الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالاعْتِبَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ بِحَالِ الْوُجُوبِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَينِ. فَإِذَا
ــ
إحْداهما، لا يجبُ؛ لأنَّ الله تعالى لم يذْكُرْه في الكفَّارَةِ. والثَّانِيَةُ، يَجِبُ، قِياسًا على كفَّارَةِ الظِّهار والجِماعِ في نَهارِ شَهْرِ رَمضانَ.
3741 - مسألة: (والاعْتِبارُ في الكَفَّارَةِ بِحَالِ الوُجُوبِ في إحْدَى الرِّوايَتَين)
وهي ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه قال: إذا حَنِثَ وهو عَبْدٌ، فلم يُكَفِّرْ حتى عَتَقَ، فعليه الصَّوْمُ، لا يُجْزِئُه غيرُه. وكذلك قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ عن عبدٍ حَلَفَ على يَمِين، فحَنِثَ فيها وهو عبدٌ، فلم يُكَفِّرْ حتى عَتَقَ، أيُكَفِّرُ كفارَةَ حُرٍّ أو كفَّارَةَ عَبْدٍ؟ قال: يُكَفِّرُ كفَّارَةَ عَبْدٍ؛ لأنَّه إنَّما يُكَفِّرُ ما وَجَبَ عليه يَوْمَ حَنِثَ، لا
وَجَبَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ أَعْسَرَ، لَمْ يُجْزِئْهُ إلا الْعِتْقُ، وَإنْ وَجَبَتْ وَهُوَ مُعْسِر، فَأَيسَرَ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ، وَلَهُ الانْتِقَالُ إِلَيهِ إنْ شَاءَ.
ــ
يومَ حَلَفَ. قلتُ له: حَلَفَ وهو عَبْدٌ، وحَنِثَ وهو حُرٌّ؟ قال: يومَ حَنِثَ. واحْتَجَّ فقال: افْتَرَى وهو عَبْدٌ -أي (1) ثم أُعتِقَ- فإنَّما يُجْلَدُ جَلْدَ العَبْدِ. وهذا أحدُ أقْوالِ الشافعيِّ. فعلَى هذه الرِّوايَةِ، يُعتبَرُ يَسارُه وإعْسارُه حال وجُوبِها عليه، فإن كان مُوسِرًا حال الوُجوبِ، اسْتَقَرَّ وُجوبُ الرَّقَبَةِ عليه، فلم تَسْقُطْ بإعْسارِه بعدَ ذلك. وإن كان مُعْسِرًا، ففَرْضُه الصَّوْمُ، فإذا أيسَرَ بعدَ ذلك، لم يَلْزَمْه الانْتِقالُ [إلى الرَّقَبَةِ](2).
(1) سقط من: الأصل، تش.
(2)
في الأصل، تش:«إليه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والرِّوايةُ الثَّانِيَةُ، الاعْتِبارُ بأغْلَظِ الأحْوالِ مِن حينِ الوُجُوبِ إلى حينِ التَّكْفِيرِ، فمتى وَجَدَ رَقَبَةً فيما بينَ الوُجُوب إلى حينِ التَّكْفِيرِ، لم يُجْزِئه إلَّا (1) الإِعْتاقُ. وهو قولٌ ثانٍ للشافعيِّ؛ لأنَّه حَقٌّ يَجِبُ في الذِّمَّةِ بوُجودِ مالٍ، فاعْتُبِرَ فيه أغْلَظُ الأحْوالِ كالحَجِّ. وله قولٌ ثالِث، أنَّ الاعْتِبارَ بحالةِ الأداءِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ؛ لأنَّه حَق له بَدَلٌ مِن غيرِ جِنْسِه، فكان الاعْتِبارُ فيه بحالةِ الأداءِ، كالوُضُوءِ. ولَنا، أنَّ الكفَّارَةَ تَجِبُ على وَجْهِ الطُّهْرَةِ، فكان الاعْتِبارُ فيها بحالةِ الوُجُوبِ كالحدِّ، أو نقُولُ: مَن وَجَبَ عليه الصِّيامُ في الكفَّارَةِ، لم يَلْزَمْه غيرُه، كالعَبْدِ إذا عَتَقَ. ويُفارِق الوُضُوءَ، فإنَّه لو تَيَمَّمَ ثم وَجَدَ الماءَ (2)، بَطَلَ تَيَمُّمُه، وههُنا لو صامَ، ثم قَدَرَ على الرَّقَبَةِ، لم يَبْطُلْ صَوْمُه، وليس الاعْتِبارُ في الوُضُوءِ بحالةِ الأداءِ، إنَّما الاعْتِبارُ بأداءِ الصَّلاةِ. فأمَّا الحَجُّ فهو عبادةُ العُمْرِ، وجَمِيعُه وقتٌ لها، فمتى قَدَرَ عليه في جُزْءٍ مِن وَقْتِه، وَجَبَ، بخِلافِ مَسْألتِنا. ثم يَبْطُلُ ما ذكَرُوه [بالعبدِ إذا عَتَقَ، فإنَّه لا يَلْزَمُه الانتقالُ إلى العِتْقِ مع ما ذَكَرُوه](3). فإن قِيلَ: العبدُ كان مِمَّن لا تَجبُ عليه الرَّقَبَةُ، ولا تُجْزِئُه في حالِ رِقِّه، فلَمَّا لم تُجْزِئْه، لم تَلْزَمْه بتَغَيُّرِ الحالِ، بخلافِ مَسْألَتِنا. قُلْنا: هذا (4) لا أثَرَ له.
(1) سقط من: تش.
(2)
بعده في م: «لما» .
(3)
سقط من: م.
(4)
بعده في م: «مما» .
وعنه في الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ، لَا يُجْزِئُهُ غَيرُ الصُّوْمِ. وَالرِّوَايَةُ الثُّانِيَةُ، الاعْتِبَارُ بِأَغْلَظِ الْأحْوَالِ، فَمَنْ أمْكَنَهُ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ إلَى حِينِ التَّكْفِيرِ، لَا يُجْزِئُهُ غَيرُهُ.
ــ
فصل: وإذا قُلْنا: إنَّ الاعْتِبارَ بحالةِ الوُجُوبِ. وكان مُعْسِرًا، ثم يسَرَ، فله الانْتِقالُ إلى العِتْقِ إن شاءَ. وهو قولُ الشافعيِّ، على القَوْلِ الذي يُوافِقُنا فيه، بأنَّ الاعْتِبارَ بحالةِ الوُجُوبِ؛ لأنَّ العِتْقَ هو الأصْلُ، فوَجَبَ أنَّ يُجْزِئَه كسائرِ الأصُولِ (وعن أحمدَ في العَبْدِ إذا عَتَق، لا يُجْزِئُه غيرُ الصَّوْمِ) وهذا على قَوْلِنا: إنَّ الاعْتِبارَ بحالةِ الوُجُوبِ. وهي حينَ حَنِثَ. [اخْتارَه الخِرَقِيُّ؛ لأنَّه حَنِثَ](1) وهو عَبْدٌ، فلم يَكُنْ يُجْزِئُه إلَّا الصَّوْمُ، فكذلك بعدُ. وقد نَصَّ أحمدُ على أنَّه يُكَفِّرُ كفَّارَةَ عبدٍ. قال القاضي: وفي ذلك نَظَرٌ، ومَعْناه أنَّه لا يَلْزَمُه التَّكْفِيرُ بالمالِ، فإن كَفَّرَ به أجْزَأه. وهذا مَنْصُوصُ الشافعيِّ. ومِن أصحابِه مَن قال كقَوْلِ الخِرَقِيِّ. ووَجْهُ ذلك، أنَّه حُكْم تَعَلَّقَ بالعَبْدِ في رِقِّه، فلم يتَغَيَّرْ بحُرِّيَّته،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالحدِّ. وهذا على القَوْلِ الذي لا (1) يُجَوِّزُ للعَبْدِ التَّكْفِيرَ بالمال بإذْنِ سَيِّدِه. فأمَّا على القَوْلِ الآخَرِ، فله التَّكْفِيرُ به (2) ههُنا بطَرِيقِ الأَوْلَى؛ لأنَّه إذا جازَ له في حالِ رِقِّه، ففي حالِ حُرِّيَّتِه [أوْلَى، وإنَّما احتَاج إلى إذنِ سيدِه حال رِقِّه؛ لأنَّ المال لسيدِه، أو لتَعَلًّقِ حَقه بمالِه، وبعدَ الحريةِ](3) قد زال ذلك، فلا حاجَةَ إلى إذْنِه. فأمَّا إن قُلْنا: الاعْتِبارُ في التَّكْفِيرِ بأغْلَظِ الأحْوالِ. لم يَكُنْ له أنَّ يُكَفِّرَ إلَّا بالمالِ، إن كان له مالٌ. فأمَّا إن حَلَفَ لي هو عَبْدٌ، وحَنِثَ وهو حُرٌّ، فحُكْمُه حُكْم الأحْرارِ؛ لأنَّ الكفَّارَةَ لا تَجِبُ قبلَ الحِنْثِ، وإنَّما وجَبَتْ (4) وهو حُرٌّ. واللهُ أعلمُ.
(1) سقط من: تش.
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: م.
(4)
في تش: «حنث» .