الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
3660 - مسألة: فإنِ ادَّعَتِ انْقِضاءَ عِدَّتِها بِالقُرُوءِ في [أقَلَّ مِن]
(1) شَهْرٍ، لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لأنَّ شُرَيحًا قال: إذا ادَّعَتْ أنَّها حاضَت ثَلاثَ حِيَضٍ في شَهْرٍ، وجاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِن النِّساءِ العُدُولِ مِن بِطانَةِ أهْلِها، مِمَّن يُرْضَى صِدْقُه وعَدْلُه، أنَّها رَأتْ ما يُحَرِّمُ عليها الصَّلاةَ مِن الطَّمْثِ، وتَغْتَسِلُ عندَ كُلِّ قُرْءٍ وتُصَلِّي، فقد انْقَضَتْ عِدَّتُها، وإلَّا فهي (2) كاذِبَةٌ. فقال له عليُّ بنُ أبي طالبٍ، رضي الله عنه: قالُون. ومَعْناه بالرُّومِيَّةِ: أصَبْتَ أو أحْسَنْتَ (3). فأخَذَ أحمدُ بقَولِ عليٍّ في الشَّهْرِ. فإنِ ادَّعَتْ ذلك في أكْثَرَ مِن شَهْرٍ، صَدَّقَها، [على حديثِ:«إنَّ المرأةَ اؤْتُمِنَتْ على فرجِها] (4)» . لأنَّها اؤْتُمِنَتْ على ذلك، وإنَّما لم يُصَدِّقْها في
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «في» .
(3)
أخرجه الدَّارمي، في: باب في أقل الطهر، من كتاب الطهارة. سنن الدَّارمي 1/ 212، 213. وسعيد بن منصور، في: باب المرأة تطلق تطليقة أو تطليقتين. . . .، من كتاب الطلاق. سنن سعيد 1/ 309، 310. والبيهقي، في: باب تصديق المرأة فيما يمكن فيه انقضاء عدتها، من كتاب العدد. السنن الكبرى 7/ 418، 419. وتقدم مختصرًا في 2/ 396.
(4)
سقط من: م.
والحديث أخرجه سعيد، في: سننه 1/ 310. موقوفًا على أبي بن كعب. وابن أبي شيبة، في: المصنف 5/ 282. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 418. كلاهما موقوفًا على أبي بن كعب وعبيد بن عمير.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّهْرِ؛ لأنَّ حَيضَها ثلاثَ مَرَّاتٍ فيه يَنْدُرُ جدًّا، فرُجِّحَ بِبَيِّنَةٍ، ولا يَنْدُرُ فيما زاد على الشَّهْرِ كنُدْرَتِه فيه. وقال الشافعيُّ: لا يُقْبَلُ قَوْلُها في أقَلَّ مِن اثْنَين وثلاثينَ يَوْمًا ولَحْظَتَين؛ لأنَّه لا يُتَصَوَّرُ عندَه في أقَلَّ مِن ذلك. وقال أبو حنيفةَ: لا يُقْبَلُ في أقلَّ مِن ستِّينَ يومًا. وقال صاحِبَاه: لا تُصَدَّق (1) في أقلَّ من تِسْعَةٍ وثَلاثِينَ يومًا (2)؛ لأنَّ أقَلَّ الحَيضِ عندَهم ثَلَاثةُ أيَّامٍ، فثَلاثُ حِيَضٍ تِسْعَةُ أيَّامٍ، وطُهْران ثَلاثُونَ. والخِلافُ في هذا مَبْنِيٌّ على أقَلِّ الحَيضِ، وأقَلِّ الطُّهْرِ، وفي القُرْءِ ما هو. وممَّا يدُلُّ عليه في الجُمْلَةِ قَبُولُ عليٍّ وشُرَيحٍ بيَّنتَها على انْقِضاءِ عِدَّتِها في شَهْرٍ، ولولا تَصَوُّرُه لَما قُبِلَتْ عليه بَيِّنَةٌ، ولا سُمِعَتْ فيه دَعْوَى، ولا يُتَصَوَّرُ إلَّا بما قُلْناه. وأمَّا إنِ ادَّعَتِ انْقضاءَ العِدَّةِ في أقَلَّ مِن ذلك، لم تسْمَعْ دَعْواها، ولا يُصْغَى إلى بَيِّنتِها؛ لأنَّنا نَعْلَمُ كَذِبَها. فإن بَقِيَتْ على دَعْواها حتَّى أتَى عليها ما يُمْكِنُ صِدْقُها فيه، نَظَرْنا؛ فإن بَقِيَتْ على دَعْواها المرْدُودَةِ، لم يُسْمَعْ قَوْلُها؛ لأنَّها تَدَّعِي مُحالًا، وإنِ ادَّعَتْ أنَّها انْقَضَتْ عِدَّتُها في هذه المُدَّةِ كُلِّها، أو فيما يُمْكِنُ منها، قُبِلَ قَوْلُها؛ لأنَّه أمْكَنَ صِدْقُها. ولا فَرْقَ في ذلك بينَ الفاسِقَةِ والمَرْضِيَّةِ، والمُسْلِمَةِ والكافِرَةِ؛ لأنَّ ما يُقْبَلُ فيه قَوْلُ الإِنْسانِ على نَفْسِه، لا يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ حالِه، كإخْبارِه عن
(1) في م: «يقبل» .
(2)
بعده في م: «ولحظتين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نِيَّتِه (1) فيما تُعْتَبَرُ فيه نِيَّتُه (2).
فصل: فإنِ ادّعَتِ انْقِضاءَ عِدَّتِها بوَضْعِ الحَمْلِ؛ فإنِ ادَّعَتْه لتَمامٍ، لم يُقْبَلْ قَوْلُها في أقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ مِن حِينِ إمْكانِ الوَطءِ بعدَ العَقْدِ؛ [لأنَّه لا يَكْمُلُ في أقلَّ مِن ذلك. وإنِ ادَّعَتْ أنّها أسْقَطَتْه، لم يُقْبَلْ قولُها في أقلَّ مِن ثمانين يومًا مِن حينِ إمكانِ الوطءِ بعدَ العَقْدِ](3)؛ لأنَّ أقَلَّ سَقْطٍ تَنْقَضِي به العِدَّةُ [ما أتَى عليه ثمانون يَوْمًا؛ لأنَّه يكونُ نُطْفَةً أربعين يَوْمًا، وعَلَقَةً مثلَ ذلك، ثم يَصِيرُ مُضْغَةً بعدَ الثمانينَ، ولا تَنْقَضِي به العِدَّةُ](4) قبلَ أن يَصِيرَ مُضْغَةً بحالٍ (5). وهذا ظاهِرُ قَوْلِ الشافعيِّ. فأمَّا إنِ ادَّعَتِ انْقِضاءَ عِدَّتِها بالشُّهورِ، فلا يُقْبَلُ قَوْلُها فيه؛ لأنَّ الخِلافَ في ذلك يَنْبَنِي على الاخْتِلافِ في وقتِ (6) الطَّلاقِ، والقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فيه، فيكون القَوْلُ قَوْلَه فيما يَنْبَنِي عليه، إلَّا أن يَدَّعِيَ انْقِضَاءَ عِدَّتِها؛ لِيُسْقِطَ عن نَفْسِه نَفَقَتَها، مثلَ أن يقولَ: طَلَّقْتُكِ في شَوَّالٍ. فتقولَ هي: بل في ذِي القَعْدَةِ.
(1) في الأصل: «بينة» .
(2)
في الأصل: «البينة» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في الأصل: «قال» .
(6)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالقَوْلُ قَوْلُها؛ لأنَّه يَدَّعِي ما يُسْقِطُ النَّفَقَةَ، والأصْلُ وُجُوبُها، فلا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. فإنِ ادَّعَتْ ذلك ولم يَكُنْ لها نَفَقَةٌ، قُبِلَ قَوْلُها؛ لأنَّها تُقِرُّ على نَفْسِها بما هو أغْلَظُ. ولو انْعَكَسَ الحالُ، فقال: طَلَّقْتُكِ في ذِي القَعْدَةِ، فَلِي رَجْعَتُكِ. قالتْ: بلْ طَلَّقْتَنِي في شَوَّالٍ، فلا رَجْعَةَ لك. فالقَوْلُ قَوْلُه؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ نِكاحِه، ولأنَّ القَوْلَ قَوْلُه في إثْباتِ الطَّلاقِ ونَفْيِه، فكذلك في وَقْتِه. إذا ثَبَت ذلك، فكلُّ مَوْضِعٍ قُلْنا: القَوْلُ قَوْلُها. فأنْكَرَها الزَّوْجُ، فقال الخِرَقِيُّ: عليها اليَمِينُ. وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي يوسفَ، ومحمدٍ. وقد أوْمأ إليه أحمدُ في رِوايَةِ أبي طالِبٍ. وقال القاضي: قِياسُ المَذْهَبِ أن لا يَجِبَ عليها يَمِينٌ. وقد أوْمَأ إليه أحمدُ أَيضًا، فقال: لا يَمِينَ في نِكاحٍ ولا طَلاقٍ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنّ الرَّجْعَةَ لا يَصِحُّ بَذْلُها، فلا يُسْتَحْلَفُ فيها، كالحُدُودِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اليَمِينُ عَلَى المُدّعَى عَلَيهِ» (1). ولأنَّه حَقُّ آدَمِيٍّ يُمْكِنُ صِدْقُ مُدَّعِيه، فتَجِبُ اليَمِينُ فيه، كالأمْوالِ. فإن نَكَلَتْ عنِ اليَمِينِ، فقال القاضي: لا يُقْضَى بالنُّكُولِ؛ لأنه ممَّا (2) لا يَصِحُّ بَذْلُه. قال شيخُنا (3): ويَحْتَمِلُ أن يُسْتَحْلَفَ الزَّوْجُ، وله رَجْعَتُها، بناءً (2) على القَوْلِ بِرَدِّ اليَمِينِ على المُدَّعِي؛ لأنَّه لمَّا وُجِدَ النُّكُولُ منها،
(1) تقدم تخريجه في 12/ 478.
(2)
سقط من: م.
(3)
في: المغني 10/ 567.