الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكرت نصوصه أن مناطق نفود دولته اتسعت شرقًا في إلام "عيلام" وشمالًا على حدود آسيا الصغرى وجنوبًا بشرق في ماجان التي استغل رجاله محاجرها الديوريتية، وغربًا حتى أمانوس "جبل الأرز". وذكرت إحدى القوائم المتأخرة التي سجلها خلفاؤه أنه قبض بنفسه على ما نودانو ملك ماجان، وافترض بعض الباحثين ومنهم أولبرايت في عام 1920 رأيًا غريبًا بعيدًا عن المنطق الزمني والمنطق التاريخي زعموا فيه أن ماجان هي مصر القديمة وأن مانودانو هو تحريف لاسم الملك مني أول ملوك عصورها التاريخية "مع أن حكم قبل عهد نرام سين بثمانية قرون". وعاد أولبرايت فاعتذر عن تورطه في هذا التخريج وأصبح رأيه غير ذلك موضوع1. ووت نصوص نرام سين أنه غلب تسعة جيوش وأسر ثلاثة ملوك وقضى على ثورة تزعمتها ضده مدينة كيش. وربما يسر للنشاط الأكدي أن يمد أطرافه إلى قرب الشام أن مصر كانت تمر حين ذاك بأواخر عصر الانتقال الأول أو بداية الدولة الوسطى، ولم تكن تبغي غير أن تؤيد روابطها بجيرانها في الخارج عن طريق الحضارة دون السيطرة والغلبة. وعلى أية حال فليس من ضرورة للتسليم بحرفية ما جاءت به نصوص نرام سين عن انتصاراته المتكررة أو توسعه المتصل، وإنما يكفي القول إنه أحيا عهد سرجون في نشاطه العسكري وسمعته الخارجية، وأن توسعه هو وجده البعيد قد ساعد على انتشار الصبغة الأكديةالسامية في صورها اللغوية والأدبية الجديدة، وبنواحيها الفنية، في بعض المناطق المجاورة شمالًا وغربًا وجنوبًا بشرق، حيث تبادلت التأثير والتأثر مع غيرها. ووجدت لوحة مدرسية تتضمن جزءًا من موضوع تاريخي باللغة الأكدية، واحتفظت مدينة ماري بنصوص ذات صبغة أكدية عتيقة، إلى جانب أمثلة قليلة
أخرى.2
1 See، Albright، “Mines And Naram-Sin”، Jea، Vi، 29 F.; A. Ungand، Archiv Fur Orientforscehung، Xiv، “1941-1944”، 199 F.
And Compare: Sayce، Jea، Vi، 296; Langdon، Jea، Vii، 123 F.
2 I. J. Gelb، Material For The Assyian Dictionary، I، No. 172; Revue D’assyriologie، L، 1-10.
الفنون:
سجل أحد فناني نرام سين انتصاره على بعض خصومه "ملوك سودوري ولولوبو فيما وراء دجلة" على نصب تعتبر مناظره من أمتع النقوش الأكدية المتأثرة بالفن السومري حيوية وحركة، فصور فيه ملكه بجسم فارع مشدود على الرغم من لحيته الطويلة الكثة، وبقوسه المزدود وتاجه ذي القرون وصندله ذي الشرائط، يسير قدمًا برجاله ليهاجم بهم حصن أعدائه، وصور مقدمي جيشه وحملة ألويته يصعدون معه سفح التل الذي يقوم الحصن فوقه ويتخللون أدغاله "التي عبر عنها بشجرة هرمة"، فأبدع تصوير حركتهم الصاعدة وأبدع تصوير العمق بين صفيهم، وصور مبلغ أوامر الملك يأمر بها من خلفه، وصور نافخ البوق يرتكز على الأرض بيده ويشرع بوقه عاليًا ليرسل صوته قويًّا مدويًّا، وصور بعض الأعداء يتساقطون من سفح التل على أم رءوسهم، وصور بعضًا آخر يهبطون التل هبوطًا اضطراريًّا عموديًّا، وكأنه أراد أن يعبر عن التباين بين ارتقاء في جانب وبين هبوط في جانب آخر، ثم جعل غاية الركب قمة جبل عظيم تتوجه رموز مقدسة محورة قد ترمز إلى الثالوث الفلكي ثالوث القمر والشمس والزهرة.
واكتفى فنان النصب بتصوير الخطوط العامة في وجوه رجاله دون تفصيل، فيما خلا وجه الملك، ولكنه عوض عمومية ملامح الوجوه بالتعبير عن القوة الدافعة في نفوس أصحابها عن طريق تمثيل صدورهم الناهضة ورءوسهم المشرعة واختلاف المستويات بين سيقانهم خلال عملية التسلق، وصور ثيابهم رقيقة تكاد تشف عن أجسادهم على غير العادة في أغلب الصور العراقية القديمة1.
وفي النحت طبعت الروح الأكدية فنون عصرها بطابعها، فنحت المثالون لملوكهم الكبار تماثيل تقرب من أحجامهم الطبيعية وشكلوها بالملامح السامية الصلبة الدقيقة. وكانوا قد ورثوا عن أواخر العصر السومري الأسلوب الواقعي فهذبوه، ومن خير ما يستشهد به من إنتاجهم الفني رأس ملكية "لعلها لسرجون؟ " صنعت من البرونز2، تخلى فنانها عن عادة التعبير باتساع محجري العينين وشدة تحديقهما عن شدة بأس الحكام ومهابتهم، وعبر عن شخصية نبيلة قبل كل شيء، فاكتفى بتمثيل العين اللوزية السامية في حجمها الطبيعي وأرخى جفنها الأعلى قليلًا، ولانت يده في التعبير عن انحدار صفحتي الخدين وامتلاء الشفتين ودقة عظام الأنف، وعني بتمثيل اللحية المرجلة ولكنه أعطاها في مجملها ملامح اللحية الطبيعية ووصل بينها وبين شعر الفودين وشعر الشارب، وترك خصل الشعر الطبيعي الممشطة تتهدل على الجبهة بعد أن سوى أطرافها، ومثل في مؤخرتها غطاء الرأس أو الخوذة الملكية، بعصابة مجدولة ذات شريط ذهبي تبرز مقدمتها قليلًا إلى الأمام على هيئة العمامة وتنعقد مؤخرتها "مع حملة الشعر" من الخلف بحلقات معدنية، وتنسدل تحتها ضفائر صغيرة تنهدل على العنق
…
ومارس الفنانون مهارتهم في الحجر، وبقيت إنتاجهم عدة رءوس حجرية اختلفت فيما بينها في درجات الإجادة وسلامة التعبير3.
واستفادت نقوش الأختام من الأساليب الراقية التي انتهى إليها عصر بداية الأسرات السومري، فحافظت على الخطوط الممتلئة اللينة، واستفادت من تنوع الموضوعات، ولكنها تأثرت إلى جانب ذلك بروح الكفاح في عصرها فعبرت عن مناظر الصراع الأسطورية القديمة تعبيرًا منطقيًّا يظهر الجهد والعزم والحركة ولا يعتمد فقد على تصوير البطش والهيئة المخيفة، ومن ذلك أن صورت إحداهما بطلها بجسم الفحل يعصر رقبة أسد
1 See، Groenewegen- Frankfort، Arrest And Movement، 162 F.
وراجع عن نصب أخرى ونقوش مختلفة من عهد نرام سين:
Sidney Smith، Early History Of Assyria، 96 F. L.W. King، A History Of Sumer And Akkad، 245، Fig. 59; Geographical Journal، Lxv، “1925”، 63 F.
ديلابورت: المرجع السابق - شكل 28 وص112.
2 Frankfort، Op، Cit.، Pls. 42-43; Annals Of Archaeology And Anthropology، Liverpool، Xix، “1932”.
3 Frankfort، More Sculpture، Pls. 68، 72; G. Contenau، Manuel
…
، 685، Figs.، 474-5; Bulletin Of The Fogg Museum Of Art، Harvard University، Lx “1939”، 13-18. Frankfort Op. Cit.، Pl. 45 A “Brit. Mus. 91478”.