الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: ثَلَاثٌ يُحَرِّمْنَ، وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ. وَمَتَى أَخَذَ الثَّدْيَ فَامْتَصَّ، ثُمَّ تَرَكَهُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَحْمَدُ، وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، وَالْعِجْلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ (فَلَوِ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ لَمْ تَثْبُتْ) لِأَنَّ شَرْطَ ثُبُوتِهِ كَوْنُهُ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَقَيَّدَهُ أَبُو الْخَطَّابِ بِعْدَهُمَا بِسَاعَةٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَوْ شَرَعَ فِي الْخَامِسَةِ فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ كَمَالِهَا لَمْ يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ مَا وُجِدَ مِنَ الرَّضْعَةِ فِي الْحَوْلَيْنِ كَافٍ فِي التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ مَا لَوِ انْفَصَلَ مِمَّا بَعْدَهُ وَاغْتَفَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَا لَوْ رَضَعَ قَبْلَ الْفِطَامِ، قَالَ: أَوْ كَبِيرٌ لِحَاجَةٍ نَحْوَ جَعْلِهِ مُحَرَّمًا لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا، وَقَدْ بَلَغَ مَا تَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَلِمَ مَا تَعْلَمُ الرِّجَالُ، فَقَالَ: أَرَضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْحَوْلَيْنِ، فَلَوْ فُطِمَ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ ارْتَضَعَ فِيهِمَا حَصَلَ التَّحْرِيمُ، وَلَوْ لَمْ يُفْطَمْ حَتَّى جَاوَزَهُمَا، ثُمَّ ارْتَضَعَ قَبْلَ الْفِطَامِ لَمْ يُثْبِتْ
[الثَّانِي أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ]
(الثَّانِي: أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ لِمَا «رَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: كَانَ فِيمَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ " عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ " ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَاهُ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ سَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ:«أَرْضِعِي سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ» " (وَعَنْهُ: ثَلَاثٌ يُحَرِّمْنَ) وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ، وَلَا الْمَصَّتَانِ» وَفِي لَفْظٍ «لَا تُحَرِّمُ الِإْمَلَاجَةُ، وَلَا
أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ فَمَتَى عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ قَرُبَ، وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ شَبَعًا، أَوْ لِأَمْرٍ يُلْهِيهِ، أَوْ لِانْتِقَالِهِ مِنْ ثَدْيٍ إِلَى غَيْرِهِ، أَوِ امْرَأَةٍ إِلَى غَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ لَمْ يُقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ فَهُمَا رَضْعَةٌ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْإِمْلَاجَتَانِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَدُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الثَّلَاثُ كَالْعَادَةِ فِي الْحَيْضِ (وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ) وَهِيَ قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَزَعَمَ اللَّيْثُ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ. وَعُمُومُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَشْهَدُ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ تَعْدَادُ الرَّضَعَاتِ كَتَحْرِيمِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ، وَعَنْ حَفْصَةَ: عَشْرٌ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِالْعُمُومِ، أَوْ بِالْمَفْهُومِ، وَالصَّرِيحُ رَاجِحٌ عَلَيْهِمَا، وَالْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مُقَيَّدٌ بِسُنَّةِ نَبِيهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يَقِفِ اللَّيْثُ عَلَى الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (وَمَتَى أَخَذَ الثَّدْيَ فَامْتَصَّ، ثُمَّ تَرَكَهُ، أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ) كَذَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي حَدِّ الرَّضْعَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهَا إِلَى الْعُرْفِ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِهَا مُطْلَقًا، وَلَمْ يَحُدَّهَا بِزَمَنٍ، وَلَا مِقْدَارٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهُمْ إِلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا ارْتَضَعَ، ثُمَّ قَطَعَ بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ فَهِيَ رَضْعَةٌ (فَمَتَى عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى) لِأَنَّ الْعَوْدَ ارْتِضَاعٌ، فَكَانَ رَضْعَةً أُخْرَى كَالْأُولَى (بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ قَرُبَ) إِذِ الْعِبْرَةُ بِتَعْدَادِ الرَّضَعَاتِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا، وَلِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالرَّضْعَةِ، وَلَمْ يَحُدَّهَا بِزَمَانٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَرِيبُ كَالْبَعِيدِ (وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ شِبَعًا، أَوْ لِأَمْرٍ يُلْهِيهِ) لِأَنَّ الْفَصْلَ مَوْجُودٌ فِي الْكُلِّ (أَوْ لِانْتِقَالِهِ مِنْ ثَدْيٍ إِلَى غَيْرِهِ، أَوِ امْرَأَةٍ إِلَى غَيْرِهَا) اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَا تَرَى الصَّبِيَّ يَرْضَعُ مِنَ الثَّدْيِ، فَإِذَا أَدْرَكَهُ النَّفَسُ أَمْسَكَ عَنِ الثَّدْيِ لِيَتَنَفَّسَ وَيَسْتَرِيحَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهِيَ رَضْعَةٌ، وَلِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنَ السُّعُوطِ، وَالْوَجُورِ رَضْعَةٌ، فَكَذَا هُنَا (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ لَمْ يَقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ فُهُمَا رَضْعَةٌ) لِأَنَّ
بَيْنَهُمَا. وَالسُّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَيَحْرُمُ لَبَنُ الْمَيْتَةِ وَاللَّبَنُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقَطْعَ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ، فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ (إِلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا) فَيَكُونَا رَضْعَتَيْنِ لِأَنَّ جَعْلَهُمَا رَضْعَةً يَلْغِي الزَّمَانَ مَعَ طُولِهِ، أَوِ انْتِقَالِهِ مِنِ امْرَأَةٍ إِلَى غَيْرِهَا ; لِأَنَّ الْآكِلَ لَوْ قَطَعَ الْأَكْلَ لِلشُّرْبِ، أَوْ عَارَضَ وَعَادَ فِي الْحَالِ كَانَ أَكْلَةً وَاحِدَةً، فَكَذَا الرَّضَاعُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: حَدُّ الرَّضْعَةِ أَنْ يَمُصَّ، ثُمَّ يُمْسِكَ عَنِ الِامْتِصَاصِ لِتَنَفُّسٍ، أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ خَرَجَ الثَّدْيُ مِنْ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ، وَلَا الْمَصَّتَانِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ مَصَّةٍ أَثَرًا، وَلِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْوَجُورِ، وَالسُّعُوطِ رَضْعَةٌ، فَالِامْتِصَاصُ أَوْلَى. 1
(وَالسُّعُوطُ) هُوَ أَنْ يَصُبَّ فِي أَنْفِهِ اللَّبَنَ مِنْ إِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَدْخُلُ حَلْقَهُ (وَالْوَجُورُ) هُوَ أَنْ يَصُبَّهُ فِي حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ الثَّدْيِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " (كَالرَّضَاعِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهِيَ الْأَصَحُّ وِفَاقًا لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّ هَذَا يَصِلُ إِلَيْهِ اللَّبَنُ كَمَا يَصِلُ بِالِارْتِضَاعِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُحَرِّمُ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فِي السُّعُوطِ ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَضَاعٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ حَصَلَ مِنْ جُرْحٍ فِي بَدَنِهِ، وَعَلَى الْأَوْلَى إِنَّمَا يُحَرَّمُ مِنْ ذَلِكَ مَا يُحَرَّمُ بِالرَّضَاعِ، وَهُوَ خَمْسٌ عَلَى الْأَشْهَرِ، فَإِنَّهُ فَرْعٌ عَلَى الرَّضَاعِ فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، وَالِاعْتِبَارُ بِشُرْبِ الطِّفْلِ لَهُ، فَأَمَّا إِنْ سَقَاهُ جَرْعَةً بَعْدَ أُخْرَى مُتَتَابِعَةً فَرَضْعَةٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ ; لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الرَّضْعَةِ الْعُرْفُ وَهُمْ لَا يَعُدُّونَ هَذَا رَضَعَاتٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى مَا إِذَا قُطِعَتْ عَلَيْهِ الرَّضَاعُ
1 -
(وَيَحْرُمُ لَبَنُ الْمَيْتَةِ) وَهُوَ كَلَبَنِ الْحَيَّةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّهُ يُنْبِتُ اللَّحْمَ، وَنَجَاسَتُهُ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ حُلِبَ فِي إِنَاءٍ نَجِسٍ وَكَمَا لَوْ حُلِبَ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا فَشَرِبَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَقَالَ الْخَلَّالُ: لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَتَوَقَّفَ عَنْهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مَهَنَّا ; لِأَنَّهُ لَبَنٌ لَيْسَ بِمَحَلٍّ
الْمَشُوبُ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا. وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَنْشُرُهَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِلْوِلَادَةِ، أَشْبَهَ لَبَنَ الرَّجُلِ (وَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ) بِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ اخْتَلَطَ بِشَرَابٍ، أَوْ غَيْرِهِ (ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ بَيْنَ الْخَالِصِ وَالْمَشُوبِ كَالنَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ، وَالنَّجَاسَةِ الْخَالِصَةِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا) وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ ; لِأَنَّ الْمَشُوبَ لَيْسَ بِلَبَنٍ خَالِصٍ، فَلَمْ يُحَرِّمْ كَالْمَاءِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حَرَّمَ) وَذَكَرَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَغْلَبِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الصُّوَرِ، فَكَذَا هُنَا (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا لَمْ يَغْلِبِ اللَّبَنُ لَمْ يُحَرِّمْ ; لِأَنَّهُ يَزُولُ بِذَلِكَ الِاسْمِ، وَالْمَعْنَى الْمُرَادُ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ صِفَاتُ اللَّبَنِ بَاقِيَةً، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، فَلَوْ صَبَّهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ لَمْ يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَشُوبٍ، وَلَا يَحْصُلْ بِهِ التَّغَذِّي، وَلَا إِنْبَاتُ اللَّحْمِ، وَلَا إِنْشَارُ الْعَظْمِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحَرِّمُ ; لِأَنَّ أَجْزَاءَ اللَّبَنِ حَصَلَ فِي بَطْنِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا، وَجَوَابُهُ: أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَضَاعٍ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ.
فَرْعٌ: إِذَا عَمِلَ اللَّبَنُ جُبْنَا حَرَّمَ فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ وَاصِلٌ مِنَ الْحَلْقِ يَحْلُ بِهِ إِنْبَاتُ اللَّحْمِ، وَعَنْهُ لَا لِزَوَالِ الِاسْمِ، وَإِذَا قُلْنَا: الْوَجُورُ لَا يُحَرِّمُ فَهَذَا أَوْلَى.
(وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ) وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَ " الرِّعَايَةِ " وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَضَاعٍ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ التَّغَذِّي، فَلَمْ يَنْشُرِ الْحُرْمَةَ كَمَا لَوْ قَطَّرَ فِي إِحْلِيلِهِ وَكَمَا لَوْ وَصَلَ مِنْ جُرْحٍ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ) وَابْنُ أَبِي مُوسَى (تَنْشُرُهَا) لِأَنَّهُ سَبِيلٌ يَحْصُلُ بِالْوَاصِلِ مِنْهُ الْفِطْرُ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ كَالرَّضَاعِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى إِذِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِطْرِ، وَالرَّضَاعِ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الرَّضَاعَ يُعْتَبَرُ فِيهِ إِنْشَارُ الْعَظْمِ، وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي