الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْجَفْنُ بِالْجَفْنِ وَالشَّفَةُ بِالشَّفَةِ وَالْيَدُ بِالْيَدِ، وَالرِّجْلُ بِالرِّجْلِ، وَيُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَصَابِعِ، وَالْكَفِّ، وَالْمِرْفَقِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ بِمِثْلِهِ، وَهَلْ يَجْرِي فِي الْإِلْيَةِ، وَالشَّفَرِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا: الْأَمْنُ مِنَ الْحَيْفِ بِأَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ، أَوْ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ كَمَارِنِ الْأَنْفِ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ، فَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَالشَّفَةُ بِالشَّفَةِ) وَهُوَ مَا جَاوَزَ الذَّقَنَ، وَالْخَدَّيْنِ عُلُوًّا وَسُفْلًا (وَالْيَدُ بِالْيَدِ، وَالرِّجْلُ بِالرِّجْلِ) لِمَا ذَكَرْنَا، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْوَى بَطْشُهَا، أَوْ يَضْعُفَ (وَيُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَصَابِعِ، وَالْكَفِّ، وَالْمِرْفَقِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ بِمِثْلِهِ) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَوْجُودَةٌ، وَالْقِصَاصُ مُمْكِنٌ فَوَجَبَ كَالْعَيْنِ بِمِثْلِهَا (وَهَلْ يَجْرِي فِي الْإِلْيَةِ، وَالشُّفْرِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِظَاهِرِ الْآيَةِ ; لِأَنَّ الْإِلْيَةَ مُتَّصِلَةٌ بِاللَّحْمِ، وَالشُّفْرُ لَحْمٌ لَا مَفْصِلَ لَهُ، وَالثَّانِي: لَا قَوَدَ فِيهِمَا، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " كَلَحْمِ الْفَخِذِ.
فَائِدَةٌ: الشُّفْرُ بِضَمِّ الشِّينِ أَحَدُ شُفْرَيِ الْمَرْأَةِ، فَأَمَّا شُفْرُ الْعَيْنِ، فَهُوَ مَنْبَتُ الْهُدْبِ، وَقَدْ حُكِيَ فِيهِ الْفَتْحُ.
[شُرُوطُ الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ]
[الْأَوَّلُ الْأَمْنُ مِنَ الْحَيْفِ]
فَصْلٌ
(وَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا: الْأَمْنُ مِنَ الْحَيْفِ) إِذْ هُوَ جَوْرٌ وَظُلْمٌ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْقِصَاصُ إِلَّا بِهِ لَمْ يَجِبْ فِعْلُهُ (بِأَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ، وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَكْثَرَ مِنَ الْحَقِّ (أَوْ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ كَمَارِنِ الْأَنْفِ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ) دُونَ الْقَصَبَةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ، فَهُوَ كَالْيَدِ وَيُؤْخَذُ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ فَيُقَدَّرُ مَا قَطَعَهُ بِالْأَجْزَاءِ كَالنِّصْفِ، وَالثُّلُثِ، وَلَا يُؤْخَذُ بِالْمِسَاحَةِ،
قَطَعَ الْقَصَبَةَ، أَوْ قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ، أَوِ السَّاقِ، فَلَا قِصَاصَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَقْتَصُّ مِنْ حَدِّ الْمَارِنِ وَمِنَ الْكُوعِ، وَالْكَعْبِ. وَهَلْ يَجِبُ لَهُ أَرْشُ الْبَاقِي؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَيَقْتَصُّ مِنَ الْمَنْكِبِ إِذَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً، وَإِذَا أَوْضَحَ إِنْسَانًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى أَخْذِ جَمِيعِ أَنْفِ الْجَانِي لِصِغَرِهِ بِبَعْضِ أَنْفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِكِبَرِهِ، وَكَذَا فِي الْأُذُنِ، وَاللِّسَانِ، وَالشَّفَةِ، وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ بَعْضُ اللِّسَانِ بِبَعْضٍ (فَإِنْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ) أَيْ: قَصَبَةَ أَنْفِهِ (أَوْ قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ، أَوِ السَّاقِ، فَلَا قِصَاصَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَفِي الْخَبَرِ:«أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ آخَرَ عَلَى سَاعِدِهِ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَهَا مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ لَهُ بِالدِّيَةِ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ الْقِصَاصَ، قَالَ: خُذِ الدِّيَةَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّ الْقَطْعَ لَيْسَ مِنْ مَفْصِلٍ، فَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ، فَلَوْ قُطِعَ يَدُهُ مِنَ الْكُوعِ، ثُمَّ تَآكَلَتْ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ، فَلَا قَوَدَ اعْتِبَارًا بِالِاسْتِقْرَارِ، قَالَهُ الْقَاضِي، قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَعِنْدِي يَقْتَصُّ هَاهُنَا مِنَ الْكُوعِ (وَفِي الْآخَرِ يَقْتَصُّ مِنْ حَدِّ الْمَارِنِ وَمِنَ الْكُوعِ، وَالْكَعْبِ) لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ لِعَجْزِهِ عَنِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَجَّهُ هَاشِمَةً، وَاسْتَوْفَى مُوضِحَةً، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَطَعَ مِنْ عَضُدٍ أَوْ وَرِكٍ (وَهَلْ يَجِبُ لَهُ أَرْشُ الْبَاقِي؟) عَلَيْهِمَا وَلَوْ خَطَأً (عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ "، أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ يَجْمَعُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ بَيْنَ قِصَاصٍ وَدِيَةٍ، وَالثَّانِي: بَلَى ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ فَوَجَبَ أَرْشُهُ كَغَيْرِهِ (وَيَقْتَصُّ مِنَ الْمَنْكِبِ إِذَا لَمْ يَخَفْ جَائِفَةً) لِأَنَّهُ مَفْصِلٌ يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ فَوَجَبَ كَالْقَطْعِ مِنَ الْكُوعِ، وَيُرْجَعُ فِي الْخَوْفِ فِي هَذَا إِلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ خِيفَ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ مِرْفَقِهِ وَمَتَى خَالَفَ وَاقْتَصَّ مَعَ خَشْيَةِ الْحَيْفِ، أَوْ مِنْ مَأْمُومَةٍ، أَوْ جَائِفَةٍ، أَوْ نِصْفِ ذِرَاعٍ، وَنَحْوِهِ - أَجْزَأَ، وَإِنِ اخْتَارَ الدِّيَةَ فَلَهُ دِيَةُ الْيَدِ، وَحُكُومَةٌ لِمَا زَادَ، فَإِنْ قَطَعَ مِنْ نِصْفِ الذِّرَاعِ فَفِي جَوَازِ قَطْعِ الْأَصَابِعِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قَطَعَ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكُومَةٌ فِي الْكَفِّ ; لِأَنَّهُ
فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ، أَوْ سَمْعُهُ، أَوْ شَمُّهُ، فَإِنَّهُ يُوضِحُهُ، فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا يُذْهِبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى حَدَقَتِهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أَوْ أَنْفِهِ، فَإِنْ لَمْ يُكِنْ إِلَّا بِالْجِنَايَةِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ سَقَطَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ قِصَاصًا كَمَا لَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مِنَ الْكُوعِ، وَإِنْ قُطِعَتْ مِنَ الْعَضُدِ لَمْ يَمْلِكْ قَطْعَهَا مِنَ الْكُوعِ ; لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ اسْتِيفَاءُ الذِّرَاعِ قِصَاصًا كَمَا لَوْ قَطَعَ مِنَ الْمِرْفَقِ، وَفِي " الشَّرْحِ " وَجْهَانِ.
1 -
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قُطِعَ بَعْضُ أُذُنِهِ، فَالْتَصَقَ فَلَهُ أَرْشُ الْجُرْحِ، وَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَإِنْ شَقَّهَا فَأَلْصَقَهَا صَاحِبُهَا، فَالْتَصَقَتْ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ قَطَعَهَا فَأَبَانَهَا فَأَلْصَقَهَا صَاحِبُهَا، فَالْتَصَقَتْ فَلَهُ الْقَوَدُ فِي قَوْلِ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْإِبَانَةِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا قَوَدَ فِيهَا ; لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ عَلَى الدَّوَامِ، أَشْبَهَ الشَّقَّ، وَعَلَى هَذَا: لَهُ أَرْشُ الْجُرْحِ، فَإِنْ سَقَطَتْ بَعْدَ ذَلِكَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا - رَدَّ الْأَرْشَ وَمَلَكَ الْقَوَدَ، أَوِ الدِّيَةَ إِنِ اخْتَارَهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
1 -
(وَإِذَا أَوْضَحَ إِنْسَانًا) أَوْ شَجَّهُ دُونَ مُوضِحَةٍ، أَوْ لَطَمَهُ (فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ، أَوْ سَمْعُهُ، أَوْ شَمُّهُ، فَإِنَّهُ يُوضِحُهُ) أَيْ: فَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقَوَدُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ ; لِأَنَّ لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ (فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا يُذْهِبُهُ) أَيْ: مَا يُذْهِبُ ضَوْءَ عَيْنِهِ إِلَى آخِرِهِ (مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى حَدَقَتِهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أَوْ أَنْفِهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فَيَطْرَحُ فِي الْعَيْنِ كَافُورًا، أَوْ يُقَرِّبُ مِنْهُ مِرْآةً، أَوْ يَحْمِيَ لَهُ حَدِيدَةً، أَوْ مِرْآةً، ثُمَّ يُقَطِّرُ عَلَيْهَا مَاءً، ثُمَّ يُقَطِّرُ مِنْهُ فِي الْعَيْنِ لِيَذْهَبَ بَصَرُهَا، وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُ مِثْلَ شَجَّتِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُ بِاللَّطْمَةِ ; لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ وَيُعَالِجُهُ بِمَا يُذْهِبُ بَصَرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْلَعَ عَيْنَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ أَنْ يَلْطِمَهُ مِثْلَ لَطْمَتِهِ، فَإِنْ ذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِمَا ذُكِرَ، وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ اللَّطْمَةَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا مُنْفَرِدَةً، فَكَذَا إِذَا سَرَتْ إِلَى الْعَيْنِ كَالشَّجَّةِ دُونَ الْمُوضِحَةِ، وَلَا قَوَدَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ اللَّطْمَةُ تَذْهَبُ بِالْبَصَرِ غَالِبًا، قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِبُ الْقَوَدُ بِكُلِّ حَالٍ (فَإِنْ لَمْ يُكِنْ إِلَّا بِالْجِنَايَةِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ سَقَطَ) الْقَوَدُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ، وَلِأَنَّ تَوَهُّمَ الزِّيَادَةِ تُسْقِطُ الْقَوَدَ فَحَقِيقَتُهُ أَوْلَى وَتَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ.