الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو هو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هذا الجلوس أو هذا الحكم كان فيها، أو أنَّ (في) بمعنى (من)، والغرَض بيان نَدْبيَّة جلوس الاستراحة، وفيه أيضًا جواز تعليم الصَّلاة والوضوء عمَلًا وعِيانًا كما فعَل جِبْريل.
* * *
46 - بابٌ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ
(باب: أهلُ العِلْم والفضْل أحقُّ بالإمامة)
678 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نصرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: مَرِضَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَقَالَ:"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّهُ رَجُلٌ رَقيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، قَالَ:"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَعَادَتْ، فَقَالَ:"مُرِي أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ"، فَأتَاهُ الرَّسُولُ، فَصَلَّى بِالناسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الحديث الأَوَّل:
(رقيق) بقافين، أي: القلب لا يستطيع لكثْرة الحُزْن، وغلَبة البُكاء والرّقَّة ذلك.
(فليصل) مجزومٌ بحذْف الياء، وفي بعضها بإثباتها.
(إنَّكنَّ) خطابٌ لعائشة، وجنْسِها.
(أتاه)؛ أي: أبا بكر.
(الرَّسول) هو بلالٌ، كما سيأتي قريبًا، ويحتمل أنَّه عبد الله بن زَمْعة ابن الأَسْوَد؛ لأنَّه روي ذلك من حديثه، وسبق شرح الحديث، وما فيه من الأصلَين، والنَّحو في (باب حدِّ المَريض أن يشهد الجماعة).
قال التَّيْمي: النبيُّ صلى الله عليه وسلم كان أحقَّ أن لا يتقدَّمه أحدٌ في الصَّلاة، وجعَلَ ما كان إليه بمحضرٍ من الصَّحابة لأبي بكر، وجميعُ الأمور تبَعٌ للصَّلاة، فهو أفضل الأُمة، ومراجعةُ عائشة إنَّما هو لخوفِ أنْ يتشاءمَ النَّاس وإمامته، فيَقولوا: أَمَّنَا ففقَدْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمعنى (صواحب يوسف) تَشبيهٌ بزَليْخا ومَن معَها من النِّسوة في أنهنَّ تظاهرْنَ على يوسف ليَصرِفْنَه عن رأيه في الاستعصام، وفي "أمالي ابن عبد السَّلام": وجود مكْرٍ في القصَّتين؛ لأن نساءً جئْن لزليخا ليَعتِبْنَها، وقصَدْن أن يَدعونَ يوسُفَ لأنفسهنَّ، وعائشة كان مرادها أن لا يتطيَّر النَّاس بأبيها كما تقدَّم.
* * *
679 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِك، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها: أنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَرَضِهِ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ" قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ
النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَهْ، إِنَّكنَّ لأَنتنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ"، فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: مَا كنْتُ لأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا.
الحديث الثَّاني:
(مه) اسمُ فِعْلٍ مبنيٌّ على السُّكون، أي: اُكْفُفْنَ، فهو زجْرٌ.
(إنكن) إما خطابٌ للجنس كما سبق، أو أنَّ أقلَّ الجمع اثنان.
* * *
680 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَني أَنسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيّ -وَكَانَ تَبعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ-: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ، فَكَشَفَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا، وَهْوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نفتَتِنَ مِنَ الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَارِج إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، فتوُفِّي مِنْ يَوْمِهِ.
(تبع)؛ أي: في العقائد، والأقوال، والأخلاق.
(وخدمه)؛ أي: عشر سنين، فهو لبَيان زيادة شرَفه.
(وصحبه) لأنَّ الصُّحبة أعلا مقاماتِ المؤمنين.
(يوم) بالنَّصْب خبرُ (كان)، أو بالرَّفْع على أنَّها تامَّةٌ.
(وَرَقة) بفتح الرَّاء، شُبِّه بها في الجَمال البارِع وحُسن الوجْه وصَفاء البشَرةِ لرِقَّةِ الجلْد وذهاب اللَّحم ونحوها.
(مصحف) مثلَّث الميم.
(يضحك)؛ أي: فرَحًا باجتماعهم على الصَّلاة، واتفاقِ كلمتهم، وإقامتهم شريعتَه، ولهذا استَنارَ وجهُه.
(هممنا)؛ أي: قصَدْنا.
(نكص)؛ أي: رجَع.
(ليصل) من الوُصول لا من الوَصْل.
(الصَّفَّ) نُصِبَ بنزع الخافض، وفيه أنَّ الخُطوة والخُطوتان لا تُبْطِل الصَّلاة.
* * *
681 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَخْرُجِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا،
فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يتَقَدَّمُ فَقَالَ نبَيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحِجَابِ فَرَفَعَهُ، فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا نظرْناَ مَنْظَرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِينَ وَضَحَ لَنَا، فَأَوْمَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ تتَقَدَّمَ، وَأَرْخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحِجَابَ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ.
الحديث الثَّالث:
(ثلاثًا)؛ أي: ثلاثةَ أيامٍ فحُذفت تاؤه؛ لأنَّ المميِّز غير مذكورٍ.
(فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم بالحجاب)؛ أي: أخذَه، فهو من إقامة القَول مقام الفعل.
(فلم يقدره عليه) بضَمِّ المُثنَّاة، أو بفتح النُون، ففيه أنَّ أبا بكرٍ خليفتُه في الصَّلاة إلى مَوته، ولم يُعزَل كما تقول الشِّيعة أنَّه عُزِل لخُروج النبي صلى الله عليه وسلم، وتقدُّمه وتخلُّف أبي بكر.
* * *
682 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب قَالَ: حَدَّثَنِي يُونسٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ قِيلَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ:"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إذَا قَرَأَ غَلَبَهُ الْبُكَاءُ، قَالَ:"مُرُوهُ فَيُصَلِّي" فَعَاوَدَتهُ، قَالَ: "مُرُوهُ
فَيُصَلِّي، إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ".
تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وإسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ عُقَيْلٌ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الرابع:
عُلِمَ شرْحه مما سبق.
(تابعه الزُّبَيدي) بضَمِّ الزَّاي، وفتح المُوحَّدة: محمَّد بن الوَليْد، وقد وصلَها الطَّبَراني في "مُسند الشَّاميين".
(وابن أخي الزُّهري) وصلَها الذُّهْلِي في "الزُّهريَّات".
(وإسحاق) يَرويه في نسخته من طريق سُليمان بن عبد الحَمِيْد البَهْرَاني، عن يحيى بن صالح، عنه.
(وَعَقِيْل) أَسْنَدَها الذُهْلِي في "الزُّهريَّات".
(وَمَعْمَر) وصلَها ابن سعد في "طبقاته"، وأبو يَعْلى في "مُسنده".
قال (ك): والفَرْق بين المتابعتَين أنَّ الثَّانية كاملة من حيث رفعُها إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأُولى ناقصةٌ لوَقْفها على الزُّهري، ويحتمل أنَّ الأُولى هي المُتابعة، والثَّانية متأوَّلةٌ، وفيها إرسالٌ.
* * *