الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لا خلاق) وإن كان عامًّا للنساء، لكن خرجْنَ بدليل.
"تصيب" في بعضها: (وتصيب)، وهو أظهر.
"حاجتك" كإعطائها بعض نسائك أو نحوه، وسبق مباحث في الحديث في (كتاب الجمعة) في (باب يلبس أحسنَ ما يجد)؛ نعم هناك للجمعة وللوفود، وهنا للعيد وللوفود، وهما قصةٌ واحدة، لأنه لا يُظنُّ بعُمر بعد أن يعرف الجواب أن يُعيد السؤال، لكن الجمعة أيضًا عيد، فلا تنافيَ بين اللفظين.
* * *
2 - بابُ الْحِرَابِ وَالدَّرَقِ يَوْمَ الْعِيدِ
(باب الحراب)، جمع حَربة، والدَرَق -بفتحتين- جمع درقة، وهي ترس من جلد ونحوه.
949 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ عَمْرٌو أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانتهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ
السَّلَامُ فَقَالَ: "دَعْهُمَا"، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا.
950 -
وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَإِمَّا قَالَ:"تَشْتَهِينَ تنظُرِينَ؟ "، فَقُلْتُ: نعمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ:"دُونكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ"، حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ:"حَسْبُكِ"، قُلْتُ: نعمْ، قَالَ:"فَاذْهَبِي".
"أحمد" الظاهر أنه ابن صالح المِصْري.
"ابن وهب"؛ أي: عبد الله.
"عمرو"؛ أي: ابن الحارث.
"جاريتان"؛ أي: دون البلوغ كالغلام في الذُّكور، واسم أحدهما: حمامة كما في "كتاب العيدين" لابن أبي الدنيا بسند صحيح.
"تُغنيان"؛ أي: ترقِّقان أصواتَهما بإنشاد الشعر قريبًا من الحُدَاء.
"بغناء" بكسر الغين والمد.
"بُعاث" بضم الموحدة وخفة المهملة وبمثلثة غير مصروف على الأشهر، وقال أبو عُبيد: الغين معجمة.
قال في "النهاية": هو اسم حِصْن جرت الحرب عنده بين الأَوس والخزرج، وكانت فيه مَقْتلة عظيمة، وانتصر فيها الأوس على الخزرج، واستمرت الحربُ بينهما مئة وعشرين سنة، حتى جاء الإسلامُ فألَّف الله بينهم ببركةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
"فانتهرني"؛ أي: زَجَرني.
"مِزمارة" بكسر الميم وتاء التأنيث: صوت فيه صَفير، وفيه استفهام مقدَّر، وإنما أنكره الصِّدِّيق لما تقرَّرَ عنده من تحريم اللهو والغناء مطلقًا، ولم يَعْلم أنه صلى الله عليه وسلم قررَّهنَّ على هذا القدر اليسير، فلذلك قال له صلى الله عليه وسلم:(دعهما)، ثم علل بأنه يوم عيد، أي: يومُ سرور وفرحٍ شرعي.
"فخرجنا" في بعضها: (خرجنا)، بلا فاء، بدل أو استئناف.
"سألت"؛ أي: التمست.
"خدي على خده" الجملة اسمية حالية، لكن الزمخشري مرة يقول: بلا واو فصيح، ومرة يضعِّفه، وتحقيقه: إن صلح موضعها مفرد ففصيح نحو: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36]، أي: مُعادين، وإلا فلا، وهنا يقدَّر: متلاصقَين.
"دونكم" إغراء، والمُغْرى به محذوف دل عليه الحال؛ أي: دونكَم اللعبَ؛ أي: الزموا ما أنتم فيه وعليكم به.
"أرْفِدة" بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء على الأشهر وفتحها وإهمال الدال: لقب لجِنس من الحبشة يرقُصُون، وهو جَدُّ الحبشة.
"مَلِلْت" بكسر اللام.
"حسبك"؛ أي: أحسبك والاستفهام مقدَّر، أي: أكافيك هذا القدر.
قال (خ): كان ذلك بحضرته صلى الله عليه وسلم، لأنه بوصف الحرب والشجاعة، وما يجري في القتال فيه تحريض على قتال الكفار لإقامة الدين، وأما
الغِناء بذكرِ الفَواحش والمُجاهرة بالمُنْكرات فمحظورٌ مُسْقِطٌ للمروءة لا يقع مثلُه بحضرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقال (ط): ليس في الحديث أنه أخرج الحبشةَ للعب، ولا أمرَ أصحابَه للتأهُّب له، ولم تكن الحبشة له عسكرًا، ولا أنصارًا؛ إنما هو قومٌ يلعبون، وفائدة إباحة نظرِه: أن فيه تدريب الجوارح على تقليب السلاح لتخِف الأيدي بها في الحرب، وكذا حمل السلاح لا مدخلَ له في سنة العيد، ولا هيئة الخروج إليه، ولكنه جائز.
وفي الحديث: ما كان له صلى الله عليه وسلم من حُسن الخلق، ومعاشرة الأهل، والتَّمكين مما لا حَرجَ فيه.
قال (ن): أباح الغناء بعضُ أهلِ الحجاز، وحرَّمه أهلُ العراق، ومذهبُ الشافعيِّ كراهتُه، وهو المشهور عن مالك، وقد أجازت الصحابةُ غناءَ العربِ الذي فيه إنشادٌ وترنُّم والحُداء، وفعلوه بحضرته صلى الله عليه وسلم، وهذا ومثلُه ليس (1) بحرام ولا يجرح الشاهد.
وفي الحديث: أن مواضع الصالحين تُنزَّه عن اللهو، وإن لم يكن فيه إثم، وأن التابع للكبير إذا رأى بحضرته ما لا يليق به ينكره إجلالًا للكبير أنْ يتولَّى ذلك بنفسه، وإنما سكت صلى الله عليه وسلم لأنه مباحٌ، وهذا من رأفته وحِلْمه صلى الله عليه وسلم.
وفيه جواز نظرهنَّ إلى لعب الرجال من غير نظر إلى نفسِ البدن؛
(1)"ليس" ليست في الأصل.