الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روايته برواية مَعْمَرٍ له، وفيه تحسينُ حفْظه.
(حفظت من شقه الأيمن)؛ أي: حفظتُ من الزُّهري أنَّه قال: فَجُحِشَ مِنْ شِقِّه الأيمن.
(ابن جُرَيْج)؛ أي: عبد المَلِك بن عبد العَزيز بن جُرَيْج.
(وأنا عنده)؛ أي: وأنا كُنْت عند الزُّهري، فقال: ساقُه بدَلَ شِقِّه، فهو عطْفٌ على مقدَّرٍ، أو جملةٌ حاليَّةٌ من فاعل (قال) مقدَّرًا، أي: قال الزُّهري، وأنا عنده، ويحتمل أنَّ هذا مقولُ سُفيان لا مَقول ابن جُرَيْج، والضَّمير حينئذٍ راجعٌ لابن جُرَيْج لا للزُّهري.
* * *
129 - بابُ فَضْلِ السُّجُودِ
806 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا: أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ "، قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ"، قَالُوا: لَا، قَالَ: "فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ،
فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَتقُولُ: أَناَ رَبُّكُّمْ، فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَناَ رَبّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَاني جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِاُمَّتِهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ، وَكَلَامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُخْرِجُونهمْ وَيَعْرِفُونهمْ بِآثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكلُهُ النَّارُ إِلَّا أثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُل بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَهْوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَقُولُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ
غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، فَيُعْطِي اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الْجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا، سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قَالَ: يَارَبِّ! قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَيثِاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَهُ، فَيقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، فَيُقَدِّمُهُ إلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا، فَرَأَى زَهْرتهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ! ألَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟! فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللَّهُ عز وجل مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ، قَالَ اللَّهُ عز وجل مِنْ كَذَا وَكَذَا، أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حَتَّى إِذَا انتهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ".
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ"، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَوْلَهُ: "لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ"، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ".
(باب فضْلِ السُّجود)
(نرى)؛ أي: رُؤية البصَر، وإلا فرُؤية العِلْم تحتاج لمفعولَين، ولمَا كان للتقييد بيوم القيامة فائدةٌ.
(تُمارون)؛ أي: تشكُّون، وهو بضَمِّ أوَّله، من المُفاعَلة، وفي بعضها بفتحها من التَّفاعُل، وأصله تَتَمارَون؛ حذفتْ إحدى تاءَيه.
(كذلك)؛ أي: بلا مِرْية بل بظهورٍ وجَلاءٍ، ولا يَلزم مسامتةٌ ولا جهةٌ؛ لأن اعتبار ذلك بالعادة، والعقلُ يجوِّز ذلك بدُونه.
(فيقول)؛ أي: الله تعالى، أو: فيقول القائل.
(فليتبع) بإسكانِ المُثنَّاة، وتَشديدها، ويُروى:(فليَتْبَعْهُ).
(الطواغيت) جمع طاغُوت، وهو الشَّيطان، وكلُّ رأسٍ في الضَّلال، بوَزْنِ لاهوت؛ لأنَّه مقلوبٌ، لأنَّه من طَغَى.
(فيها منافقوها)؛ أي: يَستهزئون بهم كما كانوا في الدُّنْيا، واتبعوهم لعلَّهم ينتفعون بذلك، حتَّى ضُرِبَ بينهم بسُورٍ له بابٌ باطنُه فيه الرَّحمة، وظاهرُه من قِبَله العذابُ.
(فيأتيهم الله) كِنَايةٌ عن الظُّهور لاستِحالة التَّحوُّل عليه تعالى؛ لأنَّ الإتيان مستلزمٌ للظُّهور على المأتيِّ إليه، وأما تَكرار ذلك فلأنَّه في الأُولى ظُهور غير واضحٍ؛ لبقاء بعض الحجُب أولًا، والثَّاني غايةٌ في الظُّهور، أو أنَّه أبهم أولًا، ثم فسر ثانيًا بزيادةِ بيانٍ، والجائي أوَّلًا هو الملَك، ففيه إضمارٌ، لأنَّ الملَك معصومٌ، فكيف يقول: أنا ربُّكم،
فقال (ك): لا نُسلِّم عصمتَه من مثْل هذه الصَّغيرة، أو جاز ذلك لامتِحان المؤمنين، وهذا عجيبٌ؛ فإنَّه يلزم أنْ يكون قَولُ فِرْعون وغيره: أنا ربُّكم = من الصَّغائر، وأيضًا فإساءةٌ على الملائكة، فالصَّواب طرْح ذلك كلِّه لما قرَّره.
(مكاننا) بالرَّفْع خبرُ المبتدأ.
(فيقولون: أنت ربنا) ومعرفتهم له إما بأنَّ الله يخلق فيهم عِلْمًا به، وإما بما عرَفوا من وصْفِ الأنبياء لهم في الدُّنْيا، وإما بأنَّ جميع العُلوم تصير يوم القيامة ضَروريًّا، فإنْ قيل: ظاهرُه أَنَّ المُنافقين يرَون ربَّهم، قيل: ليس في الحديث إلا أنَّ الأُمَّة يَرونَه، ولا يدلُّ على رؤية الجميع، بل هو كما يُقال: قتَلَه بنو تَميم، وإنْ كان القاتل بعضَهم، ثم لو ثبَتَ العُموم صريحًا كان مخصوصًا بالإجماع، وسائر الأدلة.
واعلم أنَّ هذا الحديث من المُتشابه، ففيه مذهبَا التَّفويض والتَّأْويل.
قال (خ): الرُّؤية هنا غير الرُّؤية التي يُكرم الله بها أولياءَه في الجنَّة؛ لأنَّ هذا امتحانٌ ليتميَّز عابدوه من عابدي الشَّمس ونحوها، فيَتبع كلُّ فريقٍ معبودَه، ولا إنكارَ في [أنَّ] هذا الامتحان يبقى إلى الفراغ من الحساب، ثم يقع الجزاء بالثَّواب والعقاب.
قال: وأما الإتيان فتَأويله: أنَّ طُروَّ الرُّؤية بعد أن لم يكن بمنزلة
إتيان الآتي من حيث لم يكونوا شَاهدوه من قبلُ، ويُشبه أن يكون حَجَبهم عن تحقُّق الرُّؤية في الأُولى، حتَّى قالوا: هذا مكاننُا من أجل أنَّ معهم منافقون لا يستحقُّون الرُّؤية، وهم عن ربِّهم محجوبون، فلمَّا تميَّزوا ارتفعت الحُجُب، فقالوا عندما رأَوه: أنتَ ربُّنا، ويحتمل أنَّ الأَوَّل قول المُنافقين، وهذا الأخير قول المؤمنين، وقد رواه البُخاري كما سيأتي بلفظ:(فيَأْتيهمُ اللهُ في غير الصُّورة التي يَعرِفُون، فيقول: أَنا رَبُّكُمْ)، وهذا يؤكِّد أنَّه قول المُنافقين، ولفظه وإنْ كان عامًّا فالمُراد خاصٌّ، وأما الصُّورة فالمراد بها الكيفيَّة، كما تقول: صُورة هذا الأمر كذا، أي: صفتُه، أو أنَّه خرَج على نَوعٍ من المُطابقة؛ لأنَّ سائر المَعبودات المذكورة صورةٌ، وقال (ع): يحتمل أن يقال: يَظهَر لهم في صُورة ملائكته التي لا تُشبه صفاتِ الإله اختِبارًا، فإذا قال لهم: أَنا ربُّكم؛ أنكَروا لمَا رأَوه من علامة المخلوق، ويستعيذون بالله منه.
قلتُ: وكان شيخنا شيخ الإسلام البُلقيني رحمه الله يُقرِّره لنا بوجهٍ جميلٍ، وهو: أنَّ الله تعالى تَعبَّد عبادهُ بصفاتٍ فيه يَعرفونَها، واستَأْثر بعلمِ صفاتٍ أُخرى، فإذا تَجلَّى لهم يوم القيامة بصفةٍ لم يتعبَّدْهم بها أنكَرُوها، فإذا تَجلَّى لهم بالصِّفة التي تعبَّدَهم عرَفوها، وقالوا: أنْتَ ربنُّا، فلم يبقَ بعد ذلك في الحديث إشكالٌ أصلًا.
(ظَهْرانيَ) بفتح الظَّاء، وسكون الهاء، وفتح النُّون، أي: ظَهْرَي، فزِيْدتِ الألف والنُّون للمُبالغة، وقيل: لفْظ الظَّهر مُقحمٌ أيضًا، وأنَّ
المُراد: يُمَدُّ الصِّراط عليها.
وفيه إثبات الصِّراط، وهو جِسْرٌ على متْن جهنَّم أرَقُّ من الشَّعْر، وأحدُّ من السَّيف، يَمرُّ عليه النَّاس كلُّهم.
(يجوز)، في رواية:(يُجيْزُ)، لأنَّ جازَ وأَجازَ بمعنًى واحدٍ، وهو قطع المسافة.
(لا يتكلم)؛ أي: لشدَّة الأهوال، والمُراد حال الإجازة، وإلا فيَتكلَّم النَّاس في مواطنَ في القيامة، وتُجادِلُ كلُّ نفس عن نفسها.
(سلم سلم) هو مِن كمال شفَقة الرُّسُل على الخلْق.
(كَلاليب) جمع كلُّوب بفتح الكاف، وضمِّ اللَّام، وهو الحديدة التي يُعلَّق فيها اللَّحم، ويقال لها أيضًا: كُلَّاب بضَمِّ الكاف.
(السَعْدَان) بفتح المُهمَلة الأُولى، وسُكون الثَّانية، وبإهمال الدَّال: نَبْتٌ له شَوكٌ عظيمٌ من كل الجوانب مثل الحسَك، وهو أفضل مَراعي الإبِل يُضرَب به المثَل، فيُقال: ولا كالسَّعْدان.
(تخطف) بفتح الطَّاء، وكسرها.
(بأعمالهم)؛ أي: بسبب أعمالهم القبيحة، أو على حسَب أعمالهم وبقَدْرها.
(يوبق) بالبناء للمَفعول، قال ابن قُرْقُوْل: بموحَّدةٍ، مِن وبَقَ الرَّجلُ: هلَكَ، وأوبقَه الله: أهلكَه، وقال الطَّبَري: بالمُثلَّثة من الوِثَاق.
(يخردل) بخاءٍ معجمةٍ، ودالٍ مُهمَلةٍ، وقال أبو عُبيدة: بإعجام
الدَّال، وللأَصِيْليِّ بالجيم بمعنى الإِشْراف على الهَلاك، ومعنى الأَوَّل: أنَّه يقطع كالخَرْدَل.
(من أهل النَّار)؛ أي: الدَّاخلين، والمُراد بالمُنجَى المؤمنين، وإلا فالكافِر لا ينجو من النَّار أبدًا.
(أثر السُّجود)؛ أي: موضع أثَره، فيشمَل الأعضاءَ السَّبعة، وقال (ع): المُراد الجبهة خاصةً.
(كل ابن آدم)؛ أي: كل أَعضائه.
(امتحشوا) بالفَوقانيَّة، والمُهمَلة المفتوحتَين، وبإعجام الشِّين، أي: احتَرَقُوا، كذا ذكره (ع) عن المُتقنين، ورُوي بضَمِّ التَّاء، وكسر الحاء، والمُراد: انقَبضُوا، أو اسوَدُّوا.
(الحبة) بكسر الحاء المُهمَلة: حبٌّ بالصَّحْراء.
(حميل) بفتح المُهمَلة: ما جاء به السَّيْل من طِيْنٍ ونحوِه، شبِّهَ به؛ لأنَّه أسرعُ في الإنبات، وسبَق في (باب تفاضُل أهل الإيمان) بيانُ ذلك.
(يفرغ) الإسناد فيه مجازيٌّ؛ لأَنَّ الله تعالى لا يَشْغَلُه شأْنٌ عن شأنٍ، فالمُراد: إتْمام الحُكم بين العبَاد.
(دُخولًا) تَمييزٌ، أو بمعنى الدَّاخِل حالًا.
(قِبَل) بكسر القاف، وفتح المُوحَّدة، أي: جِهَةَ.
(قَشَبَني) بالقاف والمُعجَمَة والمُوحَّدة المَفتوحات، أي: سَمَّني
وأهلَكَني، وكلُّ مسمومٍ قَشيبٌ، أي: صار ريحُها كالسُّمِّ في أنْفي.
(ذكاها) بالقَصْر، وإعجام الذَّال. قال (ن): إنَّه الأشهر، أي: لَهَبها، يُقال: ذكَت النَّار تَذكُو ذَكاءً: اشتَعلَتْ، قيل: وبالمدِّ أيضًا.
(عسيت) بفتح السِّين، وكسْرها.
(ذلك)؛ أي: الصَّرْف.
(فيعطى)؛ أي: الرَّجل.
(بهجتها)؛ أي: حُسْنها، وهذه الجملة بدلٌ من جُملة:(أقبل على الجنَّة).
(أشقَى)؛ أي: كافِرًا.
ووجه مُطابقة جوابه لقوله: (أَلَيْسَ قد أَعْطَيتَ): أنَّ كرَم الله أطمَعَه، {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 78].
(فما عسيت)، (ما) استفهاميَّةٌ.
(أن تسأل) خبر (عسى).
(ذلك)؛ أي: التَّقديم إلى باب الجنَّة، والجملة معترضةٌ، وفي بعضها:(أَنْ لا تَسأَلَ)، بزيادة لفظ:(لا)، إما زائدةً كما في:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29]، وإما نافيةً، ونفي النَّفي إثباتٌ، أي: عسَيت أن تسأل غيرَه، وإنَّما قال الله تعالى ذلك -وهو عالمٌ بما كان وما يكون- إظهار ما عُهد من بني آدم من نقْض العهْد، وأنَّهم أحقُّ بأن يُقال لهم ذلك، فمعنى (عسَى) راجعٌ للمُخاطَب لا لله تعالى.
(فسكت) بالفاء، وجواب (إذا بلغ) محذوفٌ، أي: تَحيَّر فسكت.
(من النضرة) بنونٍ مفتوحةٍ، وضادٍ معجمةٍ ساكنةٍ، أي: البَهْجة.
(ويحك) نصب بفعلٍ محذوفٍ؛ أي: الْزَمْ، وهي كلمةُ رحمةٍ، ووَيْل كلمة عذابٍ، وقيل: هما بمعنًى.
(يا ابن آدم) يُروى بحذف حرف النِّداء.
(ما أغدرك) صيغة تعجُّبٍ من الغَدْر، [و] هو تَرْك الوفاء.
(فيضحك) مجازٌ، والمراد لازِمُه، وهو الرِّضا وإرادةُ الخير، كسائر الإسناد في مثله مما يستحيل عليه تعالى، فإنَّ المراد لوازمُها.
(أقبل يذكره)؛ أي: يُذكِّره الأماني.
(أمانيك) مشدَّد الياء جمع أُمْنيَّة، وهو بدَلٌ من جملةِ (قال الله تعالى)، وفي بعضها:(قَبْل) ظرفًا؛ أي: زِدْ من جنس أمانيك التي كانت لك قبل أنْ أذكِّرك بها.
(ربه) على رواية (أقْبَل) تَنازعَ فيه عاملان.
(لك ذلك وعشرة أمثاله) لا يُنافي رواية: (ومِثْلُه معَهُ)؛ لاحتمال أنَّ هذا كان أوَّلًا، ثم تكرَّم الله فزاد، فأخبر به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَسمعْه أبو هريرة.
وفي الحديث: أنَّ الصَّلاة أفضل الأعمال لمَا فيها من السُّجود، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"أقْربُ ما يكونُ العبدُ من رَبِّه إذا سجَدَ"، وأنَّ الله أكرمُ الأكرمين.
* * *