الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا جَنَى إِنْسَانٌ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ طَرَفِهِ خَطَأً، فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَعَنْهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ وَدِيَةُ طَرَفِهِ لِنَفْسِهِ.
وَإِنْ
نَزَلَ رَجُلٌ بِئْرًا فَخَرَّ عَلَيْهِ آخَرُ فَمَاتَ
الْأَوَّلُ مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَجِبُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ شَيْءٌ، وَيَكُونُ بَاقِي الدِّيَةِ فِي أَمْوَالِهِمْ حَالَّةً ; لِأَنَّ التَّأْجِيلَ فِي الدِّيَاتِ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَهَذَا دُونَ الثُّلُثِ، وَلَكِنَّ هَذَا عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ ظَاهِرٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا ; لِأَنَّ الرَّمْيَ لَوْ كَانَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَجُعِلَ فِعْلُ الْمَقْتُولِ هَدَرًا، بَقِيَتِ الدِّيَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ أَثْلَاثًا، وَعَنْهُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ لِاتِّحَادِ فِعْلِهِمْ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّ حَمْلَ الْعَاقِلَةِ إِنَّمَا شُرِعَ لِلتَّخْفِيفِ عَلى الْجَانِي فِيمَا يَشُقُّ وَيَكْثُرُ، وَمَا دُونَ الثُّلُثِ يَسِيرٌ، وَفِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُ فِعْلِ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا مُوجِبُ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ جَرَحَهُ كُلُّ وَاحِدٍ جُرْحًا فَمَاتَتِ النَّفْسُ بِجَمِيعِهَا، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَالضَّمَانُ يَتَعَلَّقُ بِمَنْ مَدَّ الْحَبْلَ وَرَمَى الْحَجَرَ دُونَ مَنْ وَضَعَهُ فِي الْكِفَّةِ اعْتِبَارًا بِالْمُبَاشِرِ كَمَنْ وَضَعَ سَهْمًا فِي قَوْسٍ، أَوْ قَرَّبَهُ وَرَمَى بِهِ صَاحِبَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: يَتَوَجَّهُ رِوَايَتَا مُمْسِكٍ.
1 -
(وَإِذَا جَنَى إِنْسَانٌ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ طَرَفِهِ خَطَأً، فَلَا دِيَةَ لَهُ) بَلْ هُوَ هَدَرٌ كَالْعَمْدِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، قَالَ السَّامِرِيُّ: وَهُوَ الْأَقْيَسُ لِحَدِيثِ عَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ حِينَ رَجَعَ سَيْفُهُ عَلَيْهِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَمَاتَ، وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَبَيَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَنُقِلَ ظَاهِرًا (وَعَنْهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ وَدِيَةُ طَرَفِهِ لِنَفْسِهِ) اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَذَكَرَ أَنَّهَا أَظْهَرُ عَنْهُ لِقَوْلِ عُمَرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ له مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِ، وَلِأَنَّهُ قَتْلٌ خَطَأٌ، فَكَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ، فَعَلَيْهَا إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ قَتْلًا نَظَرْتَ، فَإِنْ كَانَتِ الْعَاقِلَةُ غَيْرَ الْوَرَثَةِ وَجَبَتْ دِيَةُ النَّفْسِ عَلَيْهِمْ لِوَرَثَةِ الْجَانِي وَإِنْ كَانُوا هُمُ الْوَرَثَةَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ شَيْءٌ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ النَّفْسِ وَوَجَبَتْ دِيَةُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِلْجَانِي، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ وَارِثًا سَقَطَ عَنِ الْوَرَثَةِ مَا يُقَابِلُ مِيرَاثَهُ، وَلَا يُحَمِّلُهُ دُونَ الثُّلُثِ فِي الْأَصَحِّ، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَنَقَلَ حَرْبٌ: مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ لَا يُودَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي الْقِيَاسِ وَيُفَارِقُ مَا إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْمِلْهُ الْعَاقِلَةُ لَأَجْحَفَ بِهِ وُجُوبُ الدِّيَةِ لِكَثْرَتِهَا.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسِهِ شِبْهَ عَمْدٍ فَوَجْهَانِ
[نَزَلَ رَجُلٌ بِئْرًا فَخَرَّ عَلَيْهِ آخَرُ فَمَاتَ]
(وَإِنْ نَزَلَ رَجُلٌ بِئْرًا فَخَرَّ عَلَيْهِ آخَرُ فَمَاتَ الْأَوَّلُ مِنْ سَقْطَتِهِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ) أَيْ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَاتَ مِنْ سَقْطَتِهِ،
سَقْطَتِهِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ، وَإِنْ سَقَطَ ثَالِثٌ فَمَاتَ الثَّانِي بِهِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ مِنْ سَقْطَتِهِمَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَذَبَ الثَّانِي وَجَذَبَ الثَّانِي الثَّالِثَ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّالِثِ، وَدِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي نِصْفَيْنِ وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ. وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَيَكُونُ هُوَ قَاتِلُهُ، فَوَجَبَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ بِالْقَتْلِ خَطَأً، وَإِنْ كَانَ رَمَى بِنَفْسِهِ عَلَيْهِ عَمْدًا، وَهُوَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَإِلَّا فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ (وَإِنْ سَقَطَ ثَالِثٌ فَمَاتَ الثَّانِي بِهِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ) لِأَنَّهُ تَلِفَ مِنْ سَقْطَتِهِ، فَإِنْ مَاتَ الثَّانِي بِوُقُوعِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَدَمُ الثَّانِي هَدَرٌ ; لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ اللَّخْمِيُّ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَقُودُ أَعْمَى فَوَقَعَا فِي بِئْرٍ، وَقَعَ الْأَعْمَى فَوْقَ الْبَصِيرِ، فَقَتَلَهُ، فَقَضَى عُمَرُ بِعَقْلِ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى، فَكَانَ الْأَعْمَى يُنْشِدُ فِي الْمَوْسِمِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ رَأَيْتُ مُنْكَرًا
…
هَلْ يَعْقِلُ الْأَعْمَى الصَّحِيحَ الْمُبْصِرَا
خَرَّا مَعًا كِلَاهُمَا تَكَسَّرَا
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَهُ الزُّبَيْرُ، وَشُرَيْحٌ، وَالنَّخَعِيُّ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": لَوْ قَالَ قَائِلٌ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى ضَمَانُ الْبَصِيرِ ; لِأَنَّهُ الَّذِي قَادَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَا فِيهِ، وَكَانَ سَبَبَ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ قَصْدًا لَمْ يَضْمَنْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْأَعْمَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْمِعًا عَلَيْهِ (وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ مِنْ سَقْطَتِهِمَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا) لِأَنَّهُ مَاتَ بِوُقُوعِهِمَا عَلَيْهِ، وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ ; لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِالْوُقُوعِ عَلَيْهِ، فَانْفَرَدَ بِدِيَتِهِ (وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَذَبَ الثَّانِي وَجَذَبَ الثَّانِي الثَّالِثَ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّالِثِ) لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ (وَدِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الرِّعَايَةِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ هُوَ جَذَبَهُ وَبَاشَرَهُ بِذَلِكَ، وَالْمُبَاشَرَةُ تَقْطَعُ حُكْمَ الْمُتَسَبِّبِ كَالْحَافِرِ مَعَ الدَّافِعِ (وَفِي) الْوَجْهِ (الثَّانِي: عَلَى الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي نِصْفَيْنِ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ جَذَبَ الثَّانِيَ الْجَاذِبَ لِلثَّالِثِ، فَصَارَ مُشَارِكًا لِلثَّانِي فِي إِتْلَافِهِ، وَقِيلَ: بَلْ عَلَيْهِمَا ثُلُثَاهَا وَبَقِيَّتُهَا تُقَابِلُ جَذْبَتَهُ فَتَسْقُطُ، أَوْ تَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَقِيلَ: دَمُهُ كُلُّهُ هَدَرٌ. اخْتَارَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " (وَدِيَةُ الثَّانِي
هَلَكَ مِنْ وَقْعَةِ الثَّالِثِ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ضَمَانُهُ عَلَى الثَّانِي، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا عَلَى الثَّانِي، وَفِي نِصْفِهَا الْآخَرِ وَجْهَانِ، وَإِنْ خَرَّ رَجُلٌ فِي زُبْيَةِ أَسَدٍ فَجَذَبَ آخَرَ، وَجَذَبَ الثَّانِي ثَالِثًا، وَجَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا، فَقَتَلَهُمُ الْأَسَدُ، فَالْقِيَاسُ: أَنَّ دَمَ الْأَوَّلِ هَدَرٌ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الثَّانِي، وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ، وَعَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَى الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ هَلَكَ بِجَذْبَتِهِ، وَقَدَّمَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثِ لِمُشَارَكَتِهِ إِيَّاهُ، وَقِيلَ: بَلْ عَلَيْهِمَا ثُلُثَاهَا، وَالْبَاقِي يُقَابِلُ نَفْسَهُ، وَفِيهِ الْوَجْهَانِ، قَالَ الْمَجْدُ: وَعِنْدِي لَا شَيْءَ مِنْهَا عَلَى الْأَوَّلِ، بَلْ عَلَى الثَّالِثِ كُلُّهَا، أَوْ نِصْفُهَا، وَالْبَاقِي يُقَابِلُ فِعْلَ نَفْسِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَيُهْدَرُ نِصْفُهَا فِي مُقَابَلَةِ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ، وَهُوَ وُجُوبُ نِصْفِ دِيَتِهِ علَى عَاقِلَتِهِ لِوَرَثَتِهِ، كَمَا إِذَا رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ أَحَدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ جَذَبَ رَابِعًا فَدِيَتُهُ عَلَى الثَّالِثِ فَقَطْ، وَقِيلَ: عَلَى الثَّلَاثَةِ.
فَرْعٌ: إِذَا لَمْ يَسْقُطْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، بَلْ مَاتُوا بِسُقُوطِهِمْ، وَفِي " الْمُغْنِي ": أَوْ وَقَعَ وَشُكَّ فِي تَأْثِيرِهِ، أَوْ قَتَلَهُمْ فِي الْحُفْرَةِ أَسَدٌ، وَلَمْ يَتَجَاذَبُوا فَدِمَاؤُهُمْ مُهْدَرَةٌ (وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هَلَكَ مِنْ وَقْعَةِ الثَّالِثِ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ضَمَانُهُ عَلَى الثَّانِي) لِأَنَّ هَلَاكَهُ حَصَلَ بِجَذْبِهِ، وَجَذْبُ الثَّانِي وَفِعْلُهُ مُلْغًى كَالْمُتَصَادِمَيْنِ، فَتَعَيَّنَ إِضَافَةُ التَّلَفِ إِلَى الثَّانِي (وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا عَلَى الثَّانِي) لِأَنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ (وَفِي نِصْفِهَا الْآخَرِ وَجْهَانِ) لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ عَلَى جِنَايَةِ نَفْسِهِ، وَفِي جِنَايَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ الرِّوَايَتَانِ (وَإِنْ خَرَّ رَجُلٌ فِي زُبْيَةِ أَسَدٍ فَجَذَبَ آخَرَ وَجَذَبَ الثَّانِي ثَالِثًا وَجَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا، فَقَتَلَهُمُ الْأَسَدُ، فَالْقِيَاسُ أَنَّ دَمَ الْأَوَّلِ هَدَرٌ) ذَكَرَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "،
عَاقِلَةِ الثَّالِثَةِ دِيَةُ الرَّابِعِ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ دِيَةَ الثَّالِثِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي نِصْفَيْنِ، وَدِيَةُ الرَّابِعِ عَلَى عَاقِلَةِ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَضَى لِلْأَوَّلِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَلِلثَّانِي بِثُلُثِهَا، وَلِلثَّالِثِ بِنِصْفِهَا، وَلِلرَّابِعِ بِكَمَالِهَا عَلَى مَنْ حَضَرَهُمْ، ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَازَ قَضَاءَهُ فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ تَوْقِيفًا.
وَمَنِ اضْطُرَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَ " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لِأَحَدٍ فِي إِلْقَائِهِ (وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الثَّانِي) لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي قَتْلِهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ) لِمَا ذَكَرْنَا (وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابِعِ) كَذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّابِعِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا (وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ دِيَةَ الثَّالِثِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي نِصْفَيْنِ) لِأَنَّ جَذْبَ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي سَبَبٌ فِي جَذْبِ الثَّالِثِ كَمَا لَوْ قَتَلَاهُ خَطَأً (وَدِيَةُ الرَّابِعِ عَلَى عَاقِلَةِ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا) لِأَنَّ جَذْبَ الثَّلَاثَةِ سَبَبُ إِتْلَافِهِ، وَكَذَا لَوْ تَدَافَعَ وَتَزَاحَمَ عِنْدَ الْحُفْرَةِ جَمَاعَةٌ فَسَقَطَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ مُتَجَاذِبِينَ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ: مَسْأَلَةُ الزُّبْيَةِ (وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَضَى لِلْأَوَّلِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَلِلثَّانِي بِثُلُثِهَا وَلِلثَّالِثِ بِنِصْفِهَا وَلِلرَّابِعِ بِكَمَالِهَا عَلَى مَنْ حَضَرَهُمْ) رَوَى حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ حَفَرُوا زُبْيَةً لِلْأَسَدِ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى رَأْسِهَا فَهَوَى فِيهَا وَاحِدٌ فَجَذَبَ ثَانِيًا وَجَذَبَ الثَّانِي ثَالِثًا وَجَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا، فَقَتَلَهُمُ الْأَسَدُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَضَى فِيهَا بِمَا ذُكِرَ، وَقَالَ: فَإِنِّي أَجْعَلُ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ حَضَرَ رَأْسَ الْبِئْرِ (ثُمَّ رَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَازَ قَضَاءَهُ) رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَنَشٍ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا (فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ تَوْقِيفًا) وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى قَبَائِلِ الَّذِينَ ازْدَحَمُوا، أَيْ: عَوَاقِلِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثُّلُثِ، وَالنِّصْفِ، وَأَمَّا الرُّبُعُ فَلَا يَتَوَجَّهُ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ لَهَا، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ النَّقْلِ، وَأَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَالْقِيَاسُ مَا قُلْنَاهُ، فَلَا يُنْتَقَلُ عَنْهُ إِلَى مَا لَا يُدْرَى ثُبُوتُهُ، وَلَا مَعْنَاهُ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ".