الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبُو الْخَطَّابِ: وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَثْبُتَ حُكْمُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ الْمُلَاعَنِ بِحَالٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنِهِ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا.
وَإِنْ
وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ طِفْلًا
صَارَ ابْنًا لِمَنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْمَوْلُودِ مِنْهُ. وَإِنْ أُلْحِقْ بِهِمَا كَانَ الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَثْبُتُ) أَيْ: تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَيْنَهُمَا، أَيْ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاطِئِ ; لِأَنَّهُ مَعْنَى " يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ " فَاسْتَوَى مُبَاحُهُ وَمَحْظُورُهُ كَالْوَطْءِ، وَلِأَنَّهُ رَضَاعٌ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ إِلَى الْمُرْضِعَةِ، فَنَشَرَهَا إِلَى الْوَاطِئِ كَصُورَةِ الْإِجْمَاعِ، وَفِي مَسَائِلِ صَالِحٍ حَدَّثَنَا أُبَيٌّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي رَجُلٍ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ فَرَآهَا تُرْضِعُ جَارِيَةً هَلْ تَحِلُّ لَهُ أَمْ لَا؛ قَالَ: لَا، قَالَ أُبَيٌّ: وَبِهَذَا أَقُولُ أَنَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ابْنَتِهِ مِنَ الزِّنَا، فَإِنَّهَا مِنْ نُطْفَتِهِ حَقِيقَةً وَيُفَارِقُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ، فَإِنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَقِفُ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَلِهَذَا تَحْرُمُ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَابْنَتُهَا مِنْ غَيْرِ نَسَبٍ، وَتَحْرِيمُ الرَّضَاعِ مَبْنِيٌّ عَلَى النَّسَبِ بِقَوْلِهِ عليه السلام «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» (قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، أَيْ: حُكْمُهُ حُكْمُ وَلَدِ الزِّنَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي ارْتِضَاعِهِمَا لَبَنَ امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِمَا مِنْهُ، فَيَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَثْبُتَ حُكْمُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ الْمُلَاعَنُ بِحَالٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنِهِ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا) بِخِلَافِ وَلَدِ الزِّنَا ; لِأَنَّ الْوَلَدَ مِنَ الزَّانِي حَقِيقَةٌ، فَكَانَ اللَّبَنُ مِنْهُ، وَاللَّبَنُ لَمْ يَثْبُتْ مِنَ الْمُلَاعِنِ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ أَرْضَعَتْ أُنْثَى حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا بِالصِّهْرِيَّةِ ; لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَةِ الزَّانِي وَرَبِيبَةُ الْمُلَاعِنِ، وَإِنْ أَرْضَعَتْ ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِ بِنْتَاهُمَا وَأَوْلَادُهُمَا وَتَحْرُمُ بِنْتُهُ وَبِنْتُهَا عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: لَا
[وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ طِفْلًا]
(وَإِنْ وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ طِفْلًا صَارَ ابْنًا لِمَنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْمَوْلُودِ مِنْهُ) لِأَنَّ تَحْرِيمَ الرَّضَاعِ فَرْعٌ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُثْبِتَ بِقَائِفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَاقْتَصَرَ فِي " الْفُرُوعِ " عَلَى الْأَوَّلِ (وَإِنْ أُلْحِقْ بِهِمَا) قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ "
بِالرَّضَاعِ فِي حَقِّهِمَا، وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ تَقَدَّمَ لَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي لَبَنِ الْبِكْرِ، وَعَنْهُ: يَنْشُرُهَا. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ. وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غَيْرُ لَبَنِ الْمَرْأَةِ، فَلَوِ ارْتَضَعَ طِفْلَانِ مِنْ بَهِيمَةٍ، أَوْ رَجُلٍ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَغَيْرِهِ، أَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ (كَانَ الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لَهُمَا) لِأَنَّ الْمُرْتَضِعَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَبَعٌ لِلْمُنَاسِبِ، فَمَتَى لَحِقَ الْمُنَاسِبُ بِشَخْصٍ، فَالْمُرْتَضِعُ مِثْلُهُ، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ، فَقِيلَ: كَنَسَبٍ، وَقِيلَ: هُوَ لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ (وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ بِالرَّضَاعِ فِي حَقِّهِمَا) تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ كَمَا لَوِ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، وَإِنِ انْتَفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهَا، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الْآخَرِ انْتَفَى الْمُرْتَضِعُ عَنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَضِعُ أُنْثَى حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ، وَيَحْرُمُ أَوْلَادُهَا عَلَيْهِمَا أَيْضًا لِأَنَّهَا ابْنَةُ مَوْطُوءَتِهِمَا (وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ تَقَدَّمَ) قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ وَطْءٍ (لَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي لَبَنِ الْبِكْرِ) وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ لِتَغْذِيَةِ الْأَطْفَالِ، أَشْبَهَ لَبَنَ الرَّجُلِ، وَالْبَهِيمَةِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ حَقِيقَةً، بَلْ رُطُوبَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ ; لِأَنَّ اللَّبَنَ مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ (وَعَنْهُ: يَنْشُرُهَا ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنُ حَامِدٍ) وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] وَلِأَنَّهُ لَبَنُ امْرَأَةٍ فَتَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ كَمَا لَوْ ثَابَ بِوَطْءٍ، وَلِأَنَّ لَبَنَ الْمَرْأَةِ خُلِقَ لِغِذَاءِ الطِّفْلِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا نَادِرًا، فَجِنْسُهُ مُعْتَادٌ (وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غَيْرُ لَبَنِ الْمَرْأَةِ، فَلَوِ ارْتَضَعَ طِفْلَانِ مِنْ بَهِيمَةٍ) لَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ، وَلَمْ يَصِيرَا أَخَوَيْنِ فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: يَصِيرَانِ أَخَوَيْنِ. وَرَدَّ بِأَنَّ الْأُخُوَّةَ فَرْعٌ عَلَى الْأُمُومَةِ، وَلَا تَثْبُتُ الْأُمُومَةُ بِهَذَا الرَّضَاعِ، فَالْأُخُوَّةُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْمَوْلُودِ الْآدَمِيِّ، أَشَبَهَ الطَّعَامَ (أَوْ رَجُلٍ) فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ