الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فيها)، أي: في السَّجدة، أي: القارئ إمامٌ، أي: مَتبوعٌ، والسامع تابعٌ، ولهذا يتأكَّد سجوده إذا سجَد القارئ.
(أحدنا)؛ أي: بعضُنا، وليس المراد كلَّ واحدٍ، ولا واحدًا معينًا.
قال (ط): فيه الحِرْصُ على الخيْرِ، والمُسابقةُ إليه، ولُزومُ متابعته النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ثم يحتمل أن الذي لم يسجُد سجَد بعد ارتفاع النَّاس، أو بالإيماء بقدْرِ طاقته، وقال أحمد، والكوفيون: مَن لا يَقدر على الأرض يسجُد على ظَهْر أخيه، وقال مالكٌ: يُمسِك فإذا رفَعوا سجَد.
* * *
10 - بابُ مَنْ رأَى أَنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يُوجِبِ السُّجُودَ
وَقِيلَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا. كَأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ سَلْمَانُ: مَا لِهَذَا غَدَوْناَ.
وَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه: إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَسْجُدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، فَإِذَا سَجَدْتَ وَأَنْتَ فِي حَضَرٍ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَإِنْ كُنْتَ رَاكِبًا فَلَا عَلَيْكَ حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ، وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ لَا يَسْجُدُ لِسُجُودِ الْقَاصِّ.
(باب مَنْ رأَى أنَّ الله لم يُوجِب عليه السُّجود)
(ولم يجلس لها)؛ أي: لاستماع القراءة.
(أرأيت)؛ أي: الوجوب لو جلَس لها، فهو استفهامٌ إنكاريٌّ، أي: فلا وُجوبَ ولو كان مستمِعًا.
(كأنه) هو من كلام البخاري، أي: كأن عِمْران لا يوجب السُّجود على المُستمع، فالسماع أَولى.
(سلمان)؛ أي: الفارسي.
(ما لهذا)؛ أي: ما غُدوُّنا لأجل السَّماع، أي: لم نقْصِدْه، فلا نسجُد.
(استمعها)؛ أي: قصَدَ السَّماعَ، وأصغَى، أما السامع فهو الذي اتفَق سَماعُه من غير قَصْدٍ.
(راكبًا)؛ أي: في سفَر؛ لأنه مُقابل قَوله: وأنْتَ في حضَرٍ، والرُّكوب في السَّفَر أغلَبُ، فعبَّر به عنه.
(فلا عليك)؛ أي: لا بأْسَ أن لا تستقبلَ القِبْلة عند السُّجود.
(القاص)؛ أي: الذي يَقرأُ القَصَص، كأنَّه لكَونه لا يَقصِد قراءة القُرآن.
* * *
1077 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَناَ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرني أَبو بَكرِ بْنُ أَبِي
مُلَيْكَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ -قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ رَبِيعَةُ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ- عَمَّا حَضَرَ رَبِيعَةُ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ: يَا أيُّهَا النَّاسُ! إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رضي الله عنه.
وَزَادَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: إِنَّ اللهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نشَاءَ.
(الهدَيْر) بضمِّ الهاء، وفتح الدال المُهمَلة، وسُكون الياء المثنَّاة تحت، وآخره راءٌ.
قال الكَلابَاذِي: إنَّ رَبِيْعة هذا روي عنه حديث موقوفٌ في (كتاب سجود القرآن).
(عما) متعلِّقٌ بـ (أخبَرني)، أما عن عُثمان فلا يتعلَّق بـ (أخبَرني)؛ لأن حَرفَي الجرِّ (1) لا يتعلَّقان بفعلٍ واحدٍ، فيُقدَّر تعلُّق (عن) الأولى بمحذوفٍ، أي: راويًا عن عُثمان بالسُّجود، أي: بآية السجود.
(إنا نمر) ذكَر (ش): (إنا أُمِرنا بالسُّجود)، وقال: كذا لأكَثرهم،
(1) في الأصل زيادة: "بمعنى".
وعند بعضهم: (إنا لم نُؤمَر).
قال القَابِسيُّ: وهو الصَّواب، وهو معنى الحديث الآخر:"إنَّ الله لَم يَفرِضِ السُّجودَ علَينا".
(فلا إثم) صريحٌ في عدَم وُجوبه؛ لأنَّه بمحضَرٍ من الصَّحابة، ولم يُنكره عليه أحدٌ، فكان إجماعًا سُكوتيًّا.
(وزاد نافع) هو عطفٌ على (أخبَرني ابن أَبي مُلَيْكة)، فهو من رواية ابن جُرَيج عنه، خلافًا لادِّعاء المُزَني أنه معلَّقٌ، وقد أوضح ذلك الإِسْمَاعِيْلي، والبَيْهَقِي، نعَمْ، هو موقوفٌ كالذي قبله، وإجماعٌ سكوتيٌّ؛ لعدم الإنكار أيضًا.
(لم يفرض) قال (ط): لا يُؤخذ منه أنه غير فَرْضٍ، بل واجبٌ كما تَزعُمه الحنفية؛ لأنَّ هذا اصطلاحٌ متجدِّدٌ لم تكن الصَّحابة تتَخاطَبُ به، ولا دليلَ لهم على الوُجوب من قوله:{لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21]، فذَمَّهم، ولا يكون إلا في واجبٍ؛ لأن الذَّمَّ على عدَم الإيمان؛ لقوله تعالى:{لَا يُؤمِنُونَ} [الانشقاق: 20]، لا للسجود وحدَه؛ لأن الكافر لو سجَد ألف مرَّة الذَّمُّ لاحقٌ به، ولا مِن قوله:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19]؛ لأنَّه أمرٌ بالصلاة، وتعليمٌ له بالسُّجود فيها؛ لأن سُجود القرآن إنما هو فيما جاءَ بلفظ الخبَر.
* * *