الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يزال إمامًا فلا بُدَّ له من القراءة سِرًّا أو جهْرًا، ومعنى الآية وذكرها: أنَّه لو شاء أنْ يُنزل بيان الصَّلاة قرآنًا يُتلى لفعَل، ولم يترك ذلك نسيانًا، بل وكَلَ الأمرَ لبيان الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ثم أُمر بالاقتداء والائتساء بفعله.
(أسوةٌ)؛ أي: قُدْوةٌ.
ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أنَّ جهْره صلى الله عليه وسلم بالقراءة في الصُّبح، وقد أُمرنا بالتأَسِّي به، فنَجْهر، أو أنَّه إنَّما أورده تَتميمًا للحديث السَّابق لا مستقِلًّا، أو أنَّه لمَّا كان المراد: مَنْ قَرأ فيما أمر جهر فيما أمر كان مناسبته للتَّرجمة بالجهر.
* * *
106 - بابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ وَالْقَرَاءَةِ بالْخَوَاتِيِمِ، وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ، وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ
وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ: قَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُؤْمِنُونَ فِي الصُّبْح حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ أَوْ ذِكْرُ عِيسَى، أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ.
وَقَرَأَ عُمَرُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمَثَانِي.
وَقَرَأَ الأَحْنَفُ بِالْكَهْفِ فِي الأُولَى، وَفِي الثَّانِيةِ بِيُوسُفَ أَوْ يُونسُ، وَذَكَرَ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه الصُّبْحَ بِهِمَا.
وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنْفَالِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ.
وَقَالَ قتادَةُ فِيمَنْ يَقْرَأُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكعَتَيْنِ أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكعَتَيْنِ: كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ.
(باب الجَمْع بين السُّورتَين) إلى آخر التَّرجَمة.
(بالخواتيم)؛ أي: أَواخر السُّورة.
(قبل سورة)؛ أي: يُقدِّمها عليها، وهي بعدَها في ترتيب المُصحَف، سواءٌ في ركعةٍ أو ركعتين، وقال مالك: لا بأْسَ به، لكن قِراءة التي بعدَها أحبُّ إلينا.
قال (ن): يُكره عندنا أنْ يقرأ على غير ترتيب المُصحَف، ولكن لا تبطل به الصَّلاة.
(ويذكر عن عبد الله) وصلَه مسلم، والنَّسائي، والبُخاري في "تاريخه".
(ذِكْر موسى وهارون)؛ أي: آية: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ} [المؤمنون: 45].
(أو ذِكْر عيسى)؛ أي: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50].
قال (ك): ولفظ (ذِكْر) مرفوعٌ ومنصوبٌ.
(سُعلة) بضَمِّ السِّين، وفتحها.
(المثاني) قال الجَوْهَري: هو ما كان من المِئين، وتُسمَّى الفاتحة مَثَاني؛ لأنَّها تُثْنى في كل ركعةٍ، وسمي جميع القرآن مَثَاني لاقتران آية الرَّحمة بآية العَذاب.
قال (ن): قال العُلماء: أَوَّل القُرآن السَّبعْ الطِّوال، ثم ذوات المِئين، وهنَّ ما فيه مائة آيةٍ ونحوها، ثم المثَاني، ثم المُفصَّل، وقال التَّيْمي: المثاني ما لم يَبلغْ مائةَ آيةٍ، وقيل: هو عِشْرون سورةً، والمئون أحد عشرةَ سورةً.
(الأَحْنَف) بفتح الهمزة، وسكون المُهمَلة، وبفتح النُّون، وبالفاء.
(وذكر)؛ أي: الأَحْنَف.
(بهما)؛ أي: بالكهف في الأُولى، وبإحدى السورتين في الثَّانية.
(المفصل) سبَق الخلاف فيه في أنَّه من (القِتال)، أو (الفتْح)، أو (الحجُرات)، أو (قاف)، أو غير ذلك.
(يردد)؛ أي: يُكرِّر السُّورة بعَينها في الركعة الثَّانية.
* * *
774 / -م - وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ
فِي الصَّلَاةِ مِمَّا تَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لا تَرَى أنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا، وإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وتَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَقَال: مَا أَناَ بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ:"يَا فُلَانُ! مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ، وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكعَةٍ؟! "، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ:"حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ".
(وقال عبيد الله)؛ أي: العُمَري، وهذا التعليق وصلَه التِّرْمِذي، والبزَّار، عن البخاري، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد العزيز الدَّرَاوَرْدِي، عنه، وهو في "صحيحي ابن خزَيْمَة، والحاكم"، وفي "المُتفق" للجُوزَقي.
(رجل من الأنصار) هو كُلثوم، بضَمِّ الكاف، وبالمُثلَّثة، ابن الهِرم، ذكره ابن المَدِيْنِي في "الصَّحابة".
(يقرأ بها) صفةٌ لـ (سورة).
(مما يقرأ)؛ أي: من الصَّلوات التي يقرأ فيها جهرًا.
(افتتح) جواب (كلَّما)، أي: أراد الافتتاح، وإلا فهو إذا افتتح سورةً لا يكون مُفتتحًا بغيرها.
(تحريك) بفتح أوَّله، وفي بعضها بضَمِّها.
(يدعها)؛ أي: لا يتركها ويقرأ سورةً أُخرى.
(الخبر)؛ أي: هذا المذكور، فاللام للعهد.
(يأمرك به)؛ أي: بأن تَقرأ سورة الإخلاص فقط، أو غيرها فقط، وهذا من إطلاق الأمر حيث لا عُلوَّ ولا استِعلاءَ؛ فإنَّ الحقَّ أنَّه لا يُشترط شيءٌ منها، بل هو القول الطَّالب للفعل، وإنَّما جُعل أمرًا هنا؛ لأنَّه لازمٌ للتَّخيير المذكور.
(وما يحملك)؛ أي: ما الباعثُ لك على ذلك؟
(أدخلك)؛ أي: يُدخلك، لكن عبَّر بالماضي لتحقُّق الوُقوع، وذلك لأنَّها صفة الله تعالى، فحبُّها يدلُّ على حُسن اعتقاده في الدِّين، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم سأله عن اثنين، فأجاب عن الثَّاني؛ إذ لا يصحُّ أن يكون هذا جوابًا عن الأَوَّل؛ لأنَّ محبتها لا تمنع أن يقرأَ بها فقط، وهم إنَّما خيَّروه بينها فقط، أو غيرها فقط، ولكن يحصل بجوابه عن الثَّاني الجوابُ عن الأَوَّل؛ لأنَّه يُعلم منه، فكأنَّه قال: أقرؤُها لمحبتي إيَّاها، وأقرأ سورةً أُخرى إقامةً للسنَّة كما هو المعهود في الصَّلاة، فالمانع مركَّبٌ من المحبة وعهد الصَّلوات.
* * *
775 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: قَرَأْتُ
الْمُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ فِي رَكعَةٍ، فَقَالَ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ، فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ؛ سُورتَيْنِ فِي كُلِّ ركْعَة.
الحديث الثَّاني:
(جاء رجل) في "مسلم": أنَّه نَهِيك -بفتح النُّون، وكسر الهاء- ابن سِنَان.
(هَذًّا) بفتح الهاء، وتشديد المُعجَمَة: الإسراع في القراءة، وهو منصوبٌ بفعل مقدَّرٍ، أي: أتَهُذُّه هَذًّا، وذلك لأنَّ الرَّجل قد أَخبر بكثرة حفظه وقراءته.
(كَهَذِّ الشعر)؛ أي: بحفظه، وروايته، لا في إنشادِه وتَرنُّمه؛ لأنَّه يُرتَّل بذلك عادةً، فيمتنع، ففيه النَّهي عن العجَلة، والحثُّ على التَّرتيل والتدبُّر.
(النظائر)؛ أي: السُّوَر المتقاربة في الطُّول والقِصَر، وقد جاء بيان السُّور العشْرين في "سنن أبي داود"، وهن:(الرَّحمن) و (النَّجم) في ركعةٍ، و (اقتربتْ) و (الحاقَّة) في ركعةٍ، و (الطُّور) و (الذَّاريات)، (الواقعة) و (ن)، (سأل سائلٌ) و (النَّازعات)، (ويلٌ للمطفِّفين)، و (عبَس)، (المُدثِّر) و (المزَّمِّل)، (هل أتى) و (لا أقسم)، (عمَّ) و (المُرسَلات)، (الدُّخان) و (التَّكوير).
وكذا في "صحيح ابن خُزَيْمَة" تسميتُها لكنْ ببعضِ مخالفةٍ في