الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (ط): إقامة التِّسعة عشرَ في الحديث الأول، والعشَرة في الثاني ليس استيطانًا؛ لئلا يكون رُجوعًا عن الهجرة، وقال ابن عبَّاس في التِّسعة عشر: إنَّه كان فيها مُحاصرًا للطَّائف، أو حَرْب هَوازِن، فلم يَجعل العِلَّة في قَصْره نيَّة الخُروج متى انقضت حاجته وهي: الفَتْح، بل جعل المُدَّةَ حدًّا بين التقصير والإتمام، وهو مذهبٌ تَفرَّد به عن قول الفُقهاء أنَّه لم يكن عَازِمًا على الاستِقرار، بل مُنتظِرًا للفتح، ثم يَرحَل.
* * *
2 - بابُ الصَّلَاةِ بِمِنى
(باب الصلاةِ بمِنى)
بالصَّرف مراعاةً للمكان، والمنْع مراعاةً للبُقعة.
1082 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَني ناَفِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: صلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى رَكعَتَيْنِ، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارتهِ، ثُمَّ أتمَّهَا.
(صدرًا)؛ أي: أوَّلَ، وكانت إمارتُه ستَّ سنين، أو ثمان، على خلافٍ فيه، أي: وأتَمَّ بعد ذلك؛ لأنهما جائزان، والإتمامُ فيه زيادةُ مشقَّةٍ.
قال (ش): إنه فعَل ذلك سَبعْ سنين من خلافته، وكان قبلَها يقصر كما سيأتي في (باب: مَن لم يتطوَّع في السفَر): أنَّ عُثمان كان لا يَزيد على ركعتَين.
* * *
1083 -
حَدَّثَنَا أبو الْوَليدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبةُ، أَنْبَأناَ أبو إِسحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ ابْنَ وَهْبٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم آمَنَ مَا كانَ بِمِنًى رَكعَتَيْنِ.
الثاني:
(أنبأنا) سبق أن ابن عيَيْنة قال: معناه ومعنى أخبَرَنا واحدٌ.
(آمن ما كانت)؛ أي: حالةَ كونه في آمَنِ أكوانه، وفي بعضها:(ما كان)، وأما الشَّرط في قوله تعالى:{إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101]، فخرَجَ مَخْرَج الغالِب، فلا يُعمل بمفهومه، وقد قال يَعلَى بن أُمَيَّة لعمر رضي الله عنه: ما بالُنا نَقصرُ وقد أَمِنَّا؟، فقال: عَجِبْتُ مما عَجِبْتَ منه، فسأَلتُه رضي الله عنه، فقال:"إنَّما هيَ صَدَقةٌ تصدَّقَ اللهُ بها علَيكُم، فاقْبَلُوا صدَقتَه".
قال (خ): فهو دليلٌ على أنَّها رُخصةٌ؛ لأنَّ الواجِب لا يُسمَّى صدَقةً.
قال الطِّيْبِي: وفيه تعظيم شأْن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أَطلَق ما قيَّده الله، ووسَّع على عباده، ونسَب فعلَه إلى الله.
* * *
1084 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ: صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه بِمِنًى أَرْبَعَ ركَعَاتٍ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى رَكعَتَيْنِ، وَصلَّيْتُ مَع أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِمِنًى رَكعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِمِنى رَكعَتَيْنِ، فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ ركَعَاتٍ ركعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ.
الحديث الثالث:
(بمنى) متعلِّق بـ (يصلِّي).
(فاسترجع)؛ أي: قال: إنَّا لله وإنا إليه راجعون كراهةَ مُخالفته الأفضلَ لا لكون الإتمام لا يُجزئ، وإلا لمَا قال: فلَيت حظِّي من أَربعِ ركعاتٍ؛ لأن ما لا يُجزئ لا حَظَّ فيه؛ لأنه فاسدٌ، وقال الدَّاوُدِي: خَشيَ أن لا تُجزئه الأربعُ، وليس كذلك لمَا ذكرناه.
(حظي)؛ أي: نَصِيْبي.
(من أربع) تحتمل البدَليَّةَ، نحو:{أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} [التوبة: 38]، وفي ذلك تعريضٌ بعُثمان، أي: لَيتَه صلَّى ركعتَين بدَلَ الأربع كما كان صلى الله عليه وسلم وصاحباه يفعلون، وهو إظهارٌ لكراهة مُخالفتهم، وابنُ مسعود موافقٌ على جَواز الإتمام؛ فإنَّه كان يُصلِّي متِمًّا خلْفَ عُثمان، فهما جائزان كما هو ظاهر القُرآن، وعليه