَ سَبْعِ سِنِينَ؛ لأنَّه لا تصِحُّ منه العِباداتُ، في ظاهرِ كلام أحمدَ. وظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ أنَّ المُعْتَبَرَ الفِعْلُ (1) دُونَ السِّنِّ، فمَن صَلَّىَ وصامَ ممَّن له عقْلٌ يَعْرِفُ الصَّلاةَ والصِّيامَ، ويتَحَقَّقُ منه (2) الإتْيانُ به بنِيَّته وأرْكانِه، فإنَّه يُجْزِئُ في الكفَّارَةِ وإن لم يَبْلُغِ السَّبْعَ، وإن لم يُوجَدْ منه، لم يُجْزِئْ الكفَّارَةِ وإن كان كبيرًا. وقال أبو بكرٍ وغيرُه مِن أصحابِنا: يجوزُ إعْتاقُ الطِّفلِ في الكفَّارَةِ. وهو قولُ الحسَنِ، وعَطاءٍ، والزُّهْرِيِّ، والشافعيِّ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّ المُرادَ بالإيمانِ ههُنا الإسْلامُ، بدليلِ إعْتاقِ الفاسِقِ. قال الثَّوْرِيُّ: المُسْلمون كلُّهم مُؤْمِنُون عندَنا في الأحْكامِ، ولا نَدْرِي ما هم عندَ اللهِ. وبهذا تَعَلَّقَ حُكْمُ القَتْلِ بكُلِّ مسلمٍ، بقولِه تعالى:(وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا)(3). والصَّبِيُّ محْكومٌ بإسْلامِه، يَرِثُه المسلمون ويَرِثُهم، ويُدْفَنُ في مَقابِرِ المسلِمين، ويُغَسَّلُ، ويُصَلَّى عليه.
(1) في م: «العقل» .
(2)
في م: «من» .
(3)
سورة النساء 92.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن سُبِيَ مُنْفَرِدًا عن أبوَيه، أجزَأ (1) عِتْقُه؛ لأنَّه محْكوم بإسْلامِه، وكذلك إن سُبِيَ مع أحَدِ أبَوَيه، ولو كان أحَدُ أبوَيِ الطِّفل -مُسْلِمًا والآخَرُ كافِرًا، أجْزَأ إعْتاقُه؛ لأنَّه محْكومٌ بإسْلامِه. قال القاضي في مَوْضِعٍ: يُجْزِئُ؛ إعْتاقُ الصَّغيرِ في جميعِ الكفَّاراتِ، إلَّا كفَّارَةَ القَتْلِ، فإنَّها على رِوايَتَين. وقال إبراهيمُ النَّخَعِيُّ: ما كان في القُرْآنِ مِن رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فلا يُجْزِئُ إلَّا مَن صامَ وصَلَّى، وما كان في القُرآنِ رَقَبَةً ليست بمُؤْمِنَةٍ، فالصَّبِيُّ يُجْزِئُ (2). ونحوُ هذا قولُ الحسنِ (2). ووَجْهُ قولِ الخِرَقِيِّ، أنَّ الواجِبَ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ، والإيمانُ قولٌ وعملٌ، فما لم تحْصُل الصَّلاةُ والصِّيامُ، لا يحْصُلُ العَمَلُ. قال مُجاهدٌ، وعَطاءٌ، في قولِه:(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مؤمِنَةٍ). قالا (3): قد صَلَّتْ. ونحوُ هذا قولُ الحسنِ، وإبراهيمَ. وقال مَكْحُولٌ: إذا وُلِدَ المَوْلُودُ فهو نَسَمَة، فإذا تَقَلَّبَ ظَهْرًا لبَطْن فهو رَقَبَةٌ، فإذا صَلَّى فهو مُؤْمِنَةٌ. ولأنَّ الطِّفْلَ لا تصِح منه عِبادَة؛ لأنَّه لا نِيَّةَ له، فلم يُجْزِئْ في الكفَّارَةِ، كالمَجْنُونِ، ولأنَّ
(1) بعده في م: «عنه» .
(2)
سقط من: م.
(3)
أخرجه عنهما ابن جرير، في تفسيره 5/ 205.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الصَّبى فيه](1) يَسْتَحِقُّ به النَّفَقَةَ على القَرابَةِ، فأشْبَهَ الزَّمانَةَ. قال شيخُنا (2): والقَوْلُ الآخَرُ أقْرَبُ إلى الصَّوابِ والصِّحَّةِ، إن شاءَ اللهُ؛ لأنَّ الإيمانَ الإسْلامُ، وهو حاصِل في حَقِّ الصَّبِيِّ الصَّغيرِ، ويدُلُّ على هذا أنَّ مُعاويَةَ بنَ الحَكَمِ السُّلَمِيَّ أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم بجارِيَةٍ [فقال لها:«أينَ اللهُ؟» . قالت: في السَّماءِ. قال: «مَنْ أنا؟» . قالت: أنت رسولُ اللهِ. قال: «أعْتِقْهَا، فإنَّها مُؤْمِنَةٌ» . رواه مسلمٌ (3). وفي حديثٍ عن أبي هريرةَ، أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم بجاريةٍ] (4) أعْجَمِيَّةٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إن عليَّ رَقَبةً مُؤْمِنَةً. فقال لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أينَ اللهُ؟» . فأشارت برأشِها إلى السماءِ. قال: «مَنْ أنا؟» . فأشارت إلى رسولِ اللهِ وإلى السماءِ، أي: أنتَ رسولُ اللهِ. قال: «أعْتِقْها، فإنَّها مُؤْمِنَةٌ» (5). فحكَمَ لها بالإيمانِ بهذا القولِ.
(1) في تش، م:«الصبا» .
(2)
في: المغني 13/ 519.
(3)
تقدم تخريجه في 7/ 276، وفي صفحة 299.
(4)
سقط من: م.
(5)
أخرجه أبو داود، في: باب في الرقبة المؤمنة، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبي داود 2/ 206. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 291.