الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
160 - بابُ مَا جَاء فِي الثوم النَّيِّ وَالْبَصَلِ وَالْكراثِ
وَقَوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أكلَ الثُّومَ أَوِ الْبَصَلَ مِنَ الْجُوعِ أَوْ غيْرِهِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجدَناَ".
(باب ما جاءَ في الثُّومِ النِّيئ والبصَلِ والكُرَّاث) النِّيئ: بكسر النُّون، والمدِّ، والهمز، أي: الذي لَم يُطبَخ، والكُرَّاث: بضمِّ الكاف، وشدَّة الراء.
(وقول النبي صلى الله عليه وسلم) كأنَّه إشارةٌ إلى حديث جابر، وهو في "مسلم": نَهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أكْل البصَل والكُرَّاث، فغلبَتْنا الحاجة فأكلْنا منها، فقال:"مَنْ أكلَ مِن هذه الشَّجَرة المُنتِنَةِ فلا يَقربَنَّ مَسجدنا" الحديثَ، فالحاجة شاملةٌ للجُوع وغيره.
* * *
853 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي ناَفِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: "مَنْ أكلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -يَعْنِي الثُّومَ- فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجدَناَ".
الحديث الأول:
(فلا يغْشَنا)؛ أي: فلا يَجِئْ، وفي بعضها:(يغْشَانا) بألفٍ إجراءً
للمُعتَلِّ مُجرى الصَّحيح، كقوله:
ولا تَرَضَّاها ولا تَمَلَّقِ
أو هذه الألف من إشباع فتحة (يغشَنا)، أو هو خبرٌ بمعنى النَّهي.
(قلت) هو من قَول عَطاء.
(ما يعني)؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم.
(به)؛ أي: بالثُّوم، أَنِيْئًا أم نَضِيْجًا؟
(فقال)؛ أي: جابر.
(أراه)؛ أي: أظنُّه.
(إلا نيئه)؛ أي: حتى لو أكلَه نَضِيْجًا لم يُكره دخولُه المسجد.
(مَخْلد) بفتح الميم، وسُكون المُعجَمة.
(نَتْنَهُ) بفتح النُّونيَن، وسكون الفَوقانيَّة بينهما: الرَّائحة الكَريهة.
* * *
854 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبو عَاصمٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَني عَطَاءٌ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أكلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -يُرِيدُ الثُّومَ- فَلَا يَغشَاناَ فِي مَسَاجِدِناَ"، قُلْتُ: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ يَعْنِي إِلَّا نِيئَهُ.
وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَّا نتنَهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: أُتِيَ بِبَدْرٍ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي طَبقًا فِيهِ خَضِرَاتٌ. وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ، وَأَبُو صفْوَانَ، عَنْ يُونسُ قِصَّةَ الْقِدْرِ، فَلَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الْحَدِيثِ.
الحديث الثاني:
(الشجرة) سمى الثُّوم بذلك، والشَّجَر ما كان على ساقٍ، وما لا ساقَ له يسمى نَجْمًا؛ لأنَّ اسم كلٍّ منهما قد يُطلق على الآخَر.
قال (خ): في الحديث أنَّ مثل هذا الذي لا أغصانَ له، بل ينبسِط على الأرض يسمى شجرًا، وإنْ كان العامة لا يُطلِقون إلا لمَا له ساقٌ، لكن العرب تُطلق على كلِّ ما له أَرُومة في الأرض يخلُف ما قُطع من ظاهره: شجَرٌ، وإلا فنجْمٌ، قال تعالى:{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6].
قال (ن): قيل: يختصُّ النهي بمسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم لقوله: (مَسجِدنا)، والجمهور على أنه لكلِّ مسجدٍ، لرواية:(فلا يَقرَبَنَّ المَساجِد)، وحُكي عن بعض الظَّاهرية تحريم أكْل الثُّوم ونحوه، لأنَّه يَمنع من الجماعة، وهي عندهم فرض عين، وإجماعُ من يُعتدُّ به على خلافه.
قال: ويُلحق بالثُّوم كل ذي رِيْح كريهةٍ، وأَلحق بعضهم من بفِيْهِ بَخَرٌ، أو لجُرحه رائحةٌ، وقاس العلماء مصلَّى العيد ونحوه من مَجامع
العبادات من عِلْمٍ أو ذكرٍ على المسجد، وفيه المنع من المسجد وإنْ كان خاليًا؛ لأنَّه محلُّ الملائكة.
* * *
855 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: زَعَمَ عَطَاءٌ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ زَعَمَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أكلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا -أَوْ قَالَ- فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجدَناَ، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ"، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبقولِ، فَقَالَ:"قَرِّبُوهَا" إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أكلَهَا قَالَ:"كُلْ فَإِنِّي أنُاَجِي مَنْ لَا تُنَاجِي".
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالح بَعْدَ حَدِيثِ يُونسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: وَهْوَ يثبِتُ قَوْلَ يُونسُ.
الثَّالث:
(زعم) المُراد هنا القَول المُحقَّق المختار، قال (خ): لأنه مختلَفٌ فيه، والزَّعْم يُعبَّر به فيما يُرتاب فيه، أو يختلف فيه.
(بِقِدْرٍ) بقافٍ مكسورةٍ، وقال في "المَطالِع": صوابه: (ببَدْرٍ) بموحَّدة، أي: طبَقٍ شُبِّه بالقمر في استدارته ممتلئ نورًا، وكذا قال (خ)، قال: ولعلَّ القِدْر تصحيفٌ.
قال (ش): وقد رواه البخاري في (كتاب الأحكام): ببدرٍ، بالموحَّدة، وأن رواية ابن وهب، قال: يعني طبقًا، وكذا رواه أبو داود.
قلت: وسيأتي في الباب تعليقًا، وتبين وصلُه، وعلى هذا فلا إشكال؛ لأنَّ الطَّبق يُشعر بأنها نِيْئة بخلاف القِدْر، إلا أن يُؤوَّل بأن الرائحة لم تَمُت منها وكأنها نِيْئة.
(خَضِرات) بفتح الخاء، وكسر الضَّاد المُعجَمتين، وقيل: بضمِّ الخاء، وفتح الضَّاد، جمع خَضرة، ويجوز في مثله مع الفتح في الضَّاد ضمُّها وسكونها.
(قربوها)؛ أي: القِدْر، أو الخَضراوات، أو البُقول.
(لبعض أصحابه) روايةٌ بالمعنى، وإلا لقال: بعض أصحابي، فلعلَّه قال: لفلانٍ، وفلانٍ، من بعض أصحابه، أو أنَّ فيه محذوفًا، أي: مشيرًا، أو أشار إلى بعض أصحابه.
(من لا تناجي)؛ أي: الملَك، ففيه أنَّ الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم.
قلتُ: وفيه أنَّ الملائكة أفضلُ من بني آدم، وهو ظاهر الفَساد، وأن النَّهي للتنْزيه لا للتحريم؛ لأنه قال له:(كُلْ).
(وقال أحمد بن صالح) وصلَه البخاري في (الاعتصام).
(ولم يذكر) قال (ك): لعلَّه قول أحمد، وكذا: فلا أدري، ويحتمل أنَّه قول ابن وهب، أو البخاري أو سعيد تعليقًا.