الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
الثَّانِي: الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَوْضِعِ وَالِاسْمِ
، فَتُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، وَالْعُلْيَا، وَالسُّفْلَى مِنَ الشَّفَتَيْنِ، وَالْأَجْفَانِ بِمِثْلِهَا. وَالْإِصْبَعُ، وَالسِّنُّ، وَالْأُنْمُلَةُ بِمِثْلِهَا فِي الْمَوْضِعِ وَالِاسْمِ، وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ الْعُلْيَا، وَقَطَعَ الْوُسْطَى مِنْ تِلْكَ الْإِصْبَعِ مِنْ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُلْيَا فَصَاحِبُ الْوُسْطَى مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ عَقْلِ أُنْمُلَتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَقْطَعَ الْعُلْيَا، ثُمَّ يَقْتَصُّ مِنَ الْوُسْطَى وَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[الثَّانِي الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَوْضِعِ وَالِاسْمِ]
فَصْلٌ (الثَّانِي: الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَوْضِعِ، وَالِاسْمِ) قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ (فَتُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، وَالْعُلْيَا، وَالسُّفْلَى مِنَ الشَّفَتَيْنِ، وَالْأَجْفَانِ بِمِثْلِهَا) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَعْتَمِدُ الْمُمَاثَلَةَ، وَلِأَنَّهَا جَوَارِحُ مُخْتَلِفَةُ الْمَنَافِعِ، وَالْأَمَاكِنِ فَلَمْ يُؤْخَذْ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ كَالْعَيْنِ بِالْأَنْفِ، وَكَذَا كُلُّ مَا انْقَسَمَ إِلَى يَمِينٍ وَيَسَارٍ وَأَعْلَى وَأَسْفَلَ (وَالْإِصْبَعُ، وَالسِّنُّ، وَالْأُنْمُلَةُ بِمِثْلِهَا فِي الْمَوْضِعِ وَالِاسْمِ) لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمُمَاثَلَةُ فَتُؤْخَذُ الْإِبْهَامُ، وَالسَّبَّابَةُ، وَالْوُسْطَى بِمِثْلِهَا، وَكَذَا الْبِنْصَرُ، وَالْخِنْصَرُ، وَالثَّنِيَّةُ، وَالضَّاحِكُ، وَالنَّابُ، وَالْأُنْمُلَةُ الْعُلْيَا مِنَ الْإِصْبَعِ بِمِثْلِهِ ; لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَوْجُودَةٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ الْعُلْيَا، وَقَطَعَ الْوُسْطَى مِنْ تِلْكَ الْإِصْبَعِ مِنْ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُلْيَا فَصَاحِبُ الْوُسْطَى مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ عَقْلِ أُنْمُلَتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَقْطَعَ الْعُلْيَا، ثُمَّ يَقْتَصُّ مِنَ الْوُسْطَى) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِي الْحَالِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَيْفِ وَأَخْذِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى تَأْخِيرِ حَقِّهِ حَتَّى يُمَكَّنَ مِنَ الْقِصَاصِ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ فَوَجَبَتِ الْخِيَرَةُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَإِنْ قَطَعَ مِنْ ثَالِثِ السُّفْلَى فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الْعُلْيَا، ثُمَّ لِلثَّانِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الْوُسْطَى، ثُمَّ لِلثَّالِثِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ السُّفْلَى، سَوَاءٌ جَاءُوا جَمِيعًا، أَوْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (وَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمَا يُخَالِفُهُ) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ شَرْطٌ، وَلَمْ تُوجَدْ، فَلَا تُؤْخَذُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ، وَلَا عَكْسِهِ، وَلَا الْعُلْيَا مِنَ الشَّفَتَيْنِ وَالْأَجْفَانِ بِالْأَسْفَلِ، وَلَا عَكْسِهِ، وَلَا الْإِبْهَامُ بِالسَّبَّابَةِ، وَلَا الْوُسْطَى، وَالْخِنْصَرُ، وَالْبِنْصَرُ بِغَيْرِهَا، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ (وَلَا
يُخَالِفُهُ وَلَا تُؤْخَذُ أَصْلِيَّةٌ بِزَائِدَةٍ وَلَا زَائِدَةٌ بِأَصْلِيَّةٍ، وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ فَعَلَا، أَوْ قَطَعَهَا تَعَدَّيَا، أَوْ قَالَ: أَخْرِجْ يَمِينَكَ، فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا أَجْزَأَتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ أَخْرَجَهَا عَمْدًا لَمْ يَجُزْ وَيُسْتَوْفَى مِنْ يَمِينِهِ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ. وَإِنْ أَخْرَجَهَا دَهْشَةً، أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ، فَعَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تُؤْخَذُ أَصْلِيَّةٌ بِزَائِدَةٍ) لِأَنَّ الزَّائِدَةَ دُونَهَا (وَلَا زَائِدَةٌ بِأَصْلِيَّةٍ) لِأَنَّهَا لَا تُمَاثِلُهَا وَيُؤْخَذُ زَائِدٌ بِمِثْلِهِ مَوْضِعًا وَخِلْقَةً، وَلَوْ تَفَاوَتَا قَدْرًا (وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ قِصَاصًا، لَا يَجُوزُ بِتَرَاضِيهِمَا ; لِأَنَّ الدِّمَاءَ لَا تُسْتَبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ (فَإِنْ فَعَلَا) ذَلِكَ بِلَا تَعَدٍّ مِثْلَ أَنْ يَأْخُذَ بِاخْتِيَارِ الْجَانِي فَيُجْزِئُ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ ; لِأَنَّ الْقَوَدَ سَقَطَ فِي الْأُولَى بِإِسْقَاطِ صَاحِبِهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فِي قَطْعِهَا، وَدِيَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةٌ، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ (أَوْ قَطَعَهَا تَعَدِّيًا) لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الدِّيَةِ، وَالْأَلَمِ، وَالِاسْمِ، فَتَسَاقَطَا، وَلِأَنَّ إِيجَابَ الْقَوَدِ يُفْضِي إِلَى قَطْعِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِذْهَابِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ وَكُلٌّ مِنَ الْقَطْعَيْنِ مَضْمُونَةٌ سِرَايَتُهُ ; لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ أَخَذَهَا عُدْوَانًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ بِتَرَاضِيهِمَا، فَلَا قَوَدَ فِي الثَّانِيَةِ لِرِضَا صَاحِبِهَا بِبَدَلِهَا، وَفِي وُجُوبِهِ فِي الْأَوَّلِ وَجْهَانِ:
أحْدَهُمَا: لَا يَسْقُطُ ; لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَرْكِهِ بِعِوَضٍ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ سلعة بِخَمْرٍ، وَقَبَضَهُ إِيَّاهُ، فَعَلَى هَذَا لَهُ الْقَوَدُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْأُخْرَى وَلِلْجَانِي دِيَةُ يَدِهِ (أَوْ قَالَ: أَخْرِجْ يَمِينَكَ، فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا أَجْزَأَتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ) سَوَاءٌ قَطَعَهَا عَالِمًا بِهَا، أَوْ جَاهِلًا، وَكَمَا لَوْ قَطَعَ يَسَارَ السَّارِقِ بَدَلَ يَمِينِهِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ أَخْرَجَهَا عَمْدًا لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنَ الْقَطْعِ، فَلَمْ يُعْذَرْ فِي اسْتِيفَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى السَّارِقِ لِوُجُوهٍ ; لِأَنَّ الْحَدَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِسْقَاطِ، وَيَسَارُهُ تُقْطَعُ إِذَا عُدِمَتْ يَمِينُهُ، وَلَوْ سَقَطَتْ يَدُهُ بِآكِلَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ سَقَطَ الْقَطْعُ، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ (وَيُسْتَوْفَى مِنْ يَمِينِهِ) لِأَنَّ قَطْعَ الْيَسَارِ كَلَا قَطْعٍ فَيُوجِبُ ذَلِكَ قَطْعَ الْيَمِينِ ضَرُورَةَ اسْتِيفَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مَشْرُوطٌ (بَعْدَ
الْقَاطِعِ دِيَتُهَا، وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَجْنُونًا، فَعَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا وَالْآخَرُ عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
انْدِمَالِ الْيَسَارِ) لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَدَّى إِلَى هَلَاكِهِ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ وَيَسَارَ آخَرَ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ أَحَدُهُمَا إِلَى انْدِمَالِ الْآخَرِ ; لِأَنَّ الْقَطْعَيْنِ مُسْتَحَقَّانِ قِصَاصًا فَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَفِي هَذِهِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ.
تَتِمَّةٌ: فَإِنْ أَخْرَجَهَا عَمْدًا عَالِمًا أَنَّهَا يَسَارُهُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فَهَدَرٌ وَيُفَارِقُ هَذَا مَا إِذَا قَطَعَ يَدَ إِنْسَانٍ، وَهُوَ سَاكِتٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْبَدَلُ، فَإِنْ سَرَى قَطْعُ يَسَارِهِ إِلَى نَفْسِهِ فَهَدَرٌ، وَتَجِبُ فِي تَرِكَتِهِ دِيَةُ الْيَمِينِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ (وَإِنْ أَخْرَجَهَا دَهْشَةً، أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ، فَعَلَى الْقَاطِعِ دِيَتُهَا) إِنْ عَلِمَ أَنَّهَا يَسَارٌ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَيُعَزَّرُ، وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالدِّيَةِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِهَا كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَمَا وَجَبَ ضَمَانُهُ فِي الْعَمْدِ وَجَبَ فِي الْخَطَأِ كَإِتْلَافِ الْمَالِ، وَالْقِصَاصُ بَاقٍ فِي الْيَمِينِ، وَلَا يَقْتَصُّ حَتَّى تَنْدَمِلَ الْيَسَارُ، فَإِنْ عَفَا وَجَبَ بَدَلُهَا وَيَتَقَاصَانِ، وَإِنْ سَرَتِ الْيَسَارُ إِلَى نَفْسِهِ، فَلِوَرَثَةِ الْجَانِي نِصْفُ الدِّيَةِ ; لِأَنَّ الْيَسَارَ مَضْمُونَةٌ وَتَسَاقَطَا بِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْجَانِي فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِ إِبَاحَتِهَا ; لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ (وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَجْنُونًا) مِثْلَ أَنْ يُجَنَّ بَعْدَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ (فَعَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ) لِأَنَّهُ قَطَعَهَا مُتَعَدِّيًا (وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا: فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ) لِأَنَّ بَذْلَ الْمَجْنُونِ لَيْسَ بِشُبْهَةٍ (وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا، وَالْآخَرُ عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الِاسْتِيفَاءُ، وَلَا يَجُوزُ الْبَذْلُ لَهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِبَذْلِ صَاحِبِهَا، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ الْيُمْنَى فَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ فِيهَا لِتَلَفِهَا، فَيَكُونُ لِلْمَجْنُونِ دِيَتُهَا، وَإِنْ وَثَبَ الْمَجْنُونُ فَقَطَعَ يَمِينَهُ قَهْرًا سَقَطَ حَقُّهُ كَمَا لَوِ اقْتَصَّ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَقِيلَ: لَا تَسْقُطُ، قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ، وَدِيَةُ يَدِهِ عَلَى الْجَانِي، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْجَانِي.