الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا، فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ طَلَّقَهَا، وَلأقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ مُنْذُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَهَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
يَلْحَقُه نَسَبُه، وما قال ذلك أحَدٌ، والذي ذَكَرَه ابنُ اللَّبَّانِ إنَّما يَصِحُّ إذا اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّه مِن غيرِ مُباشَرَةٍ، فأمَّا مع المُباشَرَةِ والمُساحَقَةِ، فيُمْكِنُ أنْ يَحْدُثَ لها شَهْوَةٌ، يَنْزِلُ المَنِيُّ معها، فتَحْبَلُ، فلا يُشْبِهُ ما ذَكَرَه مِن الأصْلِ. واللهُ أعلمُ.
3832 - مسألة: (وإنْ طَلَّقَها طَلاقًا رَجْعِيًّا، فوَلَدَتْ لأكْثَرَ مِن أرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ طَلَّقَهَا، ولأقَلَّ مِن أرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ انقَضَتْ عِدَّتُها، ففيه وَجْهان)
أحَدُهما، لا يَلحَقه نَسَبُه، ويَنْتَفِي عنه بغيرِ لِعانٍ؛ لأنَّها عَلِقتْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به بعدَ طَلَاقِها، فأشْبَهَتِ البائِنَ. والثاني، يَلْحَقُه؛ لأنَّها في حُكْمِ الزَّوْجاتِ في السُّكْنَى والنَّفَقَةِ والطَّلاقِ والظِّهارِ والإِيلاء، [والحلِّ في رِوايَةٍ](1)، فأشْبَهَتْ ما قبلَ الطَّلاقِ. فأمَّا إن وضَعَتْه لأكْثَرَ مِن أرْبعِ سِنين مُنْذُ انْقَضَتِ العِدَّةُ، لم يَلْحَقْ به؛ لأنَّها حَمَلَتْ (2) به بعدَ زَوالِ الفِراشِ، وكذلك إن كان الطلاقُ بائِنًا، فوَضَعَتْه لأكْثَرَ مِن أربعِ سِنِينَ مِن حينِ الطَّلاقِ، فإنَّه يَنْتَفِي عنه بغيرِ لِعانٍ، ولا يَلْحَقُه؛ لذلك.
فصل: إذا غاب عن زَوْجَتِه سِنِينَ، فبلَغتْها وفاتُه، فاعْتَدَّتْ، ونَكَحَتْ نِكاحًا صَحِيحًا في الظاهرِ، ودَخَلَ بها الثاني، وأوْلَدَها أولادًا، ثم قَدِمَ الأوَّلُ، فُسِخَ نِكاحُ الثاني، ورُدَّتْ إلى الأوَّلِ، وتَعْتَدُّ مِن الثاني، ولها عليه صَداقُ مِثْلِها، والأوْلادُ له؛ لأنَّهم وُلِدوا على فِراشِه. رُوِيَ ذلك عن عليٍّ، رضي الله عنه. وهو قولُ الثَّوْرِيِّ، وأهْلِ العِرَاقِ، وابنِ أبي لَيلَى، [ومالكٍ](3)، وأهْلِ الحِجازِ، والشافعيِّ، وإسحاقَ، وأبي يُوسفَ، وغيرِهم مِن أهْلِ العِلْمِ، إلَّا أبا حنيفةَ، قال: الولدُ للأوَّلِ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه صاحِبُ الفِراشِ، لأنَّ نِكاحَه صَحِيحٌ ثابِتٌ، ونِكاحُ الثاني غيرُ ثابتٍ، فأشْبَهَ الأجْنَبِيَّ. ولَنا، أنَّ الثانيَ انْفَرَدَ بوَطْئِها في نكاحٍ يَلْحَقُ النَّسَبُ (1) في مِثْلِه، فكانَ الولدُ له، كوَلَدِ الأمَةِ مِن زَوْجِها يَلْحَقُه دُونَ سَيِّدِها، وفارَقَ الأجْنَبِيَّ، فإنَّه ليس له نِكاحٌ.
فصل: ولو وَطِئَ رجلٌ امرأةً لا زَوْجَ لها بشبْهَةٍ، فأتَتْ بوَلَدٍ، لَحِقَه نَسَبُه. وهذا قولُ الشافعيِّ، وأبي حنيفةَ. وقال القاضي: وجَدْتُ بخَطِّ أبي بكرٍ، أنَّه لا يَلْحَقُ به؛ لأنَّ النَّسَبَ لا يَلْحَقُ إلَّا في نِكاحٍ صحيحٍ، أو فاسدٍ، أو مِلْكٍ، أو شُبْهَةِ مِلْكٍ، ولم يُوجَدْ شيءٌ مِنِ ذلك، ولأنَّه وَطْءٌ لا يَسْتَنِدُ إلى عَقْدٍ، فلم يَلْحَقِ الوَلَدُ فيه الواطِئَ، كالزِّنى. والصَّحِيحُ في المذهبِ الأوَّلُ. قال أحمدُ: كلُّ مَن دَرَأْتُ عنه الحَدَّ ألْحَقْتُ به الوَلَدَ. ولأنَّه وَطْءٌ اعْتَقَدَ الواطِيء حِلَّه، فلَحِقَ به النَّسَبُ، كالوَطْءِ في النِّكاحِ الفاسِدِ. وفارَقَ وَطْءَ الزِّنَى، فإنَّه لا يَعْتَقِدُ الحِلَّ فيه.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو تَزَوَّجَ رجلانِ أُخْتَين، فغُلِطَ بهما عندَ الدُّخُولِ، فَزُفَّتْ كلُّ واحدَةٍ مهما إلى زَوْجِ الأُخْرَى، فوَطِئَها، وحَمَلَتْ منه، لَحِقَ الوَلَدُ بالوَاطِئِ؛ لأنَّه يَعْتَقِدُ حِلَّه، فلَحِقَ به النَّسَبُ، كالواطِئِ في نِكاح فاسدٍ. وقال أبو بكرٍ: لا يكونُ الولَدُ للواطِئ، وإنَّما يكونُ للزَّوْجِ. وهو الذي يَقْتَضِيه مذهبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ الولَدَ للفِراشِ. ولَنا، أن الواطِئَ انْفَرَدَ بوَطْئِها فيما يَلْحَقُ به النَّسَبُ، فلَحِقَ به، كما لو لم تَكُنْ ذاتَ زَوْجٍ، وكما لو تَزَوَّجَتِ امرأةُ المفْقُودِ عندَ الحُكْمِ بوَفاتِه، ثم بانَ حَيًّا، والخبرُ مَخْصُوصٌ بهذا، فنَقِيسُ عليه ما كان في مَعْناه.
فصل: وإن وُطِئَتِ امرأتُه أو أمَتُه بشُبْهَةٍ في طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، فاعْتَزَلها حتى أتَتْ بوَلَدٍ لسِتَّةِ أشْهُرٍ مِن حينِ الوَطْءِ، لَحِقَ الواطِئَ، وانْتَفَى عن الزَّوْجِ مِن غيرِ لِعانٍ. وعلى قولِ أبي بكرٍ، وأبي حنيفةَ، يَلْحَقُ الزَّوْجَ؛ لأنَّ الوَلَدَ للفِراشِ. وإن أنْكَرَ الواطِيء الوَطْءَ، فالقولُ قولُه بغيرِ يَمِين، ويَلْحَقُ نَسَبُ الولدِ بالزَّوْجِ؟ لأنَّه لا يُمْكِنُ إلْحَاقُه بِالمُنْكِرِ، ولا تُقْبَلُ دَعْوَى الزَّوْجِ في قَطْعِ (1) نَسَبِ الولدِ. وإن أتَتْ بالولَدِ لدُونِ ستَّةِ أشْهُرٍ مِن حينِ الوَطْءِ، لَحِقَ الزَّوْجَ بكلِّ حالٍ؛ لأنَّنا نَعْلَمُ أنَّه ليس مِن الواطئ. فإنِ اشْتَرَكا في وَطْئِها في طُهْرٍ، فأتَتْ بوَلَدٍ يُمْكِنُ أن يكونَ منهما، لَحِقَ الزَّوْجَ؛ لأن الولدَ للفِراشِ، وقد أمْكَنَ كونُه منه. وإنِ ادَّعَى الزَّوْجُ أنَّه
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن الوَاطِئِ، فقال بعضُ أصْحابِنا: يُعْرَضُ على القَافَةِ معهما فيُلْحَقُ بمَن ألْحَقَتْه به منهما، فإن ألْحَقَتْه بالواطِئِ لَحِقَه، ولم يَمْلِكْ نَفْيَه عن نَفسِه، وانْتَفَى عن الزَّوْجِ بغيرِ لِعانٍ، وإن ألْحَقَتْه بالزَّوْجِ لَحِقَ، ولم يملكْ نَفْيَه باللِّعانِ في أصَحِّ الرِّوايَتَين، وإن ألْحَقَتْه بهما، [لَحِقَ بهما](1)، ولم يَمْلِكِ الواطِئُ نَفْيَه عنِ نَفْسِه. وهل يَمْلِكُ الزَّوْجُ نَفْيَه باللِّعانِ؟ على روايتَين. فإن لم تُوجَدْ قافَةٌ، [وأنْكَرَ الواطِئُ الوَطْءَ](2)، أو [اشْتَبهَ على القافَةِ](3)، لَحِقَ الزَّوْجَ؛ لأنَّ المُقْتَضِيَ لِلَحاقِ النَّسَب به مُتَحَقِّق، ولم يُوجَدْ ما يُعارِضُه، فوَجَبَ إثْباتُ حُكْمِه. ويَحْتَمِلُ أَن يَلْحَقَ الزَّوْجَ بكلِّ حالٍ؟ لأن دَلالةَ قَوْلِ القَافَةِ ضعِيفَةٌ، ودلالةَ الفِراشِ قَويَّةٌ، فلا يجوزُ تَرْكُ دلالتِه لمُعارَضَةِ دلالةٍ ضَعِيفةٍ.
فصل: فإن أتَتِ امْرأتُه بولدٍ، فادَّعَى أنَّه مِن زَوْجٍ قَبْلَه، نَظَرْنا؛ فإن كانت تَزَوَّجَتْ بعدَ انْقِضاءِ العِدَّةِ، لم يَلْحَقْ بالأوَّلِ بحالٍ، وإن كان بعدَ أربعِ سِنِينَ منذُ بانَتْ مِن الأَوَّلِ، لم يَلْحَقْ به أيضًا، وإن وضَعَتْه لأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ تزَوَّجَها الثاني، [لم يَلْحَقْ به، ويَنْتَفِي عنهما، وإن كان لأكْثَرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، فهو ولَدُه، وإن كان لأكْثَرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ منذُ تزَوَّجَها الثاني](4)، ولأقَلَّ مِن أرْبعِ سِنِينَ مِن طَلاقِ الأوَّلِ، ولم يُعْلَم انْقِضاءُ العِدَّةِ، عُرِضَ على القافَةِ، وأُلحِقَ بمَن ألْحَقَتْه به منهما، فإن
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «اشتبه عليهم» .
(4)
سقط من: م.
فَصْلٌ: وَمَنِ اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ أَوْ دُونَهُ، فَأتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَإِنِ ادَّعَى الْعَزْلَ، إلا أَنْ يَدَّعِيَ الاسْتِبْرَاءَ. وَهَلْ يَحْلِفُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
ألْحَقَتْه بالأوَّلِ، انْتَفَى عن الزَّوْجِ بغيرِ لِعانٍ، وإن ألْحَقَتْه بالزَّوْجِ، انْتَفَى عن الأوَّلِ وأُلْحِقَ بالزَّوْجِ. وهل له نَفْيُه باللِّعانِ؟ على رِوايتَين.
فصل: قال، رضي الله عنه:(ومَنِ اعْتَرَفَ بوَطْءِ أمَتِه في الفَرْجِ أو دُونَه، فأتَتْ بولدٍ لِسِتَّةِ أشْهُرٍ، لَحِقَه نسَبُه وإنِ ادَّعَى العَزْلَ، إلَّا أن يَدَّعِي الاسْتِبْراءَ. وهل يَحْلِفُ؟ على وجْهَين) مَن اعترفَ بوَطْءِ أمَتِه في الفرْجِ، صارَتْ فِراشًا له، فإذا أتَتْ بولدٍ لمُدَّةِ الحَمْلِ مِن يومِ الوَطْءِ، لَحِقَه نسَبُه. وبهذا قال مالكٌ، والشافعيُّ. وقال الثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ: لا تَصِيرُ فِراشًا حتى يُقِرَّ بولَدِها، فإذا أقَرَّ به صارَتْ فِراشًا، ولَحِقَه أولادُه بعدَ ذلك؛ لأنَّها لو صارَتْ فِراشًا بالوَطْءِ، لصارَتْ فِراشًا بإباحَتِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالزَّوْجَةِ. ولَنا، أنَّ سَعْدًا نازَعَ عَبْدَ بنَ زَمْعَةَ في ابنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فقال: هو أخي، وابنُ وَلِيدَةِ أبي، وُلِدَ على فِراشِه. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا هُوَ لَكَ يا عَبْدُ بنَ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وللعَاهِرِ الحَجَرُ». مُتَّفَقٌ عليه (1). وروَى ابنُ عمرَ، أن عمرَ، رضي الله عنه، قال: ما بالُ رجالٍ يطَؤُونَ وَلَائِدَهم، ثم يَعْزِلُونَ، لا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُها أنَّه ألَمَّ بها، إلَّا ألحقتُ به ولَدَها، فاعْزِلُوا بعدَ ذلك أو اترُكُوا (2). ولأنَّ الوَطْءَ يَتَعَلَّقُ بِه تحْريمُ المُصاهَرَةِ، فإذا كان مَشْرُوعًا صارتْ به المرأةُ فِراشًا، كالنِّكاحِ، ولأنَّ المرأةَ إنَّما سُمِّيَتْ فِراشًا تَجَوُّزًا، إمَّا لمُضاجَعَتِه لها على الفِراشِ، وإمَّا لكَوْنِها تَحْتَه في حالِ المُجامَعَةِ، وكلا الأمْرَين يَحْصُلُ في الجِماعِ، وقِياسُهم الوَطْءَ على الملكِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المِلْكَ لا يَتَعَلَّقُ به تَحْريمُ المُصاهَرَةِ، [ولا يَحْصُلُ منه الوَلَدُ بدونِ الوطْءِ، ويُفارِقُ النِّكاحَ؛ فإنَّه لا يُرادُ إلا للوطْءِ، ويتَعَلَّقُ به تَحْريمُ المُصَاهَرَةِ](3)،
(1) تقدم تخريجه في 16/ 338، 339.
(2)
أخرجه الإمام مالك، في: باب القضاء في أمهات الأولاد، من كتاب الأقضية. الموطأ 2/ 742. وعبد الرزاق، في: المصنف 7/ 132. والبيهقي، في: السنن الكبرى 3/ 417.
(3)
تكملة من المغني 11/ 130.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يَنْعَقِدُ في مَحَلٍّ يحْرُمُ الوَطْءُ فيه، كالمَجُوسِيَّةِ والوَثَنِيَّةِ وذَواتِ مَحارمِه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه إذا أرادَ نَفْيَ ولدِ أمتِه التي يَلْحَقُه ولدُها، فطَرِيقُه أن يدَّعِيَ أنه اسْتَبْرَأها بعدَ وَطْئِه لها بحَيضَةٍ، فيَنْتَفِي بذلك. وإنِ ادَّعَى أنَّه كانَ يَعْزِلُ عنها، لَحِقَه النَّسَبُ، ولم يَنْتَفِ عنه بذلك؛ لِما روَى جابِرٌ، قال: جاءَ رجلٌ مِن الأنْصارِ إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ لي جارِيةً، وأنا أطُوفُ (1) عليها، وأنا أكْرَه أن تَحْمِلَ. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْتَ، فإنَّه سَيَأْتِيهَا ما قُدِّرَ لَهَا» . رواه أبو داودَ (2). ولِمَا ذَكَرْنا مِن حديثِ عمرَ. ورُوِيَ عن أبي سعيدٍ، أنَّه قال: كنت أعْزِلُ عن جارِيَتِي، فولَدَتْ أحَبَّ الخَلْقِ إلَيَّ (3). يعني ابْنَه. ولأنَّه حُكْمٌ تَعَلَّقَ بالوَطْءِ، فلم يُعْتَبَرْ معه الإِنْزالُ، كسائرِ الأحْكامِ. وقد قِيلَ: إنَّه يَنْزِلُ مِن الماءِ ما لا يُحَسُّ به. فأمَّا إن أقَرَّ بالوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ، أو في الدُّبُرِ،
(1) في الأصل: «أخاف» .
(2)
تقدم تخريجه في 4/ 351.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب العزل عن الإماء، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 141.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم تَصِرْ بذلك فِرَاشًا؛ لأنَّه ليس بِمَنْصُوصٍ عليه، ولا في مَعْنَى المَنْصُوصِ. ورُوِيَ عن أحمدَ أنَّها تَصِيرُ فِراشًا؛ لأنَّه قد يُجامِعُ، فيَسْبِقُ الماءُ إلى الفَرْجِ. ولأصْحابِ الشافعيِّ وَجْهان كهذَين. وإذا ادَّعَى الاسْتِبْراءَ، قُبِلَ قولُه بغيرِ يَمِينٍ، في أحدِ الوجْهَين؛ لأن مَن قُبِلَ قولُه في الاسْتِبْراءِ قُبِلَ بغيرِ يَمِينٍ، كالمرْأةِ تَدَّعِي انْقِضاءَ عِدَّتِها. وفي الآخرِ، يُسْتَحْلَفُ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لقولِه عليه الصلاة والسلام:«ولَكِنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيهِ» (1). ولأنَّ الاسْتِبْراءَ غيرُ مُخْتَصٍّ به، فلم يُقْبَلْ قولُه فيه بغيرِ يَمِينٍ، كسائِرِ الحُقُوقِ. ومتى لم يَدَّعِ الاسْتِبْراءَ لَحِقَه وَلَدُها، ولم يَنْتَفِ عنه. وقال الشافعي في أحدِ قَوْلَيه: له نَفْيُه باللِّعانِ؛ لأنَّه ولَدٌ لم يَرْضَ به، فأشْبَهَ ولَدَ المَرْأةِ. ولنا، قولُه تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} (2). فخَصَّ بذلك الأزْواجَ، ولأنِّه ولَدٌ يَلْحَقُه نَسَبُه
(1) تقدم تخريجه في 12/ 478.
(2)
سورة النور 6.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن غيرِ الزُّوْجَةِ، فلم يَمْلِكْ نفْيَه باللِّعانِ، كما لو وَطِئَ أجْنَبِيَّةً بشُبْهَةٍ، فألْحَقَتِ القَافَةُ ولَدَها به، ولأنَّ له طَريقًا إلى نَفيِ الوَلَدِ بغيرِ اللِّعانِ، فلم يَحْتَجْ إلى نَفْيِه باللِّعانِ، فلا يُشْرَعُ، ولأنَّه لو وَطِئَ أمَتَه ولم يَسْتَبْرِئْها، فأتَتْ بوَلَدٍ، احْتَمَلَ أن يكونَ منه، فلم يَجُزْ له نفْيُه؛ لكَوْنِ النَّسَبِ يَلْحَقُ بالإِمْكانِ (1)، فكيف مع الظُّهُورِ ووُجُودِ سَبَبِه (2)! فإنِ ادَّعَى الاسْتِبْراءَ، فأتَتْ بولَدَينِ، فأقَرَّ بأحَدِهما ونَفَى الآخَرَ، لَحِقاه معًا؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ جَعْلُ أحَدِهما منه والآخَرِ مِن غيرِه، وهما حَمْلٌ واحِدٌ، ولا يَجُوزُ