الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَال لِامْرَأتيهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ. يَنْوي وَاحِدَةً مُعَينَّةً، طَلُقَتْ وَحْدَهَا، وَإنْ لَمْ يَنْو، أُخْرِجَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ.
ــ
3636 - مسألة: (وإن قال لامْرأتَيه: إحْداكما طالِقٌ. يَنْوي واحِدَةً بعَينها، طَلُقَتْ وَحْدَهَا، فإن لم يَنْو، أُخْرِجَتِ المُطَلَّقَةُ بالقُرْعَةِ)
أمَّا إذا نَوَى واحدةً بعَينها، فإنَّها تَطْلُقُ وحدَها؛ لأَنه عَيَّنهَا بنِيَّته، فأشْبَهَ ما لو عَيَّنهَا بلَفْظِه، فإن قال: إنَّما أرَدْتُ فُلانَةَ. قُبِلَ منه؛ لأنَّ ما قاله مُحْتَمِلٌ، ولا يُعْرَفُ إلَّا مِن جِهَتِه. وأمَّا إن لم يَنْو واحدةً بعَينها، فإنَّها تُخْرَجُ بالقُرْعَةِ. نَصَّ عليه في روايةِ جماعةٍ. وبه قال الحسنُ، وأبو ثَوْرٍ. وقال قَتَادَةُ، ومالكٌ: يَطْلُقْنَ جميعًا. وقال حَمَّادُ بنُ أبي سليمانَ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ: له أن يَخْتارَ أيَّتَهُنَّ شاءَ، فَيُوقِعَ عليها الطَّلاقَ؛ لأَنه يُمْكِنُ (1) إيقاعُه ابْتِداءً وتَعْيينُه، فإذأ أوْقَعَه ولم يُعَينه، مَلَكَ تَعْيِينَه؛ لأنَّه اسْتِيفَاءُ ما مَلَكَه. ولَنا، أنَّ ما ذَكَرْناه مَرْويٌّ
(1) في م: «لا يمكن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن عليٍّ، وابنِ عباس، رضي الله عنهما، ولا مُخالِفَ لهما في الصَّحابةِ، ولأنَّه إزالةُ مِلْكٍ بُنِيَ على التَّغْليب والسِّرايَةِ (1)، فتَدْخُلُه القُرْعَةُ كالعِتْقِ، وقد ثَبَتَ الأصْلُ بكَوْنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أقْرَعَ بينَ العَبيدِ السِّتَّةِ (2). ولأنَّ الحَقَّ لواحِدٍ غيرِ مُعَيَّن، فوَجَبَ تَعْيِينُه بالقُرْعَةِ، كالحُرِّيَّةِ في العَبِيدِ إذا أعْتَقَهُم في مَرَضِه ولم يَخْرُجْ جمِيعُهم مِن الثُّلُثِ، وكالسَّفَرِ بإحْدَى نِسائِه، والبِدايَةِ بإحْداهُنَّ في القَسْمِ، وكالشَّرِيكَينِ إذا اقْتَسَما، ولأنَّه طَلَّقَ واحدةً مِن نِسائِه، لا يُعْلَمُ عَينُها، فلم يَمْلِكْ تَعْيِينَها باخْتِيارِه، كالمَنْسِيَّةِ. وأمَّا الدَّليلُ على أنَّهُنَّ لا يَطْلُقْنَ جميعًا، أنَّه أضافَ الطَّلاقَ إلى واحدةٍ، فلم يَطْلُقِ الجميعُ، كما لو عَيَّنهَا. قولُهم: إنَّه كان يَمْلِكُ الإِيقاعَ والتَّعْيِينَ. قُلْنا: مِلْكُه للتَّعْيِينِ بالإِيقاعِ لا يَلْزَمُ أن يَمْلِكَه بعدَه، كما لو طَلَّقَ واحدةً بعَينها وأُنْسِيَها. فإن مات قبلَ القُرْعَةِ والتَّعْيينِ، أَقرَعَ الوَرَثَةُ بَينَهُنَّ، فمَن وقَعَتْ عليها قُرْعَةُ الطَّلاقِ، فحُكْمُها في المِيراثِ حُكْمُ ما لو عَيَّنهَا
(1) في الأصل: «الرواية» .
(2)
تقدم تخريجه في 17/ 124، 19/ 110.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالتَّطْليقِ. [نَصَّ أحمدُ على هذا. وقال أبو حنيفةَ: يُقْسَمُ الميراثُ بينَ الكلِّ، لتَسَاويهنَّ في احتمالِ الاستحقاقِ، ولا يَخْرُجُ الحَقُّ](1) عنهُنَّ (2). وقال الشافعيُّ: يُوقَفُ المِيراثُ المُختَصُّ بهنَّ حتى يَصْطَلِحْنَ عليه؛ لأنه لا يُعْلَمُ المُسْتَحِقُّ منْهُنَّ. ووَجْهُ قولِ الخِرَقِيِّ، قولُ عليٍّ (3)، رضي الله عنه، ولأنَّهُنَّ قد تَساوَينَ، ولا سَبِيلَ إلى التَّعْيينِ، فوَجَبَ المصِيرُ إلى القُرْعَةِ، كمَنْ أعْتَقَ عَبِيدًا في مَرَضِه لا مال له سِوَاهم، وقد ثَبَتَ الحُكْمُ فيهم بالنَّصِّ؛ لأنَّ في تَوْرِيثِ الجميعِ تَوْرِيثَ مَن لا يَسْتَحِقُّ يَقِينًا، والوَقفُ لا إلى غايَةٍ حِرْمانٌ للمُسْتَحِقِّ يَقِينًا، والقُرْعَةُ يُسْلَمُ بها (4) مِن هذين المحْذُورَين، ولها نَظيرٌ في الشَّرْعِ.
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «منهن» .
(3)
يأتي في المسألة 3636.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قال لنِسائِه: إحْداكُنَّ طالقٌ غدًا. طَلُقَتْ وَاحدَةٌ مِنْهُنَّ إذا جاء الغدُ، وَأُخْرِجَت بِالقُرْعَةِ. فإن مات قبلَ الغَدِ، وَرِثْنَه كُلُّهُنَّ. وإن ماتَتْ إحْداهُنَّ وَرِثَها؛ لأنَّها ماتَتْ قبلَ وُقوعِ الطَّلاقِ، فإذا جاء غدٌ، أُقْرِعَ بينَ المَيِّتةِ والأحْياءِ، فإن وَقَعَتِ القُرْعَةُ على المَيتةِ، لم يَطْلُقْ شيءٌ مِن الأحْياءِ، وصارَتْ كالمُعَينَّةَ بقولِه: أنت طالق غدًا. وقال القاضي: قياس المذهبِ أن يَتَعَيَّنَ الطَّلاقُ في الأحْياءِ، فلو كانتا اثْنَتَينِ، فماتَتْ إحْداهما، طَلُقَتِ الأخْرَى (1)، كما لو قال لامْرأتِه وأجْنَبِيَّةٍ: إحْداكُما طالق. وهو قولُ أبي حنيفةَ. والفَرْقُ بينَهما ظاهِرٌ؛ فإنَّ الأجْنَبِيَّةَ ليست مَحَلًّا للطَّلاقِ وَقْتَ قوْلِه، فلا يَنْصَرِفُ قولُه إليها، وهذه قد كانت مَحَلا للطَّلاقِ، فإرادَتُها بالطَّلاقِ مُمْكِنَة، وإرادَتُها بالطَّلاقِ كإرادَةِ الأخْرَى، وحُدُوثُ الموتِ بها لا يَقْتَضِي في حَقِّ الأخْرَى
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
طلاقًا، فتَبْقَى على ما كانت عليه. والقولُ في تَعْليقِ العِتْقِ، كالقَوْلِ في تَعْليقِ الطَّلاقِ، فإذا جاء غدٌ وقد باع بعْضَ العَبْدِ، أقْرَعَ بينَه وبينَ العَبْدِ الآخَرِ، فإن وقَعَتْ على المَبِيعِ، لم يَعْتِقْ منه شيءٌ. وعلى قولِ القاضي، يَنْبَغِي أن يَتَعَيَّنَ العِتْقُ في الباقِينَ، وكذلك يَنْبَغِي أن يكونَ مذهبُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ؛ لأنَّ له تَعْيِينَ العِتْقِ عندَهم بقولِه، فبَيعُ أحَدِهم صَرْفٌ للعِتْقِ عنه، فَيَتَعَيَّنُ في الباقِينَ. فإن باعَ نِصْفَ العبدِ، أقْرَعَ بينَه وبينَ الباقِينَ، فإن وَقَعَت قُرْعَةُ العِتْقِ عليه، عَتَقَ نِصْفُه، وسَرَى إلى باقِيه إن كان المُعْتِقُ مُوسِرًا، وإن كان مُعْسِرًا، لم يَعْتِقْ إلّا نِصْفُه.
فصل: وإذا قال: امرأتيِ طالق، وأمَتى حُرَّةٌ. وله نِساءٌ وإماءٌ، ونَوَى مُعَينةً، انْصَرَفَ إليها، وإن نوَى واحدةً مُبْهَمَة، فهي مُبْهَمَة فيهِنَّ، وإن لم يَنْو شيئًا، فقال أبو الخَطَّاب: يَطْلُقُ نِساؤه كُلُّهُنَّ، ويَعْتِقُ إماؤه، لأنَّ الواحِدَ المُضافَ يُرادُ به الكُلُّ، كقولِه تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (1). و: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيلَةَ الصِّيَامِ} (2). ولأنَّ ذلك
(1) سورة إبراهيم 34، وسورة النحل 18.
(2)
سورة البقرة 187.