الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى مَاتَ، أَوْ كَانَ الْغَرْزُ بِهَا فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ، وَالْخِصْيَتَيْنِ فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ، وَإِنْ قَطَعَ سِلْعَةً مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوْدُ، وَإِنْ قَطَعَهَا حَاكِمٌ مِنْ صَغِيرٍ، أَوْ وَلِيَهُ فَمَاتَ، فَلَا قَوَدَ.
الثَّانِي: أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثْقَلٍ كَبِيرٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ
، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ ; لِأَنَّ الْمُحَدَّدَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي حُصُولِ الْقَتْلِ بِهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَطَعَ شَحْمَةَ أُذُنِهِ، أَوْ أُنْمُلَتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ إِدَارَةُ الْحُكْمِ وَضَبْطُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ - وَجَبَ رَبْطُهُ بِكَوْنِهِ مُحَدَّدًا، وَلِأَنَّ فِي الْبَدَنِ مَقَاتِلَ خَفِيَّةً، وَهَذَا لَهُ سَرَايَةٌ وَمَوْرٌ، أَشْبَهَ الْجُرْحَ الْكَبِيرَ (وَإِنْ بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنًا) أَيْ: مُتَأَلِّمًا، وَهُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ الَّذِي بِهِ الزَّمَانَةُ فِي جَسَدِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَزِمَتْهُ عِلَّةٌ (حَتَّى مَاتَ) فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ فِيهِ الْقَوَدَ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَ " التَّرْغِيبِ " ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْهُ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ ; لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ حُصُولَ الْمَوْتِ بِغَيْرِهِ ظَاهِرًا كَانَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ (أَوْ كَانَ الْغَرْزُ بِهَا فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ، وَالْخِصْيَتَيْنِ) وَالْعَيْنِ، وَالْخَاصِرَةِ، وَالصَّدْغِ وَأَصْلِ الْأُذُنِ (فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ) لِأَنَّ الْإِصَابَةَ بِذَلِكَ فِي مَقْتَلٍ كَالْإِصَابَةِ بِالسِّكِّينِ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، وَكَذَا إِنْ بَالَغَ فِي إِدْخَالِ الْإِبْرَةِ، وَنَحْوِهَا فِي الْبَدَنِ ; لِأَنَّهُ يَشْتَدُّ أَلَمُهُ وَيُؤَدِّي إِلَى الْقَتْلِ كَالْكَبِيرِ (وَإِنْ قَطَعَ سِلْعَةً) خَطِرَةً، أَوْ بَطَّهَا (مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِفِعْلِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ (وَإِنْ قَطَعَهَا حَاكِمٌ مِنْ صَغِيرٍ) أَوْ مَجْنُونٍ (أَوْ وَلَيِّهِ فَمَاتَ، فَلَا قَوَدَ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ خَتَنَهُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: إِنْ قَطَعَهَا مِنْ صَغِيرٍ وَنَحْوِهِ وَلِيُّهُ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ الْحَاكِمَ وَغَيْرَهُ
[الثَّانِي أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثْقَلٍ كَبِيرٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ]
(الثَّانِي: أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثْقَلٍ كَبِيرٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ) وَهُوَ بَيْتٌ مِنْ شَعَرٍ وَعَمُودُهُ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ مَا فِيهِ دِقَّةٌ وَرَشَاقَةٌ،
بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَمُوتُ بِهِ كَاللُّتِّ وَالْكُوذَيْنِ وَالسَّنَدَانِ، أَوْ حَجَرٍ كَبِيرٍ، أَوْ يُلْقِي عَلَيْهِ حَائِطًا، أَوْ سَقْفًا، أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ، أَوْ يُعِيدُ الضَّرْبَ بِصَغِيرٍ، أَوْ يَضْرِبُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِذَا قَتَلَهُ بِمُثْقَلٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ الزُّهُوقِ بِهِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ، فَهُوَ عَمْدٌ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ، وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْأَكْثَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] ، وَلِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوَضَاحٍ لَهَا بِحَجَرٍ فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ حَجَرَيْنِ» ، وَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَلِأَنَّ الْمُثْقَلَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَوَجَبَ الْقِصَاصُ بِهِ كَالْمُحَدَّدِ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ إِذَا ضَرَبَهُ بِمِثْلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَوَدُ. نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ عليه السلام لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ضَرَبَتْ جَارَتَهَا بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ، وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحَمِلُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ عَنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ، وَلَعَلَّهُ ضَرَبَهُ بِالْعَمُودِ الَّذِي يَتَّخِذُهُ التُّرْكُ لِخَيْمَهِمْ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (أَوْ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَمُوتُ بِهِ كَاللُّتِّ) وَهُوَ بِضَمِّ اللَّامِ نَوْعٌ مِنْ آلَةِ السِّلَاحِ مَعْرُوفٌ فِي زَمَانِنَا، وَهُوَ لَفْظٌ مُوَلَّدٌ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ (وَالْكَوْذَيْنِ) وَهُوَ لَفْظٌ مُوَلَّدٌ أَيْضًا، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْخَشَبَةِ الثَّقِيلَةِ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ (وَالسِنْدَانِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُوَلَّدٌ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْآلَةِ الْمَعْرُوفَةِ مِنَ الْحَدِيدِ الثَّقِيلَةِ يَعْمَلُ عَلَيْهَا الْحَدَّادُ صِنَاعَتَهُ (أَوْ حَجَرٌ كَبِيرٌ) لِاشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي كَوْنِهِ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ هُنَا لِكَوْنِهِ مُثْقَلًا، فَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ (أَوْ يُلْقِي عَلَيْهِ حَائِطًا، أَوْ سَقْفًا، أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ) لِاشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي الْقَتْلِ (أَوْ يُعِيدُ الضَّرْبَ بِصَغِيرٍ) كَالْعِصِيِّ، وَالْحَجَرِ الصَّغِيرِ ; لِأَنَّ الْإِعَادَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْمُثْقَلِ الْكَبِيرِ كَذَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ (أَوْ يَضْرِبُهُ بِهِ) مَرَّةً (فِي مَقْتَلٍ) لِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِهِ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ فِي " الْوَاضِحِ "، وَفِي