الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهَا الْأَبْيَضُ مِنَ الثِّيَابِ، وَإِنْ كَانَ حَسَنًا، وَلَا الْمُلَوَّنُ لِدَفْعِ الْوَسَخِ كَالْكُحْلِيِّ، وَنَحْوُهُ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: وَتَجْتَنِبُ النِّقَابَ.
فَصْلٌ وَ
تَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ
إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إِلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُلَوَّنُ لِدَفْعِ الْوَسَخِ كَالْكُحْلِيِّ، وَنَحْوِهِ) كَالْأَسْوَدِ ; لِأَنَّ الصَّبْغَ لِدَفْعِ الْوَسَخِ، لَا لِحُسْنِهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِينَةٍ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: وَتَجْتَنِبُ النِّقَابَ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَالْبُرْقُعِ، وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ شَبِيهَةٌ بِالْمُحَرَّمَةِ، فَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَيْهِ سَدَلَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا كَمُحْرِمَةٍ، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَنْتَقِبَ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ، وَإِنَّمَا مُنِعَتِ الْمُحْرِمَةُ ; لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ تَغْطِيَةِ وَجْهِهَا، بِخِلَافِ الْحَادَّةِ، وَلِأَنَّ الْمُحْرِمَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ وَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُ سَائِرِ الثِّيَابِ، بِخِلَافِ الْحَادَّةِ، وَلِأَنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا النِّقَابُ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ، فَكَذَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الزِّينَةَ تُبَاحُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفُرُشِ وَآلَةِ الْبَيْتِ وَأَثَاثِهِ، وَإِنْ تَرَكَتِ الْوَاجِبَ أَتَمَّتْ وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ كَالصَّغِيرَةِ.
[فَصْلٌ: الْمَكَانُ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهِ]
[تَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ]
فَصْلٌ (وَتَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ لا غير) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِمْ لِقَوْلِهِ عليه السلام لِفُرَيْعَةَ:«امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» فَاعْتَدَدَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي، عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ، وَقَضَى بِهِ. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ: تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ، وَجَوَابُهُ: مَا سَبَقَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَنْزِلُ لِزَوْجِهَا، أَوْ غَيْرِهِ،
خُرُوجِهَا مِنْهُ بِأَنْ يُحَوِّلَهَا مَالِكُهُ، أَوْ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا فَتَنْتَقِلُ وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَإِنْ أَتَاهَا الْخَبَرُ فِي غَيْرِ مَسْكَنِهَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيُّ: لَا تَبْرَحُ مِنْ مَكَانِهَا الَّذِي أَتَاهَا فِيهِ نَعْيُ زَوْجِهَا، وَجَوَابُهُ:«امْكُثِي فِي بَيْتِكِ» ، وَاللَّفْظُ الْآخَرُ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، وَلَا عُمُومَ لَهَا، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَأْتِيهَا الْخَبَرُ، وَهِيَ فِي السُّوقِ، وَالطَّرِيقِ، وَالْبَرِّيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الِاعْتِدَادُ فِيهِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ: وَسُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ مَرِيضَةٌ أَتَتَحَوَّلُ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا؛ قَالَ: لَا يَجُوزُ (إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ إِلَى خُرُوجِهَا مِنْهُ بِأَنْ يُحَوِّلَهَا مَالِكُهُ، أَوْ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا) أَوْ لَمْ تَجِدْ مَا تَكْتَرِي بِهِ إِلَّا مِنْ مَالِهَا، أَوْ طَلَبَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "(فَتَنْتَقِلُ) لِأَنَّهَا حَالَةُ عُذْرٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَتِ السُّكْنَى سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمُؤَلِّفُ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ إِلَى أَقْرَبِ مَا يُمْكِنُهَا النُّقْلَةُ إِلَيْهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " كَنَقْلِ الزَّكَاةِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُ فِيهِ أَهْلُ السُّهْمَانِ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْوَاجِبَ سَقَطَ كَمَا لَوْ سَقَطَ الْحَجُّ لِلْعَجْزِ عَنْهُ وَيُفَارِقُ أَهْلُ السُّهْمَانِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْأَقْرَبِ، فَلَوِ اتَّفَقَ الْوَارِثُ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى نَقْلِهَا لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّ السُّكْنَى هُنَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ سُكْنَى النِّكَاحِ، لَكِنْ لَهُمْ نَقْلُهَا لِطُولِ لِسَانِهَا وَأَذَاهُمْ بِالسَّبِّ، وَنَحْوِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] الْآيَةَ، وَهِيَ اسْمٌ لِلزِّنَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَالِ الْفَاحِشَةِ، وَقِيلَ: يَنْتَقِلُونَ هُمْ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ إِنْ قُلْنَا لَا سُكْنَى لَهَا فَعَلَيْهَا الْأُجْرَةُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَحْوِيلُهَا مِنْهُ، وَظَاهِرُ " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ (وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا) لِمَا رَوَى مُجَاهِدٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إِحْدَاكُنَّ حَتَّى إِذَا أَرَدْتُنَّ النَّوْمَ فَلْتَأْتِ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِهَا» وَلِأَنَّ اللَّيْلَ مَظَنَّةُ الْفَسَادِ. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ وَجْهٌ، وَقِيلَ: بَلَى، وَظَاهِرُ " الْوَاضِحِ "
وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا فِي النُّقْلَةِ إِلَى بَلَدٍ لِلسُّكْنَى فِيهِ فَمَاتَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ إِلَى مَنْزِلِهَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ، وَإِنْ سَافَرَ بِهَا فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ لَزِمَهَا الْعَوْدُ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ فَأَحْرَمَتْ بِهِ، ثُمَّ مَاتَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُطْلَقًا (وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، قَالَ الْحُلْوَانِيُّ: مَعَ وُجُودِ مَنْ يَقْضِيهَا، وَقِيلَ: مُطْلَقًا. نَصَّ عَلَيْهِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: تَذْهَبُ بِالنَّهَارِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: لَا تَخْرُجُ، قُلْتُ: بِالنَّهَارِ؛ قَالَ: بَلَى، لَكِنْ لَا تَبِيتُ، قُلْتُ: بَعْضُ اللَّيْلِ، قَالَ: تَكُونُ أَكْثَرَهُ بِبَيْتِهَا (وَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا فِي النُّقْلَةِ إِلَى بَلَدٍ لِلسُّكْنَى فِيهِ فَمَاتَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ إِلَى مَنْزِلِهَا) لِأَنَّهَا مُقِيمَةٌ بَعْدُ، وَالِاعْتِدَادُ فِي منزل الزَّوْجِ وَاجِبٌ (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِتُسَاوِيهِمَا، وَلِأَنَّ فِي وُجُوبِ الرُّجُوعِ مَشَقَّةً، وَقِيلَ: بَلَى فِي الثَّانِي كَمَا لَوْ وَصَلَتْهُ، وَهَكَذَا حُكْمُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي النُقْلَةِ مِنْ دَارٍ إِلَى أُخْرَى، وَسَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ نَقْلِ مَتَاعِهَا مِنَ الدَّارِ، أَوْ بَعْدَهُ ; لِأَنَّهُ مَسْكَنُهَا مَا لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْهُ (وَإِنْ سَافَرَ بِهَا فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ لَزِمَهَا الْعَوْدُ) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْإِقَامَةِ (وَإِنْ تَبَاعَدَتْ) أَيْ: بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (خُيِّرَتْ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ) لِتُسَاوِيهِمَا، وَكُلُّ مَوْضِعٍ يُلْزِمُهَا السَّفَرَ، فَهُوَ مَشْرُوطٌ بِوُجُودِ مَحْرَمٍ يُسَافِرُ مَعَهَا لِلْخَبَرِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ) نَقُولُ: الْمُعْتَدَّةُ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ لِحَجِّ، وَلَا غَيْرِهِ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، فَإِنْ خَرَجَتْ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ رَجَعَتْ إِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً ; لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَهَا الِاعْتِدَادُ فِي مَنْزِلِهَا قَبْلَ أَنْ تَبْعُدَ فَلَزِمَهَا كَمَا لَوْ لَمْ تُفَارِقِ الْبُنْيَانَ، فَإِنِ اخْتَارَتِ الْبَعِيدَةُ الرُّجُوعَ فَلَهَا ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ تَصِلُ إِلَى مَنْزِلِهَا فِي عِدَّتِهَا وَمَتَى كَانَ عَلَيْهَا فِي الرُّجُوعِ خَوْفٌ، أَوْ ضَرَرٌ فَلَهَا الْمُضِيُّ فِي سَفَرِهَا كَالْبَعِيدَةِ وَمَتَى رَجَعَتْ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ عِدَّتِهَا لَزِمَهَا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ فِي مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَهُمْ ; لِأَنَّهُ أَمْكَنَهَا الِاعْتِدَادُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ تُسَافِرْ مِنْهُ (فَأَحْرَمَتْ بِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ مَضَتْ فِي سَفَرِهَا) سَوَاءٌ كَانَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، أَوْ غَيْرَهَا، إِذَا