الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِعَانٌ وَاحِدٌ. وَإِنْ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَاتٍ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ.
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهُا: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ، أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ رَقِيقَيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى: لَا يَصِحُّ إِلَّا بَيْنَ زَوْجَيْنِ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ، فَإِنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِكَلِمَاتٍ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ) كَمَا لَوْ قَذَفَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بَعْدَ لِعَانِ الْأُخْرَى. وَعَنْهُ: إِنْ طَالَبُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ مُطَالَبَةً وَاحِدَةً فَحَدٌّ وَاحِدٌ، وَإِلَّا فَحُدُودٌ حَكَاهَا فِي " الْمُسْتَوْعِبِ ".
[فَصْلُ شُرُوطِ صِحَّةِ اللِّعَانِ]
[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ بَيْنَ زَوْجَيْنِ عَاقِلَيْنِ]
فَصْلٌ (وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُها: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ثُمَّ خَصَّ الْأَزْوَاجَ مِنْ عُمُومِهَا بُقُولِهِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ. (عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ) لِأَنَّهُ إِمَّا يَمِينٌ، أَوْ شَهَادَةٌ، وَكُلَاهُمَا لَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ، وَلَا غَيْرِ بَالِغٍ ; إِذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا (سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ، أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ رَقِيقَيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ)، أَيْ: يَصِحُّ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا إِذَا كَانَا مُكَلَّفَيْنِ. نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهُ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَةَ، وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام «لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» وَلِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى، وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَحْتَاجُ إِلَى نَفْيِ الْوَلَدِ فَشُرِعَ لَهُ اللِّعَانُ طَرِيقًا إِلَى نَفْيِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يُحَدُّ بِقَذْفِهَا. (وَالْأُخْرَى: لَا يَصِحُّ إِلَّا بَيْنَ زَوْجَيْنِ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ شَهَادَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] فَجَعَلَهُمْ شُهَدَاءَ. وَقَالَ تَعَالَى {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6] وَعَنْهُ: لَا لِعَانَ بِقَذْفِ غَيْرِ الْمُحْصَنَةِ، وَهِيَ الْأَمَةُ، وَالذِّمِّيَّةُ، وَالْمَحْدُودَةُ فِي الزِّنَا لِزَوْجِهَا، لِعَانُهَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ خَاصَّةً وَلَيْسَ لَهُ لِعَانُهَا لِإِسْقَاطِ حَدِّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَعَنْهُ:
اخْتَلَّ شَرْطٌ منها فِي أَحَدِهِمَا، فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا. وَإِن قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً. أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: زَنَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ حُدَّ، وَلَمْ يُلَاعِنْ. وَإِنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُحْصَنَةُ وَزَوْجُهَا الْمُكَلَّفُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ شَهَادَةً فَلِقَوْلِهِ فِي يَمِينِهِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ كُلُّ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ بَالِغَةٍ. وَعَنْهُ: مُسْلِمَةٌ حُرَّةٌ عَفِيفَةٌ. (فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا فِي أَحَدِهِمَا، فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَالْأَوْلَى هِيَ الْمَنْصُوصَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يُخَالِفُهَا شَاذٌّ فِي النَّقْلِ.
(وَإِذَا قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً) ثُمَّ تَزَوَّجَهَا حُدَّ وَلَمْ يُلَاعَنْ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ فِي حَالِ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا، فَلَوْ قَذَفَهَا وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً وَإِلَّا عُزِّرَ. (أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ حُدَّ، وَلَمْ يُلَاعِنْ) وَقَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ، أَوْ لَا ; لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِزِنًا مُضَافًا إِلَى حَالِ الْبَيْنُونَةِ. أَشْبَهُ مَا لَوْ قَذَفَهَا، وَهِيَ بَائِنٌ. وَفَارَقَ قَذْفَ الزَّوْجَةِ ; لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَهُ لِعَانُهَا لِعُمُومِ الْآيَةِ. وَعَنْهُ: لِنَفْيِ الْوَلَدِ، قَدَّمَهُ فِي " الْكَافِي ". وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى نَفْيِهِ وَهُنَا إِذَا تَزَوَّجَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ زِنَاهَا، فَهُوَ الْمُفَرِّطُ فِي نِكَاحِ حَامِلٍ مِنَ الزِّنَا.
فَرْعٌ: إِذَا مَلَكَ أَمَةً، وَقَذَفَهَا، فَلَا لِعَانَ وَيُعَزَّرُ فَقَطْ. (وَإِنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي النِّكَاحِ) أَيْ: إِذَا أَبَانَ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إِلَى حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، أَوِ الْعُدَّةِ وَبَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ ; لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ بِحُكْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَكَانَ لَهُ نَفْيُهُ. وَيُفَارِقُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى الْقَذْفِ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً، وَسَائِرُ الْأَجْنَبِيَّاتِ لَا يَلْحَقُهُ وَلَدُهُنَّ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى قَذْفِهِنَّ. وَحَكَي فِي " الِانْتِصَارِ " عَنْ أَصْحَابِنَا: إِنْ أَبَانَهَا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي الزَّوْجِيَّةِ أَنَّهُ يُلَاعِنُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَتَى لَاعَنَهَا لِنَفْيِ وَلَدِهَا انْتَفَى وَسَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ. وَفِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَجْهَانِ. (أَوْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَبَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ وَإِلَّا حُدَّ، وَلَمْ يُلَاعِنْ) ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ. فَلَوْ لَاعَنَهَا مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ، وَلَمْ يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ ; لِأَنَّهُ لِعَانٌ فَاسِدٌ، وَسَوَاءٌ اعْتَقَدَ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ أَمْ لَا.
1 -
النِّكَاحِ، أَوْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَبَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ وَإِلَّا حُدَّ، وَلَمْ يُلَاعِنْ. وَإِنْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ قَذْفِهَا فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ ثَلَاثًا لَاعَنَ. نَصَّ عَلَيْهِ لِإِبَانَتِهَا بَعْدَ قَذْفِهَا وَكَقَذْفِ الرَّجْعِيَّةِ قِيلَ لِأَحْمَدَ: فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: يُحَدُّ، وَلَا يَلْزَمُهَا إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: بِئْسَ مَا يَقُولُونَ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ لَمْ يُلَاعِنْ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ ; لِأَنَّهُ يُعَيَّنُ إِضَافَةُ قَذْفِهَا إِلَى حَالِ الزَّوْجِيَّةِ لِاسْتِحَالَةِ الزِّنَا مِنْهَا بَعْدَ طَلَاقِهِ لَهَا.
1 -
فَائِدَةٌ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ قَذَفَهَا. قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يُلَاعِنُ وَيُجْلَدُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يُلَاعِنُ مَا كَانَتْ فِي الْعُدَّةِ، قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَجْوَدُ ; لِأَنَّهَا زَوْجُهُ.
(وَإِنْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ قَذْفِهَا فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ) . نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكَثَرِ الْعُلَمَاءِ لِعُمُومِ الْآيَةِ، فَإِذَا لَمْ يُلَاعِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَلِأَنَّهُ قَاذِفٌ لِزَوْجَتِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُلَاعِنَ كَمَا لَوْ بَقِيَا عَلَى النِّكَاحِ إِلَى حَالَةِ اللِّعَانِ، فَلَوْ قَالَتْ: قَذَفَنِي قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَقَالَ: بَلْ بَعْدَهُ، أَوْ قَالَتْ: قَذَفَنِي بَعْدَمَا بِنْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: بَلْ قَبْلَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْقَذْفِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ.
1 -
مَسْأَلَةٌ: إِذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ لَاحِقًا بِهِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ فَيَنْتَفِيَ عَنْهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، أَوْ أَقَرَّ بِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ وَطِئَ كَانَ مُلْحَقًا بِالنِّكَاحِ إِنْ أَمْكَنَ، وَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانه. ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".
وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا: لَا لِعَانَ فِيهِ، فَالنَّسَبُ لَاحِقٌ بِهِ، وَيَجِبُ بِالْقَذْفِ مُوجِبُهُ مِنَ الْحَدِّ، أَوِ التَّعْزِيرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاذِفُ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا، فَلَا شَيْءَ فِيهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
1 -