الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ إلى مِنْ وَاحِدَةٍ، وَقَال لِلأُخْرَى: أشْرَكْتُكِ مَعَهَا. لَمْ يَصِرْ مُولِيًا مِنَ الثَّانِيَةِ. وَقَال الْقَاضِي: يَصِيرُ مُولِيًا مِنْهُمَا.
ــ
وتَعَلَّقَتْ يَمِينُه بها، فإذا وَطِئَها، طَلُقَ ضَرائِرُها. وإن وَطِيء غَيرَها، لم يَطْلُقْ مِنْهُنَّ شيءٌ، ويكونُ مُولِيًا مِن المُعَيَّنَةَ دُونَ غَيرِها؛ لأنَّها التي يَلْزَمُه بوَطْئِها الطَّلاقُ دُونَ غَيرِها.
3692 - مسألة: (وإن آلى مِن واحِدَةٍ، وقال للأُخْرَى: شَرَكْتُكِ معها. لم يَصِرْ مُولِيًا مِن الثَّانِيَةِ)
لأنَّ اليَمِبنَ بِاللهِ لا تَصِحُّ إلَّا بلَفْظٍ صَرِيحٍ مِن اسْمٍ أوصِفَةٍ، والتَّشْرِيكُ بَينَهُما كِنَايَةٌ، فلم تَصِحَّ بِهِ اليَمِينُ. (وقال القاضي: يكون مُولِيًا مِنْهُما) كما لو طَلَّقَ واحِدَة وقال للأخْرَى: شَرَكْتُكِ معها. يَنْوي به الطَّلاقَ. والفَرْقُ بينَهما أنَّ الطَّلاقَ يَنْعَقِدُ بالكِنايةِ، ولا كذلك اليَمِينُ. وإن قال: إن وَطِئْتُكِ فأنت طالِقٌ. ثمَّ قال للأخْرَى: شَرَكْتُكِ معها. ونَوَى، فقد صار طَلاقُ الثَّانِيَةِ مُعَلَّقًا على وَطْئِها أيضًا؛ لأنَّ الطَّلاقَ يصِحُّ بالكِنايةِ. وإن قُلْنا: إنَّ ذلك إيلاءٌ في الأُولَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صارَ إيلاءً في الثَّانِيَةِ؛ لأنَّها صارَتْ في مَعْناها، وإلَّا فليس بإيلاءٍ في واحِدَةٍ منهما. وكذلك لو آلى رجلٌ مِن زَوْجَتِه، فقال آخَرُ لامْرأتِه: أنتِ مِثْلُ فُلانَةَ. لم يكُنْ مُولِيًا. وقال أصحابُ الرَّأي: هو مُولٍ. ولَنا، أنَّه ليسَ بصَرِيحٍ في القَسَمِ، فلا يكونُ مُولِيًا به (1)، كما لو لم يُشَبِّهْها بها.
فصل (2): ويَصِحُّ الإِيلاءُ بكُلِّ لُغَةٍ كالعَجَمِيَّةِ وغيرِهَا، ممَّن يُحْسِنُ العَرَبِيَّةَ، ومِمَّن لا يُحْسِنُها؛ لأنَّ اليَمِينَ تَنْعَقِدُ بغيرِ العرَبِيَّةِ، وتَجِبُ بها الكَفَّارَةُ، والمُولِي هو الحالِفُ بالله أو بِصِفَتِه على تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِه، المُمْتَنِعُ مِن ذلك بيَمِينه. فإن آلى (3) بالعَجَمِيَّةِ مَن لا يُحْسِنُها، وهو لا يَدْرِي مَعْناها، لم يَكُنْ مُولِيًا وإن نَوَى مُوجَبَها عندَ أهْلِها. وكذلك الحُكْمُ إذا إلى بالعربيَّةِ مَن لا يُحْسِنُها؛ لأنَّه لا يَصِحُّ منه قَصْدُ الإِيلاءِ بلَفْظٍ لا يَدْرِي مَعْناه. فإنِ اخْتَلَفَ الزَّوْجان فِي مَعْرِفتِه بذلك، فالقولُ قولُه إذا كان مُتَكَلِّمًا بغيرِ لِسَانِه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ مَعْرِفَتِه بها. فأمَّا إن آلى العَرَبِيُّ بالعربيَّةِ، ثُمَّ قال: جَرَى على لساني مِن غيرِ قَصْدٍ. أو قال ذلك العَجَمِيُّ في إيلائِه بالعَجَمِيَّةِ، لم يُقْبَلْ قَوْلُه في الحُكْمِ؛ لأنَّه خِلافُ الظَّاهِرِ.
(1) زيادة من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «الإيلاء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَصِحُّ الإِيلاءُ إلَّا مِن زَوْجَةٍ (1)؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} (2). وإن حَلَفَ على تَرْكِ وَطْءِ أمَتِه، لم يكُنْ مُولِيًا؛ [لِمَا ذَكَرْنا. فإن حَلَفَ على تَرْكِ وَطْءِ أجْنَبِيَّةٍ، ثُمَّ نَكَحَها، لم يكنْ مُولِيًا؛ لذلك. وبه قال الشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالكٌ: يكونُ مُولِيًا](3) إذا بَقِيَ مِن مُدَّةِ يَمِينه أكْثَرُ مِن أرْبَعَةِ أشْهُر، لأنَّه مُمْتَنِعٌ مِن وَطْءِ امْرأته بحُكْمِ يَمينِه مُدَّةَ الإيلاءِ، فكان مُولِيًا، كما لو حَلَفَ في الزَّوْجِيَّةِ. وحُكِيَ عن أصَحابِ الرَّأْي، أنَّه إن (4) مَرَّتْ به امْرَأةٌ، فحَلَفَ أنَّ لا يَقْرَبَها ثم تَزَوَّجَها، لم يكُنْ مُولِيًا، وإن قال: إن (5) تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ، فو اللهِ لا قَرِبْتُها. صارَ مُولِيًا، لأنَّه أضافَ اليَمِينَ إلى حالِ الزَّوْجيَّةِ، فأشْبَهَ ما لو حَلَفَ بعدَ تَزَوُّجِها. ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} .وليسَتْ هذه مِن نسائِه، ولأنَّ الإِيلاءَ حُكْمٌ مِن أحْكامِ النِّكاحِ، فلم يَتَقَدَّمْه، كالطَّلاقِ والقَسْمِ، ولأنًّ المُدَّةَ تُضْرَبُ له لِقَصْدِه
(1) في م: «زوجته» .
(2)
سورة البقرة 226.
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «من» .
(5)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإضْرارَ بها بيَمِينِه، وإذا كانتِ اليَمِينُ قبلَ النِّكاحِ، لم يكنْ قاصِدًا للإِضْرارِ، فأشْبَهَ المُمْتَنِعَ بغيرِ يَمِينٍ. قال الشَّرِيفُ أبو جعْفرٍ: وقد قال أحمدُ: يَصِحُّ الظِّهارُ قبلَ النِّكاحِ؛ [لأنَّه يَمِينٌ. فعلى هذا التَّعْلِيلِ، يَصِحُّ الإيلاءُ قبلَ النكاحِ](1). والمَنْصُوصُ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِمَا ذَكَرْنا.
فصل: فإن آلى مِن الرجْعِيَّةِ، صَحَّ إيلاؤُه. وهو قَوْلُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأصحاب الرَّأْي. وذكَرَ ابنُ حامِدٍ فيه رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه لا يَصِحُّ إيلاؤُه؛ لأنَّ الطَّلاقَ يَقْطَعُ مُدَّةَ الإِيلاءِ إذا طَرَأ، فَلأنْ يَمْنَعَ صِحَّتَه ابْتِداءً أوْلَى. ولَنا، أنَّها زَوْجَةٌ يَلْحَقُها طَلاقُه، فصَحَّ إيلاؤُه منها، كغيرِ المُطَلَّقَةِ. وإذا آلى منها احْتُسِبَ بالمُدَّةِ مِن حِينَ آلى، وإن كانتْ في العِدَّةِ. ذَكَرَه ابنُ حامِدٍ. وهو قَوْلُ أبي حنيفةَ. ويَجِئُ على قَوْلِ الخِرَقِيِّ أنَّ لا يُحْتَسَبَ عليه بالمُدَّةِ إلَّا مِن حِينَ راجَعَها؛ لأنَّ الرَّجْعِيَّةَ (2) في ظاهِرِ كَلامِه مُحَرَّمَة. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنّها مُعتدَّةٌ منه (3)، أشْبَهَتِ البائِنَ، ولأنَّ الطَّلاقَ إذا طَرَأَ قَطَعَ المُدَّةَ، ثم لا يُحْتَسَبُ عليه بشيءٍ مِن المُدَّةِ قبلَ رَجْعَتِها، فأوْلَى أنَّ لا (4) تُسْتأَنَف المُدَّةُ في العِدَّةِ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ مَن صَحَّ إيلاؤُه، احْتُسِسبَ عليه بالمُدَّةِ مِن حِينِ إيلائِه، كما لو لم تكُنْ مُطَلَّقَةً، ولأنَّها مُباحَة، فاحْتُسبَ عليه بالمُدَّةِ فيها، كما لو لم
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «الرجعة» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُطَلِّقْها. وفارَقَ البائِنَ، فإنَّها ليسَتْ زَوْجَةً، ولا يَصِحُّ الإِيلاءُ منها بحالٍ، فهي كسائِرِ الأجْنَبِيَّاتِ.
فصل: ويَصِحُّ الإِيلاءُ مِن كُلِّ زَوْجَةٍ، مُسْلِمَةً كانتْ أو ذمِّيَّةً، حُرَّةً أو أمَةً؛ لعُمُوم قَوْلِه سبحانه:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} .ولأَنَّ كُلَّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ زَوْجَة، فصَحَّ الإِيلاءُ منها كالحُرَّةِ المُسْلِمَةِ. ويَصِحُّ الإِيلاءُ قبلَ الدُّخُولِ وبعدَه. وبهذا قال النَّخَعِيُّ، ومالكٌ، والأوْزاعِيُّ، والشافعيُّ. وقال عَطَاءٌ، والزُّهْرِيُّ، والثَّوْرِيُّ: إنَّما الإِيلاءُ بعدَ الدُّخُولِ. ولَنا، عُمُومُ الآيَةِ والمَعْنَى، ولأنَّه مُمْتَنِعٌ مِن جِماعِ زَوْجَتِه بيَمِينِه، فأشْبَهَ ما بعدَ الدُّخُولِ. ويَصِحُّ الإِيلاءُ مِن الصَّغِيرَةِ والمَجْنُونَةِ، إلَّا أنَّه لا يُطالبُ بالفَيئَةِ في حالِ الصِّغَرِ والجُنُونِ؛ لأنَّهما ليسَتا مِن أهْلِ المُطالبَةِ. فأمَّا الرَّتْقاءُ والقَرْناءُ، فلا يَصِحُّ الإِيلاءُ منهما؛ لأنَّ الوَطْءَ مُتَعَذِّر دائِمًا، فلم تَنْعَقِدِ اليَمِينُ على تَرْكِه، كما لو حَلَفَ لا يَصْعَدُ (1) السَّماءَ. ويَحْتَمِلُ أنَّ يَصِحَّ، وتُضْربَ له المُدَّةُ؛ لأنَّ المَنْعَ بسَبَب مِن جِهَتِها، فهي كالمَرِيضَةِ. فعلَى هذا، يَفِئُ فَيئَةَ المَعْذُورِ؛ لأنَّ الفَيئَةَ بالوَطْءِ في حَقِّها (2) مُتَعَذِّرَة، فلا يُمْكِنُ المُطالبَةُ به، فأشبَهَ المَجْبوبَ.
(1) في الأصل، م:«تصعد» .
(2)
في الأصل: «حقهما» .