الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ رِدَّتُهُ بِإِنْكَارِ فَرْضٍ، أَوْ إِحْلَالِ مُحَرَّمٍ، أَوْ جَحْدِ نَبِيٍّ، أَوْ كِتَابٍ، أَوْ إِلَى دِينِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إِلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً، فَلَا يَصِحُّ إِسْلَامُهُ حَتَّى يُقِرَّ بِمَا جَحَدَهُ، يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إِلَى الْعَالَمِينَ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَاطِنًا "، وَضَعَّفَهَا، وَقَالَ: كَمَنْ تَظَاهَرَ بِالصَّلَاحِ إِذَا أَتَى مَعْصِيَةً، فَتَابَ مِنْهَا، وَإِنْ قَتَلَ عَلِيٌّ زِنْدِيقًا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا، كَتَوْبَةِ قَاطِعِ طَرِيقٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً: لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ دَاعِيَةٍ إِلَى بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ، اخْتَارَهَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقْلَا، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": مَنْ كَفَرَ بِبِدْعَةٍ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
[تَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ]
(وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ) وَكُلِّ كَافِرٍ (إِسْلَامُهُ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عز وجل» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا يَثْبُتُ بِهِ إِسْلَامُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، فَكَذَا الْمُرْتَدُّ، وَلَا يُحْتَاجُ مَعَ ثُبُوتِ إِسْلَامِهِ إِلَى الْكَشْفِ عَنْ صِحَّةِ رِدَّتِهِ، وَهَذَا يُمْكِنُ لِمَنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ بِجَحْدِ الْوَحْدَانِيَّةِ، أَوْ جَحْدِ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ عليه السلام، وَظَاهِرُهُ: لَا يُغْنِي قَوْلُهُ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَعَنْهُ: بَلَى، قَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ "، «لِأَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا مُحْتَجًّا بِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ إِلَّا وَيُقِرُّ بِمَنْ أَرْسَلَهُ، وَعَنْهُ: مِنْ مُقِرٍّ بِهِ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَبِهَذَا جَاءَتِ الْأَخْبَارُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئَيْنِ لَا يَزُولُ جَحْدُهُ إِلَّا بِإِقْرَارِهِمَا جَمِيعًا، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يَكْفِي التَّوْحِيدُ مِمَّنْ لَا يُقِرُّ بِهِ كوثني لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، وَلِخَبَرِ أُسَامَةَ وَقَتْلِهِ الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. لِأَنَّهُ مَصْحُوبٌ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، وَمُسْتَلْزِمٌ لَهُ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَوْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ النَّبِيَّ رَسُولُ اللَّهِ، لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم (إِلَّا أَنْ تَكُونَ رِدَّتُهُ بِإِنْكَارِ فَرْضٍ، أَوْ إِحْلَالِ مُحَرَّمٍ، أَوْ جَحْدِ نَبِيٍّ، أَوْ كِتَابٍ، أَوْ إِلَى دِينِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إِلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً، فَلَا يَصِحُّ إِسْلَامُهُ حَتَّى يُقِرَّ بِمَا جَحَدَهُ) لِأَنَّ رِدَّتَهُ بِجَحْدِهِ، فَإِذَا لَمْ يُقِرَّ بِمَا جَحَدَهُ بَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّدَّةِ الْمُوجِبَةِ لِتَكْفِيرِهِ،
يَقُولُ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ. وَإِذَا مَاتَ الْمُرْتَدُّ، فَأَقَامَ وَارِثُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَإِذَا كَانَتْ رِدَّتُهُ بِاعْتِقَادِ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إِلَى الْعَرَبِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ (يَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ إِلَى الْعَالَمِينَ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ كَلِمَةَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ إِقْرَارِهِ بِمَا جَحَدَهُ (أَوْ يَقُولُ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالشَّهَادَةِ مَا يَعْتَقِدُهُ وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِذَلِكَ.
فَرْعٌ: يَكْفِي جَحْدُهُ لِرِدَّتِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِهَا فِي الْأَصَحِّ كَرُجُوعِهِ عَنْ حَدٍّ لَا بَعْدَ بَيِّنَةٍ، بَلْ يُجَدِّدُ إِسْلَامَهُ، قَالَ جَمَاعَةٌ: يَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ فِيمَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، أَوْ تَنَصَّرَ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ عُدُولٌ، فَقَالَ: لَمْ أَفْعَلْ، وَأَنَا مُسْلِمٌ، قَبْلَ قَوْلِهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إِذَا أَسْلَمَ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُقِرَّ بِمَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ، فَإِذَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ عَدْلٌ لَمْ يَفْتَقِرِ الْحُكْمُ إِلَى إِقْرَارِهِ بل إخراجه إِلَى ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ كَذِبًا، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بِنَاءُ حُكْمٍ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ كَالْإِقْرَارِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لُقِّنَهُ، وَأَنَّهُ فَعَلَهُ خَوْفَ الْقَتْلِ، وَهُوَ إِقْرَارُ تَلْجِئَةٍ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ أَوْ مُسْلِمٌ، لَمْ يُكْتَفَ بِذَلِكَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي الْيَهُودِيِّ إِذَا قَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ، أَوْ أَنَا مُسْلِمٌ، يُجْبَرُ عَلَيْهِ، قَدْ عُلِمَ مَا يُرَادُ مِنْهُ، وَنَصَرَ الْقَاضِي، وَابْنُ الْبَنَّا الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ عَنِ الشَّهَادَتَيْنِ، لِمَا رَوَى الْمِقْدَادُ أَنَّهُ قَالَ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ، فَقَاتَلَنِي، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ، أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ قَالَ: لَا تَقْتُلْهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّ ذَلِكَ اسْمٌ لِشَيْءٍ، فَإِذَا أَخْبَرَ بِهِ فَقَدْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ احْتِمَالًا: أَنَّ هَذَا فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، أَوْ مَنْ جَحَدَ الْوَحْدَانِيَّةَ، أَمَّا مَنْ كَفَرَ بِجَحْدِ نَبِيٍّ، أَوْ كِتَابٍ، أَوْ فَرِيضَةٍ، وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِهَذَا، لِأَنَّهُ رُبَّمَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِسْلَامَ مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ كُلَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ كَافِرٌ.
فَرْعٌ: إِذَا شُهِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَفَرَ، وَادَّعَى الْإِكْرَاهَ، قُبِلَ مَعَ قَرِينَةٍ، وَلَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ فَادَّعَاهُ، قُبِلَ مُطْلَقًا فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى صَلَاتَيْنِ، قُبِلَ مِنْهُ وَأُمِرَ بِالْخَمْسِ.
(وَإِذَا مَاتَ الْمُرْتَدُّ، فَأَقَامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الرِّدَّةِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ