الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِرَقَبَتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ وَالسَّيِّدَ صَحَّ، وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قِصَاصٌ، أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَلَهُ طَلَبُهُ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ.
بَابُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كُلُّ مَنْ أُقِيدَ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ أُقِيدَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا، وَمَنْ لَا فَلَا، وَلَا يَجِبُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الدِّيَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الْقَاتِلِ، وَالْجِنَايَةُ الْمُتَعَلِّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ، بَلْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمِلْكِ السَّيِّدِ (وَإِنْ أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ وَالسَّيِّدَ صَحَّ) لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُمَا مِنْ حَقٍّ عَلَيْهِمَا كَالدَّيْنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا، وَفِي " الرِّعَايَةِ " وَجْهٌ، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ: يَصِحُّ إِبْرَاءُ عَاقِلَةٍ إِنْ وَجَبَتِ الدِّيَةُ لِلْمَقْتُولِ كَإِبْرَاءِ سَيِّدٍ لِعَفْوِهِ عَنْهَا، وَلَمْ يُسَمَّ الْمُبَرِّئُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ فِي نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ، أَوْ جُرْحٍ: أَبْرَأْتُكَ وَحَلَلْتُكَ مِنْ دَمِي، أَوْ قَتْلِي، أَوْ وَهَبْتُكَ ذَلِكَ، وَنَحْوَهُ مُعَلِّقًا بِمَوْتِهِ - صَحَّ، فَلَوْ بَرِئَ بَقِيَ حَقُّهُ، بِخِلَافِ عَفَوْتُ عَنْكَ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ: عَفَوْتُ عَنْ جِنَايَتِكَ، أَوْ عَنْكَ بَرِئَ مِنْ قَوَدٍ وَدِيَةٍ. نَصَّ عَلَيْهِ
1 -
(وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قِصَاصٌ، أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَلَهُ طَلَبُهُ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَالْقَصْدُ مِنْهُ التَّشَفِّي (وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ يَحِقُّ لَهُ (إِلَّا أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ) فَيَنْتَقِلُ إِلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ طَلَبُهُ وَإِسْقَاطُهُ كَالْوَارِثِ.
1 -
فَرْعٌ: إِذَا عَفَا مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ، أَوْ مَرَضٍ عَنْ قَوَدٍ مَجَّانًا، أَوْ عَفَا الْوَارِثُ لِذَلِكَ مَعَ دَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ، فَفِي بَقَاءِ دِيَتِهِ وَجْهَانِ، وَلَا يَصِحُّ عَفْوُهُمْ عَنِ الدِّيَةِ فِي الْأَصَحِّ وَيَصِحُّ عَفْوُ الْمَرِيضِ بَعْدَ الْبُرْءِ فِي قَدْرِ ثَلَثَةٍ، وَالْوَارِثُ فِي الزَّائِدِ عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ، وَقِيلَ: لِلْمُفْلِسِ الْقَوَدُ، وَالْعَفْوُ مَجَّانًا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الْمُبَذِّرُ كَالصَّبِيِّ.
[بَابُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَهُوَ نَوْعَانِ]
[النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي الْأَطْرَافِ]
[لَا يَجِبُ إِلَّا بِمِثْلِ الْمُوجَبِ فِي النَّفْسِ]
بَابٌ
مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
(كُلُّ مَنْ أُقِيدَ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ أُقِيدَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا) لِأَنَّ مَنْ أُقِيدَ بِهِ فِي النَّفْسِ إِنَّمَا أُقِيدَ بِهِ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ الْمُعْتَبَرَةِ لِلْقَوَدِ فَوَجَبَ أَنْ يُقَادَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا، فَعَلَى هَذَا
إِلَّا بِمِثْلِ الْمُوجَبِ فِي النَّفْسِ، وَهُوَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ. وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي الْأَطْرَافِ فَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفُ بِالْأَنْفِ، وَالْأُذُنُ بِالْأُذُنِ، وَالسِّنُّ بِالسِّنِّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ قُطِعَتْ يَدُهُ ; لِأَنَّهُ يُقَادُ بِهِ فِي النَّفْسِ (وَمَنْ لَا فَلَا) أَيْ: مَنْ لَا يُقَادُ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ، فَلَا يُقَادُ بِهِ فِيمَا دُونَهَا، فَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ كَافِرٍ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُقَادُ بِهِ فِي النَّفْسِ، وَعَنْهُ: لَا قَوَدَ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي الْأَطْرَافِ ; لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ، وَعَنْهُ: فِي النَّفْسِ، وَالطَّرَفِ حَتَّى تَسْتَوِيَ الْقِيمَةُ، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ كَالنَّفْسِ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ، فَكَانَ كَالنَّفْسِ فِيمَا نَذْكُرُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ (وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِمِثْلِ الْمُوجَبِ فِي النَّفْسِ، وَهُوَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] وَحَدِيثِ أَنَسٍ فِي قَضِيَّةِ الرُّبَيِّعِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إِذَا أَمْكَنَ ; لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ كَالنَّفْسِ فِي الْحَاجَةِ إِلَى حِفْظِهِ بِالْقِصَاصِ، فَكَانَ كَالنَّفْسِ فِي وُجُوبِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْخَطَأِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إِجْمَاعًا، لَا فِي شِبْهِ الْعَمْدِ، وَقَالَهُ السَّامِرِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَعَنْهُ: يَجِبُ فِيهِ. اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو بَكْرٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الْعُضْوَ يَتْلَفُ بِأَيْسَرَ مِمَّا تُتْلَفُ بِهِ النَّفْسُ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِالْخَطَأِ، فَكَذَا هَذَا (وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي الْأَطْرَافِ) لِمَا ذَكَرْنَا (فَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفُ بِالْأَنْفِ، وَالْأُذُنُ بِالْأُذُنِ، وَالسِّنُّ بِالسِّنِّ) لِلنَّصِّ، وَالْخَبَرِ (وَالْجَفْنُ بِالْجَفْنِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ وَيُؤْخَذَ جَفْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَصِيرِ، وَالضَّرِيرِ بِالْآخَرِ.
فَائِدَةٌ: الْجَفْنُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ كَسْرَهَا.