الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَيْءٍ مِنْ أَطْرَافِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَتَجِبُ فِيهِ دِيَتُهُ. سَوَاءٌ عَفَا عَنْهُ، أَوْ قَتَلَهُ.
فَصْلٌ وَإِنْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَرَضُوا بِقَتْلِهِ قُتِلَ لَهُمْ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَاهُ، وَإِنْ تَشَاحُّوا فِيمَنْ يَقْتُلُهُ مِنْهُمْ عَلَى الْكَمَالِ أُقِيدَ لِلْأَوَّلِ. وَلِلْبَاقِينَ دِيَةُ قَتِيلِهِمْ، فَإِنْ رَضِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالتَّعَدِّي، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْطُوعُ مُكَافِئًا (سَوَاءٌ عَفَا عَنْهُ، أَوْ قَتَلَهُ) لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ إِتْلَافِ الطَّرَفِ مَوْجُودٌ فِي حَالَتَيِ الْعَفْوِ، وَالْقَتْلِ.
لَوَاحِقُ: إِذَا كَانَ الْجَانِي قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ الْمُسْتَوْفِي رِجْلَهُ فَقِيلَ: كَقَطْعِ يَدِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا، وَقِيلَ: دِيَةُ رِجْلِهِ ; لِأَنَّ الْجَانِيَ لَمْ يَقْطَعْهَا، وَإِنِ اسْتَحَقَّ قَطْعَ إِصْبَعٍ فَقَطَعَ ثِنْتَيْنِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَطْعِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ ظَنَّ وَلِيُّ دَمٍ أَنَّهُ اقْتَصَّ فِي النَّفْسِ، فَلَمْ يَكُنْ وَدَاوَاهُ أَهْلُهُ حَتَّى بَرِئَ، فَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ دَفَعَ إِلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ وَقَتَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ. هَذَا رَأْيُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَإِذَا اقْتَصَّ بِآلَةٍ كَالَّةٍ، أَوْ مَسْمُومَةٍ فَسَرَى، فَقَالَ الْقَاضِي: عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ ; لِأَنَّهُ تَلِفَ بِفِعْلٍ جَائِزٍ وَمُحَرَّمٍ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ فِي رِدَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ فَمَاتَ مِنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ: يَلْزَمُهُ ضَمَانُ السِّرَايَةِ كُلِّهَا ; لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ كُلَّهُ مُحَرَّمٌ.
[فَصْلٌ: قَتْلُ الْوَاحِدِ جَمَاعَةً]
فَصْلٌ (وَإِنْ قَتَلَ) أَوْ قَطَعَ (وَاحِدٌ جَمَاعَةً) فِي وَقْتٍ، أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَتَدَاخَلْ حُقُوقُهُمْ ; لِأَنَّهَا حُقُوقٌ مَقْصُودَةٌ لِآدَمِيِّينَ، فَلَمْ تَتَدَاخَلْ كَالدُّيُونِ، لَكِنْ إِنْ رَضِيَ الْكُلُّ بِقَتْلِهِ جَازَ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَرَضُوا بِقَتْلِهِ قُتِلَ لَهُمْ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ كَمَا لَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبِيدًا خَطَأً فَرَضُوا بِأَخْذِهِ ; لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِبَعْضِ حَقِّهِمْ كَمَا لَوْ رَضِيَ صَاحِبُ الْيَدِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ (وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَاهُ) أَيْ: سِوَى الْقَتْلِ ; لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِقَتْلِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سِوَاهُ، وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمُ الْقِصَاصَ، وَالْبَاقُونَ الدِّيَةَ فَلَهُمْ ذَلِكَ (وَإِنْ تَشَاحُّوا فِيمَنْ يَقْتُلُهُ مِنْهُمْ عَلَى الْكَمَالِ أُقِيدَ لِلْأَوَّلِ) وَذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " قَوْلًا ; لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ، وَلِأَنَّ الْمَحَلَّ صَارَ
الْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ أُعْطِيَهَا وَقُتِلَ لِلثَّانِي، وَإِنْ قَتَلَ، وَقَطَعَ طَرَفًا قُطِعَ طَرَفُهُ، ثُمَّ قُتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ، وَإِنْ قَطَعَ أَيْدِي جَمَاعَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَتْلِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُسْتَحَقًّا لَهُ بِالْقَتْلِ، فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ غَائِبًا، أَوْ صَغِيرًا - انْتُظِرَ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَقِيلَ: يُقَادُ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: مَعَ السَّبْقِ يُقَادُ بِالسَّابِقِ وَمَعَ الْمَعِيَّةِ هَلْ يُقَادُ بِوَاحِدٍ بِقُرْعَةٍ، أَوْ بِالْكُلِّ، أَوْ يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، وَقَدَّمَ فِي " الْمُحَرَّرِ " أَنَّهُ يُقَدَّمُ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ، وَحَكَاهُمَا فِي " الْفُرُوعِ " مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ (وَلِلْبَاقِينَ دِيَةُ قَتِيلِهِمْ) لِأَنَّ الْقَتْلَ إِذَا فَاتَ تَعَيَّنَتِ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " إِذَا طَلَبُوا الْقَوَدَ فَقَدْ رَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِجُزْءٍ مِنْهُ، وَإِنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ، قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُجْبَرَ لَهُ بَاقِي حَقِّهِ بِالدِّيَةِ، وَيَتَخَرَّجُ: يُقْتَلُ بِهِمْ فَقَطْ عَلَى رِوَايَةٍ يَجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ الْقَوَدُ.
فَرْعٌ: إِذَا بَادَرَ أَحَدُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ، فَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ عَلَى جَانٍ، وَفِي كِتَابِ الْآمِدِيِّ وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ، وَقَدَّمَ فِي " التَّبْصِرَةِ "، وَابْنُ رَزِينٍ: عَلَى قَاتِلِهِ، وَكَمَا لَوْ قَتَلَ مُرْتَدًّا كَانَ مُسْتَوْفِيًا لَقَتْلِ الرِّدَّةِ، وَإِنْ أَسَاءَ فِي الِافْتِئَاتِ عَلَى الْإِمَامِ (فَإِنْ رَضِيَ الْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ أُعْطِيَهَا) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِدُونِ حَقِّهِ (وَقُتِلَ الثَّانِي) لِأَنَّ الْأَوَّلَ إِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ لِسَبْقِهِ، وَقَدْ سَقَطَ حَقُّهُ لِرِضَاهُ بِالدِّيَةِ (وَإِنْ قَتَلَ، وَقَطَعَ طَرَفًا قُطِعَ طَرَفُهُ) أَوَّلًا ; لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالْقَتْلِ لَفَاتَ الْقَطْعُ، وَفِيهِ تَفْوِيتٌ لِحَقِّ الْمَقْطُوعِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الْقَطْعِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ حَقَّيِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ (ثُمَّ قَتَلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ) لِأَنَّهُ لَا مُعَارِضَ لَهُ، تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ ; لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ عَلَى رَجُلَيْنِ، فَلَمْ يَتَدَاخَلَا كَقَطْعِ يَدِ رَجُلَيْنِ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، فَلَمْ يَجُزْ إِسْقَاطُ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ قَطَعَ أَيْدِي جَمَاعَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَتْلِ) لِأَنَّ الْقَطْعَ كَالْقَتْلِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ رَضِيَ الْجَمَاعَةُ بِقَطْعِ يَدِهِ قُطِعَتْ لَهُمْ، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَاهُ، وَإِنْ تَشَاحُّوا، فَعَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ رَضِيَ الْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ أُعْطِيهَا، وَقُطِعَ لِلْبَاقِينَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ، ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ، ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إِلَى النَّفْسِ، وَمَاتَ وَتَشَاحَّا قُتِلَ بِالَّذِي قَتَلَهُ لِسَبْقِهِ وَتَأَخُّرِ السِّرَايَةِ، وَأَمَّا الْقَطْعُ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ يَسْتَوْفِي مِنْهُ