الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
الْقَتْلُ عَلَى أَرْبَعَةٍ أَضْرُبٍ: عَمْدٍ، وَشِبْهِ عَمْدٍ، وَخَطَأٍ، وَمَا أُجْرِي مَجْرَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]
[أَنْوَاعُ الْقَتْلِ] [
النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْعَمْدُ وَهُوَ أَقْسَامٌ] [
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَجْرَحُهُ بِمَا لَهُ مَوْرٌ فِي الْبَدَنِ]
ِ وَهِيَ جَمْعُ جِنَايَةٍ وَجُمِعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مَصْدَرًا لِتَنَوُّعِهَا إِلَى عَمْدٍ وَخَطَأٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا جِنَايَاتُ الْجِرَاحَةِ، وَنَحْوُهَا، وَهِيَ كُلُّ فِعْلِ عُدْوَانٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، لَكِنَّهَا فِي الْعُرْفِ مَخْصُوصَةٌ بِمَا يَحْصُلُ فِيهِ التَّعَدِّي عَلَى الْأَبْدَانِ بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا، أَوْ نَحْوَهُ وَسَمَّوُا الْجِنَايَةَ عَلَى الْأَمْوَالِ غَصْبًا وَنَهْبًا وَسَرِقَةً وَإِتْلَافًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَإِذَا فَعَلَ، ثُمَّ تَابَ قُبِلَتْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ لِلْآيَةِ، وَالْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَكَالْكَافِرِ، وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ، ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي " انْتِصَارِهِ "، وَهِيَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] الْآيَةَ، وَحُمِلَتْ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مُسْتَحِلًّا، وَلَمْ يَتُبْ، أَوْ عَلَى أَنَّ هَذَا جَزَاؤُهُ إِنْ جَازَاهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(الْقَتْلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ: عَمْدٍ وَشِبْهِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ، وَمَا أُجْرِي مَجْرَى الْخَطَأِ) كَذَا
الْخَطَأِ. فَالْعَمْدُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ عَالِمًا بِكَوْنِهِ آدَمِيًّا مَعْصُومًا، وَهُوَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ مَوْرٌ فِي الْبَدَنِ مِنْ حَدِيدٍ، أَوْ غَيْرِهِ، مِثْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ بِسِكِّينٍ، أَوْ يَغْرِزَهُ بِمِسَلَّةٍ فَيَمُوتَ إِلَّا أَنْ يَغْرِزَهُ بِإِبْرَةٍ، أَوْ شَوْكَةٍ، وَنَحْوِهِمَا فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ فَيَمُوتَ فِي الْحَالِ، فَفِي كَوْنِهِ عَمْدًا وَجْهَانِ. وَإِنْ بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ ضِمْنًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَوَجْهُهُ: أَنَّهُ إِذَا قَصَدَ قَتْلَهُ بِمَا يَصْلُحُ غَالِبًا عُرْفًا، فَهُوَ عَمْدٌ، وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يَصْلُحُ لِلْقَتْلِ غَالِبًا، فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْقَتْلَ، فَهُوَ خَطَأٌ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَالْقَتْلِ بِالسَّبَبِ وَكَالنَّائِمِ يَنْقَلِبُ عَلَى إِنْسَانٍ، لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةٍ: عَمْدٍ وَشِبْهِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ. صَرَّحَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُؤَلِّفُ فِي " الْكَافِي "، وَالْمُجِدُّ فِي " مُحَرَّرِهِ "، وَالْجَدُّ فِي " فُرُوعِهِ " ; لِأَنَّ مَا أُجْرِي مَجْرَى الْخَطَأِ خَطَأٌ ; لِأَنَّ فَاعِلَهُ لَمْ يَقْصِدْهُ إِذْ هُوَ مِنْ فِعْلِ مَنْ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ. (فَالْعَمْدُ) يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ (أَنْ يَقْتُلَهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ عَالِمًا بِكَوْنِهِ آدَمِيًّا مَعْصُومًا) هَذَا بَيَانٌ لِلْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ شَرْعًا، فَالْأَوَّلُ احْتِرَازٌ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَالثَّانِي احْتِرَازٌ مِنَ الْخَطَأِ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ " مَعْصُومًا " احْتِرَازٌ مِنَ الْحَرْبِيِّ، وَنَحْوَهُ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ (وَهُوَ تِسْعَةُ أَقْسَامٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا (أَحَدُهَا: أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ مَوْرٌ) أَيْ: نُفُوذٌ (فِي الْبَدَنِ مِنْ حَدِيدٍ، أَوْ غَيْرِهِ) كَرَصَاصٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، فَهَذَا كُلُّهُ إِذَا جَرَحَهُ جَرْحًا كَبِيرًا فَمَاتَ، فَهُوَ عَمْدٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَلَوْ طَالَتْ عِلَّتُهُ مِنْهُ (مِثْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ بِسِكِّينٍ، أَوْ يَغْرِزَهُ بِمِسَلَّةٍ فَيَمُوتَ) فَهَذَا عَمْدٌ مَحْضٌ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى مَحَلِّ الْخِلَافِ، فَقَالَ (إِلَّا أَنْ يَغْرِزَهُ بِإِبْرَةٍ، أَوْ شَوْكَةٍ، وَنَحْوِهِمَا) كَشَرْطَةِ الْحَجَّامِ (فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ فَيَمُوتَ فِي الْحَالِ فَفِي كَوْنِهِ عَمْدًا وَجْهَانِ) وَجُمْلَتُهُ: أَنَّهُ إِذَا جَرَحَهُ جَرْحًا صَغِيرًا فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ فَمَاتَ فِي الْحَالِ، فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا قَوَدَ فِيهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْهُ كَالْعَصِيِّ، وَالثَّانِي، وَهُوَ الْأَشْهَرُ: فِيهِ الْقِصَاصُ، وَهُوَ