الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَمَنْ شَرَطَ نَفْيَ الْوَلَدِ أَلَّا يُوجَدَ دَلِيلٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ، أَوْ بِتَوْءَمِهِ، أَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْءَمِهِ، أَوْ هَنِئَ بِهِ فَسَكَتَ، أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ، أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ مَعَ إِمْكَانِهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَلَمْ يَمْلِكْ نَفْيَهُ. وَإِنْ قَالَ: أَخَّرْتُ نَفْيَهُ رَجَاءَ مَوْتِهِ لَمْ يُعْذَرْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِحَوْقِ الْوَلَدِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَأَصَحُّ ; لِأَنَّهُ عليه السلام لَاعَنَ بَيْنَ هِلَالٍ وَامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ وَنَفَى الْحَمْلَ عَنْهُ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ وَاسْتِلْحَاقِهِ، وَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ قَبْلَ وَضْعِهِ، وَقِيلَ: بَلَى، وَلَهُ نَفْيُهُ بَعْدَهُ بِاللِّعَانِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْفِيهِ فِي لِعَانِهِ حَتَّى يَنْفِيَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ وَقْتَ الْعِلْمِ بِهِ، وَقِيلَ: أَوْ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ، وَيُلَاعِنُ لَهُ، وَقِيلَ: يَنْتَفِي بِذِكْرِهِ فِيهِ. وَقِيلَ: وَبِدُونِهِ، وَإِنْ أَخَّرَ نَفْيَهُ لَمْ يَسْقُطْ، وَقِيلَ: إِنْ أَقَرَّ بِهِ، ثُمَّ نَفَاهُ بَعْدَ وَضْعِهِ، صَحَّ نَفْيُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ.
[فَصْلُ شَرْطِ نَفْيِ الْوَلَدِ]
فَصْلٌ (وَمِنْ شَرْطِ نَفْيِ الْوَلَدِ أَلَّا يُوجَدَ دَلِيلٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ) ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِهِ، (فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) لَمْ يَمْلِكْ نَفْيَهُ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ (أَوْ) أَقَرَّ (بِتَوْءَمِهِ، أَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْءَمِهِ) لَحِقَهُ نَسَبُهَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهَ ; لِأَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا كَانَ إِقْرَارًا بِالْآخَرِ، (أَوْ هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ) كَانَ إِقْرَارًا بِهِ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ ; لِأَنَّ السُّكُوتَ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ، فَهُنَا أَوْلَى. (أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ) لَزِمَهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَكَذَا إِنْ قَالَ: أَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَكَ، أَوْ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ، أَوْ رَزَقَكَ اللَّهُ مِثْلَهُ. (أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ مَعَ إِمْكَانِهِ) وَقِيلَ: لَهُ نَفْيُهُ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ فَقَطْ. (لَحِقَهُ نَسَبُهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ. (وَلَمْ يَمْلِكْ نَفْيَهُ) لِأَنَّ نَفْيَهُ يَثْبُتُ لِنَفْيِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ الشُّفْعَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَتَقَدَّرُ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ، بَلْ هُوَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ إِنْ كَانَ لَيْلًا فَحَتَّى يُصْبِحَ وَتَنْتَشِرَ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ جَائِعًا، أَوْ ظَمْآنَ فَحَتَّى يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ، فَإِنْ كَانَ نَاعِسًا فَحَتَّى يَنَامَ، أَوْ يَلْبَسَ ثَوْبَهُ وَيُسْرِجَ دَابَّتَهُ وَيَرْكَبَ وَيُصَلِّيَ إِنْ حَضَرَتْ. (وَإِنْ قَالَ: أَخَّرْتُ نَفْيَهُ رَجَاءَ مَوْتِهِ لَمْ يُعْذَرْ بِذَلِكَ) لِأَنَّ الْمَوْتَ قَرِيبٌ وَغَيْرُ مُتَيَقِّنٍ، فَتَعْلِيقُ النَّفْيِ عَلَيْهِ تَعْلِيقٌ عَلَى أَمْرٍ مَوْهُومٍ. (وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ بِهِ) أَيْ: بِالْوِلَادَةِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَكَانٍ يَخْفَى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مَعَهَا فِي الدَّارِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ. (أَوْ لَمْ أَعْلَمْ
بِذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ بِهِ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي نَفْيَهُ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ. وَإِنْ أَخَّرَهُ لِحَبْسٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، أَوْ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ، وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ لَحِقَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَنَّ لِي نَفْيَهُ، أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ) وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ كَعَامَّةِ النَّاسِ قُبِلَ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُمْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ كَحَدِيثِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ، فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: بَلَى ; لِأَنَّ الْفَقِيهَ يَخْفَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ. (وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ) بِمَا ذَكَرْنَا (قَبْلَ قَوْلِهِ) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ (وَلَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. (وَإِنْ أَخَّرَهُ لِحَبْسٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، أَوْ شَيْءٍ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ) أَيْ: إِذَا كَانَ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ الْحُضُورَ كَمَا مَثَّلَهُ وَكَالِاشْتِغَالِ بِحِفْظِ مَالٍ يَخَافُ ضَيْعَتَهُ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ ذَلِكَ قَصِيرَةً لَمْ يَبْطُلْ نَفْيُهُ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَلِمَ لَيْلًا فَأَخَّرَهُ إِلَى الصُّبْحِ، وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً وَأَمْكَنَهُ السَّفَرُ إِلَى حَاكِمٍ لِيَبْعَثَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْتَوْفِي عَلَيْهِ اللِّعَانَ، وَالنَّفْيَ، فَلَمْ يَفْعَلْ سَقَطَ نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَشْهَدَ عَلَى نَفْيِهِ أَنَّهُ نَافٍ لِوَلَدِ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ خِيَارُهُ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَفْيِهِ قَامَ الْإِشْهَادُ مَقَامَهُ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لَمْ أُصَدِّقِ الْمُخْبِرَ بِهِ، وَهُوَ عَدْلٌ، أَوَ قَدِ اسْتَفَاضَ الْخَبَرُ؛ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَإِلَّا قُبِلَ مِنْهُ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَزِمَهُ الْوَلَدُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ لَحِقَهُ النَّسَبُ) أَيْ: إِذَا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَنَفَى وَلَدَهَا، ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ إِذَا كَانَ حَيًّا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَكَذَا إِنْ كَانَ مَيِّتًا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ الْمَيِّتَ، وَكَانَ ذَا مَالٍ لَمْ يَلْحَقْهُ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَدَّعِي مَالًا وَإِلَّا لَحِقَهُ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَيِّتُ تَرَكَ وَلَدًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنَ الْمُسْتَلْحِقِ، وَتَبِعَهُ نَسَبُ ابْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرَكَ وَلَدًا لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَلَا يَرِثُ مِنْهُ الْمُدَّعِي شَيْئًا ; لِأَنَّ نَسَبَهُ مُنْقَطِعٌ بِالْمَوْتِ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ هَذَا وَلَدٌ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ، فَكَانَ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا، وَلِأَنَّهُمْ جَعَلُوا نَسَبَ وَلَدِ الْوَلَدِ تَابِعًا لَنَسَبِ ابْنِهِ، أَيْ: يَتْبَعُ الْأَصْلُ الْفَرْعَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ. وَعَنِ الثَّوْرِيِّ: إِنَّمَا يَدَّعِي النَّسَبَ، وَالْمِيرَاثُ تَبَعٌ لَهُ. (وَلَزِمَهُ الْحَدُّ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ