الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَال: إِنْ كَانَ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ. فَقَال آخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ. وَلَمْ يَعْلَمَاهُ، لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنِ اشْتَرَى
ــ
عليهما، ويَصِيرُ كما لو تَنَجَّسَ أحَدُ الإناءَين لا بعَينه، فإنَّه يَحْرُمُ اسْتِعْمالُ كلِّ واحدٍ منهما، سواءٌ كانا لرَجُلَين أو لرَجُل واحدٍ. وقال مَكْحُولٌ: يُحْمَلُ الطَّلاقُ عليهما جميعًا. ومال إليه أبو عُبَيدٍ. فإنِ ادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما أنَّه عَلِمَ الحال، وأنَّه لم يَحْنَثْ، دُيِّنَ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى. ونحوَ هذا قال عَطاءٌ، والشَّعْبِي، والزُّهْرِيُّ، والحارِثُ العُكْلِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والشافعي؛ لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يُمْكِنُ صِدْقُه فيما ادَّعاه. وإن أقَرَّ كلُّ واحدٍ منهما أنَّه الحانِثُ، طَلُقَتْ زَوْجتاهُما بإقْرارِهما على أنْفُسِهما. وإن أقَرَّ أحَدُهما، حَنِثَ وحدَه. فإنِ ادّعَتِ امرأةُ أحَدِهما عليه الحِنْثَ، فأنْكَرَ، فالقولُ قولُه. وهل يَحْلِفُ؟ على رِوايَتَين.
3642 - مسألة: (فإن قال)
أحَدُهما: (إن كان غُرابًا فعَبْدِي حُر. وقال الآخَرُ: إن لم يَكُنْ غُرَابًا فعَبْدِي حُر. فطار، ولم يَعْلَما) حاله (لم يُحْكَمْ بعِتْقِ واحدٍ مِن العَبْدَين) لأنّ الأصْلَ بَقاءُ الرِّقِّ (فإنِ
أحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ، أُقْرِعَ بَينَهُمَا حِينَئِذٍ. وَقَال الْقَاضِي: يَعْتِقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ.
ــ
اشْتَرَى أحَدُهما عبدَ الآخَرِ) بعدَ أن أنْكَرَ حِنْثَ نَفْسِه، عَتَقَ الذي اشْتَرَاه؛ لأنَّ إنْكارَه حِنْثَ نَفْسِه (1) اعْتِرَافٌ منه بحِنْثِ صاحِبِه، وإقْرارٌ منه بعِتْقِ الذي اشْتَراه. وإنِ اشْتَرَى مَن أقرَّ بحُرِّيته، عَتَقَ عليه. وإن لم يَكُنْ منه إنْكارٌ ولا اعْتِرافٌ، فقد صارَ العَبْدان في يَدِه؛ أحَدُهما حُر، لا يُعْلَمُ عَينُه، فيُرْجَعُ في تَعْيِينه إلى القُرْعَةِ. وهو قولُ أبي الخَطَّابِ (وقال القاضي: يَعْتِقُ الذي اشْتَراه) في الموْضِعَينِ؛ لأنَّ تَمَسُّكَهُ بعَبْدِه اعْتِرافٌ منه بِرقِّه وحُرِّيَّةِ صاحِبِه. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. ولَنا، أنَّه لم يَعْتَرِفْ لَفْظًا، ولا فَعَلَ ما يَلْزَمُ منه الاعْتِرافُ، فإنَّ الشَّرْعَ سَوَّغَ له إمْساكَ عبْدِه مع الجَهْلِ، اسْتِنادًا إلى الأصْلِ، فكيف يكونُ مُعْتَرِفًا مع تَصْريحِه بأنَّني لا أعْلَم الحُرَّ منهما! وإنَّما اكْتَفَينا في إبْقاءِ رِقِّ عبدِه باحْتِمالِ الحِنْثِ في حَقِّ صاحِبِه.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإذا صار العَبْدان له، وأحَدُهما حُرٌّ لا بعَينه، صار كأنهما كانا له، فأعْتَقَ أحَدَهما وحدَه، فيُقرَعُ بينَهما حِينَئذٍ. فإن كان الحالِفُ واحدًا، فقال: إن كان غرابًا فعَبْدِي حُرٌّ، وإن لم يَكنْ غرابًا فأمَتِي حرَّة. ولم يَعْلَمْ حاله، فإنه يُقْرَعُ بينَهما، فيَعْتِقُ أحَدُهما، فإنِ ادَّعَى أحَدُهما أنَّه الذي أُعْتِقَ، أو ادَّعَى كل واحدٍ منهما ذلك، فالقولُ قولُ السَّيِّدِ مع يَمِينه.
فصل: فإن قال: إن كان غُرابًا فنِساؤه طوالِقُ، وإن لم يَكُنْ غُرابًا فعَبِيدُه أحْرارٌ. ولم يَعْلَمْ حاله، مُنِعَ مِن التَّصرُّفِ في المِلْكَين حتى يبينَ، وعليه نَفَقَةُ الجميعِ. فإن كان غُرابًا، طَلَّقَ نِساؤه، ورَقَّ عَبِيدُه. فإنِ ادَّعَى العَبِيدُ أنَّه لم يَكنْ غُرابًا لِيَعْتِقوا، فالقول قولُ السَّيِّدِ. وهل يَحلِفُ؟ يُخَرَّجُ على رِوايَتَين. وإن قال (1): لم يكُنْ غُرابًا. عَتَقَ عَبِيدُه، ولم تَطْلُقِ النِّساءُ. فإنِ ادَّعَين أنَّه كان غرابًا لِيَطْلَّقْنَ، فالقولُ قولُه. وفي تَحْليفِه وَجْهان. وكل مَوْضع قلْنا: يُسْتَحْلَفُ. فنَكَلَ، قُضِيَ عليه بنُكولِه.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن قال: لا أعْلَمُ ما الطَّائِرُ. فقياسُ المذهبِ أن يُقْرَعَ بينَهما، فإن وَقَعَتِ القُرْعَةُ على الغُرابِ، طَلُقَ النِّساءُ، ورَقَّ العَبيدُ، وإن وَقَعَتْ على العَبِيدِ، عَتقُوا، ولم تَطلُقِ النِّساءُ. وهذا قولُ أبي ثَوْرٍ. [وقال] (1) أصحابُ الشافعيِّ: إن (2) وقَعَتِ القُرْعَةُ على العَبيدِ، عتَقُوا، وإن وَقَعَتْ على النِّساءِ، لم يَطْلُقْنَ، ولم يَعْتِقِ العَبِيدُ؛ لأَنَّ القُرْعَةَ لها مَدْخَلٌ في العِتْقِ، لكَوْنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أقْرَعَ بينَ العَبِيدِ السِّتَّةِ (3)، ولا مدْخَلَ لها في الطَّلاقِ؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ مثلُ ذلك فيه، ولا يُمْكِنُ قِياسُه على العِتْقِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ حَلُّ قَيدِ النِّكاحِ، والقُرْعَةُ لا تَدْخُلُ في النِّكاحِ، [والعِتْقَ](4) حَلُّ المِلْكِ، والقُرْعَةُ تَدْخُلُ في تَمْييزِ الأمْلاكِ. قالوا: ولا يُقْرَعُ بينَهم إلَّا بعدَ مَوْتِه. قال شيخُنا (5): ويُمْكِنُ أن يُقال على هذا: إنَّ ما لا يَصْلُحُ للتَّعْيِينِ في حَقِّ الموْروثِ، لا يَصْلُحُ في حَقِّ الوارثِ، كما لو كانتِ اليَمِينُ في زَوْجَتَين، ولأنَّ الإماءَ مُحرَّماتٌ على الموروثِ تَحْريمًا لا تُزِيلُه القُرْعَةُ، فلم يُبَحْنَ
(1) في الأصل: «وبه قال» .
(2)
في الأصل: «وإن» .
(3)
تقدم تخريجه في 17/ 124، 19/ 110.
(4)
في النسختين: «والقرعة» . والمثبت من المغني 10/ 519.
(5)
في: المغني 10/ 519.