الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ رَجُلٍ، فَهَلْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
فَصْلٌ وَتَجِبُ نَفَقَةُ ظِئْرِ الصَّبِيِّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْمَرْأَةِ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا إِذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ، وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا وَوَجَدَ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تُعِفُّهُ، أَوْ بِسِرِّيَّةٍ، وَلَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَ أَمَةٍ أَعَفَّهُ بِهَا مَعَ غِنَاهُ فِي الْأَصَحِّ، وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ تَائِقٌ بِلَا يَمِينٍ وَيُعْتَبَرُ عَجْزُهُ، وَيَكْفِي إِعْفَافُهُ بِوَاحِدَةٍ، وَيُعِفُّهُ ثَانِيًا إِنْ مَاتَتْ، وَقِيلَ: لَا كَمُطَلِّقٍ لِعُذْرٍ فِي الْأَصَحِّ، وَيَلْزَمُهُ إِعْفَافُ أُمِّهِ كَالْأَبِ، قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ سَلَّمَ، فَالْأَبُ آكَدُ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَصَوَّرُ وِلَايَةً بِالتَّزْوِيجِ وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ إِعْفَافُ كُلِّ إِنْسَانٍ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.
[فَصْلٌ: نَفَقَةُ ظِئْرِ الصَّبِيِّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]
فَصْلٌ (وَتَجِبُ نَفَقَةُ ظِئْرِ الصَّبِيِّ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَعَبَّرَ فِي " الْفُرُوعِ " صَغِيرٌ، وَهُوَ أَوْلَى: حَوْلَيْنِ (عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) لِأَنَّ نَفَقَةَ ظِئِرَ الصَّغِيرِ كَنَفَقَةِ الْكَبِيرِ، وَيَخْتَصُّ وَجُوبُهَا بِالْأَبِ وَحْدَهُ (وَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْمَرْأَةِ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا إِذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ) أَيْ: إِذَا طَلَبَتِ الْأُمُّ رَضَاعَ وَلَدِهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا، وَلَوْ أَرْضَعَهُ غَيْرُهَا مَجَّانًا فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ تَحْتَهُ، أَوْ بَائِنًا مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 233] الْآيَةَ، وَهُوَ خَبَرٌ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ وَالِدَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَلِأَنَّهَا أَشْفَقُ وَأَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ وَلَبَنُهَا أَمْرَأُ، وَقِيلَ: بَلَى فِي حِبَالِهِ كَخِدْمَتِهِ. نَصَّ عَلَيْهَا (وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا وَوُجِدَ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ فَهِيَ أَحَقُّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ فِي إِرْضَاعِ غَيْرِهَا تَفْوِيتًا لِحَقِّ الْأُمِّ مِنَ الْحَضَانَةِ وَإِضْرَارًا بِالْوَلَدِ، فَإِنْ طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا، وَوُجِدَ مَنْ تُرْضِعُهُ مُتَبَرِّعَةً، أَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا جَازَ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: هِيَ أَحَقُّ بِمَا يَطْلُبُ بِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ، لَا بِأَكْثَرَ، وَفِي " الْمُنْتَخَبِ ": إِنِ اسْتَأْجَرَهَا مَنْ هِيَ تَحْتَهُ لِرَضَاعِ
فَهِيَ أَحَقُّ. (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنْ رَضَاعِهِ لَمْ تُجْبَرْ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهَا وَيُخْشَى عَلَيْهِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الظِّئْرِ لِمَا زَادَ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَدِهِ لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا كَاسْتِئْجَارِهَا لِلْخِدْمَةِ شَهْرًا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُرْضِعَةً إِلَّا بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ، فَالْأُمُّ أَحَقُّ (وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنْ رَضَاعِهِ لَمْ تُجْبَرْ) إِذَا كَانَتْ مُفَارِقَةً، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَدْ تَعَاسَرَا، وَلِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الرَّضَاعِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الْوَلَدِ، أَوِ الزَّوْجِ، أَوْ لَهُمَا، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الزَّوْجِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِجْبَارَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَا عَلَى خِدْمَتِهِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَا لِحَقِّ الْوَلَدِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ لَلَزِمَهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَلِأَنَّهُ مِمَّا يَلْزَمُ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ كَالنَّفَقَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُمَا لَثَبَتَ الْحُكْمُ بِهِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالِ الْإِنْفَاقِ وَعَدَمِ التَّعَاسُرِ (إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إِلَيْهَا وَيُخْشَى عَلَيْهِ) بِأَنْ لَا تُوجَدَ مُرْضِعَةٌ سِوَاهَا، أَوْ لَا يَقْبَلُ الصَّغِيرُ الِارْتِضَاعَ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنْ رَضَاعِهِ ; لِأَنَّهُ حَالُ ضَرُورَةٍ وَحَفِظٌ لِنَفْسِ وَلَدِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ غَيْرُهَا (وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الظِّئْرِ لِمَا زَادَ عَلَى الْحَوْلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] فَلَمْ تَلْزَمْهُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْكَمَالِ، أَشْبَهَ الْحَلْوَى وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفْطَمُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ إِلَّا بِرِضَا أَبَوَيْهِ مَا لَمْ يَنْضَرَّ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " هُنَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ بَعْدَهُمَا، وَلَوْ رَضِيَا، وَظَاهِرُ " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " إِبَاحَتُهُ مُطْلَقًا (وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ فَلِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا) مُطْلَقًا ; لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الزَّوْجِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِي كُلِّ الزَّمَانِ سِوَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، فَالرَّضَاعُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَكَانَ لَهُ مَنْعُهَا كَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ (إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهَا) فَإِنَّهُ حَالُ ضَرُورَةٍ وَحَفِظٌ لِنَفْسِ وَلَدِهَا، فَقَدَّمَ عَلَى الزَّوْجِ كَتَقْدِيمِ الْمُضْطَرِّ عَلَى الْمَالِكِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرَّضَاعِ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ صَحَّ النِّكَاحُ، وَلَمْ يَمْلِكِ الزَّوْجُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ، وَلَا مَنْعَهَا مِنَ الرَّضَاعِ حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ ; لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُلِكَتْ بِعَقْدٍ سَابِقٍ، أَشْبَهَ مَا