الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أم القرآن) هي الفاتحة، سُميت بذلك لاشتمالها على معاني القرآن، أو أول القُرآن كأم القرى لمكَّة؛ لأنَّها أَوَّل الأرض وأصلها.
(أجزأت)؛ أي: الصَّلاة، والإجزاء الأَداءُ الكافي لسُقوط التعبُّد.
ففي الحديث: أنَّ الصَّلاة بلا قراءة الفاتحة لا تُجزئ، واستحبابُ السُّورة بعدها، فهو دليلٌ على الحنفية في قولهم بوجوب السُّورة في الأُوليين من الرُّباعيات؛ لأنَّ قول الصحابي عندهم حُجَّةٌ، أو أنَّه من باب الإجماع السُّكوتي، حيث لم يُنكر ذلك أحدٌ على أبي هريرة، أو أنَّ الغالب أنَّ مثل هذا إنَّما يُقال عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بالرأي، وفيه أنْ لا حَدَّ للزِّيادة على الفاتحة، قال جابر بن سَمُرَة: قراءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الفجر كانت بـ (قاف)، وأبي بكر بـ (البقرة) في الرَّكعتَين، وعُمر: بـ (يونسُ) و (هود)، وعُثمان بـ (يوسف) و (الكهف)، وعلي بـ (الأنبياء)، ومُعاذ بـ (النِّساء).
* * *
105 - بابُ الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ
وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: طُفْتُ وَرَاءَ النَّاسِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَيَقْرَأُ بِالطُّورِ.
(باب الجَهْر بقَراءَةِ صلاةِ الفَجْر)، في نُسخةٍ:(الصُّبح)، وسبَق
في الباب قبلَه التَّعليق عن أم سلَمة.
* * *
773 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءَ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءَ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءَ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءَ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِنَخْلَةَ، عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءَ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا:{يَا قَوْمَنَا} {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نبَيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} ، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجنِّ.
الحديث الأَوَّل:
(عُكاظ) بضَمِّ المُهمَلة، وخِفَّة الكاف، وبظاءٍ معجمةٍ، يُصرف
ولا يُصرف، ففي "المُحْكَم" عن اللَّحْيَانيِّ: أهلُ الحِجاز تَصرفُه، وتَميم لا تَصرفُه، و (سُوْق) يُذكَّر ويُؤنَّث، سُمِّي بذلك لقيام النَّاس فيه على سُوقهم.
قال الجَوْهَري: عُكاظ: سوقٌ بناحية مكَّة يجتمعون فيه شهرًا في كل سنةٍ يَتبايعون، ويَتناشدون الأشعار، ويَتفاخرون، هدَمَ الإسلام ذلك.
(حيل) حُجِزَ.
(الشُّهُب) بضَمِّ الهاء: جمعُ شِهَاب، وهو شُعلة نارٍ ساطعةٌ ككوكبٍ ينقَضُّ.
(فاضربوا)؛ أي: سِيْروا.
(مشارق) نصبٌ على الظَّرفيَّة، أي: في مشارق.
(أولئك)؛ أي: الجِنُّ، وعِدَّتهم تسعةٌ كما في "مستدرك الحاكم".
(تِهامة) بكسر التَّاء: بلَدٌ، وقيل: كلُّ ما نزَل عن نَجْدٍ من بلاد الحِجَاز تُسمَّى بذلك لشدَّة الحَرِّ من التَّهَم، وهو شِدَّة الحرِّ، ورُكود الرِّيح، وفي "المَطالِع": أنَّها من تَهَم الدُّهنُ إذا تَغيَّر؛ لأنَّ هواءَها متغيرٌ.
(بنخلة) موضعٌ معروفٌ، لا يَنصرف، وفي "مسلم":(بنَخْلٍ)، وبطن نخلةٍ موضعٌ بين مكَّة والطَّائف.
(عامدين) حالٌ من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنْ جُمع باعتبار مَن معه، أو تعظيمًا له.
(استمعوا)؛ أي: اسمعوا بقَصْدٍ وإصغاءٍ فيه تصرُّفٌ بخلاف سَمع، فإنه أعمُّ.
(فهنالك) ظرْفُ مكانٍ، والعامل فيه:(قالوا)، وفي بعضها:(فَقَالُوا)، فالعامل (رجَعوا) مقدَّرًا يُفسِّره المذكور.
قال (ن): ظاهر هذا الحديث أنَّ الحَيْلُولة بين الشَّياطين وخبَر السَّماء حدثَتْ بعد نبوَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم، ولذلك أنكرتْهُ الشَّياطين، وضرَبوا مشارق الأرض ومغاربها ليَعرفوا خبَره، ولهذا كانت الكَهانة فاشيةً في العرَب، حتَّى قُطع بينهم وبين خبر السَّماء، كما قال تعالى:{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} الآية [الجن: 8]، وقد جاءت أشعارُ العرب باستِغرابهم رميَها؛ لكونهم لم يَعهدُوه قبل النُّبوَّة، فكان رميُها من دلائل النُّبوَّة، وقيل: لم تزَل الشُّهب مُذْ كانت الدُّنيا، وقيل: كانت قليلةً، فغلُظَ أمرُها، وكثُرت بعد البَعْث، وذكر المفسِّرون أنَّ حراسة السَّماء والرَّمي كان موجودًا، لكن عند حُدوث أمرٍ عظيمٍ من عذابٍ ينزل بأهل الأرض، أو إرسالِ رسولٍ إليهم، وقيل: كانت الشُّهُب قبل البَعث مرئيَّةً معلومةً، ولكنْ رمي الشَّياطين بها وإحراقُهم لم يكن إلا بعد النُّبوَّة، وسبب الاختلاف أن في "مسلم" ما يُعارض رواية البُخاري، فأُريد الجمع بما ذُكر.
قال (ن): وفيه مشروعيَّة الجماعة في صلاة السَّفَر، وأنها من أَوَّل النُّبوَّة.
قال (ك): وفيه وُجود الجِنِّ، ومن لم يؤمن منهم هم الشَّياطين، فليسوا أنواعًا تخالف بل الجنُّ أعمُّ.
واعلم أنّ هذا الحديث مرسلُ صحابيٍّ؛ لأنَّ ابن عبَّاس لم يَرفعْه، ولا هو مُدرك للقضيَّة.
* * *
774 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيَّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا أُمِرَ، وَسَكَتَ فِيمَا أُمِرَ، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} ، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .
الحديث الثَّاني:
(أُمر) بضَمِّ الهمزة، أي: أمَرَ الله تعالى.
(نسيًّا)؛ أي: تاركًا لبيان أفعال الصَّلاة، وهو من مجاز إطلاق المَلزوم وإرادة اللَّازم؛ إذ نسْيان الشَّيء ملتزمٌ لتركه؛ لاستحالة نسبة النِّسيان لله تعالى، ولهذا لم يجعل كنايةً؛ لأنَّ شَرْط الكناية إمكان إرادة معناه الأصلي، وشرطه أيضًا مساواةُ المَلزوم، والتَّرْك لا يستلزم النِّسيان، فقد يكون عمْدًا، هذا عند البيانيين، وأما عند الأُصوليين فالكناية نوعٌ من المجاز.
قال (خ): (سكَت) معناه أَسَرَّ القراءةَ لا التَّرك أصلًا، فإنَّه صلى الله عليه وسلم -