الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - بابُ طُولِ السُّجُودِ فِي الْكُسُوفِ
1051 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أنَّهُ قَالَ: لَمَّا كسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نُودِيَ: إِنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ، فَرَكَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكعَتَيْنِ فِي سَجْدَة، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ جُلِّيَ عَنِ الشَّمْسِ، قَالَ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: مَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا.
(باب طُولِ السُّجود)
(في سجدة) عبَّر بها عن رَكعةٍ.
(منها)؛ أي: من السَّجدة التي في صلاة الكُسوف، ولا يُحمل على إرادة الرَّكعة هنا؛ لعدم القَرينة بخلاف ما سبَق، وأنَّ قرينتَه أنه لا يُتصوَّر ركعتان في سجْدةٍ، فهو هنا باقٍ على حقيقته، وجمهور الشَّافعية قالوا: لا يُطوِّل سجود الكُسوف، والمحقِّقون منهم: يُستحبُّ تطويله، وهو نصُّ الشَّافعي.
* * *
9 - باب صَلَاةِ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً
وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ، وَجَمَعَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبَّاسٍ، وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ.
(باب صلاة الكُسوفِ جَماعةً)
(صفة) بضم المُهملَة، وفي بعضها بالمعجَمة، وهي بالكسْر كما قال الجَوهَريُّ، أي: جانب النهر، وصفتاه: جانباه، وقال (ك): بالكسر والفتح.
(وجمع) بالتَّشديد، أي: جمع النَّاس لصلاة الكُسوف.
* * *
1052 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللهَ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ
كَعْكَعْتَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، فتنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَصَبْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ"، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "بِكُفْرِهِنَّ"، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللهِ؟ قَالَ: "يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ".
(فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ أي: بالجماعة، وهو وجه التَّرجمة، وسبَق شرح غالب الحديث في (كتاب الإيمان) في (كُفران العَشِير).
(تكعكعت) بكافين ومهملتين، أي: تأَخَّرتُ، وفي بعضها:(كَعكَعْتُ)، وسبق في (باب رفْع البصَر إلى الإمام).
(منظرًا) هو بكسر الظَّاء (1)، إما بمعنى المَكان، أي: منظورًا إليه، أو بمعنى المَنظور مصدرًا بمعنى المَفعول كـ: دِرهمٌ ضَرْبُ الأمير، أي: مَضروبُه، ونَسْجُ اليمَن، أي: مَنسوجه.
(كاليوم)؛ أي: الوقت.
قال ابن السِّيْد: تقول العرَب: ما رأيتُ كاليومِ رجلًا، فالرَّجُل والمَنظر لا يصحُّ أن يُشبَّها باليوم، والنُّحاة تقول: معناه: ما رأَيتُ كرجلٍ اليومَ رجلًا، وكمنظر اليومَ منظرًا، فحُذف المضافُ، وأُقيم المضاف إليه مُقامه، وجازت إضافة الرَّجُل والنَّظر؛ لوُقوعهما فيه كما
(1) جاء على هامش "ب": "أظنه بفتحها".
يُضاف الشَّيء إلى ما يتصِلُ به ويَلْتبس، وقال غيره: الكاف هنا اسم، وتقديره: ما رأَيتُ مثلَ مَنظَر هذا اليوم، و (منظرًا) تمييزٌ.
(أفظع) بظاءٍ معجَمةٍ: منصوبٌ صفةً (لمَنظَر)، و (1) جَوَّز فيه (خ) أن يكون بمعنى فَظِيع؛ كأكبر بمعنى كبير، وأن يكون للتَّفضيل على بابه على تَقدير: منه، ومرَّ في (باب: مَن صلى وقُدَّامه تَنُّور).
قال (ط): اختُلف في صلاة الكُسوف، فقال أبو حنيفة: ركعتان كسائر النَّوافل، والأئمةُ الثلاثة: ركعتان في كلِّ ركعةٍ ركوعان، ويُروى فيها أحاديث مختلفةٌ.
فرُوي ركعتان في كلٍّ منهما ثلاثُ ركَعاتٍ، ورُوي صلَّى أربع ركَعاتٍ فيه، وبخمسٍ، وبستٍّ، وبثمانٍ، أي: كلُّ ركعةٍ في جميعها.
واحتجَّ الطَّحَاوِي لهم بالقياس على سائر الصَّلوات، ورُدَّ بأنه لا قياسَ مع ثُبوت النَّصِّ بخلافه، كما خُصَّ بعضُها بوصفٍ كالعيد، والخَوف، والجنازة، فلا مَدخلَ للرَّأْي فيه.
قال: وأما إراءَة الجنَّة والنَّار، فيحتمل أنه مُثِّلَ له يَراه كما مُثِّلَ له بيت المَقدِس ليلةَ الإسراء، وأمَّا عدم تَناوله منه، فلأنَّ طعام الجنة باقٍ أبدًا، فلا يكون شيءٌ من دار البقاء في دار الفَناء، وأيضًا فهو جَزاءٌ، والدنيا ليست بدار الجزاء، وقيل: لو تَناوله فرأَوه كان إيمانهم بالشَّهادة لا بالغَيب، فلا ينفَع حينئذٍ نفس إيمانها.
* * *
(1) في جميع النسخ: "أو".