الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورسولُه، كما ثبَت في "مسلم"، ورواه البخاري هنا، لكن كيف يقول: لا خلافَ؟
واعلم أنهم كانوا يُسلِّمون على الله أوَّلًا ثم على أشخاصٍ معينين، فأمرهم صلى الله عليه وسلم بكيفية الثناء على الله، ثم أعلَمهم أنَّ الدعاء للمؤمنين، وأنَّه يكون شاملًا، وأمرهم بإفراد السَّلام عليه بالذِّكر لشرَفه ومزيد حقِّه صلى الله عليه وسلم، ثم أثبت بشهادة التوحيد لله، والرِّسالة لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّها أصل الخير، وأساس الكمال، ثم عَقَّب بالصلاة عليه ليجمع له فضيلتَي الصَّلاة والسلام.
* * *
149 - بابُ الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلَامِ
(باب الدُّعاء قَبْلَ السَّلام)
832 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَفِتْنَةِ المَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ"، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ؟ فَقَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ".
833 -
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعِيذُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.
الحديث الأول:
(في الصَّلاة) ظاهره قُبَيل السَّلام؛ لأنَّ لكلٍ مما سبق شيءٌ يُقال فيه، فتعيَّن أن هذا الدُّعاء هنا، وبه يُطابق التَّرجمة، ويتأكَّد المراد بالحديث الذي في الباب بعده.
(المسيح) لأنَّ إحدى عينَيه ممسوحةٌ، فهو فَعِيْل بمعنى مَفعول، أو لأنه يمسح الأرض، أي: يقطعها في أيامٍ معدودةٍ، فهو بمعنى فاعلٍ.
(الدجال) قيَّد به ليَمتاز عن عيسى عليه السلام سُمِّي دجَّالًا لكثرة خَلْطه الباطلَ بالحقِّ.
(فتنة المحيا)؛ أي: الحياة، وهي الابتلاء مع زوال الصَّبر، وترْك طريق الهدى.
(وفتنة الممات)؛ أي: سؤال الملكين، وما في القَبْر من الشَّدائد والأهوال، وهما من ذكْرِ عام بعد خاصٍّ على وجه اللَّفِّ والنَّشر غير المرتَّب؛ فإنَّ فتنة المَحيَا أعمُّ من الدَّجَّال، وفِتْنة الممات أعمُّ من عذاب القبر.
قال (ع): هذا تعليمٌ للأمة الدعاء، وإلا فقد عصمه الله تعالى من ذلك كلِّه، فدعاه بدوام الخوف والافتقار إلى الله تعالى.
(المأثم)؛ أي: ما يَأثم به الإنسان، أو هو الإثْم نفسه، وُضِع المصدر موضعَ الاسم.
(والمغرم)؛ أي: الدَّين، فيما يَكرهُه الله، أو فيما يجوز لكنْ عجَز عن وفائه، فأما دينٌ احتاجه وهو قادر على أدائه فلا استعاذةَ منه، فالمَغْرَم إما مصدرٌ وُضع موضعَ الاسم، وإما المراد الغُرم نفسه، والأول إشارةٌ إلى حق الله، والثَّاني إلى حقِّ العباد.
(ما أكثر) فعل تعجُّبٍ.
(ما تستعيذ) في محلِّ نصبٍ به.
(حدث) جواب (إذا).
(فكذب ووعد) عطفٌ على حدَّث، وفي بعضها:(وإذا وعَدَ أخلَف)، وفيه إثبات عذاب القبر، وخُروج الدَّجَّال، وإفتانه.
* * *
834 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، قَالَ:"قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ".
الحديث الثاني:
(مغفرة) تَنكيره للتعظيم، وأنَّها لا يُعرف كُنْهُها، وزاد ذلك بقوله: