الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا الإشْهَادُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
بالرَّجْعَةِ، وبَيَّنَ سَبَبَها. وإن قال: أرَدْتُ أنَّنِي كنتُ أُهِينُكِ، أو: أُحِبُّكِ، وقد رَدَدْتُكِ بفِراقِي إلى ذلك. فليس بِرَجْعَةٍ. وإن أطْلَقَ ولم يَنْو شيئًا، صَحَّتِ الرَّجْعَةُ. ذَكَرَه القاضي؛ لأنَّه أتَى بصريحِ الرَّجْعَةِ، وضَمَّ إليه ما يَحْتَمِلُ أن يكونَ سَبَبَها، ويَحْتَمِلُ غَيرَها، فلا يَزُولُ اللَّفْظُ عن مُقْتَضاه بالشَّكِّ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ.
3649 - مسألة: (وهل مِن شَرْطِها الإِشْهادُ؟ على رِوايَتَين)
وجملةُ ذلك، أنَّ الرَّجْعَةَ لا تَفْتَقِرُ إلى وَلِيٍّ، ولا صَداقٍ، ولا رِضَا المرْأةِ، ولا عِلْمِها، بإجْماعِ أهلِ العِلْمِ؛ لأنَّ حُكْمَ الرَّجْعِيَّةِ حُكْمُ الزَّوْجاتِ؛ لِما نَذْكُرُه. والرَّجْعَةُ (1) إمْساكٌ لها، واسْتِبْقاءٌ لنِكاحِها، ولهذا سَمَّى اللهُ تعالى الرَّجْعَةَ إمْساكًا، وتَرْكَها فِراقًا وسَراحًا، فقال:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (2). وفي آيةٍ (3) أُخْرَى:
(1) في م: «الرجعية» .
(2)
سورة الطلاق 2.
(3)
في م: «رواية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (1). وإنَّما تَشَعَّثَ النَّكاحُ بالطَّلْقَةِ، وانْعَقَدَ بها (2) سَبَبُ زوالِه، فالرَّجْعَةُ تُزِيلُ شَعَثَهُ، وتَقْطَعُ مُضِيَّه إلى البَينُونَةِ، فلم تَحْتَجْ لذلك إلى ما يَحْتَاجُ إليه ابْتِداءُ النِّكاحِ. فأمَّا الإشْهادُ ففيه رِوايَتانِ؛ إحْداهما، يَجِبُ. وهذا أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ؛ لأن اللهَ تعالى قال:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ} . وظاهرُ الأمْرِ الوُجُوبُ، ولأنَّه اسْتِباحَةُ بُضْعٍ مقْصودٍ، فوَجَبَتِ الشَّهادةُ فيه، كالنِّكاحِ، وعَكْسُهُ البَيعُ. والرِّوايةُ الثَّانِيَةُ، لا تَجِبُ الشَّهادَةُ. وهي اخْتِيارُ أبي بكرٍ، وقَوْلُ مالكٍ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّها لا تَفْتَقِرُ إلى قَبُولٍ، فلم تَفْتَقِرْ إلى شَهادَةٍ، كسائِرِ حُقُوقِ الزَّوْجِ، ولأنَّ ما لايُشتَرَطُ فيه الوَلِيُّ لا يُشتَرطُ فيه الإشْهادُ، كالبَيعِ. وهذه أوْلَى إن شاءَ اللهُ تعالى، ويُحْمَلُ الأمْرُ على الاسْتِحْبابِ، ويُؤَكِّدُ ذلك أنَّ الأمْرَ بالشَّهادَةِ عَقِيبَ قولِه:{أَوْ فَارِقُوهُنَّ} . فهو يرجِعُ إلى أقْرَبِ المَذْكُورَينِ يقينًا، ولا تَجِبُ الشهادةُ فيه، فكذلك ما قبلَه، وهو قوله:{فَأَمْسِكُوهُنَّ} . بطريقِ الأوْلَى. ولا خِلافَ بينَ أهلِ العلمِ
(1) سورة البقرة 229.
(2)
في النسختين: «لها» . وانظر المغني 10/ 559.