الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْل: الشَّرْطُ الثَّانِي، أَنْ يَحْلِفَ بِاللهِ تَعَالى، أوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ.
وَإنْ حَلَفَ بِنَذْرٍ، أَوْ عِتْقٍ، أوْ طَلَاق، لَمْ يَصِرْ مُولِيًا فِي الظَّاهِرِ عَنْهُ وَعَنْهُ، يَكُونُ مُولِيًا.
ــ
أوْلَجْتُ حَشَفَتي في فرجِكِ. كانْ مُولِيًا؛ لأنَّ الفَيئَةَ لا تحْصُلُ بدُونِ ذلك.
(الشَّرْطُ الثَّانِي، أنَّ يَحْلِفَ باللهِ تعالى، أو بصِفَةٍ مِن صِفاتِه) ولا خِلافَ بينَ (1) أهلِ العلمِ في أنَّ الحَلِفَ بذلك إيلاءٌ.
3677 - مسألة: (فإن حَلَفَ بنَذْرٍ، أو عِتْقٍ، أو طَلاقٍ، لم يَصِرْ مُولِيًا فِي الظَّاهِرِ عنه. وعنه، يَكُونُ مُولِيًا)
إذا حَلَفَ على تَرْكِ الوَطْءِ بغيرِ
(1) في م: «من» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اسمِ اللهِ تعالى أو صِفَةٍ مِن صِفاتِه، مثلَ أنَّ حَلَفَ بطَلاقٍ، أو عَتاقٍ، أو صَدَقَةِ المالِ، أو الحَجِّ، أو الظِّهارِ، ففيه رِوايَتان؛ إحْدَاهما، لا يكونُ مُولِيًا. وهو قَوْلُ الشافعيِّ القَدِيمُ. والرِّوايةُ الثَّانِيةُ، هو مُولٍ. ورُوِيَ عن ابنِ عباس أنَّه قال: كُل يَمِين مَنَعَتْ جِماعًا (1)، فهي إيلاءٌ (2). وبذلك قال الشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِي، ومالكٌ، وأهْلُ الحِجَازِ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، وأهْلُ العِرَاقِ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو عُبَيدٍ، وغيرُهم؛ لأنَّها يَمِين مَنَعَتْ جِماعَها، فكانَتْ إيلاءً، كالحَلِفِ باللهِ تعالى، ولأنَّ تَعْلِيقَ الطَّلاق والعَتاقِ [على وَطْئِها](3) حَلِفٌ، بدَليلِ أنَّه لو قال: متى حَلَفْتُ بطَلاقِكِ فأنْتِ طَالِقٌ. ثم قال: إن وَطِئْتُكِ فأنْتِ طالِقٌ. طَلُقَتْ في الحالِ. وقال أبو بكر: كُلُّ يَمِين مِن حَرام أو غيرِها، تَجِبُ بها كَفَّارَةٌ، يكونُ الحالِفُ بها مُولِيًا. وأمَّا الطَّلاقُ والعَتاقُ، فليسَ الحَلِفُ به إيلاءً، لأنَّه يَتَعَلَّقُ به حَقُّ آدَمِيٍّ، وما أوْجَبَ كَفَّارَةً تَعَلَّقَ به حَقُّ اللهِ تعالى. والرِّوايةُ الأولَى هي المَشْهُورَةُ، لأن الإِيلاءَ المُطْلَقَ إنَّما هو القَسَمُ، ولهذا قَرَأ أبَيٌّ وابنُ عباس (يُقْسِمُونَ) بدَلَ {يُوَلُّونَ} (4).
(1) في الأصل، م:«جماعها» .
(2)
أخرجه البيهقي، في: باب كل يمين منعت الجماع، من كتاب الإيلاء. السنن الكبرى 7/ 381.
(3)
سقط من: م.
(4)
انظر ما تقدم في صفحة 138.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ورُوِيَ عن ابنِ عباس في تَفْسِيرِ: {يُوَلُّونَ} قال: يحْلِفُونَ بالله (1) ذكَرَه الإمامُ أحمدُ. والتَّعْليقُ بشَرْطٍ ليس بقَسَم، ولهذا لا يُؤْتَى فيه بحَرْفِ القَسَمِ، ولا يُجَابُ بجَوابه، ولا ذَكَرَه أفصلُ العَرَبِيَّةِ في بابِ القَسَمِ، فلا يكونُ إيلاءً، وإنَّما يُسَمًّى حَلِفًا تَجَوُّزًا، لمُشَارَكَتِه القَسَمَ في المَعْنَى المَشْهُورِ فيه، وهو الحَثُّ على الفِعْلِ أو المَنْعُ منه، أو تَوْكِيدُ الخَبَرِ، والكَلامُ عندَ إطْلاقِه لحَقِيقَتِه؛ ويَدُلُّ على هذا قَوْلُ اللهِ تعالى:{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2). وإنَّما يَدْخُلُ الغُفْرانُ في اليَمِينِ باللهِ، وأيضًا قَوْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ الله يَنْهاكُمْ أنْ تَحْلِفُوأ بِآبَائِكُمْ» . مُتَّفَق عليه (3). وإنْ سَلَّمْنا أنَّ غيرَ القَسَمِ حَلِفٌ، لَكِنَّ الحَلِفَ بإطْلاقِه
(1) انظر ما أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 380.
(2)
سورة البقرة 226.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، من كتاب الأدب، وفي: باب لا تحلفوا بآبائكم، من كتاب الأيمان، وفي: باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 8/ 33، 164، 9/ 147. ومسلم، في: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 3/ 1266، 1267.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في كراهية الحلف بالآباء، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبي داود 2/ 198. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، وباب حدثنا قتيبة، من أبواب النذور. عارضة الأحوذي 7/ 16 - 18. والنسائي: في: باب التشديد في الحلف بغير الله تعالى، وباب الحلف بالآباء، من كتاب الأيمان والنذور. المجتبى 7/ 4، 5. وابن ماجه، في: باب النهي أنَّ يحلف بغير الله، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه 1/ 677. والإمام مالك، في: باب جامع الأيمان، من كتاب النذور والأيمان. الموطأ 2/ 480. والدارمي، في: باب النهي عن أن يحلف بغير الله، من كتاب النذور والأيمان. سنن الدارمي 2/ 185. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 18، 36، 7/ 2، 8، 11، 48.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إنَّما يَنْصَرِفُ إلى القَسَمِ، وإنَّما يُصْرَفُ إلى غيره بدَلِيل، ولا خِلافَ في أنَّ القَسَمَ بغيرِ اللهِ وصِفَاتِه لا يكونُ إيلاءً؛ لأنَّه لا يُوجِبُ كفارَةً ولا شيئًا يَمْنَعُ مِن الوَطْءِ، فلا يكونُ إيلاءً، كالخَبَرِ بغيرِ قَسَم. وإذا قُلْنا بالرِّوايَةِ الثَّانِيَةِ، فلا يكون مُولِيًا إلَّا أنَّ يَحْلِفَ بما يَلْزَفُه بالحِنْثِ فيه حَق، كقَوْلِه: إن وَطِئْتُكِ فعَبْدِي حُرٌّ. أو: فأنْتِ طالِقٌ. أو: فأنْتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. أو: فأنْتِ حَرامٌ. أو: فلِلَّهِ عليَّ صَوْمُ سَنَةٍ أو الحَجُّ أو صَدَقَةٌ.