الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ فِي الْقَسَامَةِ، عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَلِلْحَاضِرِ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ نَصِيبَهُ مِنَ الدِّيَةِ، وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَصَّ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُكَذِّبُ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا، لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِتَبْرِئَةِ مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ بِقَتْلٍ، كَمَا لَوِ ادَّعَيَا دَيْنًا لَهُمَا.
[الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّعِينَ رِجَالٌ عُقَلَاءُ]
(الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّعِينَ رِجَالٌ عُقَلَاءُ) لِقَوْلِهِ عليه السلام: «يُقْسِمُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ» . وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ يَثْبُتُ بِهَا قَتْلُ الْعَمْدِ، فَاعْتُبِرَ كَوْنُهَا مِنْ رِجَالٍ عُقَلَاءَ كَالشَّهَادَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُرْتَدُّ وَقْتَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ الْحُرِّ، لِعَدَمِ إِرْثِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ، بَلْ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ) فِي الْقَسَامَةِ أَيْ: لَمْ يُسْتَحْلَفْنَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْمُدَّعَاةَ الَّتِي تَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَيْهَا هِيَ الْقَتْلُ، وَلَا مَدْخَلَ لَهُنَّ فِي إِثْبَاتِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تُقْسِمُ فِي الْخَطَأِ فَلَوْ كَانَ جَمِيعُ الذُّرِّيَّةِ نِسَاءً فَاحْتِمَالَانِ، وَفِي الْخُنْثَى وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُقْسِمُ، لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ وُجِدَ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الِاسْتِحْقَاقُ مِنَ الدِّيَةِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْمَانِعُ مِنْ يَمِينِهِ، وَالثَّانِي: لَا يُقْسِمُ، كَالْمَرْأَةِ (وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ فِي الْقَسَامَةِ) لِأَنَّ قَوْلَهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ أَقَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لَمْ يُقْبَلْ، فَكَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً) لِأَنَّ الْخَطَأَ أَحَدُ الْقَتْلَيْنِ أَشْبَهَ الْآخَرَ، لَا يُقَالُ: الْخَطَأُ يُثْبِتُ الْمَالَ وَلِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ فِيهِ، لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ ضِمْنًا لِثُبُوتِ الْقَتْلِ، وَمِثْلُهُ لَا يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ بَعْدَ مَوْتِهَا لِيَرِثَهَا، وَأَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ (فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (أَحَدُهُمَا غَائِبٌ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) أَوْ نَاكِلٌ عَنِ الْيَمِينِ، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ (فَلِلْحَاضِرِ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ نَصِيبَهُ مِنَ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْقَسَامَةَ حَقٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَقِيَامُ الْمَانِعِ بِصَاحِبِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ حَلِفِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ نَصِيبَهُ كَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا (وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ خَمْسًا
أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ، حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَلَهُ بَقِيمتُهَا، وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَلَّا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَتَّى يَحْلِفَ الْآخَرُ وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ مِنْ شُرُوطِ الْقَسَامَةِ: أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَمْدًا تُوجِبُ الْقِصَاصَ إِذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ، وَأَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعِشْرِينَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ: أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ خَمْسِينَ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ، وَالْبَيِّنَةُ هُنَا هِيَ الْأَيْمَانُ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ ادَّعَى أَحَدَهُمَا دَيْنًا لِأَبِيهِمَا.
الثَّانِي: يَحْلِفُ بِقِسْطِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَهُوَ أَشْهَرُ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِ مِنَ الْأَيْمَانِ، فَكَذَا مَعَ الْمَانِعِ، لَكِنْ لَا قَسَامَةَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَيَبْلُغَ الصَّبِيُّ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ، وَهِيَ الْأَيْمَانُ هُنَا، وَلِأَنَّ الْحَقَّ إِنْ كَانَ قِصَاصًا فَلَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ، وَغَيْرُهُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِوَاسِطَةِ ثُبُوتِ الْقَتْلِ، وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْمَالِ فَلِلْحَاضِرِ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ نَصِيبَهُ مِنَ الدِّيَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ، وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُقْسِمُ بِقِسْطِهِ مِنَ الْأَيْمَانِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ قِسْطِهِ مِنَ الدِّيَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ (وَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ) وَجْهًا وَاحِدًا (وَلَهُ بَقِيَّتُهَا) لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَيْمَانِ صَاحِبِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: يَحْلِفُ خَمْسِينَ كَصَاحِبِهِ، فَكَذَا هُوَ، فَلَوْ قَدِمَ ثَالِثٌ أَوْ بَلَغَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يَحْلِفُ سَبْعَ عَشْرَةَ يَمِينًا، وَعَلَى الْآخَرِ خَمْسِينَ، وَإِذَا قَدِمَ رَابِعٌ، فَهَلْ يَحْلِفُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَمِينًا، أَوْ خَمْسِينَ؟ فِيهِ الْخِلَافُ (وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَلَّا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَتَّى يَحْلِفَ الْآخَرُ لِأَنَّ) ذَلِكَ مُوجِبُ أَيْمَانِهِ (وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ مِنْ شُرُوطِ الْقَسَامَةِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَمْدًا) لِأَنَّ اللَّوْثَ مِنْ شُرُوطِهَا وِفَاقًا، وَلَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا فِي الْعَمْدِ، لِأَنَّ الْخَطَأَ يَصْدُرُ عنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْعَدُوُّ وَغَيْرُهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ الْخَطَأُ فِي الْمَعْنَى كَالْعَمْدِ الَّذِي لَا لَوْثَ فِيهِ وَلَا قَسَامَةَ (تُوجِبُ الْقِصَاصَ إِذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْقَسَامَةِ فِي الْعَمْدِ