الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا فَاصْطَدَمَا فَمَاتَا، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُمَا.
وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ إِنْسَانًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ دِيَتِهِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَمْلُوكًا لَهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِوُقُوفِهِ، بَلِ السَّائِرُ هُوَ الْمُتَعَدِّي بِسُلُوكِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ (وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ) مِنَ السَّائِرِ، وَمَالِهِ ; لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِالْوُقُوفِ فِيهِ، أَشْبَهَ وَاضِعَ الْحَجَرِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا ضَمَانَ.
فَرْعٌ: إِذَا اصْطَدَمَ عَبْدَانِ مَاشِيَانِ فَمَاتَا فَهَدَرٌ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقِيمَتُهُ فِي رَقَبَةِ الْآخَرِ كَسَائِرِ جِنَايَتِهِ، وَإِنْ كَانَا حُرًّا وَعَبْدًا، وَمَاتَا، ضُمِنَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي تَرِكَةِ الْحُرِّ وَوَجَبَتْ دِيَةُ الْحُرِّ كَامِلَةً فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَلَوْ تَجَاذَبَ حُرَّانِ حَبْلًا، وَنَحْوَهُ، فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا، وَمَاتَا فَكَمُتَصَادِمَيْنِ مُطْلَقًا، لَكِنَّ نِصْفَ دِيَةِ الْمُنْكَبِّ مُغَلَّظَةٌ، وَالْمُسْتَلْقِي مُخَفَّفَةٌ (وَإِنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ) وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: صَغِيرَيْنِ (لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: لَيْسَ وَلِيَّهُمَا (فَاصْطَدَمَا فَمَاتَا، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُمَا) لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِرُكُوبِهِمَا وَتَصَادُمِهِمَا إِثْرَ رُكُوبِهِمَا، وَفِعْلُهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَوَجَبَ إِضَافَةُ الْقَتْلِ إِلَى مَنْ أَرْكَبَهُمَا، وَهُوَ خَطَأٌ تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُ، وَكَذَا قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، وَفِي " الْوَجِيزِ " عَلَيْهِ مَا تَلِفَ بِصَدْمَتِهِمَا إِنْ كَانَ مَالًا وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ ; لِأَنَّهُ إِرْكَابٌ مَأْذُونٌ فِيهِ فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُتَعَدِّي، وَقَيَّدَهُ فِي " الْفُرُوعِ " بِمَا إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا، وَفِي " التَّرْغِيبِ " إِنْ صَلَحَا لِلرُّكُوبِ وَأَرْكَبَهُمَا مَا يَصْلُحُ لِرُكُوبِ مِثْلِهِمَا، وَإِلَّا ضَمِنَ، وَإِنْ رَكِبَاهُ بِأَنْفُسِهِمَا فَكَبَالِغَيْنِ مُخْطِئَيْنِ، قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": وَكَذَا الْمَجْنُونُ، وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ ضَمِنَهُمَا مَنْ أَرْكَبَهُمَا.
فَرْعٌ: يَضْمَنُ كَبِيرٌ صَدَمَ صَغِيرًا، وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ ضَمِنَهُ الَّذِي أَرْكَبَ الصَّغِيرَ، نَقَلَ حَرْبٌ: إِنْ حَمَلَ رَجُلٌ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ فَسَقَطَ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَأْمُرَ أَهْلَهُ بِحَمْلِهِ
[رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ أَحَدَهُمْ]
(وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ إِنْسَانًا) رَابِعًا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ دِيَتِهِ) إِنْ لَمْ يَقْصِدُوهُ، كَذَا ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ ; لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ الثُّلُثَ فَمَا زَادَ، وَلَا قَوَدَ
وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمْ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ.
وَالثَّانِي: عَلَيْهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ. وَالثَّالِثُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ، وَثُلُثَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ فِي أَمْوَالِهِمْ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِعَدَمِ إِمْكَانِ الْقَصْدِ غَالِبًا، وَفِي " الْفُصُولِ " احْتِمَالٌ: كَرَمْيَةٍ عَنْ قَوْسٍ وَمِقْلَاعٍ وَحَجَرٍ عَنْ يَدٍ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ، فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَهُوَ قَتْلٌ خَطَأٌ (وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمْ) فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوْ شَارَكَ فِي قَتْلِ غَيْرِهِ (فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يُلْغِي فِعْلَ نَفْسِهِ) قِيَاسًا عَلَى الْمُتَصَادِمَيْنِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ مَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِمْ وَجِرَاحَةِ نَفْسِهِ، وَكَمَا لَوْ شَارَكَ فِي قَتْلِ بَهِيمَةٍ، وَلِأَنَّهُ شَارَكَ فِي الْقَتْلِ، فَلَمْ تَكْمُلِ الدِّيَةُ عَلَى شَرِكَتِهِ كَمَا لَوْ قَتَلُوا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِهِمُ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُجَرَّدِ "، وَهُوَ أَحْسَنُ وَأَصَحُّ فِي النَّظَرِ، قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَارِضَةِ، والقارصة وَالْوَاقِصَةِ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ ثَلَاثَ جَوَارٍ اجْتَمَعْنَ، فَرَكِبَتْ إِحْدَاهُنَّ عَلَى عُنُقِ الْأُخْرَى، وَقَرَصَتِ الثَّالِثَةُ الْمَرْكُوبَةَ، فَقَمَصَتْ، فَسَقَطَتِ الرَّاكِبَةُ فَوُقِصَتْ عُنُقُهَا فَمَاتَتْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَضَى بِالدِّيَةِ أَثْلَاثًا عَلَى عَوَاقِلِهِنَّ وَأَلْغَى الثُّلُثَ الَّذِي قَابَلَ فِعْلَ الْوَاقِصَةِ ; لِأَنَّهَا أَعَانَتْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهَا وَهَذِهِ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَتِنَا (وَالثَّانِي: عَلَيْهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ) قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَ " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " كَالْمُتَصَادِمَيْنِ (وَالثَّالِثُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ وَثُلُثَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِينَ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَارَكَ فِي قَتْلِ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ مُؤْمِنَةٍ خَطَأً، فَلَزِمَهُ دِيَتُهَا كَالْأَجَانِبِ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ أَهْلِهِ خَطَأً يَتَحَمَّلُ عَقْلَهَا الْعَاقِلَةُ (وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ فِي أَمْوَالِهِمْ) أَيْ: إِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَقَتَلُوا أَحَدَهُمْ، أَوْ غَيْرَهُمْ، فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ كَالْخَمْسَةِ فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ ; لِأَنَّ الْمَقْتُولَ يُلْغِي فِعْلَ نَفْسِهِ، وَيَكُونُ هَدَرًا ; لِأَنَّهُ لَا