الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَال لأجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي. لَمْ يَطَأهَا إِنْ تَزَوَّجَهَا حَتى يُكَفِّرَ.
ــ
3728 - مسألة: (وَإن قال لأجْنَبِيَّةٍ: أنتِ عَلَيَّ كظَهْرِ أمِّي. لم يَطَأها إن تَزَوَّجَها حَتَّى يُكَفِّرَ)
الظِّهارُ مِن الأجْنَبِيَّةِ صحيحٌ، سواءٌ قال ذلك لامْرأةٍ بعَينها، أو قال: كُلُّ النِّساءِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. وسواءٌ أوْقَعَه مُطْلَقًا، أو عَلَّقَه على التَّزْويجِ، فقال: كُلُّ امرأةٍ أتزَوَّجُها فهي عليَّ كظَهْرِ أمِّي. ومتى تزَوَّجَ التي ظاهَرَ منها، لم يَطَأها حتى يُكَفِّرَ. يُرْوَى نحوُ ذلك عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رضي الله عنه. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعُرْوَةُ، وعَطاء، والحسَنُ، ومالك، وإسْحاقُ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَثْبُتَ حكمُ الظِّهارِ قبلَ التَّزْويجِ. وهو قولُ الثَّوْرِيِّ، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ. ورُوِيَ ذلك في ابنِ عباس؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ (1) مِنْ نِسَائِهِمْ} . والأجْنَبِيَّةُ ليستْ مِن نِسائِه، ولأنَّ الظِّهارَ يَمِينٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بحُكْمِها مُقَيَّدًا بنِسائِه، فلم يَثْبُتْ حُكْمُها في الأجْنَبِيَّةِ،
(1) في تش: «يظهرون» . وانظر صفحة 225.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالإيلاءِ، فإنَّ الله تعالى قال:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ (1) مِنْ نِسَائِهِمْ} . كما قال: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (2). ولأنَّها ليست بزَوْجَةٍ، فلم يَصِحَّ الظِّهارُ منها، كأمَتِه، ولأَنه حَرَّمَ مُحَرَّمَة، فلم يَلْزَمْه شيءٌ، كما لو قال: أنتِ حرامٌ. ولأَنه نَوْعُ تَحْريم، فلم يتَقَدَّمِ النِّكاحَ، كالطَّلاقِ. ولَنا، ما روَى الإمامُ أحمدُ (3) بإسْنادِهِ، عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رضي الله عنه، أَنه قال في رجل قال: إن تَزَوَّجْتُ فُلانةَ فهي عليَّ كظَهْرِ أمِّي. فتَزَوَّجَها. قال: عليه كَفَّارَةُ الظِّهارِ. ولأنَّها يَمِين مُكَفَّرَةٌ، فصَحَّ انْعِقَادُها قبلَ النِّكاحِ، كاليَمِينِ باللهِ تعالى. وأمَّا الآيَةُ، فإنَّ التَّخْصِيصَ خَرَجَ مَخْرَجَ الغالبِ، فإنَّ الغالِبَ أنَّ الانْسانَ إنَّما يُظاهِرُ من نِسائِه، فلا يُوجبُ تَخْصِيصَ الحُكْمِ بهنَّ، كما أنَّ تخْصِيصَ الرَّبِيبَةِ التي في حِجْرِه بالذِّكْرِ، لم يُوجِبِ اخْتِصاصَها بالتَّحْريمِ. وأمَّا الإِيلاءُ، فإنَّما اخْتَصَّ حُكْمُه بنِسائِه؛ لكَوْنِه يَقْصِدُ الإِضْرارَ بهنَّ دُونَ غَيرِهنَّ، والكفَّارَةُ وجَبَتْ ها هُنا لقَوْلِ المُنْكَرِ والزُّورِ، فلا يَخْتَصُّ ذلك بنِسائِه، ويُفارِقُ الظِّهارُ الطَّلاقَ مِن وَجْهَين؛ أحدُهما، أنَّ الطَّلاقَ حَلُّ قَيدِ النكاحِ، ولا يُمْكِنُ حَلُّه قَبْلَ عَقْدِه، والظِّهارُ تحْريمٌ للوَطْءِ، فيَجوزُ تَقْدِيمُه على العَقْدِ
(1) في الأصل: «يظهرون» .
(2)
سورة البقرة 226.
(3)
لم نجده في المسند. وانظر مسائل الإِمام أحمد برواية ابنه عبد الله 3/ 1111. وأخرجه الإِمام مالك، في: باب ظهار الحر، من كتاب الطلاق. الموطأ 2/ 559. وعبد الرزاق، في: المصنف 6/ 435، 436. وسعيد بن منصور، في: سننه 2/ 251. والبيهقي في: سننه 7/ 383. وأعله بالانقطاع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالحَيضِ. الثاني، أنَّ الطَّلاقَ يَرْفَعُ العَقْدَ، فلم يَجُزْ أن يَسْبِقَه، وهذا لا يَرْفَعُه، وإنَّما يُعَلِّقُ الإِباحةَ على شَرْطٍ، فجاز تَقَدُّمُه، وأمَّا الظِّهارُ مِن الأمَةِ، فقد انْعَقَدَ يَمِينًا وَجَبَتْ به الكفَّارَةُ، ولم تَجِبْ كفَّارَةُ الظِّهارِ؛ لأنَّها ليستِ امْرأةً له حال التَّكْفيرِ، بخِلافِ مَسْألَتِنا.
فصل: إذا قال: كلُّ امْرأةٍ أتَزَوَّجُها، فهي عليَّ كظَهْرِ أمِّي. وقُلْنا بصِحَّة الظِّهارِ مِن الأجْنَبِيَّةِ، ثم تَزَوَّج نساءً، وأراد العَوْدَ، فعليه كَفَّارَةٌ واحِدَةٌ، سواء تَزَوّجَهُنَّ في عَقْدٍ أو في عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ. نصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ عُرْوَةَ، وإسْحاقَ؛ لأنَّها يَمِين واحِدَة، فكَفَّارَتُها واحِدَة. كما لو ظاهَرَ مِن أرْبَعِ نساءٍ بكَلِمَةٍ واحدةٍ. وعنه، أنَّ لكُل عَقْدٍ كَفَّارَةً؛ فلو تَزَوَّجَ اثْنَتَين في عَقْدٍ، وأراد العَوْدَ، فعليه، كفَّارَة واحدة، ثم إذا تزَوَّجَ أخْرَى، وأرادَ العَوْدَ، فعليه كفَّارَة أخْرَى. ورُوِيَ ذلك عن إسْحاق؛ وإن المرأةَ الثّالثَةَ وُجِدَ العَقْدُ عليها الذي يَثْبُت به الظِّهارُ، وأرادَ العَوْدَ إليها بعدَ التكْفيرِ عن الأولَيَينِ، فكانت لها عليه كَفَّارَةٌ، كما لو ظاهَرَ منها ابْتِداءً. فإن قال لأجْنَبِيّةٍ: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. وقال: أرَدْتُ أنَّها مِثْلُها في التَّحْريمِ في الحالِ. دُيِّنَ في ذلك. وهل يُقْبَلُ في الحُكْمِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين؛ أحدُهما، لا يُقْبَلُ؛ لأنَّه صَرِيحٌ للظِّهارِ، فلا يُقْبَلُ صَرْفُه إلى