الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأُخْرَى يُقْتَلُ أَيْضًا، وَإِنْ كَتَّفَ إِنْسَانًا وَطَرَحَهُ فِي أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ، أَوْ ذَاتِ حَيَّاتٍ فَقَتَلَتْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُمْسِكِ.
فَصْلٌ إِنِ اشْتَرَكَ فِي الْقَتْلِ اثْنَانِ، لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى أَحَدِهِمَا: كَالْأَبِ وَأَجْنَبِيٍّ فِي قَتْلِ الْوَلَدِ. وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ. وَالْخَاطِئِ وَالْعَامِدِ، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الشَّرِيكِ رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا: وُجُوبُهُ عَلَى شَرِيكِ الْأَبِ وَالْعَبْدِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِي " الِانْتِصَارِ "، أَوْ تَبِعَ رَجُلًا لِيَقْتُلَهُ فَهَرَبَ فَأَدْرَكَهُ آخَرُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَبَسَهُ بِالْقَطْعِ لِيَقْتُلَهُ الثَّانِي فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي الْقَطْعِ، وَحُكْمُهُ فِي النَّفْسِ حُكْمُ الْمُمْسِكِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ حَبْسَهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ دُونَ الْقَتْلِ كَالَّذِي أَمْسَكَهُ غَيْرُ عَالِمٍ
1 -
(وَإِنْ كَتَّفَ إِنْسَانًا وَطَرَحَهُ فِي أَرْضٍ مُسْبِعَةٍ، أَوْ ذَاتِ حَيَّاتٍ فَقَتَلَتْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُمْسِكِ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَتَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ ; لِأَنَّهُ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا مُتَعَمَّدًا، لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ.
فَرْعٌ: إِذَا أَمْسَكَ زَيْدٌ عَبْدًا فَقَتَلَهُ آخِرُ ضَمِنَهُ زَيْدٌ وَرَجَعَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَهُ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ أَمْسَكَهُ لِغَيْرِ قَتْلِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْمُمْسِكُ بِحَالٍ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَمَنْ تَعَرَّضَ لِقَتْلِ زَيْدٍ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَسَكَتَ، فَقَتَلَهُ، ضَمِنَهُ إِنْ قُلْنَا: الدِّيَةُ إِرْثٌ، وَإِنْ قُلْنَا: لَهُ، فَوَجْهَانِ.
[فَصْلٌ: اشْتَرَكَ فِي الْقَتْلِ اثْنَانِ]
فَصْلٌ (إِنِ اشْتَرَكَ فِي الْقَتْلِ اثْنَانِ، لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى أَحَدِهِمَا: كَالْأَبِ وَأَجْنَبِيٍّ فِي قَتْلِ الْوَلَدِ، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ، وَالْخَاطِئِ وَالْعَامِدِ، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الشَّرِيكِ رِوَايَتَانِ) إِحْدَاهُمَا: لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ تَرَكَّبَ مِنْ مُوجِبٍ وَغَيْرِ مُوجِبٍ، فَلَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ لِكَوْنِ الْقَتْلِ لَمْ يَتَمَحَّضْ مُوجِبًا، وَالثَّانِيَةُ: يَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ. قَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ "، وَاخْتَارَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ ; لِأَنَّ سُقُوطَهُ عَنْ شَرِيكِهِ لِمَعْنًى مُخْتَصٍّ بِهِ، فَلَمْ يَنْفُذْ إِلَى غَيْرِهِ وَكَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَبًا عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ (أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ عَلَى شَرِيكِ الْأَبِ وَالْعَبْدِ) لِأَنَّ قَتْلَهُمَا مَحْضُ عَمْدٍ عُدْوَانٌ، وَلِأَنَّهُ شَارَكَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانُ، فَيُقْتَلُ بِهِ
وَسُقُوطُهُ عَنْ شَرِيكِ الْخَاطِئِ. وَفِي شَرِيكِ السَّبْعِ وَشَرِيكِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ جَرَحَهُ إِنْسَانٌ عَمْدًا فَدَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ، أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ، أَوِ الْإِمَامُ فَفِي وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَارِحِ وَجْهَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَشَرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ، وَفِعْلُ الْأَبِ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ لِكَوْنِهِ تَمَحَّضَ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَالْجِنَايَةُ بِهِ أَعْظَمُ إِثْمًا. وَلِذَلِكَ خَصَّهُ اللَّهُ بِالنَّهْيِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ الْأَبِ لِمَعْنًى مُخْتَصٍّ بِالْمَحَلِّ، لَا لِقُصُورٍ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ شَرِيكَيْنِ امْتَنَعَ الْقَوَدُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا ; لِمَعْنًى فِيهِ مِنْ غَيْرِ قُصُورٍ فِي السَّبَبِ كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِي قَتْلِ ذِمِّيٍّ (وَسُقُوطُهُ عَنْ شَرِيكِ الْخَاطِئِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ عَمْدًا، فَلَمْ يَجِبْ بِهِ قَوَدٌ كَشِبْهِ الْعَمْدِ وَكَمَا لَوْ قَتَلَهُ وَاحِدٌ بِجُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ اشْتَرَكَ مُكَلَّفٌ وَغَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَالْأَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْبَالِغِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ; لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ كَشَرِيكٍ خَاطِئٍ (وَفِي شَرِيكِ السَّبْعِ وَشَرِيكِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَجْرَحَهُ أَسَدٌ، أَوْ نَمِرٌ، أَوْ يَجْرَحَهُ إِنْسَانٌ، ثُمَّ يَجْرَحُ نَفْسَهُ مُتَعَمِّدًا وَهُمَا فِي شَرِيكِ الْوَلِيِّ الْمُقْتَصِّ، وَشَرِيكِ الْقَاطِعِ حَدًّا، وَشَرِيكِ دَفْعِ الصَّائِلِ، أَحَدُهُمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ، بَلْ أَوْلَى، وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ; لِأَنَّهُ قَتْلُ عَمْدٍ مُتَمَحِّضٌ، فَوَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الشَّرِيكِ كَشَرِيكِ الْأَبِ، فَأَمَّا إِنْ جَرَحَ نَفْسَهُ خَطَأً، فَلَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا قُلْنَا: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، أَوْ عَدَلَ إِلَى طَلَبِ الْمَالِ مِنْهُ - لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ كَمَالُهَا فِي شَرِيكِ السَّبْعِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ كَمَالُهَا فِي شَرِيكِهِ الْمُقْتَصِّ، وِدِيَةُ شَرِيكٍ مُخْطِئٍ فِي مَالِهِ، لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَهُ الْقَاضِي. (وَلَوْ جَرَحَهُ إِنْسَانٌ عَمْدًا فَدَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ، أَوْ خَاطَهُ فِي اللَّحْمِ) الْحَيِّ (أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ، أَوِ الْإِمَامُ) فَمَاتَ (فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَارِحِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَشْهَرُ ; لِأَنَّ الْمُدَاوِيَ قَصَدَ مُدَاوَاةَ النَّفْسِ،