الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ الرَّابِعُ: أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْحِرْزِ. فَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، أَوْ دَخَلَ الْحِرْزَ، فَأَتْلَفَهُ فِيهِ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ. وَإِنِ ابْتَلَعَ جَوْهَرًا أَوْ ذَهَبًا، وَخَرَجَ بِهِ، أَوْ نَقَبَ، وَدَخَلَ، فَتَرَكَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[الشَّرْطُ الرَّابِعُ: إِخْرَاجُ الْمَسْرُوقِ مِنَ الْحِرْزِ]
فَصْلٌ
(الرَّابِعُ: أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْحِرْزِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَعَنْ عَائِشَةَ وَالنَّخَعِيِّ فِيمَنْ جَمَعَ الْمَتَاعَ وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنَ الْحِرْزِ: عَلَيْهِ الْقَطْعُ، قَالَ سَعِيدٌ: ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: ذَكَرَ لِعَائِشَةَ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: لَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ حَتَّى يُخْرِجَ الْمَتَاعَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا شَفْرَةً لَحَزَزْتُ بِهَا يَدَهُ، وَعَنْهُ: لَا يُشْتَرَطُ الْحِرْزُ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ ثَابِتٌ، وَالْأَوَّلُ شَبِيهٌ بِالْإِجْمَاعِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:«أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الثِّمَارِ، فَقَالَ: مَا أُخِذَ مِنْ غَيْرِ أَكْمَامِهِ، وَاحْتُمِلَ، فَفِيهِ قِيمَتُهُ وَمِثْلُهُ مَعَهُ، وَمَا كَانَ مِنَ الْحِرْزِ، فَفِيهِ الْقَطْعُ إِذَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَبِهَذَا تُخَصُّ الْآيَةُ كَمَا خَصَصْنَاهَا بِالنِّصَابِ (فَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، أَوْ دَخَلَ الْحِرْزَ فَأَتْلَفَهُ فِيهِ) بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ) لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ ضمانه، لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ، وَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنَ الْحِرْزِ، سَوَاءٌ حَمَلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، أَوْ تَرَكَهُ خَارِجًا مِنَ الْحِرْزِ (وَإِنِ ابْتَلَعَ جَوْهَرًا أَوْ ذَهَبًا وَخَرَجَ بِهِ) مِنَ الْحِرْزِ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ فِي كُمِّهِ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ مَا إِذَا خَرَجَا مِنْهُ أَوْ لَا، لَكِنْ إِنْ لَمْ يُخْرِجْ مَا ابْتَلَعَهُ فَلَا قَطْعَ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَقِيلَ: يُقْطَعُ قَدَمُهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الرِّعَايَةِ "، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ، فَقِيلَ: يُقْطَعُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ كُمِّهِ، وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّهُ ضَمِنَهَا بِالْبَلْعِ، فَكَانَ إِتْلَافًا لَهَا لَا
الْمَتَاعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، فَخَرَجَتْ بِهِ، أَوْ فِي مَاءٍ جَارٍ، فَأَخْرَجَهُ، أَوْ قَالَ لِصَغِيرٍ أَوْ مَعْتُوهٍ: ادْخُلْ فَأَخْرِجْهُ، فَفَعَلَ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ. وَحِرْزُ الْمَالِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَجَوْرِهِ، وَقُوَّتِهِ، وَضَعْفِهِ، فَحِرْزُ الْأَثْمَانِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سَرِقَةً (أَوْ نَقَبَ، وَدَخَلَ، فَتَرَكَ الْمَتَاعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، فَخَرَجَتْ بِهِ) مِنْ غَيْرِ سَوْقِهَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ مَشْيُ الْبَهِيمَةِ بِمَا وُضِعَ عَلَيْهَا، (أَوْ فِي مَاءٍ جَارٍ) وَقِيلَ: وَرَاكِدٍ، (فَأَخْرَجَهُ) الْمَتَاعَ إِلَى حَائِلٍ مِنَ الدَّارِ، فَأَطَارَتْهُ الرِّيحُ، فَهَذَا فِيهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا قَطْعَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ آلَةً لِلْإِخْرَاجِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ.
وَالثَّانِي: يُقْطَعُ، لِأَنَّ فِعْلَهُ سَبَبُ خُرُوجِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ سَاقَ الْبَهِيمَةَ.
فَرْعٌ: إِذَا رَمَى الْمَتَاعَ، فَأَطَارَتْهُ الرِّيحُ فَأَخْرَجَتْهُ، أَوْ فَتَحَ طَاقًا فَسَقَطَ مِنْهُ طَعَامٌ، أَوْ غَيْرُهُ قَدْرَ نِصَابٍ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنَ الْحِرْزِ وَرَمَاهُ خَارِجًا عَنْهُ، أَوْ رَدَّهُ إِلَيْهِ، قُطِعَ، لِأَنَّهُ مَتَى ابْتَدَأَ الْفِعْلُ مِنْهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِعْلُ الرِّيحِ، كَمَا لَوْ رَمَى صَيْدًا، فَأَعَانَتِ الرِّيحُ السَّهْمَ حَتَّى قَتَلَ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ، وَلَوْ رَمَى الْجِمَارَ، فَأَعَانَتْهَا الرِّيحُ حَتَّى وَقَعَ فِي الْمَرْمَى احْتَسَبَ بِهِ، (أَوْ قَالَ لِصَغِيرِهِ، أَوْ مَعْتُوهٍ: ادْخُلْ، فَأَخْرِجْهُ، فَفَعَلَ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ) لِأَنَّهُ لِاخْتِيَارِهِ لَهُمَا فَهُمَا كَالْآلَةِ، وَلَوْ أَمَرَهُمَا شَخْصٌ بِالْقَتْلِ، قُتِلَ الْآمِرُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا أَخْرَجَ خَشَبَةً أَوْ بَعْضَهَا مِنَ الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ، لِأَنَّ بَعْضَهَا لَا يَنْفَرِدُ عَنْ بَعْضٍ، وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ عِمَامَةً، وَطَرَفُهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا، وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَ نِصَابٍ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ تَمَامَهُ وَقَرُبَ، قُطِعَ، وَكَذَا إِنْ بَعُدَ فِي وَجْهٍ، وَقَدَّمَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ فِي لَيْلَةٍ قُطِعَ، لَا لَيْلَتَيْنِ، وَإِنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهَتْكِهِ وَأَهْمَلَهُ، فَلَا قَطْعَ، قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا يُبْنَى فِعْلُهُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، وَلَوْ فَتَحَ أَسْفَلَ كُوَّارَةٍ، فَخَرَجَ الْعَسَلُ شَيْئًا فَشَيْئًا، قُطِعَ.
فَرْعٌ: إِذَا عَلَّمَ قِرْدًا السَّرِقَةَ فَالْغُرْمُ فَقَطْ، ذَكَرَهُ أَبُو الْوَفَا، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ.
1 -
(وَحِرْزُ الْمَالِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَعَدْلِ السُّلْطَانِ، وَجَوْرِهِ، وَقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّرْعِ، عُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى الْعُرْفِ، لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ كَمَا رَجَعْنَا إِلَى مَعْرِفَةِ الْقَبْضِ، وَالْفُرْقَةِ فِي الْبَيْعِ،
وَالْجَوَاهِرِ، وَالْقُمَاشِ فِي الدُّورِ، وَالدَّكَاكِينِ فِي الْعُمْرَانِ وَرَاءَ الْأَبْوَابِ، وَالْأَغْلَاقِ الْوَثِيقَةِ، وَحِرْزُ الْبَقْلِ، وَالْبَاقِلَاءِ، وَنَحْوِهِ، وَقُدُورِهِ وَرَاءَ الشَّرَائِجِ إِذَا كَانَ فِي السُّوقِ حَارِسٌ، وَحِرْزُ الْخَشَبِ وَالْحَطَبِ، الْحَظَائِرُ، وَحِرْزُ الْمَوَاشِي الصِّيَرُ، وَحِرْزُهَا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ إِلَيْهِ، هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا (فَحِرْزُ الْأَثْمَانِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْقُمَاشِ فِي الدُّورِ وَالدَّكَاكِينِ، فِي الْعُمْرَانِ وَرَاءَ الْأَبْوَابِ وَالْأَغْلَاقِ الْوَثِيقَةِ) وَهُوَ اسْمٌ لِلْقُفْلِ خَشَبًا كَانَ أَوْ حَدِيدًا، أَوْ يَكُونُ فِيهَا حَافِظٌ، لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي حِرْزِ ذَلِكَ بِذَلِكَ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ: فِي قُمَاشٍ غَلِيظٍ وَرَاءَ غَلَقٍ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: مَا جُعِلَ لِلسُّكْنَى، وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ غَلَقٌ، فَسُرِقَ مِنْهُ: أُرَاهُ سَارِقًا، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَهُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَتِ الْأَبْوَابُ مَفْتُوحَةً وَفِيهَا خَزَائِنُ مُغْلَقَةٌ فَالْخَزَائِنُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا، وَالْبُيُوتُ الَّتِي فِي الْبَسَاتِينِ، أَوِ الطُّرُقِ، أَوِ الصَّحْرَاءِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَلَيْسَتْ حِرْزًا، وَإِنْ كَانَتْ مُغْلَقَةً وَفِيهَا حَافِظٌ فَهِيَ حِرْزٌ، وَإِنْ كَانَ نَائِمًا، وَإِنْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً فَلَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَافِظُ يَقْظَانَ.
تَتِمَّةٌ: الْخَيْمَةُ وَالْخَرْكَاةُ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَفْتُوحُ الْبَابِ، أَوْ لَا بَابَ لَهُ، إِلَّا أَنَّهُ مُحْجَرٌ بِالْبِنَاءِ، فَإِنْ سَرَقَ صُنْدُوقًا فِيهِ مَتَاعٌ أَوْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا مَتَاعٌ وَلَا حَافِظَ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ سَرَقَ الْمَتَاعَ الَّذِي فِيهِ قُطِعَ، وَعَنْهُ: إِنَّ الصَّنَادِيقَ الَّتِي فِي السُّوقِ، وَإِنْ حُمِلَتْ كَمَا هِيَ قُطِعَ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى أَنَّ مَعَهَا شَيْئًا (وَحِرْزُ الْبَقْلِ، وَالْبَاقِلَاءِ وَنَحْوِهِ، وَقُدُورِهِ وَرَاءَ الشَّرَائِجِ) وَاحِدُهَا شَرِيجَةٌ، وَهُوَ: شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنْ قَصَبٍ، أَوْ نَحْوِهِ، يُضَمُّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ بِحَبْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ (إِذَا كَانَ فِي السُّوقِ حَارِسٌ) لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِحْرَازِهَا بِهِ (وَحِرْزُ الْخَشَبِ وَالْحَطَبِ) وَالْقَصَبِ (الْحَظَائِرُ) وَاحِدَتُهَا حَظِيرَةٌ، وَهِيَ: مَا يُعْمَلُ لِلْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ مِنَ الشَّجَرِ تَأْوِي إِلَيْهِ، وَأَصْلُ الْحَظْرِ: الْمَنْعُ، فَيُعَبِّئُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَيُقَيِّدُهُ بِقَيْدٍ، بِحَيْثُ يَعْسُرُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي فُنْدُقٍ مُغْلَقًا عَلَيْهِ، فَيَكُونُ مُحْرَزًا، وَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَفِي " التَّبْصِرَةِ ": حِرْزُ حَطَبٍ تَعْبِئَتُهُ، وَرَبْطُهُ بِالْحِبَالِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ.
فَرْعٌ: حِرْزُ السُّفُنِ فِي الشَّطِّ بِرَبْطِهَا.
الْمَرْعَى بِالرَّاعِي، وَنَظَرِهِ إِلَيْهَا، وَحِرْزُ حَمُولَةِ الْإِبِلِ بِتَقْطِيرِهَا، وَقَائِدِهَا، وَسَائِقِهَا إِذَا كَانَ يَرَاهَا، وَحِرْزُ الثِّيَابِ فِي الْحَمَّامِ بِالْحَافِظِ، وَحِرْزُ الْكَفَنِ فِي الْقَبْرِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَلَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَحِرْزُ الْمَوَاشِي) جَمْعُ مَاشِيَةٍ (الصِّيَرُ) وَاحِدهَا صِيرَةٌ، وَهِيَ حَظِيرَةُ الْغَنَمِ، (وَحِرْزُهَا فِي الْمَرْعَى بِالرَّاعِي وَنَظَرِهِ إِلَيْهَا) لِأَنَّ الْعَادَةَ حِرْزُهَا بِذَلِكَ، فَمَا غَابَ عَنْ مُشَاهَدَتِهِ، فَقَدْ خَرَجَ عَنِ الْحِرْزِ لِأَنَّ الرَّاعِيَةَ هَكَذَا تُحْرَزُ (وَحِرْزُ حَمُولَةِ الْإِبِلِ بِتَقْطِيرِهَا، وَقَائِدِهَا، وَسَائِقِهَا إِذَا كَانَ يَرَاهَا) وَجُمْلَتُهُ: أَنَّ الْإِبِلَ تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: بَارِكَةٍ، وَرَاعِيَةٍ، وَسَائِرَةٍ، فَحِرْزُ الْبَارِكَةِ الْمَعْقُولَةِ بِالْحَافِظِ يَقْظَانَ كَانَ أَوْ نَائِمًا، لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ صَاحِبَهَا يَعْقِلُهَا إِذَا نَامَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً، فَحِرْزُهَا بِحَافِظٍ يَقْظَانَ، وَحِرْزُ الرَّاعِيَةِ بِنَظَرِ الرَّاعِي إِلَيْهَا، فَمَا غَابَ عَنْ نَظَرِهِ، أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ، لِأَنَّ الرَّاعِيَةَ إِنَّمَا تُحْرَزُ بِالرَّاعِي وَنَظَرِهِ إِلَيْهَا، وَحِرْزُ السَّائِرَةِ الْحَمُولَةِ بِسَائِقٍ يَرَاهَا، مُقْطَّرَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُقْطَّرَةٍ، أَوْ بِتَقْطِيرِهَا مَعَ قَائِدٍ يَرَاهَا، وَفِي " التَّرْغِيبِ "، وَ " الشَّرْحِ ": يَكْثُرُ الِالْتِفَاتُ إِلَيْهَا، وَيَرَاهَا إِذَا الْتَفَتَ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ مِنْهَا فَهُوَ مُحْرَزٌ بِقَوْدِهِ، وَالْحَافِظُ الرَّاكِبُ فِيمَا وَرَاءَهُ كَقَائِدٍ، وَلَوْ سُرِقَ مَرْكُوبُهُ مِنْ تَحْتِهِ فَلَا قَطْعَ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَإِنْ سَرَقَهُ بِرَاكِبِهِ الرَّقِيقُ، وَهُمَا يُسَاوِيَانِ نِصَابًا قُطِعَ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا وَمَعَهُ مَا يُسَاوِي نِصَابًا فَوَجْهَانِ (وَحِرْزُ الثِّيَابِ فِي الْحَمَّامِ بِالْحَافِظِ) جَزَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ، وَفِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَيْتِ، وَعَنْهُ: لَا قَطْعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَتَاعِ قَاعِدٌ، صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِ، فَجَرَى مَجْرَى سَرِقَةِ الضَّيْفِ مِنَ الْبَيْتِ الْمَأْذُونِ فِي دُخُولِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ الْحَافِظُ مِنْ حِفْظِهِ فِيهِ، وَإِنْ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ، فَنَامَ، أَوِ اشْتَغَلَ، فَلَا قَطْعَ، وَيَضْمَنُ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِنِ اسْتَحْفَظَهُ رَبُّهُ صَرِيحًا، وَفِيهِ: لَا تَبْطُلُ الْمُلَاحَظَةُ بِفَتَرَاتٍ، وَأَعْرَاضٍ يَسِيرَةٍ، بَلْ بِتَرْكِهِ وَرَاءَهُ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا سَرَقَ مِنَ الْحَمَّامِ، وَلَا حَافِظَ فِيهِ، فَلَا قَطْعَ فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ.
فَرْعٌ: وَحِرْزُ الثِّيَابِ فِي أَعْدَالٍ، أَوْ غَزْلٍ فِي سُوقٍ، وَخَانٍ، وَمَا كَانَ مُشْتَرِكًا فِي الدُّخُولِ إِلَيْهِ بِحَافِظٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَيْسَ الْحَمَّامِيُّ حَافِظًا بِجُلُوسِهِ، وَلَا الَّذِي يَدْخُلُ الطَّاسَاتِ.
نَبَشَ قَبْرًا، وَأَخَذَ الْكَفَنَ قُطِعَ، وَحِرْزُ الْبَابِ تَرْكِيبُهُ فِي مَوْضِعِهِ، فَلَوْ سَرَقَ رِتَاجَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَحِرْزُ الْكَفَنِ فِي الْقَبْرِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَلَوْ نَبَشَ قَبْرًا وَأَخَذَ، الْكَفَنَ قُطِعَ) رُوِيَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ: سَارِقُ أَمْوَاتِنَا كَسَارِقِ أَحْيَائِنَا، وَلِأَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مُحْتَرَمًا مِنْ حِرْزٍ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِهِ كَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ يُوضَعُ فِيهِ عَادَةً وَلَا يُعَدُّ وَاضِعُهُ مُفَرِّطًا، وَعَنْهُ: لَا قَطْعَ، وَعَنْهُ: إِلَّا أَنْ يُخْرِجَ الْمَيِّتَ مِنَ الْقَبْرِ، وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ، ذَكَرَهَا فِي " النِّهَايَةِ "، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ فِي الْقَبْرِ أَنْ يَكُونَ فِي حِرْزٍ، أَوْ لَا، كَالصَّحْرَاءِ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَفِي الْوَاضِحِ: مِنْ مَقْبَرَةٍ مَصُونَةٍ بِقُرْبِ الْبَلَدِ، وَلَمْ يَقُلْ فِي " التَّبْصِرَةِ " مَصُونَةً، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ مَشْرُوعًا، وَأَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ الْقَبْرِ، لِأَنَّهُ حِرْزٌ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنَ اللَّحْدِ، وَوَضَعَهُ فِي الْقَبْرِ فَلَا قَطْعَ، وَمَا زَادَ عَلَى الْكَفَنِ الْمَشْرُوعِ كَاللِّفَافَةِ، وَالرَّابِعَةِ، أَوْ تَرَكَ مَعَهُ طِيبًا، فَلَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْخِلَافِ: يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الطِّيبِ، لِأَنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ، وَفِي كَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ، فِيهِ وَجْهَانِ، وَعَلَيْهِمَا هُوَ خَصْمُهُ، فَإِنْ عُدِمَ فَنَائِبُ الْإِمَامِ، وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَقِيلَ: هُوَ، وَيُسْتَثْنَى عَلَى الْمَذْهَبِ مَا إِذَا أَكَلَهُ ضَبُعٌ، فَإِنَّ كَفَنَهُ إِرْثٌ، وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ، وَهَلْ يُفْتَقَرُ فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ إِلَى مُطَالَبَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
(وَحِرْزُ الْبَابِ تَرْكِيبُهُ فِي مَوْضِعِهِ) مَفْتُوحًا كَانَ أَوْ مُغْلَقًا، لِأَنَّهُ هَكَذَا يُحْفَظُ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": حِرْزُ بَابٍ، أَوْ خِزَانَةٍ بِغَلْقِهِ، أَوْ غَلْقِ بَابِ الدَّارِ عَلَيْهِ، وَحِرْزُ جِدَارِ الدَّارِ كَوْنُهُ مَبْنِيًّا فِيهِ إِذَا كَانَ فِي الْعُمْرَانِ، أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ إِذَا كَانَ ثَمَّ حَافِظٌ، فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْجِدَارِ، أَوْ خَشَبَةً تبلغ نصابا قُطِعَ، وَإِنْ هَدَمَ الْحَائِطَ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَلَا قَطْعَ، وَأَبْوَابُ الْخَزَائِنِ فِي الدَّارِ إِنْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مُغْلَقًا، فَهِيَ مُحْرَزَةٌ، وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا فَلَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا حَافِظٌ.
فَرْعٌ: حَلَقَةُ الْبَابِ إِنْ كَانَتْ مُسَمَّرَةً فَهِيَ مُحْرَزَةٌ، وَإِلَّا فَلَا.
الْكَعْبَةِ، أَوْ بَابَ مَسْجِدٍ، أَوْ تَأْزِيرَهُ، قُطِعَ، وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتَارَتِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمَخِيطَةِ عَلَيْهَا، وَإِنْ سَرَقَ قَنَادِيلَ الْمَسْجِدِ، أَوْ حُصْرَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ نَامَ إِنْسَانٌ عَلَى رِدَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَرَقَهُ سَارِقٌ، قُطِعَ، وَإِنْ مَالَ رَأْسُهُ عَنْهُ، لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(فَلَوْ سَرَقَ رِتَاجَ الْكَعْبَةِ) وَهُوَ: بَابُهَا الْعَظِيمُ، وَيُقَالُ: أُرْتِجَ عَلَى الْقَارِئِ، إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ.
(أَوْ بَابَ مَسْجِدٍ، أَوْ تَأْزِيرَهُ) وَهُوَ: مَا جُعِلَ مِنْ أَسْفَلِ حَائِطِهِ مِنْ لِبَادٍ أَوْ دُفُوفٍ، وَنَحْوِهِ (قُطِعَ) كَبَابِ بَيْتِ الْآدَمِيِّ، وَالْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ لِلْإِمَامِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَقِيلَ: لَا قَطْعَ، لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِمَا النَّاسُ، فَيَكُونُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ، كَالسَّرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ: لَا يُقْطَعُ مُسْلِمٌ بِبَابِ مَسْجِدٍ، كَحُصْرِهِ، وَنَحْوِهَا فِي الْأَصَحِّ (وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتَارَتِهَا) أَيِ: الْخَارِجَةِ مِنْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ كَغَيْرِ الْمَخِيطَةِ، وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْرَزَةٍ (وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمَخِيطَةِ عَلَيْهَا) ، وَهُوَ رِوَايَةٌ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ حِرْزٌ مِثْلُهَا فِي الْعَادَةِ، وَحَمَلَ ابْنُ حَمْدَانَ النَّصَّ عَلَى غَيْرِ الْمَخِيطَةِ (وَإِنْ سَرَقَ قَنَادِيلَ الْمَسْجِدِ أَوْ حُصْرَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: يُقْطَعُ، لِأَنَّ الْمَسْجِدَ حِرْزٌ لَهَا، فَقُطِعَ كَالْبَابِ.
وَالثَّانِي: لَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، كَالسَّرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَجْهًا وَاحِدًا، وَالْأَشْهَرُ: أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إِذَا كَانَ السَّارِقُ مُسْلِمًا، وَفِي " الْكَافِي ": إِنَّهُ إِذَا سَرَقَ قَنَادِيلَ مَسْجِدٍ أَوْ حُصْرَهُ وَنَحْوَهُ مِمَّا جُعِلَ لِنَفْعِ الْمُصَلِّينَ فَلَا قَطْعَ.
1 -
(وَإِنْ نَامَ إِنْسَانٌ عَلَى رِدَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ) ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ عَلَى مِجَرِّ فَرَسِهِ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ، أَوْ نَعْلِهِ فِي رِجْلِهِ (فَسَرَقَهُ سَارِقٌ قُطِعَ) لِمَا «رَوَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ أَنَّهُ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى رِدَائِهِ، فَأَخَذَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ سَارِقٌ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِهِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ،
يُقْطَعْ بِسَرِقَتِهِ. وَإِنْ سَرَقَ مِنَ السُّوقِ غَزْلًا، وَثَمَّ حَافِظٌ، قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ سَرَقَ مِنَ النَّخْلِ، أَوِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ عِوَضَهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ، أَوْ بَرِّيَّةٍ (وَإِنْ مَالَ رَأْسُهُ عَنْهُ لَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَتِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مُحْرَزًا، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": أَنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ مَا دَامَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَائِهِ حَالَ نَوْمِهِ، فَإِنِ انْقَلَبَ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَائِهِ، فَلَا، ذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَجْهًا (وَإِنْ سَرَقَ مِنَ السُّوقِ غَزْلًا وَثَمَّ حَافِظٌ قُطِعَ) لِأَنَّ حِرْزَهُ بِحَافِظِهِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَافِظٌ فَلَا قَطْعَ، لِأَنَّهُ مال غير مُحْرَزٌ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ ": هَلْ حِرْزُهُ بِحَافِظٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ (وَمَنْ سَرَقَ مِنَ النَّخْلِ أَوِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ) وِفَاقًا، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ كَانَ مِنْ بُسْتَانٍ مُحْرَزٍ فَفِيهِ الْقَطْعُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَكَسَائِرِ الْمُحْرَزَاتِ، وَجَوَابُهُ: مَا رَوَى رَافِعٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثَرٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، وَحَافِظٌ، لَكِنْ إِنْ كَانَتِ الشَّجَرَةُ فِي دَارِهِ، وَهِيَ: مُحْرَزَةٌ، فَسَرَقَ مِنْهَا نِصَابًا قُطِعَ (وَيَضْمَنُ عِوَضَهَا مَرَّتَيْنِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:«سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الثمر الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حاجة غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلَفْظُهُ لَهُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِوُجُوبِ غَرَامَةِ مِثْلَيْهِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ عُمَرَ أَغْرَمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ نَحَرَ غِلْمَانُهُ نَاقَةَ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ مِثْلَيْ قِيمَتِهَا. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ السَّرِقَةَ فِي عَامِ الْمَجَاعَةِ يُضَاعَفُ الْغُرْمُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَحْمَدَ، وَلِأَنَّ الثِّمَارَ فِي الْعَادَةِ تَسْبِقُ الْيَدُ إِلَيْهَا، فَجَازَ أَنْ تُغَلَّظَ عَلَيْهِ فِي الْقِيمَةِ رَدْعًا لَهُ وَزَجْرًا، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَوَاضِعِ، فَإِنَّهَا فِي الْعَادَةِ مُحْرَزَةٌ، فَالْيَدُ لَا تُسْرِعُ إِلَيْهَا، وَمُقْتَضَاهُ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ دُونَ نِصَابٍ ومن غير حِرْزٍ، وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَالزَّرْكَشِيُّ.
فَرْعٌ: لَا قَطْعَ فِي عَامِ مَجَاعَةِ غَلَاءٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ، أَوْ يَشْتَرِي بِهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يُبْذَلْ لَهُ، وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": مَا يُحْيِي بِهِ نَفْسَهُ.