الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"كذلك الأمر"؛ أي: الصلاة على الدابة بالإيماء.
"الفَوت"؛ أي: فوت الوقت، أو العدو، أو النفس، وهو بالنصب إن بُني (تخوف) للفاعل، فإن بني للمفعول رُفع.
"واحتج الوليد" وصله البخاريُّ في [
…
] (1)، وقال بعضهم: إنه وصله بعدُ بباب، وما أدري قائل ذلك، فليس بعده باب إلا (باب صلاة العيدين).
* * *
5 / -م - بابٌ
946 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ ناَفِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: "لَا يُصَليَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ"، فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نُصَلِّي حَتَّى نأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
"الأحزاب"؛ أي: لتألُّفهم وتحزُّبهم.
"قُرَيظة" بضم القاف وفتح الراء وبالظاء المعجمة فرقة من اليهود.
(1) بياض في الأصل و"ف".
"بعضهم" الضمير لقوله: (أحد)، وأما ضمير بعضهم في الثاني والثالث فعائدٌ إلى نفس بعض الأول.
"بل يصلي"، في بعضها:(يصل)، بحذف الياء تخفيفًا نحو:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4].
"لم يرد" بالبناء للمفعول؛ أي: إنما أُريد: من لا يصلين أحد لازمه، وهو الاستعجال في الذهاب لبني قريظة.
"فلم يعنف أحدًا منهم"؛ أي: لا الذين فَهِموا أنه كناية عن العَجَلة، ولا التاركين لأول الوقت عَمَلًا بظاهر النهي.
قال (ط): اتفقوا على صلاة المطلوب راكبًا، واختلفوا في الطالب، فمنعه الشافعيُّ، وأحمدُ، وقال مالك: يصلِّي راكبًا حيث توجَّه إذا خاف فَوتَ العدو، وإن ترك، واستدلال الوليدِ بقضية بني قُرَيظة إنما يتمُّ لو ثبتَ أنَّ الذين صَلَّوا في الطريق صَلَّوا رُكبانًا، وإلا فيحتمل أنهم صَلَّوا كذلك كَمَا ساغ لِمَنْ صلى في بني قُرَيظة تَرْكُ الوقت -وهو فرض- ساغ لهم تَركُ الركوع والسجود، بل بالإيماء على الدابة.
قال: وقد يقال: أريد بقوله: (لا يصلين) انزعاج الناس لَمَّا أخبره جبريل أنه لم يَضَعِ السلاحَ بعد.
قال (ك): ليس في الحديث ما يدل على ترك الركوع، ولا الوقت، فلا دَلالة فيه للوليد أصلًا، بل ظاهرُ قولِ البخاري:(احتج الوليد) أنه على خلاف ما قاله الأوزاعي، وقال شارح "تراجم البخاري": إنَّ وجهَ
استدلاله: أن الطائفة المُصلِّية لو نزلوا وصَلَّوا لكان مصادمةً للأمر، ولا يُظنُّ بالصحابة ذلك، وإذا جاز للطالب ذلك، فالمطلوب أولى، وصلاةُ الرُّكبان مقتضيةٌ للإيماء، فطابق الحديث الترجمة.
قال (ك): ذلك معارَض بأنهم لو تركوا الركوعَ والسجودَ لخالفوا قولَه تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، ولا يُظن بهم ذلك.
قال (خ): قد يحتج به مَنْ يرى تساوي الأدلة، وأنَّ كلَّ مجتهد مُصيب، ولكن جوابه: أنه عامٌّ خُصَّ بدليل، فالأمر بتأخير الصلاة لبني قُرَيظة خُصَّ بما إذا لم يَخْشَ الفوات، والذين أخَّروا حتى أَتَوا بني قُرَيظة خَصُوا عمومَ الأمر بالصلاة أولَ الوقت بما إذا لم يكن عذر، بدليل أمرهم بذلك.
وقال (ن): لا احتجاجَ به على إصابة كل مجتهد، لأنه لم يصرِّح بإصابتهما، بل تَرَكَ التعنيف، ولا خلافَ أن المجتهد لا يُعنَّف ولو أخطأ إذا بذل وسْعَه. قال: وأما اختلافهم فسببُه تعارضُ الأدلة عندهم، فالصلاةُ مأمور بها في الوقت، والمفهومُ من (لا يصلين): المبادرةُ، فأَخَذَ بذلك مَنْ صلى لخوف فوات الوقت، والآخرون أخَّروها عملًا بالأمر بالمبادرة لبني قريظة.
قال (ك): والفرق بين التوجيهات الثلاث: أن الأولى يلزم منها ترك الوقت، وترك الركوع، والثانية: لا يلزم شيءٌ منها، والثالثة: يلزم منها تركُ الوقتِ فقط، وتركُ التعنيفِ؛ إما لحمل الكلام على الكناية وعدمِها، أو لترك أحد الواجبين، أو تخصيصِ أحدِ العامَّين، أو