المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل السادس عشر عصر الإحياء السومري "منذ 2125ق. م ." ‌ ‌في لجش: استغلت - الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق

[عبد العزيز صالح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الشرق الأدنى القديم

- ‌الفصل الأول: التشابه والتنوع في الشرق الأدنى القديم وتأثيرات البيئة في حياة أهله

- ‌مدخل

- ‌في وادي النيل:

- ‌في بلاد النهرين:

- ‌في بلاد الشام:

- ‌في شبه الجزيرة العربية:

- ‌الفصل الثاني: الشرق الأدنى القديم ودهوره الحجرية فيما قبل التاريخ

- ‌مدخل

- ‌في الدهر الحجري القديم الأسفل:

- ‌في الدهر الحجري القديم الأوسط:

- ‌في الدهر الحجري القديم الأعلى:

- ‌قرائن العمران:

- ‌من السلالات البشرية:

- ‌بداية الزراعة في فجر التاريخ أو العصر النيوليثي:

- ‌تعدد الحرف وبدايات الفنون:

- ‌وضوح التجمعات:

- ‌تمهيد بتقسيمات عصور مصر القديمة ومصادرها:

- ‌الكتاب الأول: مصر منذ فجر التاريخ حتى نهاية العصور الفرعونية

- ‌الفصل الثالث: مصر في فجر تاريخها

- ‌مدخل

- ‌في الفترة النيوليثية الحجرية الحديثة

- ‌مدخل

- ‌في مرمدة بني سلامة:

- ‌في الفيوم:

- ‌في دير تاسا:

- ‌في الفترة الخالكوليثية النحاسية الحجرية:

- ‌في البداري:

- ‌في حضارة نقادة الأولى:

- ‌في حضارة نقادة الثانية:

- ‌بين الصعيد وبين الدلتا:

- ‌التطور السياسي:

- ‌من تطورات الفنون وتعبيراتها:

- ‌سكين جبل العركى:

- ‌من آثار العقرب:

- ‌صلاية الفحل:

- ‌آثار نعرمر:

- ‌الفصل الرابع: بداية العصور التاريخية

- ‌مدخل

- ‌الكتابة وتوابعها:

- ‌الحكام والإدارة

- ‌مدخل

- ‌أوضاع الحكم:

- ‌في العمران والفكر:

- ‌النشاط الحدودي والخارجي:

- ‌الفصل الخامس: عصور الأهرام في الدولة القديمة

- ‌أولا: الرشاقة والابتكار في عصر الأسرة الثالثة

- ‌مدخل

- ‌إيمحوتب وشواهد العمارة والفن:

- ‌قصة المجاعة:

- ‌التقويم:

- ‌ثانيا: الروعة والبنيان الراسخ في عصر الأسرة الرابعة

- ‌تجديدات عهد سنفرو

- ‌عهد خوفو:

- ‌تعبيرات الهرم الأكبر:

- ‌هزات مؤقتة في عهد جدف رع

- ‌آثار عهد خفرع:

- ‌أبو الهول:

- ‌عواقب الإسراف:

- ‌ثالثا: التقوى والرفاهية في عصر الأسرة الخامسة

- ‌مدخل

- ‌خصائص معابد الشمس:

- ‌أهرام العصر ومعابدها:

- ‌الاتصالات الخارجية:

- ‌التطور السياسي والاجتماعي:

- ‌رابعا: البيروقراطية والتحرر في عصر الأسرة السادسة

- ‌مدخل

- ‌نمو البيروقراطية:

- ‌أحداث الشمال الشرقي والتنظيمات العسكرية:

- ‌العمارة والفن والمجتمع:

- ‌رحلات الكشف في الجنوب:

- ‌الفصل السادس: عصر الانتقال الأول أو عصر اللامركزية الأولى

- ‌نهاية دورة

- ‌الثورة الطبقية:

- ‌الغموض:

- ‌انتفاضة اليقظة في العهود الأهناسية:

- ‌ازدهار الفردية:

- ‌عصر الانتقال الأول بين دورتين تاريخيتين

- ‌معالم الفن الإقليمي:

- ‌الفصل السابع: الدورة التاريخية الثانية في الدولة الوسطى

- ‌أولا: عودة الوحدة في عصر الأسرة الحادية عشرة

- ‌مدخل

- ‌استرجاع المركزية:

- ‌الاستثمار الحدودي والنشاط الخارجي:

- ‌صور من المجتمع:

- ‌في العمارة الدينية والفن:

- ‌ثانيا: الازدهار والكلاسيكية في عصر الأسرة الثانية عشرة

- ‌مدخل

- ‌في السياسة الداخلية:

- ‌في العمران:

- ‌في الأساليب الفنية:

- ‌في السياسة الخارجية:

- ‌الفصل الثامن: عصر الانتقال الثاني أو عصر اللامركزية الثانية

- ‌أولًا: عصر الأسرة الثالثة عشرة

- ‌في نصفه الأول:

- ‌مظاهر الأفول في النصف الثاني لعصر الأسرة الثالثة عشرة:

- ‌ثانيًا: محنة الهكسوس

- ‌ثالثًا: مراحل الجهاد والتحرير

- ‌الفصل التاسع: الدورة التاريخية الثالثة في الدولة الحديثة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الانطلاق في عصر الأسرة الثامنة عشرة

- ‌في السياسة الداخلية

- ‌في السياسة الخارجية:

- ‌ثانيا: عودة الكفاح ثم الرفاهية في عصر الرعامسة مع الأسرة التاسعة عشرة

- ‌ثالثا: آخر الشوط مع الرعامسة في عصر الأسرة العشرين

- ‌الدفعة الأولى

- ‌عواقب الإسراف:

- ‌رابعًا: الثيوقراطية والفتور في عصر الأسرة الحادية والعشرين

- ‌خامسًا: نماذج من الفن والعمارة في الدولة الحديثة

- ‌الفصل العاشر: الشيخوخة في العصور المتأخرة

- ‌أولًا: التخبط والتداخل في عهود الأسرات 22 - 24

- ‌ثانيًا: دفع النوبة لمصر في عصر الأسرة الخامسة والعشرين

- ‌ثالثًا: النهضة في العصر الصاوي مع الأسرة السادسة والعشرين

- ‌رابعًا: النكسة مع الغزو الفارسي والأسرة السابعة والعشرين

- ‌خامسا: ابتسامة مبتسرة في عصور الأسرات 28 - 30

- ‌مدخل

- ‌الوثائق الآرمية في أسوان:

- ‌الأسرتان الأخيرتان:

- ‌خاتمة المطاف القديم:

- ‌الفصل الحادي عشر: في عقائد الدين والآخرة

- ‌أولًا: عقائد التأليه

- ‌نشأتها:

- ‌خصائصها:

- ‌في سبيل الترابط:

- ‌في سبيل التوحيد:

- ‌ثانيا: عقائد البحث والخلود

- ‌الفصل الثاني عشر: من الأدب المصري القديم

- ‌أولا: في أدب الأسطورة والملحمة

- ‌أسطورة أوزير وتوابعها

- ‌الحق والبهتان

- ‌ثانيا: في أدب القصة

- ‌سنفرو والحكماء

- ‌قصة خوفو والحكيم جدي:

- ‌قصة العاشقين والتمساح:

- ‌قصة الأخوين:

- ‌من قصص المغامرات:

- ‌ثالثا: في أدب النصيحة

- ‌مدخل

- ‌بتاح حوتب:

- ‌آني:

- ‌أمنموبي:

- ‌نصائح المعلمين:

- ‌رابعا: في أدب النقد والتوجعات

- ‌إبوور والثور الطبقية

- ‌القروي الفصيح:

- ‌الكتاب الثاني: العراق، بلاد النهرين

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الثالث عشر: فجر التاريخ العراقي في العصر الحجري الحديث

- ‌أ- في الفترة النيوليثية "الحجرية الحديثة

- ‌ب- في الفترة الخالكوليثية "النحاسية الحجرية

- ‌مدخل

- ‌حضارة العبيد:

- ‌ج- قبيل العصر الكتابي

- ‌حضارة الوركاء:

- ‌الفصل الرابع عشر: أوائل العصور التاريخية في العراق

- ‌عصر بداية الأسرات السومرى

- ‌مدخل

- ‌الكتابة المسمارية:

- ‌العمارة الدينية "والزقورات

- ‌العقائد:

- ‌التطور السياسي:

- ‌الفنون:

- ‌المقابر:

- ‌الفصل الخامس عشر: العصر الأكدى 2340 - 2180 "أو 2371 - 2230" ق. م

- ‌مدخل

- ‌الفنون:

- ‌نهاية دولة:

- ‌الفصل السادس عشر عصر الإحياء السومري "منذ 2125ق. م

- ‌في لجش:

- ‌في أوروك:

- ‌في دولة أور:

- ‌الفنون:

- ‌من الأدب السومري:

- ‌نهاية أور:

- ‌في عصر إسين - لارسا:

- ‌تشريع إشنونا:

- ‌تشريع إسين:

- ‌في لارسا:

- ‌في الفن:

- ‌الفصل السابع عشر: دولة بابل الأولى "أو العصر البابلى القديم

- ‌بداية دولة بابل الأولي

- ‌حمورابي:

- ‌من الأدب البابلي:

- ‌الفصل الثامن عشر: العصر الكاسي "1580 - أواخر القرن 12 ق. م

- ‌الحياة الساسية

- ‌العلاقات الخارجية:

- ‌الأفول حتى نهاية الأسرة البابلية السابعة:

- ‌من الحياة الفكرية في العصر الكاسي:

- ‌الفصل التاسع عشر: آشور

- ‌أ- المراحل الأولى: العصر العتيق- العصر القديم

- ‌ب- في العصر الأشورى الوسيط

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌المرحلة الثانية:

- ‌ج- في العصر الأشورى الحديث

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولي:

- ‌مرحلة الأمجاد الأخيرة من العصر الآشوري الحديث:

- ‌الفصل العشرون: بابل الكلدانية أو العصر البابلي الأخير "626 - 539 _25 d9_2582._25d9_2585

- ‌تمهيد: عودة إلى الآراميين في بابل والعلاقات مع آشور

- ‌التطور السياسي:

- ‌العمران والفنون:

- ‌الأفول أمام نهضة الفرس:

- ‌خاتمة:

- ‌الخرائط واللوحات

- ‌قائمة بأهم المفردات:

- ‌الموضوعات:

الفصل: ‌ ‌الفصل السادس عشر عصر الإحياء السومري "منذ 2125ق. م ." ‌ ‌في لجش: استغلت

‌الفصل السادس عشر عصر الإحياء السومري "منذ 2125ق. م

."

‌في لجش:

استغلت لجش في نهضتها مسالك التجارة القديمة استغلالًا واسعًا لصالحها، وكان خير عهودها عهد ملكها التقي جوديا، قبيل أوائل القرن الحادي والعشرين ق. م أو أواسطه، وكان رجلًا اعتز أو اكتفى في أغلب نصوصه بلقب، "إنسي" القديم الذي تلقب به حكام لجش في عهود تبعيتهم للدولة الأكدية، وفي عهود سيطرة الجوتيين، ولكنه استعاض عن الانتساب إليهم في لقبه بالانتساب إلى سيادة ربه نين جيرسو الذي اعتبره ملكه واعتبر نفسه إنسيا له، ثم نعتته نصوص عهده بلقب "الراعي"، وقال في نقوش أحد تماثيله "أنا الراعي حبيب ملكه "نين جيرسو" طال عمري"1.

ولم تذكر نقوش جوديا الحرب غير مرة واحدة مع دولة أنشان. ولكن حملت قوافل التجارة شهرته وسجلت اسمه في شمال سوريا وفي عيلام والبحرين وعمان. واحتفظت له أرض لجش بأكثر من ستة عشر تمثالًا وجزءًَا من تمثال نحت أغلبها من أحجار الديوريت، وقد تفرقت بعد الكشف عنها في متاحف العراق واللوفر والمتحف البريطاني2. وأخذت هذه التماثيل بالأسلوب الواقعي الذي بدأ نضوجه من قبل خلال العصر الأكدي، وعبرت بخطوطها المرنة عن الجنس السومري ذي الرأس العريضة، وغلبت على ملامح صاحبها وهيئاته روح التقوى والتواضع الكريم، ويبدو أن اعتبار أهل عصره نكبة الجوتيين على أرضهم غضبًا من الأرباب كان له أثره في تغليب روح التقوى في حياتهم إبان سعيهم للتخلص من غزاتهم3.

وأظهرت تماثيل جوديا صاحبها جالسًا وواقفًا على هيئة المتعبد، في أحجام تقل عن حجمه الطبيعي "فيما خلا واحد منها"، وأعوزت الجالسة منها سلامة النسب بين الجذع العلوي والجذع السفلي، وبين الرأس والرقبة، ولكنها لم تخل على الرغم من ذلك من حيوية أضافها عليها صدق تمثيل ملامح وجهه العريض الحليق، وتفاصيل حاجبيه الكثيفين واتساع ما بين أنفه وشفته وامتلاء ذقنه وبروزها، وتفاصيل عمامته "أو قلنسوته" الصوفية الواسعة ذات الخصل، وبساطة ثيابه ورقة أطرافها الموشاة التي عبر الفنان عنها بتموجات خفيفة وخطوط مرسلة وزوايا منفرجة. وتخلصت بعض تماثيله الواقفة الصغيرة المنحوتة من حجر الديوريت وحجر الحية "السربنتين" من قلة التناسب بين أجزائها، وجنبته تصلب الهيئة ومثلته في وضع

1 See، A. Parrot، Tello، Vingt Compagnes De Fouilles "1887-1933"، Paris، 1948 Pl.L،

2 Ibid.

3 Frankfort، The Art And Architecture

، 47.

ص: 418

طبيعي خاشع لطيف تكاد تشف عباءته الثمينة عن عضلات بدنه، ولم يعبها بعض الشيء غير اتساع محجري العينين واتصال الحاجبين، وهو اتساع اتصفت به أغلب تماثيل العراق. والطريف أن من تماثيله الجالسة ما تتشابه بعض تفاصيله مع تفاصيل التماثيل المصرية في عصور الدولة الوسطى وما تلاها، من حيث نقش نصوص رأسية فوق الجزء الأسفل من ثوبه، ووضع مسطح مستطيل على ركبتيه تضمن في إحدى المرات تصميمها لمعبد وتصوير لوحة "مسطرة" وقلم؛ ثم من حيث نقش اسمه داخل مستطيل على كتفه1.

أقيمت أغلب تماثيل جوديا في معبد لجش الكبير، وأقيمت في فنائه عدة نصب، وتركت تحت أحجار أساسه آثار صغيرة منقوشة. واتسعت سطوح تماثيل جوديا تلك ونصبه وسطوح الصولجانات ورءوس المقامع التي أهداها إلى هذا المعبد، وإلى بقية معابد دولته، لتسجيل آيات تقواه إزاء أربابه ولا سيما نين جيرسو إله لجش الذي اعتبره ربه وملكه، واعتبر نفسه إنسيا له، روى كتبته فيها على لسانه اهتمامه باستيراد أحجار مختلفة الأنواع والألوان، ومعادن مختلفة القيم وأخشاب، عن طريق البر والنهر والبحر من أرض إلام "عيلام" وعاصمتها سوسه، ومن ماجان وملوخا، ومن كيماش وجبل الأرز وجبل الصنوبر، لصالح معبد لجش بوجه خاص، وأكد أنه التزم في تجديد هذا المعبد وبناء مقاصيره وصناعة رموز معبوده وأسلحته ما جرى به العرف القديم وما أوصى به المعبودان نين زاجا، ونين سيكيلا2.

وتحدثت نقوش الرجل عن فضل أربابه في منع طغيان الفرات على أرضه. وروت أنه رأى ذت مرة في رؤياه معبوده على هيئة شيخ متوج تسمو هامته إلى كبد السماء، يحيط به أسدان وحمار رابض وشمس مشرقة، وسيدة تمسك قلمًا مع لوحة النجم السعيد، ومعبود في إهاب محارب ظهر كأنه يخطط تصميم معبد. واستفتى جوديا وحي أربابه "أو على الأصح استفتى كهنتهم" في تأويل رؤياه، فأتاه وحي ربته نينا بأن الإله المتوج هو نين جيرسو، وأن الشمس ترمز إلى ربه نين جيزيدا، وأن السيدة ذات القلم واللوحة هي نيسابا، وأن المعبود في هيئة المحارب هو نندوب، وأن الرؤيا إيحاء له بإعادة بناء معبد نين جيرسو بعد خرابه في عهد الفوضى، وأما الحمار المضجع فهو جوديا نفسه! ويبدو أن الرجل كان لا يزال بحاجة إلى آية أخرى فسوف في الأمر حتى حل القحط بأرضه فاتجه بدعائه إلى نين جيرسو، وأتاه نداء ربه بأنه إذا بدأت يمينه في تأسيس معبد فلسوف ترقى الصرخة إلى السماء من أجل الرياح والأمطار، ولسوف تسقط السماء حينئذ فيضها بعد أن يضع الرب قدمه على الجبل العالي، جبل العاصفة، ولسوف ينزل الفيضان من قمة مقدسة شاهقة الارتفاع3. وعندما تم بناء المعبد أكدت نصوص الملك حسن معاملته لمن اشتركوا في بناءه من رعاياه، وأشركتهم في ثوابه، فتحدثت عن انتفاء الضرب واللكز، وقالت إنهم كانوا يعتبرون عملهم قربانًا لربهم4.

1 Frankfort، Op. Cit.، Pl. 46; Parrot، Op. Cit.، Pl. Xvi D.

2 G.A. Barton، Op، Cit.، 181 F.، 201 F.، 205 F.; L. Oppenheim، Op. Cit.، 268-269.

3 G.A. Barton، Op. Cit.، 214-217; Lambert And Tournay، Rb، 1948، 403 F.; Ra، 1952، 81.

4 Barton، 182-183; Frankfort، Kingship And The Gods، 255.

ص: 419

ولم يكن جوديا، فيما تحدثت به عنه نصوصه، أقل ولاء لربات مدينته منه لأربابها، فكان من ابتهالاته للربة جاتومدو ربة لجش قوله لها: "مليكتي، بنت السماء البهية، يا من تجيبين الدعوات، وترفعين الرأس، وتهبين الحياة لأرض سومر، أنت تعرفين ما يصلح مدينتي، أنت مليكتي، أنت الأم التي أسست لجش، لا أم لي وأنت أمي، لا أب لي وأنت أبي

، جاتومدو ما ألذ "ترديد" اسمك"1.

وتخلفت من آيات النحت من عهد جوديا مفردات أخرى، ومنها رءوس رجال حليقي اللحى والشوارب، ورءوس وتماثيل نساء بلغت الغاية في بساطة خطوطها، وسلامة تعبيراتها، وإتقان تمثيل الحلي ووشي الملابس عليها على الرغم من قسوة أحجارها2، وتمثال قد يرجع إلى عهده أو إلى العصر الأكدي، يجمع بين جسم فحل رابص ورأس إنسان ملتح يلتفت جانبًا في تناسق لطيف3، وبقايا أسود كبيرة، ورأس مقمعة رمزية مذهبة شكلت سطوحها على هيئة رءوس السباع4.

وتضمنت ودائع أساسات المعابد اللجشية "لا سيما معبد نين جيرسو ومعبد إنانا" روائع معدينة صغيرة تميزت منها قطع على هيئة الأوتاد زودت بأشكال ربانية وملكية، كناية فيما يبدو عما كان الملوك يرجونه لمباني معابدهم من ثبات يتعهده الأرباب. ومن نماذج هذه الأوتاد وتد يتصل به تمثال صغير رابع لمعبود طويل الشعر واللحية يلبس قلنسوة لطيفة هرمية الشكل، أو لولبية الشكل، مائلة، ويعتلي منصة صغيرة ويرسل ساقيه منها، وقد احتضن الوتد بين ساقيه وبدا كأنما يهم بغرسه في الأرض5، ثم أوتاد أخرى احتضنها جوديا نفسه وقد حمل على رأسه سلة كان من المفروض أن تتضمن بعض أدوات البناء أو تتضمن الطين الذي كان يعتزم أن يضرب به اللبنة الأولى في أساس المعبد6.

وأدت نقوش العهد دورها في تسجيل آيات الرقي الفني خلاله، وصور بعضها زقورات ذات ثلاثة مسطحات، ليس من المستعبد أن إحداهما كانت تقوم في العاصمة لجش بالذات.

وجرت نقوش الأختام حينذاك على الأسلوب الأكدي، وشاعت فيها مثلها مناظر التقرب من الآلهة، ولكن روح التقوى غلبت فيها على مجرد الرغبة في الإهداء إلى الأرباب. واحتفظت نقوش أحد أختام جوديا وأحد نصبه بمنظر متماثل صور راعيه نين جيزايدا يأخذ بيده ليقدمه إلى كبير الأرباب واهب الفيضان الذي استوى على عرشه بتاجه ذي القرون، حيث تقرب جوديا إلى مولاه بآنية ينسكب على جانبيها الماء الطهور،

1 A. Falkenstein، W. Von Soden، Sumerische Und Akkadiesche Hymmen Und Gebete، Zurich، 1953، 140، 173، Etc.

2 Frankfort، Op. Cit.، Pl. 50، A-B، Etc..

3 Ibid.، Pl. 50 C.

4 Parrot، Op، Cit.، Fig. 42 H.

وانظر عن آثار أخرى من عهده: Frankfort، Op. Cit.، 49 And References.

5 Ibid.، Pl. 51 A.

6 Parrot، Op. Cit.، Fig. 44; And See، E. Douglas Van Butren، Foundation Figurines And Offerings، Berlin، 1931.

ص: 420