الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُعَجَّلًا وَمُعَلَّقًا بشَرْطٍ، وَمُطْلَقًا وَمُؤقَّتًا، نَحْوَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أمِّي شَهْرَ رَمَضَانَ. أو: أَنْ دَخَلْتِ الدَّارَ. فَمَتَى انْقَضَى الْوَقْتُ زَال الظِّهَارُ، وَإنْ أصَابَهَا فِيهِ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَيهِ.
ــ
3730 - مسألة: (ويَصِحُّ الظهارُ مُعَجَّلًا ومُعَلَّقًا بشَرْطٍ، ومُطْلَقًا ومُؤقَّتًا، نحوَ)
أن يَقُولَ: (أنتِ عَلَيَّ كظهْرِ أمِّي) في (شَهْرِ رَمَضانَ. أو: إن دَخَلْتِ الدَّارَ. فمتى انْقَضَى الوَقْتُ زال الظِّهارُ، وإن أصابَها فيه، وَجَبَتِ الكَفَّارَةُ عليه) أمَّا الظِّهارُ المُطْلَقُ فهو أن يقولَ: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. وقد سَبَقَ ذِكْرُه. ويَصِحُّ مُؤَقَّتًا، مثلَ أن يقولَ: أنتِ علَيَّ كظَهْرِ أمِّي شَهْرًا. أو: حتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمضانَ. فإذا مَضَى الوَقْتُ زال الظِّهارُ، وحَلَّتْ بلا كفَّارَةٍ، ولا يكونُ عائِدًا إلَّا بالوَطْءِ في المُدَّةِ. [وهذا قولُ ابنِ عباس، وعَطاءٍ، وقَتادَةَ، والثَّوْرِيِّ، وإسْحاقَ، وأبي ثَوْرٍ. وأحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. وقال في الآخَرِ: لا يكونُ ظِهارًا](1). وبه قال ابن أبي لَيلَى، واللَّيثُ؛ لأنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بلَفْظِ الظِّهارِ مُطْلَقًا، وهذا
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يُطْلِقْ، فأشْبَهَ ما لو شَبَّهَها بمَن تَحْرُمُ عليه في وقْتٍ دُونَ وَقْتٍ. وقال طاوُسٌ: إذا ظاهَرَ في وَقْتٍ، فعليه الكفَّارَةُ وإن بَرَّ. وقال مالكٌ: يَسْقُطُ التَّأقِيتُ، ويكونُ مُظاهِرًا مُطْلَقًا؛ لأنَّ هذا لَفْظ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ، فإذا وَقَّتَه لم يَتَوَقَّتْ كالطلاقِ (1). ولَنا (2)، حَدِيثُ سَلَمَةَ بنِ صخرٍ (3)، وقولُه: ظَاهَرْتُ (4) مِن امْرأتِي حتى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمضانَ. وأخْبَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّه أصابَها في الشَّهْرِ، فأمره، بالكفَّارَةِ، ولم يُغَيِّرْ عليه تَقْيِيدَه، ولأنَّه مَنَعَ نفْسَه منْها بيَمِين لها كفَّارَة، فصَحَّ مُؤَقَّتًا كالإِيلاءِ، وفارَقَ الطَّلاقَ؛ فإنَّه يُزِيلُ المِلْكَ، وهذا يُوقِعُ تَحْرِيمًا يَرْفَعُه التَّكْفِيرُ، فجازَ تَأقِيتُه. ولا يَصِحُّ قولُ مَن أوْجَبَ الكفَّارَة وإن بَرَّ؛ لأنَّ الله تعالى إنَّما أوْجَبَ الكفَّارَةَ على الذين يَعُودُونَ لِما قالوا، ومَن بَرَّ وتَرَكَ العَوْدَ في الوَقْتِ الذي ظاهَرَ فيه، فلم يَعُدْ لِمَا قال، فلا تَجبُ عليه كفَّارَة (1). وفارَقَ التَّشْبِيهَ بمَن لا تَحْرُمُ عليه على التَّأبِيدِ؛ لأنَّ تَحْريمَها غيرُ كامِلٍ، وهذه حَرَّمَها في هذه المُدةِ (5) تَحْرِيمًا مُشَبَّهًا بتَحْريم ظَهْرِ أُمِّه. على أنَّا نَمْنَعُ الحكمَ فيها. إذا ثَبَتَ هذا، فإَّنه لا يكونُ عائِدًا إلَّا بالوَطْءِ في المُدَّةِ. وهذا المَنْصُوصُ عن الشافعيِّ. وقال بعْضُ أصحابِه: إن لم يُطَلِّقْها عَقِيبَ
(1) سقط من: م.
(2)
في تش: «أما» .
(3)
تقدم تخريجه في 7/ 276.
(4)
في م: «تظاهرت» .
(5)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الظِّهارِ، فهو عائِدٌ عليه الكفَّارَةُ. وقال أبو عُبَيدٍ: إذا أجْمَعَ على غِشْيانِها في الوَقْت، لَزِمَتْه الكفَّارَةُ، وإلَّا فلا؛ لأنَّ العَوْدَ العَزْمُ على الوَطْءِ. ولَنا، حَدِيثُ سَلَمَةَ بنِ صَخْر، وأنَّه لم يُوجِبْ عليه الكَفَّارَةَ إلَّا بالوَطْءِ، ولأنَّها يَمِينٌ لم يَحْنَثْ فيها، فلا يَلْزَمُه كفَّارَتُها، كاليَمِينِ باللهِ تعالى، ولأنَّ المُظاهِرَ في وَقتٍ، عازمٌ على إمْساكِ زَوْجَتِه في ذلك الوقتِ، فمَن أوْجَبَ عليه الكفَّارَةَ، كان قَوْلُه كقَوْلِ طاوُسٍ، فلا مَعْنَى لقَولِه: يَصِحُّ الظِّهارُ مُؤَقَّتًا؛ لعَدَمِ تَأثِيرِ التَّأقِيتِ.
فصل: ويصِحُّ تَعْلِيقُ الظِّهار [بالشُّرُوطِ](1)، نحوَ أن يقولَ الرجلُ (2): إن دَخَلْتِ الدَّارَ فأنْتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. أو: إن شاء زيدٌ فأنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. فمتى شاءَ زيدٌ أو دَخَلَتِ الدَّارَ، صارَ مُظاهِرًا، وإلَّا فلا. وبهذا قال الشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأي؛ لأنَّه يَمِينٌ، فجازَ تَعْليقُه على شَرْطٍ كالإيلاءِ، ولأنَّ أصْلَ الظِّهارِ أنَّه كان طَلاقًا، والطَّلاقُ يصِحُّ تَعْليقُه بالشَّرْطِ، فكذلك الظِّهارُ، ولأنَّه قَوْلٌ تَحْرُمُ به الزَّوْجَةُ، فصَحَّ تَعْليقُه على شَرْطٍ كالطَّلاقِ. ولو قال لامْرأتِه: إن تَظاهَرْتُ مِن امْرأتِي الأخْرَى، فأنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. ثم تظاهَرَ مِن الأخرَى، صار مُظاهِرًا منهما جميعًا. وإن قال: إن تظاهَرْتُ مِن فُلانَةَ الأجْنَبِيَّةِ، فأنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. ثم قال للأجْنَبِيَّةِ: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. صار مُظاهِرًا مِن امرأتِه، عندَ مَن
(1) في الأصل: «في الشروط» .
(2)
زيادة من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَرَى الظِّهارَ مِن الأجْنَبِيةِ، ومَن لا فلَا. وقد ذَكَرْنا ذلك.
فصل: وإن قال: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي إن شاءَ الله. لم يَنْعَقِدْ ظِهارُهْ. نصَّ عليه أحمدُ، فقال: إذا قال: امْرَأتُه (1) عليه كظَهْرِ أُمِّه إن شاءَ الله. فليس عليه شيءٌ، هي يَمِينٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: هو مُظاهِرٌ. ذَكَرَه في «المُحَرَّرِ» . وإذا قال: ما أحَلَّ اللهُ عليَّ حرامٌ إن شاء الله. وله أهلٌ، هي يَمِينٌ، ليس عليه شيءٌ. وبهذا قال الشافعي، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأي. ولا نَعْلَمُ عن غيرِهم خِلافَهم؛ وذلك لأنَّها يَمِينٌ مُكَفَّرَة، فصَحَّ الاسْتِثْناءُ فيها، كاليَمِينِ باللهِ تعالى، أو كتَحْريمِ مالِه، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَن حَلَفَ على يَمِين، فقال: إن شاء اللهُ. فلا حِنْثَ عَلَيهِ» . رَواه التِّرْمِذِيّ (2)، وقال: حديث حسن غريبٌ. وفي لفظٍ: «مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى، فإن شَاءَ فَعَلَ، وَإن شَاءَ رَجَعَ غَيرَ حِنْثٍ» . رَواه [الإِمامُ أحمدُ و](3) أبو داودَ، والنَّسائِيُّ وإن قال: أنتِ عليَّ حرامٌ، واللهِ لا أكَلِّمُكِ إن شاءَ الله. عادَ الاسْتِثْناءُ إليهِما، في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّ الاسْتِثْناءَ إذا تَعَقَّبَ جُمَلًا، عادَ إلى جَمِيعِها، إلَّا أن يَنْويَ الاسْتِثْناءَ في بعْضِها، فيعودُ إليه وحدَه. وإن قال: أنتِ عليَّ حرام إذا شاءَ اللهُ. أو: إلَّا ما شاءَ اللهُ. أو: إلى أن يشاءَ الله. أو: ما شاءَ اللهُ. فكُله
(1) في م: «لامرأته» .
(2)
انظر ما تقدم في 22/ 563.
(3)
سقط من: م. وانظر ما تقدم عن ابن عمر في الموضع السابق.
فَصْلٌ في حُكْمِ الظِّهَارِ: يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُظَاهَر مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ.
ــ
اسْتِثْناءٌ يَرْفَعُ حُكْمَ الظِّهارِ (1)؛ [وإن قال: إن شاء الله فأنت حرامٌ. فإنَّه اسْتثِناءٌ يَرْفعُ حُكْمَ الظِّهارِ](2) لأنَّ الشَّرْطَ إذا تقَدَّمَ يُجابُ بالفاءِ. وإن قال: إن شاءَ اللهُ أنتِ حرامٌ. فهو اسْتثناءٌ؛ لأنَّ الفاءَ مُقَدَّرَةٌ. وإن قال: إن شاءَ الله فأنتِ حرامٌ. صحَّ أيضًا، والفاءُ زائِدَةٌ. وإن قال: أنتِ حرامٌ إن شاءَ الله وشاءَ زَيدُ. فشاءَ زيدٌ، لم يَكُنْ مُظاهِرًا؛ لأنَّه (3) علَّقَه على مَشِيئَتَين، فلا يحْصُلُ بإحداهما.
فصل في حُكْمِ الظِّهارِ: (يَحْرُمُ وَطْءُ المُظاهَرِ منها قبلَ التَّكْفيرِ) إذا كان التَّكْفِيرُ بالعِتْقِ أو بالصِّيامِ. وليس في ذلك اخْتِلافٌ؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (4). وقولِه سبحانه: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (4). وأكثرُ أهلِ العلمِ على أنَّ التَّكْفِيرَ بالإِطْعامِ مِثْلُ ذلك؛ منهم عَطاءٌ،
(1) في تش: «الاستثناء» . وسقط ما بعدها كما في المطبوعة.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «إلا أنه» .
(4)
سورة المجادلة 3، 4.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والزُّهْرِيُّ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرأي. وعن أحمدَ إباحَةُ الوَطْءِ قبلَ التَّكْفِيرِ بالإِطْعامِ؛ لأنَّ الله تعالى لم يَمْنَعِ المَسِيسَ قَبْلَه، كما في العِتْقِ والصِّيام. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهو قولُ أبي ثَوْرٍ؛ لِما ذَكَرْنا. ولَنا، ما روَى عِكرِمَةُ عن ابنِ عباس، أنَّ رَجلًا أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي تَظاهَرْتُ مِن امْرأتِي، فَوَقَعْتُ عليها قبلَ أن أكَفِّرَ. فقال:«مَا حَمَلَكَ عَلَى ذلِكَ، يَرْحَمُكَ اللهُ؟» . [قال: رأيتُ](1) خَلْخالها في ضَوْءِ القَمَرِ. فقال: «لا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أمرَكَ الله» . رَواه أبو داودَ، والترْمِذِيُّ (2)، وقال: حديث حسن. [ولأنَّه مُظاهرٌ لم يُكَفِّرْ](3)، فحرُمَ عليه جِماعُها، كما لو كانت كفَّارَتُه العِتْقَ أو (4) الصِّيامَ، وتَرْكُ النَّصِّ عليها لا يَمْنَعُ قِياسَها على المَنْصُوصِ الذي في مَعْناها.
(1) في الأصل: «وأنت» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في الظهار، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 515. والترمذي، في: باب ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، من أبواب الطلاق. عارضة الأحوذي 5/ 177.
كما أخرجه النسائي، في: باب في الظهار، من كتاب الطلاق. المجتبى 6/ 136. وابن ماجه، في: باب المظاهر يجامع قبل أن يكفر، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 666، 667. وانظر تلخيص الحبير 3/ 221، 222.
(3)
سقط من: م.
(4)
في النسخ: «و» . وانظر المغني 11/ 67.