الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعرض للتلف بمرور الزمن، فلما زار أحد الملوك البطالمة المنطقة، وهو بطلميوس الخامس أو بطلميوس العاشر، قص الكهان عليه القصة كاملة، فأمر بنقشها من جديد وتجديد معبد خنوم في جزيرة سهيل، مع تنفيذ ما جاء في القصة لصالح معبده. ولا يزال هذا التفسير هو المقبول حتى الآن1.
1 See، J. Vandier، La Famine Dans L'egypt Ancienne، Le Caire، 1936، 39 F.، 132f.
التقويم:
زاد الاهتمام في عهد زوسر بمدينة أونو "أو عين شمس" مقر عبادة الشمس، وحمل كبير مهندسيه إيمحوتب لقبًا قد يقرأ "كبير المتطلعين "إلى السماء" لرصد حركات الكواكب والنجوم فيها، باعتباره رئيس الفلكين في مدينته، أو يقرأ بما يعني أنه "المتطلع إلى "رب الشمس" الكبير" باعتباره رئيس كهنته. وارتبطت رعاية زوسر للمدينة بخطوة حضارية جديدة اهتدى علماؤها فيها إلى ابتداع تقويم سنوي مدني يجمع بين خصائص التقويم الشمسي والتقويم النجمي ونفذوه منذ عام 2773ق. م. على وجه التقريب، واحتسبوا أيام السنة على أساسه 365 يومًا وقسموها اثني عشر شهرًا، ضمنوا كل شهر منها ثلاثين يومًا، ثم اعتبروا الأيام الخمسة الأخيرة أيام أعياد تحتفل الدولة فيها بموالد الأرباب: أوزير، وإيسة، وست، ونبت حت، وحور "أي أوزيريس وإيزيس وست ونفتيس وحورس". وهي أيام النسيء الخمسة التي تحتفظ السنة الزراعية بها حتى الآن.
وكان كل من الباحثين العلماء كورت زيته، ولودفيج بورخارت، وإدوارد ماير، قد ردوا هذه الخطوة الحضارية إلى أيام مجد عين شمس السياسي خلال فجر التاريخ وبدءوا التقويم السنوي على هذا الأساس في فترة تقع بين عامي 4241 - 4236ق. م. ثم قام جدل طويل اعترض اعتقادهم، وهو جدل لا يخلو من منطقية ووجاهة1، ومؤداه أن ابتداع المصريين لهذا التقويم لم يكن بالأمر الهين، وأنه كان يتطلب ملاحظة طويلة ويعتمد على نضج عقلي واسع لم يكن من السهل أن يتوفر في دنياهم قبل عهد زوسر. وأنه إذا كان المصريون قد اهتدوا إلى تقويم سنوي قبل عهده، فهو التقويم النيلي، أو التقويم الذي يبدأ ببداية وصول فيضان النيل إلى منطقة معينة ذات أهمية سياسية أو قيمة حيوية، وهي منطقة برحعبي التي توسطت إقليمي عين شمس ومنف وتقرب من جزيرة الروضة أو مصر العتيقة الحالية. وإذا كان المصريون قد اهتدوا على التأريخ بالشهور قبل عهد زوسر، وهذا مؤكد، فهو تأريخ اعتمد على الدورة القمرية الشهرية التي يمكن ترسم بدايتها ونهايتها في يسر وسهولة. ولكن شيئًا فشيئًا لحظ المصريون المحتفلون بوفاء نيلهم أن فجر وصول فيضانه إلى ما يجاور عين شمس ومنف يقترن بظاهرة سماوية معينة، وهي أنه بعد اختفاء نجم الشعرى
1 Neugebauer، "Die Bedeutungslos'gkeit Der Sothisperiode" Acta Orientalia، Xviii "1938"، 175 F.; A. Scharff "Die Bedeutungslos'gkeit Des Songenonnten ?ltester Datums" In Hist. A.، 1940، 3 F. ; Kees، Gottergl.، 259 F. ; R. W. Sloley، "The Origir Of The 365-Day Egyptiar Calendar"، Asae، Xlviii، 261 F.، Parket، The Calendars Of Ancient Egypt، 1950; W. Smith، Jnes، 1952، 122-123; Jea 1969، 36 F.
ذي الضوء الساطع، الذي اعتبروه أنثى وسموه سوبدة، عن مجال الرؤية نحو سبعين يومًا، يعود فيتألق في أفق السماء ويبقى حتى مطلع الشمس المبكر كأنما ليبشر ببداية الفيضان. ولما استقرت هذه الظاهرة في أذهانهم، ولحظوها زمنًا، أصبحوا يترقبون اجتماع هذه الظواهر الطبيعية عن قصد، وأطلقوا على الشعرى لقب جالبة الفيضان، واعتبروا بداية ظهورها في الأفق الشرقي عند الفجر "حوالي 17 يوليو من التقويم اليولياني" أول يوم في أول شهر في أول فصل، وهو فصل الفيضان. ثم حسبوا ما بين كل ظهور صادق وظهور صادق آخر للشعرى مع مطلع الشمس، فوجدوه 365 يومًا، ووجوده يتضمن اثني عشر شهرًا قمريًّا وكسورًا لا تصل إلى نصف شهر، فأكملوا عدة كل شهر ثلاثين يومًا وتبقت خمسة أيام احتسبوها نسيئًا وأعيادًا. ثم اعتبروا السنة ثلاثة فصول: فصل الفيضان "آخة"، وفصل خروج النبت "من الأرض""برة" وهو يوازي فصل الشتاء، ثم فصل التحاريق "شمو". وكان من المتوقع أن تتم هذه الخطوة البارعة في عهد نشاط ينزع أهله إلى التجديد ويسعون إليه، وكان فيما يرجحه المعترضون على رأي زيته وزملائه عهد زوسر. ولم يسجل المصريون شيئًا عن مراحل هذه الخطوة في حينها أو في عهد آخر من عهود الدولة القديمة، ولكنهم أرخوا بالفصول والشهور الاثني عشر بالفعل بعد عهد زوسر1. ثم أشار خلفاؤهم إلى دورة الشعرى في وثائقهم ثلاث مرات على أقل تقدير على فترات متباعدة2. غير أن هذه الخطوة التي ربط المصريون بينها وبين دورة الشعرى، كما ربطوا بينها وبين الانقلاب الشمسي قصدًا أو اتفاقًا، وقسموا الشهور على أساسها اثني عشر شهرًا، وسبقوا بها كل شعوب العالم القديم التي ظلت تؤرخ بالتقويم القمري وحده لم تكن بغير نقيصة تؤخذ عليها، فهم قد احتسبوا سنتهم 365 يومًا وليس 365 يومًا وربع يوم، وكان من شأن ربع اليوم أن يصبح يومًا كل أربع سنوات، ويصبح شهرًا كل 121 عامًا وربع عام تقريبًا، وبمعنى آخر كان من شأن بداية السنة المدنية الفلكية "الشمسية الشعرية" أن تتأخر عن بداية الفيضان الفعلية شهرًا بعد كل 121 عامًا وربع عام، ثم لا تعود لتتفق معها إلا بعد أن يبلغ الفارق بينهما حولًا كاملًا، بعد كل 1456 عامًا.
ولم تتكرر ظاهرة الاتفاق بين البدايتين، بداية السنة المدنية أو الفلكية وبداية الفيضان، غير ثلاث مرات منذ أن بدأ المصريون توقيتهم: عام 2773ق. م وهو عام البداية3، وعام 1317ق. م وهو عام تو سيتي الأول، ثم عام 139م – وقد سجل هذه المرة الأخيرة الروماني المتوطن كنسورينوس وأثبت أن نجم سوبدة ظهر في موعده4.
1 ذكر فصل "شمو" في حوليات سنفرو رأس الأسرة الرابعة.
وتأكد اعتبار السنة 365 يومًا في حوليات الأسرة الخامسة، ولو أن هذا لا يمنع من أنه بدأ قبلها.
2 في وثائق من العام السابع لحكم سنوسرت الثالث حوالي عام 1872، وفي العام التاسع من حكم أمنحوتب الأول حوالي 1536، وخلال عهد تحوتمس الثالث حوالي عام 1469.
3 أو عام 2776 كما يظن شارف، أو بين 2770، 2798 كما يظن سيدني سميث، أو بين 2773 - 2770 كما يظن
…
J. Arch.، Xlix، 1945، 24.
4 أما في عرف من رجعوا ببداية التوقيت على فجر التاريخ فقد حدث التوافق أربع مرات بدأت أولاها بين "4241، و6
…
ق. م. أو بين 4229 و4226ق. م.
وأدرك المصريون هذا الفارق وتندر أدباؤهم به، ولكنهم لم يعملوا على تلافيه، في حدود ما تدل عليه وثائقهم المعروفة حتى الآن، إلى أن أشار قرار كانوب "أبو قير" الذي أصدره مجمع الكهنة المصريين عام 237ق. م إلى اتجاه النية حينذاك إلى إضافة يوم على أيام النسيء الخمسة "حتى لا تأتي أعياد الشتاء في الصيف نتيجة لتغير الشمس يومًا كل أربع سنوات، وحتى تصبح أعياد الصيف الحالية أعيادًا شتوية في المستقبل كما كان عليه حالها في الماضي". غير أن التجديد لم يستمر، ولم يتعدل التقويم بصورة دائمة إلا في عهد أوجسطوس عام 30ق. م. حين ظهر التقويم اليولياني وثبت العام بمقتضاه 365 يومًا وربع يوم. والطريف أن كلًّا من إسترابون وديودور الصقلي قد ردا الفضل الأصيل في هذا التعديل الأخير إلى المصريين أنفسهم واعتبراه اختراعًا ذكيًّا قديمًا1.
وعلى أية حال فلا زال التقويم المصري القديم مأخوذًا به في أساسه حتى الآن في السنة الزراعية، أو ما يعرف خطأ باسم السنة القبطية. ويفضله المزارعون عادة على التقويم الميلادي وشهوره الإفرنجية، ويرونه أنسب لتعيين مواقيت الحرث والبذر والري والحصاد على الرغم من نقص ربع اليوم الفلكي فيه. ولا زال بعض الفلاحين يحتفظون بذكريات أجدادهم في تسمية ليلة الفيضان "ليلة النقطة" أو "ليلة سقوط الدمعة" في 12 بوونة، أي الليلة التي دمعت فيها الربة إيسة "إيزيس" المرموز إليها بنجم الشعرى على زوجها أوزير فجرى الفيضان من دمعتها. وظل المصريون القدماء يميزون الشهور بأرقامها، إلى أن ربطوا بينها وبين أسماء ومناسبات مقدسة خلال الدول الحديثة، ثم استقرت هذه الأسماء، منذ القرن السادس ق. م. وبقيت حتى الآن مع قليل من التحريف اللفظي مثل: توت وكان يوافق عيد الإله تحوتي، وهاتور وكان يوافق عيد الربة حتحور، وهلم جرًّا.
تعاقب بعد زوسر عدد من الفراعنة، جعلتهم القوائم الملكية بين الأربعة والستة، وجعلهم مانيتون ثمانية، واحتفظت الآثار القائمة بأسماء ما بين الثلاثة والخمسة منهم. ثم انتهت أيام الأسرة بالملك حوني، وهو ملك ذكرت بردية تورين أنه حكم أربعة وعشرين عامًا. وقد شاد له مهندسوه هرمًا ضخمًا في منطقة ميدوم غيروا تصميمه أكثر من مرة وجعلوه في نهاية أمره على هيئة هرم مدرج ذي ثمان درجات كاملة. وبدءوا في كساء درجاته بأحجار جيرية بيضاء، ولكن ملكهم مات قبل أن يتموه، فأتموه في عهد ولده سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة، واستفادوا من تجارب عهده لإنشاء هرم كامل حاد الزوايا مستوي الخطوط، وعملوا بإذنه، أي بإذن سنفرو، على تنفيذ هذا التجديد في هرم أبيه، فملئوا الفراغات بين درجاته بالأحجار وكسوه ببلاطات جيرية كبيرة ليكون مستوى الجوانب أو ليتخذ هيئة الهرم الكامل، ولسنا ندري مدى نجاحهم في تحقيق هذه الغاية؛ إذ تهدمت أغلب أجزاء الهرم ولم يتبق منه غير نحو ثلث ارتفاعه الأصلي.
1 See، Strabo، XVII، 29; Diodorus، I، 50.