الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي نَقْصِ بَصَرِهِ، أَوْ سَمْعِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ بَصَرِهِ، أُرِيَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ به، وَقُرِّبَ الشَّيْءُ إِلَى عَيْنِهِ فِي وَقْتِ غَفْلَتِهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ سَمْعِهِ، أَوْ شَمِّهِ، أَوْ ذَوْقِهِ صِيحَ بِهِ فِي أَوْقَاتِ غَفْلَتِهِ، وَتُتُبِّعَ بِالرَّائِحَةِ الْمُنْتِنَةِ، وَأُطْعِمَ الْأَشْيَاءَ الْمُرَّةَ، فَإِنْ فَزِعَ مِمَّا يَدْنُو مِنْ بَصَرِهِ، أَوِ انْزَعَجَ لِلصَّوْتِ، أَوْ عَبَسَ لِلرَّائِحَةِ، أَوِ الطَّعْمِ الْمُرِّ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ. وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
فَصْلٌ وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حَتَّى يَنْدَمِلَ، وَلَا دِيَةُ سِنٍّ، وَلَا ظُفُرٍ، وَلَا مَنْفَعَةٍ حَتَّى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَصَرِهِ، أَوْ سَمْعِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَقَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ وَتَجِبُ بِقَدْرِ نَقْصِهِ، وَقِيلَ: حُكُومَةٌ كَمَا لَوْ جَهِلَ قَدْرَ نَقْصِهِ، فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إِنَّهُ يُرْجَى عَوْدُهُ إِلَى مُدَّةٍ، انْتَظَرَ إِلَيْهَا (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ بَصَرِهِ أُرِيَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ به) بِأَنْ يُمْتَحَنَ فِي ذَلِكَ (وَقُرِّبَ الشَّيْءُ إِلَى عَيْنِهِ فِي وَقْتِ غَفْلَتِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ مِنْهُمْ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ كَالْبَيِّنَةِ (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ سَمْعِهِ، أَوْ شَمِّهِ، أَوْ ذَوْقِهِ صِيحَ بِهِ فِي أَوْقَاتِ غَفْلَتِهِ، وَتُتُبِّعَ بِالرَّائِحَةِ الْمُنْتِنَةِ وَأُطْعِمَ الْأَشْيَاءَ الْمُرَّةَ، فَإِنْ فَزِعَ مِمَّا يَدْنُو مِنْ بَصَرِهِ، أَوِ انْزَعَجَ لِلصَّوْتِ، أَوْ عَبَسَ لِلرَّائِحَةِ، أَوِ الطَّعْمِ الْمُرِّ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِهِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْجَانِي ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ، وَيَحْلِفُ لِئَلَّا يَكُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ أَمَارَاتِ ذَلِكَ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ: قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (مَعَ يَمِينِهِ) لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ تَحَفُّظِهِ وَمَتَى حُكِمَ لَهُ بِالدِّيَةِ، ثُمَّ انْزَعَجَ عِنْدَ صَوْتٍ، أَوْ غَطَّى أَنْفَهُ عِنْدَ رَائِحَةٍ مُنْتِنَةٍ فَطُولِبَ بِالدِّيَةِ فَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا قُبِلَ قَوْلُهُ ; لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِالِاحْتِمَالِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ يُعْلَمُ صِحَّةُ سَمْعِهِ وَشَمِّهِ رَدَّ مَا أَخَذَ ; لِأَنَّا تَبَيَّنَّا كَذِبَهُ، فَإِنِ ادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ وُلِدَ أَبْكَمَ، وَلَا بَيِّنَةَ تُكَذِّبُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَقِيلَ: تُرَدُّ كَمَا لَوْ وُلِدَ نَاطِقًا، ثُمَّ خُرِسَ.
[فَصْلٌ: لَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حَتَّى يَنْدَمِلَ]
فَصْلٌ (وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حَتَّى يَنْدَمِلَ) لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَقَتْلٌ هُوَ أَمْ لَيْسَ بِقَتْلٍ؟ فَيُنْتَظَرُ لِيُعْلَمَ حُكْمُهُ، وَمَا الْوَاجِبُ فِيهِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِيفَاءُ فِي الْعَمْدِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، فَكَذَا
يُيْأَسَ مِنْ عَوْدِهَا، وَلَوْ قُلِعَ سِنٌّ كَبِيرٌ، أَوْ ظُفُرٌ، ثُمَّ نَبَتَتْ، أَوْ رَدَّهُ فَالْتَحَمَ، أَوْ ذَهَبَ سَمْعُهُ، أَوْ بَصَرُهُ، أَوْ شَمُّهُ، أَوْ ذَوْقُهُ، أَوْ عَقْلُهُ، ثُمَّ عَادَ سَقَطَتْ دِيَتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا رَدَّهَا، وَإِنْ عَادَ نَاقِصًا، أَوْ عَادَتِ السِّنُّ، أَوِ الظُّفُرُ قَصِيرًا، أَوْ مُتَغَيِّرًا فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ، وَإِنْ قُلِعَ سِنٌّ صَغِيرٌ وَيُئِسَ مِنْ عَوْدِهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِي الْخَطَأِ (وَلَا) تَجِبُ (دِيَةُ سِنٍّ، وَلَا ظُفُرٍ، وَلَا مَنْفَعَةٍ حَتَّى يُيْأَسَ مِنْ عَوْدِهَا) لِأَنَّهُ مِمَّا يُحْتَمَلُ الْعَوْدُ، فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مَعَ الِاحْتِمَالِ كَالشَّعْرِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ: إِنَّهَا لَا تَعُودُ أَبَدًا، لَكِنْ إِنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَجَبَتْ (وَلَوْ قُلِعَ سَنٌّ كَبِيرٌ، أَوْ ظُفُرٌ، ثُمَّ نَبَتَتْ، أَوْ رَدَّهُ فَالْتَحَمَ) لَمْ تَجِبْ دِيَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي السِّنِّ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَالظُّفُرُ فِي مَعْنَاهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: تَجِبُ دِيَتُهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ فِيهَا حُكُومَةٌ إِنْ نَقَصَتْ، أَوْ ضَعُفَتْ، وَإِنْ قَلَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ دِيَتُهَا، وَعَلَى الثَّانِي: نَبْنِي حُكْمَهَا عَلَى وُجُوبِ قَلْعِهَا، فَإِذَا قَبِلَ بِهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى قَالِعِهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِهِ فَاحْتِمَالَانِ، فَإِنْ جَعَلَ مَكَانَهَا سِنًّا أُخْرَى، أَوْ عَظْمًا فَنَبَتَ وَجَبَتْ دِيَتُهَا وَجْهًا وَاحِدًا كَمَا لَوْ لَمْ يَجْعَلْ مَكَانَهَا شَيْئًا، وَإِنْ قُلِعَتِ الثَّانِيَةُ فَحُكُومَةٌ فِي الْأَشْهَرِ (أَوْ ذَهَبَ سَمْعُهُ، أَوْ بَصَرُهُ، أَوْ شَمُّهُ، أَوْ ذَوْقُهُ، أَوْ عَقْلُهُ، ثُمَّ عَادَ سَقَطَتْ دِيَتُهُ) لِزَوَالِ سَبَبِهَا (وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا رَدَّهَا) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَإِنْ عَادَ نَاقِصًا، أَوْ عَادَتِ السِّنُّ، أَوِ الظُّفُرُ قَصِيرًا، أَوْ مُتَغَيِّرًا فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ) خَاصَّةً. نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ بِجِنَايَتِهِ كَمَا لَوْ نَقَّصَهُ مَعَ بَقَائِهِ (وَإِنْ قُلِعَ سِنٌّ صَغِيرٌ وَيُئِسَ مِنْ عَوْدِهَا) وَحَدُّ الْإِيَاسِ سَنَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْغَالِبُ فِي نَبَاتِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: إِذَا سَقَطَتْ أَخَوَاتُهَا، وَلَمْ تَنْبُتْ (وَجَبَتْ دِيَتُهَا) لِأَنَّهُ أَذْهَبَهَا بِجِنَايَتِهِ إِذْهَابًا مُسْتَمِرًّا كَسِنِّ الْكَبِيرِ (وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهَا حُكُومَةٌ) لِأَنَّ الْعَادَةَ عَوْدُهَا، فَلَمْ تَكْمُلْ دِيَتُهَا كَالشَّعْرِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّ الشَّعْرَ لَوْ لَمْ يَعُدْ وَجَبَ دِيَتُهُ مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ عَوْدُهُ (وَعَنْهُ: فِي قَلْعِ الظُّفُرِ إِذَا نَبَتَ عَلَى صِفَتِهِ فَفِيهِ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَإِنْ نَبَتَ أَسْوَدَ فَفِيهِ عَشَرَةٌ) إِذِ التَّقْدِيرَاتُ بَابُهَا التَّوْقِيفُ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ تَوْقِيفًا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ إِذَا عَادَ عَلَى صِفَتِهِ، وَإِنْ نَبَتَ مُتَغَيِّرًا