الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ، الثَّالِثُ: أَنْ يَسْرِقَ نِصَابًا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا قَطْعَ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقَ شَيْئًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، بِحَيْثُ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ بالشركة نصابا، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَوْ سَرَقَ إِنَاءً فِيهِ مَاءٌ أَوْ خَمْرٌ لَمْ يُقْطَعْ، عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، (أَوْ صَلِيبًا أَوْ صَنَمَ ذَهَبٍ) ، أَوْ فِضَّةٍ، وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: أَوْ صَنَمَ نَقْدٍ، وَهِيَ أَوْلَى (لَمْ يُقْطَعْ) ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يُقْطَعُ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَوَجْهُهُمَا مَا سَبَقَ فِي سَرِقَةِ آلَةِ لَهْوٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَسَرَ آلَةَ النَّقْدَيْنِ بِكُلِّ وَجْهٍ، لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَنِ النِّصَابِ، وَلِأَنَّهُمَا جَوْهَرَانِ يَغْلِبَانِ عَلَى الصَّنْعَةِ، وَلِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَكَذَا يُقْطَعُ بِإِنَاءِ نَقْدٍ بِهَا تَمَاثِيلُ، وَقِيلَ: إِنْ لَمْ يَقْصِدْ إِنْكَارًا.
[الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَبْلُغَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا]
فَصْلٌ
(الثَّالِثُ أَنْ يَسْرِقَ نِصَابًا) فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةٍ دُونَ النِّصَابِ فِي قَوْلِهِمْ إِلَّا الْحَسَنَ، وَابْنَ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ، لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَجَوَابُهُ: قَوْلُهُ عليه السلام: «لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فصاعدا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ. وَهُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ» مَحْمُولٌ عَلَى حَبْلٍ، أَوْ بَيْضَةٍ تَبْلُغُ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْضَةِ بَيْضُ النَّعَامِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) لِأَنَّ غَيْرَهَا يُقَوَّمُ بِهَا لِمَا يَأْتِي، فَلَأَنْ يُقْطَعَ بِهَا نَفْسِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْعُرُوضِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِيهِ عَلَى أَنَّ الْعَرَضَ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ، لِأَنَّ الْمِجَنَّ قُوِّمَ بِهَا، وَأَمَّا كَوْنُهُ يُقَوَّمُ بِالذَّهَبِ، فَلِأَنَّ مَا كَانَ الْوَرِقُ
وَالْعُرُوضِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ رُبْعُ دِينَارٍ، أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِهِمَا، وَعَنْهُ: لَا تُقَوَّمُ الْعُرُوضُ إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ.
وَإِذَا سَرَقَ نِصَابًا، ثُمَّ نَقَصَتْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِيهِ أَصْلًا كَانَ الذَّهَبُ فِيهِ أَصْلًا، كَنِصَابِ الزَّكَاةِ، وَالدِّيَاتِ، وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ، وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ مِجَنًّا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، فَقَطَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأُتِيَ عُثْمَانُ بِرَجُلٍ سَرَقَ أُتْرُجَّةً، فَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا رُبْعَ دِينَارٍ، فَقُطِعَ، وَقَالَ عَلِيٌّ: فَمَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ، وَيُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ أَنْ تَكُونَ خَالِصَةً، فَلَوْ كَانَتْ مَغْشُوشَةً فَلَا، خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِيهَا (وَعَنْهُ: أَنَّهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ رُبْعُ دِينَارٍ، أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِهِمَا) نَصَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي: أَنَّهَا أَوْلَى، وَقَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ "، وَ " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، لِخَبَرِ عَائِشَةَ، وَلِقَوْلِهِ:«اقْطَعُوا فِي رُبْعِ دِينَارٍ، لَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ» وَكَانَ رُبْعُ الدِّينَارِ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَالدِّينَارُ اثْنَيْ عَشَرَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ:" يَبْلُغُ " إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: يَسْرِقُ عَرَضًا قِيمَتُهُ كَأَحَدِهِمَا، (وَعَنْهُ: لَا تُقَوَّمُ الْعُرُوضُ إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ) لِأَنَّ التَّقْوِيمَ حَصَلَ بِهَا لَا بِالذَّهَبِ، وَاخْتُلِفَ فِي الذَّهَبِ، هَلْ هُوَ أَصْلٌ فِي الْقَطْعِ نَفْسِهِ؟ فَعَنْهُ: نَعَمْ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ: لَا، فَعَلَى هَذِهِ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ، فَمَا سَاوَى مِنْهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ رُبْعَ دِينَارٍ، وَمَا لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، لَمْ يُقْطَعْ بِهِ، وَإِنْ بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: أَقَلُّهُ رُبْعُ دِينَارٍ، فَلَوْ كَانَ دُونَهَا، وَيُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، لَمْ يُقْطَعْ، وَعَلَى هَذَا: هُوَ أَصْلٌ فِي التَّقْوِيمِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْمُؤَلِّفِ، لِأَنَّهُ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ، فَكَانَ التَّقْوِيمُ بِهِ كَالْآخَرِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَيْسَ بِأَصْلٍ، وَإِنَّمَا الْأَصْلُ الدَّرَاهِمُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: مَتَى بَلَغَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ أَدْنَى النِّصَابَيْنِ قُطِعَ، وَعَلَى الْأُخْرَى: الِاعْتِبَارُ بِالدَّرَاهِمِ فَقَطْ، وَفِي تَكْمِيلِهِ بِضَمٍّ مِنَ النَّقْدَيْنِ وَجْهَانِ، وَيَكْفِي تِبْرٌ فِي الْمَنْصُوصِ، أَيْ: يَكْفِي وَزْنُ التِّبْرِ،